الشعب العراقي مدعوا إلى صنع مستقبله في الانتخابات المقبلة ووضع النقاط على الحروف(خطاب المرحلة 96)
خطاب المرحلة 96 : الشعب العراقي مدعوا إلى صنع مستقبله في الانتخابات المقبلة ووضع النقاط على الحروف
بسم الله الرحمن الرحيم
الشعب العراقي مدعو إلى صنع مستقبله في الانتخابات المقبلة ووضع النقاط على الحروف ولاتقل الانتخابات المقبلة اهمبة عن
سابقتها بل هي أهم منها لأننا قلنا أن من مناشئ أهمية تلك الانتخابات أنها ستفرز ثلة قادرة على وضع دستور ينظم حياة الشعب العراقي ويرسم مستقبله وقد تمت هذه العملية وخرج الدستور بالشكل الذي أمكن التوافق عليه بين مكونات الشعب العراقي وقد قلنا انه لا يخلو من نواقص وثغرات وطالبنا بتعديلها وقد تم بفضل الله تعالى إصلاح جملة منها لكن طبيعة الرغبات والطلبات المتصارعة والمتزاحمة تقتضي أن يتنازل كل طرف عن بعض مطالبه ويتقدم نحو الآخر الذي يفعل نفس الشئ إلى ان يلتقوا عند نقطة التوافق ونحن في هذه المرحلة التأسيسية مضطرون الى هذا النمط من السير في العملية السياسية نظراً للضغوطات الكبيرة التي تمارسها قوى داخلية وخارجية لحرمان اتباع اهل البيت من نيل حقوقهم وإعادة الوضع الى سابقه وتمارس الدول الاقليمية والكبرى واذنابهم في الداخل مختلف وسائل الترغيب والترهيب القوية والفاعلة للوصول الى هذه النتيجة لكن فضل الله تبارك وتعالى وألطاف صاحب العصر (ع) والحكمة التي يجب ان تتصف بها مواقفنا هي التي تحفظ وترعى هذا الوجود المبارك والمستمر لمدرسة أهل البيت(ع).لكن هذا الجهد كله كان هو البداية والمنطلق لمسيرة المستقبل الزاهر والذي تحقق هو كتابة اصل الدستور وبقيت تفريعاته وقوانينه
التي يمكن ان تبدل مضمونه كليا وتفقده معناه وتسلب كل المكاسب التي تحققت فيه فمثلا حينما نكتب الحرف(ح) فإنك تقرأه حاءاً لكن يمكن ان تضع نقطة فوقه ليصبح خاءاً أو تحته فيصبح جيماً ويتغير معناه تماماً لذا فان مرحلة( وضع النقاط على الحروف) هي التي تقطف الثمرات وتحقق النتائج وتؤدي المعنى المطلوب، ولمزيد من الفائدة أقول وان كان خارج الموضوع ان قول امير المؤمنين (ع) (جمعت علوم القران كلها في الفاتحة وجمعت علوم الفاتحة كلها في البسملة وجمعت علوم البسملة كلها في الباء وجمعت علوم الباء كلها في النقطة وانا تلك النقطة) عرض احد الوجوه في تفسيره أي انه (ع) هو المظهر لعلوم القرآن الحقيقية ومن دونه (ع) تبقى المعاني ظاهرية مطلقة، فالجمعية الوطنية المقبلة مسئولة عن وضع النقاط على حروف هذا الدستور وتنظيم قوانينه التفصيلية، لأن اكثر من خمسين مادة ذيلت بعبارة ( وينظم ذلك بقانون)، مثلا حينما اعترضنا على تعريف العراقي بأنه من ولد من أب عراقي او ام عراقية وقلنا ان ترك عبارة(أم عراقية) على إطلاقها غير صحيح ويسبب مشاكل ذكرناها في بيان سابق فلابد من إلحاقها بعبارة ( وينظم ذلك بقانون) لوضع قيود لهذا التعريف يجنبنا تلك الإشكالات وقد تحقق هذا التعديل وبمكننا حينئذ اقرار تلك القيود في قانون تكتبه الجمعية الوطنية المقبلة وأمام هذه المهمة الخطيرة والتحديات الواسعة التي تواجهها الأمة فهي مسئولة عن صنع مستقبلها بيدها بالمشاركة الايجابية الفاعلة في الانتخابات اذا تخلت عن واجبها وتواكلت وتخاذلت فسيصنع غيرها هذا المستقبل وسوف لا يكون في صالحها بالتأكيد.