أحكام اليمين
(مسألة 654): لا يصحّ الحلف إلاّ بالله وبأسمائه تعالى، ولا يعتبر فيه أن يكون بلفظ عربي، بل يصحّ بكلّ ما يكون ترجمة لأسمائه سبحانه.
(مسألة 655): يجوز للحاكم أن يحلّف أهل الكتاب بما يعتقدون به، ولا يجب إلزامهم بالحلف بأسمائه تعالى الخاصّة.
(مسألة 656): هل يعتبر في الحلف المباشرة، أو يجوز فيه التوكيل فيحلف الوكيل نيابةً عن الموكّل؟ الظاهر هو اعتبار المباشرة.
(مسألة 657): إذا علم أنّ الحالف قد ورّى في حلفه وقصد به شيئاً آخر فالظاهر عدم كفايته.
(مسألة 658): لو كان المُنكِر هو الكافر غير الكتابي المحترم ماله، كالكافر الحربي أو المشرك أو الملحد ونحو ذلك، فقد ذكر بعض أنّهم يستحلفون بالله، وذكر بعض أنّهم يستحلفون بما يعتقدون به على الخلاف المتقدّم، ولكنّ الظاهر أنّهم لايستحلفون بشيء فإذا ثبت لمسلم حق عليه حكم له به ولا يستمع إلى إنكار هذا المدعى عليه.
(مسألة 659): المشهور عدم جواز إحلاف الحاكم أحداً إلاّ في مجلس قضائه، ولكن لا دليل عليه، فالأظهر الجواز لكن بمحضر الخصم أو من ينوب عنه أو شاهدين عادلين حسماً للريبة والاختلاف.
(مسألة 660): لو حلف شخص على أن لا يحلف أبداً، ولكن اتّفق توقّف إثبات حقّه على الحلف جاز له ذلك ولا تنحلّ اليمين فيحتاط بدفع كفارة حنث اليمين نعم إذا أخذ الناذر بعين الاعتبار عدم الحلف حتى في مثل هذا المورد وما يستتبعه من ضياع حقه وجب عليه الالتزام بما عقد عليه عزمه.
(مسألة 661): إذا ادّعى شخص مالاً على ميّت، فإن ادّعى علم الوارث به والوارث ينكره فله إحـلافه على عدم العلم، وإلاّ فلا يتوجّه الحلف على الوارث.
(مسألة 662): إذا ادّعى شخص مالاً على ميّت، وادّعى علم الورثة بموته، وأنّه ترك مالاً عندهم، فإن اعترف الورثة بذلك لزمهم الوفاء، وإلاّ فعليهم الحلف إمّا على نفي العلم بالموت أو نفي وجود مال للميّت عندهم.
(مسألة 663): لاتثبت الدعوى في الحدود إلاّ بالبيّنة أو الإقرار، ولا يتوجّه اليمين فيها على المنكر.
(مسألة 664): لا ملازمة في الاثبات بين الحقين المترتبين على السرقة، وهما حق الله تعالى بالحد وحق الناس بالغرم، فإذا حلف المنكر للسرقة مع عدم البيّنة، سقط عنه الغرم، ولو أقام المدّعي شاهداً وحلف غرم المنكر، وأمّا الحدّ فلا يثبت إلاّ بالبيّنة أو الإقرار ولا يسقط بالحلف، فإذا قامت البيّنة بعد الحلف جرى عليه الحدّ.
(مسألة 665): إذا كان على الميّت دين، وادّعى الدائن أنّ للميت في ذمّة شخص آخر ديناً بحيث يكون الميت مديناً للمدعي ودائناً للاخر، فإن كان الدين مستغرقاً للتركة رجع الدائن إلى المدّعى عليه وطالبه بالدين، فإن أقام البيّنة على ذلك فهو، وإلاّ حلف المدّعى عليه، وإن لم يكن مستغرقاً فإن كان عند الورثة مال للميّت غير المال المدّعى به في ذمّة غيره رجع الدائن إلى الورثة وطالبهم بالدين، فأن أقام بينة أو اقروا له لزمهم الدفع، والا كان لهم الحلف بعدم العلم وان لم يكن عندهم مال للميت لا عينه ولا بدله باعتبار تصرفهم بالتركة فتارةً: يدّعي الورثة عدم العلم بالدين للميّت على ذمّة آخر، وأخرى: يعترفون به، فعلى الأوّل: يرجع الدائن إلى المدّعى عليه، فإن أقام البيّنة على ذلك أو اقر له به فهو، وإلاّ حلف المدّعى عليه، وعلى الثاني: يرجع إلى الورثة وهم يرجعون إلى المدّعى عليه ويطالبونه بدين الميّت، فإن أقاموا البيّنة على ذلك أو اقر لهم به حكم بها لهم، وإلاّ فعلى المدّعى عليه الحلف. نعم، لو امتنع الورثة من الرجوع إليه فللدائن أن يرجع إليه ويطالبه بالدين على ما عرفت.
