رسالة الامة من خلال إحيائها لشعائر عاشوراء
رسالة الامة من خلال إحيائها لشعائر عاشوراء
الحمد لله الذي هدانا لهذا وما مكنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، لقد جاءت رسلُ ربنا بالحق.
السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين.
لبّى الملايين من المسلمين في مختلف مدن العالم من شرق الارض وغربها دعوة الله تبارك وتعالى (ذلك ومن يعظّم شعائرَ اللهِ فإنها من تقوى القلوب) ودعوة الأئمة الطاهرين (أحيوا أمرنا، رحِمَ الله من أحيا أمرنا) وقولهم (على مثل الحسين(ع) فليبكِ الباكون) فأحيوا شعائر ذكرى استشهاد الامام الحسين (ع) وأهل بيته وأصحابه في العاشر من محرم لا سيما في معاقل الولاء لأهل البيت (ع) في العراق وإيران ولبنان واشترك حتى غير الشيعة بل حتى غير المسلمين فقد رأيت في إحدى الفضائيات تجمّع العوائل المسيحية حول شاشات التلفزيون متابعين باهتمام المراثي الحسينية ومواكب العزاء وعيونهم محمرّة من الدموع وتحدثوا عن مساهماتهم في بعض تلك الشعائر.
وقد بلغ التفاعل مع الحدث ذروته في (موكب النصرة) المعروف باسم (عزاء طويريج) حيث انحدر سيل مئات الآلاف من الملبّين لدعوة الامام الحسين عبر الأجيال (هل من ناصر) وكلهم نداء واحد (لبيك يا حسين) لأن وقفة الحسين (ع) في كربلاء حفظت الخط الناصع النظيف للإسلام وصانته من الفساد والانحراف والتمييع والإفراغ من المضمون الحقيقي.
وقد امتزجت في الشعائر مشاعر الحزن واللوعة لهول المأساة التي يستشعرها كل مؤمن خصوصاً في يوم عاشوراء وعبر عنها الامام (ع): (إن لجدي الحسين في قلوب المؤمنين لوعة لا تنطفئ أبداً) بمشاعر الفخر والسرور بديمومة هذا الولاء وهذا الارتباط الوثيق بالإسلام وقادته العظام.
إن المتتبع لهذه الشعائر وشعاراتها يستطيع أن يلخّص الرسالة التي توجهها الأمة بمحاور أساسية:
(الأول) تأكيد الانتماء للاسلام المحمدي الأصيل الذي رسّخه أئمة أهل البيت (ع) واستشهدوا ومعهم المخلصين من أصحابهم في سبيله وكانت شعاراتهم مملوءة بالإصرار على مواصلة هذه المسيرة والاستعداد للتضحية من اجله وكانوا واعين جداً للمؤامرات والتحديات التي تواجه هذا الخط.
(الثاني) الرد على أعداء الأمة بتوجهاتهم المختلفة بلا فرق بين قوى الاحتلال والاستكبار الذين جاؤوا بمشروع واسع لمسخ هوية الأمة وإلحاقها بركبهم وبين الإرهابيين الذين اتبعوا أساليب شتى لثني الأمة عن إحياء هذه الشعائر الدينية المقدسة وأشاعوا خبر تسلل إرهابيين الى كربلاء للإيغال في الجريمة وبين المضلّلين والحاقدين الذين لم يكلّوا عن تشويه صورة هذه الشعائر وتنفير الامة منها لصرفها عن إقامتها لأنهم يعلمون ان لهذه الشعائر دوراً في حفظ الدين في حياة الناس فإذا منعوها بأي شكل فإنهم سيقضون على الدين تدريجياً.
هذا كله تحقق بفضل الله تبارك وتعالى لكن الجديد في احتفال هذا العام نداء (لبيك يا محمد) الذي جاء ردّاً على الحملة المسعورة التي أشعلتها صحيفة في الدنمارك بنشرها لصورٍ مسيئة لشخصية النبي الكريم محمد (ص) ثم تبنتّها صحف ومجلات في دول أوربية أخرى بل إن صحيفة أردنية ومصرية نشرتها جرأةً على الله وعلى رسوله (ص) وعلى المؤمنين.
(الثالث) ان الامة موحَدّة وان القواسم المشتركة بينها كثية وعلى رأسها حب الله ورسوله وحب أهل بيته الاطهار فلا يفرق بينها انتماء طائفي أو حزبي أو عرقي او جغرافي ولا تفرّقها المصالح وها هي متوحدة على حب رسول الله (ص) الذي أساؤوا اليه فتوحد المسلمون للدفاع عنه وعلى حب الحسين (ع) في ذكراه فما بال السياسيين والمتصدين للحكم يتصارعون على المناصب ويتزاحمون على الدنيا وينهمكون في هذا التنافس غيرالشريف وينشغلون عن قضايا الشعب المهمة والتحديات التي تواجهه فهم بذلك يغرّدون خارج سرب الامة ولا تلبث حتى تلفظهم.