خطاب المرحلة (712)لنقرِّب يوم الظهور الميمون
لنقرِّب يوم الظهور الميمون([1])
تترقب البشرية إعلان المصلح العظيم (ارواحنا له الفداء) عن نفسه الشريفة وتزداد لهفتها للقائه وقيادته الربانية لمشروع إصلاحي شامل فقد أرهقها العدوان والظلم والاستكبار والانحراف والضلال وتسلّط الحمقى والتافهين وتحكّم مافيات الهلاك والخراب التي تدير السياسة العالمية وتمسك بخيوطها، وأرّقها الخوف والقلق واليأس والإحباط والامراض النفسية.
إننا نعيش اليوم في ظل الجاهلية الثانية التي تُفهم من لحن قوله تعالى: {وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} (الأحزاب: 33) فإن فيها إشارة الى جاهلية أخرى آتية، وقد انحدرت فيها البشرية الى فعل ما هو أسوأ مما قامت به تلك الأمم وجمعت كل مفاسدها وضلالاتها وزادت عليها وأضفت عليها شرعية بما تسنُّ لها من قوانين لحمايتها ومنع انتقادها ومناقشتها، كالمثلية وتغيير جنس الأطفال حتى أجازوا الانتحار تحت عنوان (القتل الرحيم) وأنشأوا له عيادات طبية خاصة.
وقد كان يبعث الله تعالى أنبياء ومرسلين في مثل هذه المفاصل من تأريخ البشرية حتى بلغ عددهم مئة وأربعة وعشرين ألف نبي([2]) ليستنقذوا ما يمكن إنقاذه وإعادة الرشد الى الناس والحياة إلى ضمائرهم وإثارة فطرتهم السليمة، أما بعد بعثة النبي (J) خاتم الأنبياء فإنه لا نبوة ولا رسالة، واوكلت وظيفة هداية الأمة وإصلاحها وقيادتها نحو السعادة والفلاح في عصر الغيبة الى ورثة الأنبياء وهم العلماء العاملون الواعون المخلصون.
اما الإصلاح الشامل الكامل وتحقق وعد الله تعالى بالتمكين واستخلاف المؤمنين والهيمنة على سائر الأنظمة الوضعية {لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} (الفتح: 28)، فإنه يكون على يد الإمام المهدي الموعود (#).
فالمأمول من إخواننا المؤمنين وأخواتنا المؤمنات في سائر بقاع الأرض خصوصاً التجمع المليوني ليلة النصف من شعبان عند أبي الأحرار الإمام الحسين السبط الشهيد (A) ومعهم المؤمنون المعتمرون عند الكعبة الشريفة والمسجد النبوي المطهر وزوّار أمير المؤمنين (A) وسائر العتبات المقدسة والبقاع المعظّمة أن يضجّوا بصدق وإخلاص ولهفة طالبين مِنَ الله تبارك وتعالى تعجيل ظهور بقيته الأعظم قرّة عين الرسول وآله الطاهرين (صلى الله عليهم أجمعين).
روي عن الإمام الصادق (A) قوله: (فلما طال على بني إسرائيل العذاب... ضجّوا وبكوا الى الله أربعين صباحاً فأوحى الله الى موسى وهارون أن يخلصَّهم من فرعون فحطّ عنهم سبعين ومائة([3]) سنة، هكذا أنتم لو فعلتم لفرّج الله عنّا. فأما إذا لم تكونوا فإن الأمر ينتهي الى منتهاه)([4]).
إن قضية الاستسقاء وطلب نزول المطر ليست أهم من تعجيل الظهور الميمون وقد ذُكِر([5]) في مستحبات صلاة الاستسقاء أن يخرجوا إلى صحراء ويفرّقوا بين الأمهات ورضعانها والحيوانات وصغارها وأن يتوبوا بصدق لتتحقق حالة الاضطرار والمسكنة والتلهف لنزول الرحمة {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} (النمل: 62) فالمطالبة بتعجيل الظهور أولى باستحضار هذه الحالة.
إن الترقب والانتظار لمثل هذا الحدث العظيم يستلزم الاستعداد المناسب له كأي اختبار ينتظر الإنسان الدخول([6]) فيه، وإنما يتحقق الاستعداد بالإخلاص لله تعالى والورع والتفقه في الدين والتحلي بالأخلاق الفاضلة وطاعة القيادة الربانية الرشيدة والترفع عن الباطل وحب الدنيا وتوافه الأمور {قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ} (الأنعام: 158).
([1]) بيان تلاهُ سماحة المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي (K)، بمناسبة حلول ليلة النصف من شعبان المبارك يوم 7/3/2023م.
([2]) أنظر: الخصال - الشيخ الصدوق: ٦٤١/ح19.
([3]) أي أنهم كان مقدراً لهم استمرار العذاب والالم والشقاء مئة وسبعين سنة بحسب استحقاقهم لكنهم لمّا تابوا وضجّوا وبكوا عجّل الله تعالى لهم الفرج كل هذه المدة.
([4]) بحار الانوار:52/132.
([5]) أنظر: وسائل الشيعة ٨/٥/ أبواب صلاة الاستسقاء,- الدروس - الشهيد الأول: 1/ ١٩٦.
([6]) كالامتحانات المدرسية.