(مسألة 666): تثبت الدعوى في الأموال بشهادة عدل واحد ويمين المدّعي، والمشهور على أ نّه يعتبر في ذلك تقديم الشهادة على اليمين، فلو عكس لم تثبت بمعنى أن الأحوط له إعادة اليمين بعد شهادة العدل هذا كلّه في الدعوى على غير الميت. وأمّا الدعوى عليه فقد تقدّم الكلام فيها.
(مسألة 667): الظاهر ثبوت المال المدّعى به بشهادة عدل واحد ويمين المدعي مطلقاً، عيناً كان أو ديناً، والأقرب عدم ثبوت غير المال من الحقوق الآخرى بهما.
(مسألة 668): إذا ادّعى جماعة مالاً لمورثهم، وأقاموا شاهداً واحداً، فإن حلفوا جميعاً قسّم المال بينهم بالنسبة، وإن حلف بعضهم وامتنع الآخرون ثبت حقّ الحالف دون الممتنع، فإن كان المدّعى به ديناً أخذ الحالف حصّته ولا يشاركه فيها غيره، وإن كان عيناً شارك المدعى عليه في العين بنسبته والأحوط للمدعى عليه أن يتصالح مع الورثة الآخرين بنسبة حصصهم، وكذلك الحال في دعوى الوصيّة بالمال لجماعة، فإنّهم إذا أقاموا شاهداً واحداً ثبت حقّ الحالف منهم دون الممتنع.
(مسألة 669): لو كان بين الجماعة المدّعين مالاً لمورثهم صغيرٌ فالمشهور أ نّه ليس لوليّه الحلف لإثبات حقّه، بل تبقى حصّته إلى أن يبلغ فإن مات الصبي قبل بلوغه قام وارثه مقامه، فإن حلف فهو، وإلاّ فلا حقّ له.
وفي فرض المسألة نظر، لأن الولي إن كان عالماً بالحق فإنه شاهد تتم به شهادة الآخر، وتتحقق البينة، وإن كان لا يعلم لم يجز له الحلف.
(مسألة 670): إذا ادّعى بعض الورثة أنّ الميّت قد أوقف عليهم داره ـ مثلاً ـ نسلاً بعد نسل وأنكره الآخرون، فإن أقام المدّعون البيّنة ثبتت الوقفيّة، وكذلك إذا كان لهم شاهد واحد وحلفوا جميعاً، وإن امتنع الجميع لم تثبت الوقفيّة وقسّم المدّعى به بين الورثة بعد إخراج الديون والوصايا إن كان على الميّت دين أو كانت له وصيّة، وبعد ذلك يحكم بوقفيّة حصّة المدّعي للوقفيّة أخذاً بإقراره، ولو حلف بعض المدّعين دون بعض ثبتت الوقفيّة في حصّة الحالف، فلو كانت للميّت وصيّة أو كان عليه دين اُخرج من الباقي، ثمّ قسّم بين سائر الورثة.
(مسألة 671): إذا امتنع بعض الورثة عن الحلف ثمّ مات قبل حكم الحاكم، قام وارثه مقامه، فإن حلف ثبت الوقف في حصّته، وإلاّ فلا.
(مسألة 672): تجري القسمة في الأعيان المشتركة المتساوية الأجزاء، وللشريك أن يطالب شريكه بقسمة العين، فإن امتنع اُجبر عليها.
(مسألة 673): تتصوّر القسمة في الأعيان المشتركة غير المتساوية الأجزاء على صور:
الاُولى: أن يتضرّر الكلّ بها.
