الحاجة الى الموعظة ودروس الاخلاق / خطاب المرحلة(122)
خطاب المرحلة(122)
الحاجة الى الموعظة ودروس الاخلاق
الخميس 1/رجب: استقبل سماحة الشيخ مجموعة من المؤمنين من أبناء النجف الاشرف وفيهم بعض طلبة العلوم الدينية يرومون نشر أخلاق أهل البيت (ع) في المجتمع للوصول الى القلب السليم ولتنبيههم من الغفلة.
وبارك سماحة الشيخ اليعقوبي لهم وللحاضرين حلول شهر رجب وقال: ان مجرد تذكر الانسان انه في شهر رجب او شعبان او رمضان او يوم الجمعة ونحوها فإنه ينال بذلك بركة وألطافاً إلهية. ومن بركات هذه الازمنة الشريفة ازدياد الهمة والتوجه نحو طاعة الله تعالى وتزداد كلما ازدادت الايام شرفاً فتكون في شعبان افضل منها في رجب وهكذا. فعلى المؤمنين ان يستثمروا هذه الفرص لتهذيب النفس وتطهير القلب الذي يمثل النتيجة المطلوبة من كل الممارسات والعقائد التي امر الله تعالى بها فجعل سلامة القلب معيار الفوز في الآخرة (إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) (الشعراء:89) .
وجعل تبارك وتعالى من اعظم نعمه على اهل الجنة نزع ما في قلوبهم من ادران وتعلّق بالدنيا وحب للأنا (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ) (الحجر:47). لأنها تنغّص حياته وتكدر صفو معيشته وتشغل فكره فالأجدر بالمؤمن ان يسعى وهو في الدنيا بتطهير قلبه من هذه الأغلال لكي لا يحرم ولو لحظة من نعيم الجنة.
ان القيمة الحقيقية للأعمال والطاعات التي يؤديها الانسان هي بمقدار ما تثمر من سلامة القلب وتزكية النفس لذا حينما يسال أحدهم الامام الصادق (ع) عن كيفية التعرف على مقدار قبول صلاته فأجابه عليه السلام : انه بمقدار ما نهتك هذه الصلاة عن الفحشاء والمنكر.
لقد كان السلف الصالح مهتمين بتهذيب سلوك المجتمع من خلال إلقاء المواعظ والدروس الأخلاقية وكان لبعضهم منابر معروفة في الصحن الحيدري الشريف كالشيخ حسين قلي الهمداني والشيخ جعفر الشوشتري (قدس الله روحيهما) ويحضر عندهم العلماء المجتهدون والفضلاء وعامة الناس ولا زال ابناء النجف يروون بعض تلك المواعظ والدروس وأنا اروي بعضها عن ابي عن جدي عن ابيه الشيخ يعقوب الذي كان من خرّيجي هذه المدرسة الاخلاقية (رحمهم الله جميعاً). ومما يروى من مواعظه انه قال يوماً لحضّار المجلس: لقد أخبرني ثقة لا يكذب ان لصّا دخل بينكم يريد ان يسرق الاشياء الثمينة منكم فأخذ الحضور غاية الحيطة والحذر وتفقد كل منهم جيوبه وبعد برهة قال لهم: ألا تصحون من غفلتكم؟! أتحذرون كل هذا الحذر من أجل دراهم بخسة ولا تحذرون من الشيطان الذي يريد ان يسرق منكم دينكم وآخرتكم ويريد أن يضلكم ويغويكم وقد أخبركم بذلك الله تبارك وتعالى أصدق القائلين وتواترت عليه مئة واربعة وعشرون الف نبي إضافة الى الائمة والعلماء والصالحين!!.
لقد ابتلي اتباع اهل البيت اليوم بالسلطة والمواقع والجاه فبرزت عندهم الامراض القلبية والنفسية بشكل مريع يدعو الى التشكيك بأصل الايمان ورموا بعرض الجدار كل تلك الجهود التي بذلها العلماء والشهداء من اجل تربية الامة وخصوصاً المتصدين منهم للمسؤولية الاجتماعية مما يدعونا الى التوقف للمراجعة والـتأمل والتقويم حتى لا نتخبط ونسير على غير هدىً وذلك هو الخسران المبين.
وقدمت المجموعة في نهاية اللقاء باكورة انتاجها عن (مرض الغيبة) وعلاجه وفي نهايته اربعون حديثاً عن القلب السليم فعلق سماحته ان جمع اربعين حديثاً عن النبي وآله (صلى الله عليهم أجمعين ) ووعيها وتطبيقها يجعلكم مصداقاً للحديث الشريف (من حفظ على امتي اربعين حديثاً ينتفعون بها بعثه الله يوم القيامة فقيهاً عالماً) لكنني لا أجدكم كتبتم على العنوان (الأربعون حديثا في كذا..) مما يعني ان العمل لم يكن بالتفات كامل (إنما الأعمال بالنيات) والنية مؤثرة في قيمة العمل ويمكن للإنسان بلطف الله تعالى بالنية المخلصة والارادة الصادقة والعزم الراسخ ان يختصر طريق التكامل فيقطع في لحظة ما يقطعه غيره في سنة او اكثر فإن (طيّ المسافة) المذكورة في كرامات الاولياء لا تختص بالبعد الجغرافي وإنما يمكن تحقيقها بلطف الله تعالى في البعد المعنوي كالحُر الرياحي فبالرغم من انه عاش عمره في خدمة الطواغيت الا ان موقفاً عُمرُه لحظات اتصف بما تقدم جعله في أعلى عليين ودخل في زمرة الشهداء بين يدي ابي عبد الله الحسين (ع).
وأعرف شاباً كان استاذا في الجامعة التكنولوجية في منتصف السبعينيات وكان مسيحياً وملذّات الدنيا كلها متاحة بين يديه فهداه الله الى الايمان وولاية اهل البيت (ع) وتعمق في مدرسة التشيع لهم عليهم السلام حتى اصبح يعقد الحلقات في مساجد الكرادة الشرقية لتدريس علوم اهل البيت واخلاقهم فغاظ ذلك جلاوزة النظام فأعدموه والتحق بالرفيق الاعلى شهيدا محتسباً راضياً مرضياً.