أخلاق الإسلام خير داعية له
أخلاق الإسلام خير داعية له([1])
روى الشيخ الكليني (قده) بسنده عن الإمام الصادق عن آبائه (أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (A) صَاحَبَ رَجُلًا ذِمِّيّاً فَقَالَ لَهُ الذِّمِّيُّ أَيْنَ تُرِيدُ يَا عَبْدَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: أُرِيدُ الْكُوفَةَ، فَلَمَّا عَدَلَ الطَّرِيقُ بِالذِّمِّيِّ عَدَلَ مَعَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (A) فَقَالَ لَهُ الذِّمِّيُّ: أَلَسْتَ زَعَمْتَ أَنَّكَ تُرِيدُ الْكُوفَةَ؟ فَقَالَ لَهُ: بَلَى، فَقَالَ لَهُ الذِّمِّيُّ: فَقَدْ تَرَكْتَ الطَّرِيقَ، فَقَالَ لَهُ: قَدْ عَلِمْتُ، قَالَ: فَلِمَ عَدَلْتَ مَعِي وَقَدْ عَلِمْتَ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (A): هَذَا مِنْ تَمَامِ حُسْنِ الصُّحْبَةِ أَنْ يُشَيِّعَ الرَّجُلُ صَاحِبَهُ هُنَيْئَةً إِذَا فَارَقَهُ وَكَذَلِكَ أَمَرَنَا نَبِيُّنَا (J) فَقَالَ لَهُ الذِّمِّيُّ: هَكَذَا قَالَ، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ الذِّمِّيُّ: لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَبِعَهُ مَنْ تَبِعَهُ لِأَفْعَالِهِ الْكَرِيمَةِ فَأَنَا أُشْهِدُكَ أَنِّي عَلَى دِينِكَ، وَرَجَعَ الذِّمِّيُّ مَعَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (A) فَلَمَّا عَرَفَهُ أَسْلَمَ)([2]).
تتضمن الرواية عدة دروس:
1- انها تبين أحد حقوق الصحبة التي تحصل ولو بالمسايرة في جزء من الطريق فضلاً عمّا هو أطول من ذلك كالجوار أو المواظبة على الحضور في المساجد وصلاة الجماعة أو الاشتراك في مؤسسة نافعة أو السكن المشترك وغير ذلك، بأن يكرم صاحبه ويعتني به، وأوجبت في رواية أخرى تفقده والسؤال عنه ما دام قد صحبه في الطريق.
2- إنها تعكس صورة لحسن التعامل مع الناس ومداراتهم والإحسان إليهم وتكريمهم مهما كان انتماؤهم الديني أو العرقي أو الاجتماعي.
3- إنها تحث على الاندماج في المجتمع وعدم الانعزال عنه لتتاح له فرصة واسعة للعمل المثمر المبارك والهداية إلى الحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
4- التأثير الكبير للأخلاق الحسنة في جذب الناس إلى الدين ومنهج الحق، فهذا الرجل أسلم بعد أن أطلّع على هذا الأدب الجميل من دون أن يعرف شيئاً عن دين الإسلام، وهكذا فقد كسب قادة الإسلام: النبي (J) وآله الطاهرون أمة كبيرة إلى الإسلام بأخلاقهم.
ومنه تعرف وجهاً لتركيز الله تعالى في خطابه للنبي (J) على أخلاقه {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (القلم: 4), لذا يجب على أبناء الإسلام الالتزام بالأخلاق الحسنة أينما كانوا حتى في دول غير المسلمين ليعكسوا هذه الصورة الطيبة عن الإسلام وأهله.
([1]) كلمة مختصرة تحدث بها سماحة المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله) مع جمع من الزوار يوم الجمعة 3/ذو القعدة/ 1443هـ- الموافق 3/6/2022م.
([2]) الكافي: 2/670/ح5.