الثانية: أن يتضرّر البعض دون بعض.
الثالثة: أن لا يتضرّر الكلّ.
فعلى الاُولى: لا تجوز القسمة بالإجبار وتجوز بالتراضي.
وعلى الثانية: فإن رضي المتضرّر بالقسمة فهو، وإلاّ فلا يجوز إجباره عليها.
وعلى الثالثة: يجوز إجبار الممتنع عليها.
(مسألة 674): إذا طلب أحد الشريكين القسمة لزمت إجابته، سواء أكانت القسمة قسمة إفراز أم كانت قسمة تعديل.
والأوّل: كما إذا كانت العين المشتركة متساوية الأجزاء من حيث القيمة، كالحبوب والأدهان والنقود وما شاكل ذلك.
والثاني: كما إذا كانت العين المشتركة غير متساوية الأجزاء من جهة القيمة، كالثياب والدور والدكاكين والبساتين والحيوانات وما شاكلها. ففي مثل ذلك لا بدّ أوّلاً من تعديل السهام من حيث القيمة، كأن كان ثوب يسوى ديناراً، وثوبان يسوى كلّ واحد نصف دينار، فيجعل الأوّل سهماً والآخران سهماً، ثمّ تقسّم بين الشريكين. وأمّا إذا لم يمكن القسمة إلاّ بالردّ، كما إذا كان المال المشترك بينهما سيّارتين تسوى إحداهما ألف دينار ـ مثلاً ـ والاُخرى ألفاً وخمسمائة دينار، ففي مثل ذلك لا يمكن التقسيم إلاّ بالردّ، بأن يردّ من يأخذ الأغلى منهما إلى الآخر مائتين وخمسين ديناراً، فإن تراضيا بذلك فهو، وإلاّ بأن طلب كلّ منهما الأغلى منهما ـ مثلاً ـ عيّنت حصّة كلّ منهما بالقرعة.
(مسألة 675): لو كان المال المشترك بين شخصين غير قابل للقسمة خارجاً، وطلب أحدهما القسمة ولم يتراضيا على أن يتقبّله أحدهما ويعطى الآخر حصّته من القيمة، اُجبرا على أحد أمرين، أما الاقتراع لتعيين من يتقبل العين ويعطى حصة الآخر من القيمة، أو البيع وقسّم الثمن بينهما.
(مسألة 676): إذا كان المال غير قابل للقسمة بالإفراز أو التعديل، وطلب أحد الشريكين القسمة بالردّ وامتنع الآخر عنها، اُجبر الممتنع عليها، وخُيِّرا في إجراء القرعة لتعيين من يتقبّل العين، فإن لم يمكن جبره عليها اُجبر على البيع وقسّم ثمنه بينهما، وإن لم يمكن ذلك أيضاً باعه الحاكم الشرعي أو وكيله وقسّم ثمنه بينهما.
(مسألة 677): القسمة عقد لازم فلا يجوز لأحد الشريكين فسخه ولو ادّعى وقوع الغلط والاشتباه فيها، فإن أثبت ذلك بالبيّنة فهو، وإلاّ فلا تسمع دعواه. نعم، لو ادّعى علم شريكه بوقوع الغلط فله إحلافه على عدم العلم.
(مسألة 678): إذا ظهر بعض المال مستحقّاً للغير بعد القسمة، فإن كان في حصّة أحدهما دون الآخر بطلت القسمة، وإن كان في حصّتهما معاً فإن كانت النسبة متساوية صحّت القسمة ووجب على كلّ منهما ردّ ما أخذه من مال الغير إلى صاحبه، وإن لم تكن النسبة متساوية، كما إذا كان ثلثان منه في حصّة أحدهما وثلث منه في حصة الآخر، بطلت القسمة أيضاً.
(مسألة 679): إذا قسّم الورثة تركة الميّت بينهم، ثمّ ظهر دين على الميّت، فإن أدّى الورثة دينه من اموالهم الخاصة أو أبرأ الدائن ذمّته أو تبرّع به متبرّع صحّت القسمة، وإلاّ بطلت، فلا بدّ أوّلاً من أداء دينه منها ثمّ تقسيم الباقي بينهم، ولهم أن يجيزوا القسمة السابقة ويخرجوا الدين من حصصهم بالنسبة.