اني اعلم بوجود استياء من أداء الحكومة وتقصيرها واعلم ان توزيع المقاعد لم يكن مناسبا لثقل الكيانات في الساحة واعلم ان اسماءاً في القوائم الإنتخابية ليسوا مرضيين عند هذا الطرف او ذاك وانا اسلم بصحة كل هذه الاشكالات، لكن هذه كلها مطالب جزئية يجب تذويبها في المصلحة العامة لأنك حينما تذهب الى صناديق الاقتراع فانك لا تنتخب شخصا بعينه ولا حتى القائمة في محافظتك وان كنت تعطيها صوتك ونما تنتخب كيانا وخطا واتجاها سوف يجمع كل هؤلاء المرشحين ولا شك أنه يضم الكثيرين
ممن يمثلون وجهة نظرك ويدافعون عن حقوقك وتأمنهم على مستقبلك فحينما تعطي صوتك في السماوة لقائمة ليس لحزبك فيها مقعد فأن هذا لا يضر لأن الآخر يعطي صوته لك في البصرة أو الناصرية التي لك فيها أكثر من مقعد وبالتالي سوف يجتمع كل هؤلاء تحت مظلة الجمعية الوطنية وأعتقد أنهم جميعاً متوافقون على المبادى الأساسية كوحدة العراق وسيادته الكاملة على أراضيه وطرد المحتل وبناء مستقبل زاهر للشعب واحترام حقوق الإنسان والمساواة أمام القانون والتوزيع العادل للثروة وقطع يد الإرهاب والاقتصاص من القتلة والمجرمين ومراعاة ثقافة الشعب ودينه وأعرافه وغيرها، ومادامت هذه المبادئ متفق عليها لدى الائتلاف فما الضير في ان يكون زيد أو عمرو أعضائه . هذه الأخلاق وان كانت ستحرمنا من مصالح معيتة ويعتبرها السياسيون اللاهثون وراء المصالح الشخصية والفئوية ( مثالية) لا واقع له
ا لكنها هي سياسة اهل البيت (ع) التي ربّوا شيعتهم عليها ونحن مدعوون إلى الإلتزام صعبا على النفس لكن اعتبروها خطوة في طريق (الجهاد الأكبر)وسوف لا يفوتكم الكثير والعاقبة للمتقين . لقد كانت مشاركة العراقيين في الاستفتاء على الدستور قوية وفعالة فاقت الحسابات التي توقعت تراجع المشاركة بسبب الاستياء من اداء الحكومة وضغط الارهاب والضجيج الاعلامي المعادي لكن نسبة المشاركة بلغت( 63% ) أي اكثر من نسبة المشاركة في الانتخابات السابقة واكثر بكثير من حجم المشاركة من حجم الانتخابات في دول مستقرة كمصر التي التي بلغت (23%) في انتخابات الرئاسة و(52%) في الولايات المتحدة مما يعني ان الشعب العراقي واعٍ لدوره واهمية صوته وتأثيره في تغيير التوازنات في العملية السياسية ونأمل منهم ان يكونوا بنفس الاندفاع والهمة و الحماس للمشاركة في الالنتخابات المقبلة واختيار الأفضل من حيث الكفاءة والنزاهة والاخلاص وعلى القادة السياسيين ان يقدروا لهذا الشعب وقفاته الشجاعة والمباركة ويعملوا بكل تفانٍ واخلاص لإسعاده ورفع الظلم عنه وايصال حقوقه اليه.وعلى المثقفين والمفكرين والخطباء والمبلغين مواصلة الجهد لرفع مستوى الوعي لدى الأمة حتى تتمكن من ممارسة حقها بدقة وتختار الأصلح ان يفهم الناس ان هذا حق لهم وينبغي ان يكونوا حريصين به كسائر حقوقم و
لا يحتاج ان نوجبه شرعًا لكي يندفعوا للمشاركة.
محمد اليعقوبي
3/ شوال / 1426هـ