فصل في دعوى الأملاك
(مسألة 687): لو ادّعى شخص مالاً لا يد لأحد عليه حكم به له، فلو كان كيس بين جماعة وادّعاه واحد منهم دون الباقين قضي له.
(مسألة 688): إذا تنازع شخصان في مال ففيه صور:
الاُولى: أن يكون المال في يد أحدهما.
الثانية: أن يكون في يد كليهما.
الثالثة: أن يكون في يد ثالث.
الرابعة: أن لا تكون عليه يد.
أمّا الصورة الاُولى: فتارةً: تكون لكلّ منهما البيّنة على أنّ المال له، واُخرى: تكون لأحدهما دون الآخر، وثالثة: لا تكون بيّنة أصلاً. فعلى الأوّل: إن كان ذو اليد منكراً لما ادّعاه الآخر حكم بأنّ المال له مع حلفه، وأمّا إذا لم يكن منكراً بل ادّعى الجهل بالحال وأنّ المال انتقل إليه من غيره بإرث أو نحوه فعندئذ يتوجّه الحلف إلى مَن كانت بيّنته أكثر عدداً، فإذا حلف حكم بأنّ المال له وإذا تساوت البيّنتان في العدد اُقرع بينهما فمن أصابته القرعة حلف وأخذ المال. نعم، إذا صدّق المدّعي صاحب اليد في دعواه الجهل بالحال، ولكنّه ادّعى أنّ من انتقل منه المال إليه قد غصبه، أو كان المال عارية عنده أو نحو ذلك، فعندئذ إن أقام البيّنة على ذلك حكم بها له، وإلاّ فهو لذى اليد.
وعلى الثاني: فإن كانت البيّنة للمدّعي حكم بها له، وإن كانت لذي اليد حكم له مع حلفه، وأمّا الحكم له بدون حلفه ففيه إشكال، والأظهر العدم.
وعلى الثالث: كان على ذي اليد الحلف، فإن حلف حكم له، وإن نكل وردّ الحلف على المدّعي فإن حلف حكم له، وإلاّ فالمال لذي اليد.
وأمّا الصورة الثانية: ففيها أيضاً قد تكون لكلّ منهما البيّنة، واُخرى تكون لأحدهما دون الآخر، وثالثة لا بيّنة أصلاً.
فعلى الأوّل: إن حلف كلاهما أو لم يحلفا معاً قسّم المال بينهما بالسويّة، وإن حلف أحدهما دون الآخر حكم بأنّ المال له.
وعلى الثاني: كان المال لمن عنده بيّنة مع يمينه، وفي جواز الاكتفاء بالبيّنة وحدها إشكال، والأظهر عدمه.
وعلى الثالث: حلفا، فإن حلفا حكم بتنصيف المال بينهما، وكذلك الحال فيما إذا لم يحلفا جميعاً، وإن حلف أحدهما دون الآخر حكم له.
وأمّا الصورة الثالثة: فهي كالرابعة من حيث عدم كون موضوع الدعوى في يد أحدهما، والفرق أنه في هذه الصورة، إذا صدّق من بيده المال أحدهما أو كليهما وكان عادلاً فيكون شاهداً عادلاً يؤثّر في تحقق البيّنة وزيادة عددها في الموارد التي يلحظ فيها ذلك كما تقدّم، وإن لم يعترف بأنّه لهما كان حكمها حكم الصورة الرابعة بلا فرق.
وأمّا الصورة الرابعة: ففيها أيضاً قد تكون لكلّ منهما بيّنة على أنّ المال له، وأخرى تكون لأحدهما، وثالثة لا تكون بيّنة أصلاً.
فعلى الأوّل: إن حلفا جميعاً أو نكلا جميعاً كان المال بينهما نصفين، وإن حلف أحدهما ونكل الآخر كان المال للحالف.
وعلى الثاني: فالمال لمن كانت عنده البيّنة.
وعلى الثالث: فإن حلف أحدهما دون الآخر فالمال له، وإن حلفا معاً كان المال بينهما نصفين، وإن لم يحلفا كذلك اُقرع بينهما.
ثمّ إنّ المراد بالبيّنة في هذه المسألة هو شهادة رجلين عدلين أو رجل وامرأتين، وأمّا شهادة رجل واحد ويمين المدّعي فهي لا تكون بيّنة وإن كانت يثبت بها الحقّ على ما تقدّم.
(مسألة 689): إذا ادّعى شخص مالاً في يد آخر، وهو يعترف بأنّ المال لغيره وليس له، ارتفعت عنه المخاصمة، فعندئذ إن أقام المدّعي البيّنة على أنّ المال له حكم بها له، ولكن بكفالة الغير على ما مرّ في الدعوى على الغائب.
(مسألة 690): إذا ادّعى شخص مالاً على آخر وهو في يده فعلاً، فإن أقام البيّنة على أنّه كان في يده سابقاً أو كان ملكاً له كذلك فلا أثر لها، ولا تثبت بها ملكيّته فعلاً، بل مقتضى اليد أنّ المال ملك لصاحب اليد. نعم، للمدّعي أن يطالبه بالحلف. وإن أقام البيّنة على أنّ يد صاحب اليد على هذا المال يد أمانة له أو إجارة منه أو غصب عنه حكم بها له وسقطت اليد الفعليّة عن الاعتبار. نعم، إذا أقام ذو اليد أيضاً البيّنة على أنّ المال له فعلاً، حكم له مع يمينه. ولو أقرّ ذو اليد بأنّ المال كان سابقاً ملكاً للمدّعي وادّعى انتقاله إليه ببيع أو نحوه، فإن أقام البيّنة على مدّعاه فهو، وإلاّ فالقول قول ذي اليد السابقة مع يمينه.