خطاب المرحلة (632)مقارنة بين الصدّيقة الطـاهرة فاطـمة الزهراء (ع) والسيدة مريم إبنت عمران
مقارنة بين الصدّيقة الطـاهرة فاطـمة الزهراء (B)
والسيدة مريم إبنت عمران([1])
لنا ــ اتباع أهل البيت (^) ــ علاقة وجدانية خاصة بالصدّيقة الطاهرة مريم بنت عمران لأنها شابهت السيدة الطاهرة فاطمة الزهراء (÷) في الكثير من الصفات مع حفظ التقدم للسيدة الزهراء (÷) في تلك الصفات.
فقد اقتبست من أنوار سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (÷) فكانت تتلألأ نوراً في محرابها وفي الرواية عن الامام الباقر (A) (وكانت أجمل النساء، فكانت تصلي ويضيء المحراب لنورها)([2]) .
وكانت مريم محدّثة ــ وهو من أسماء السيدة فاطمة الزهراء (÷) ــ تحدّثها الملائكة كما أخبر به الله تعالى (وَإِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ) (آل عمران:42) (فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا) (مريم:17) وروي عن الامام الصادق (A) أنه قال (انما سميت فاطمة (÷) محدثة لان الملائكة كانت تهبط من السماء فتناديها كما تنادي مريم بنت عمران، فتقول يا فاطمة ان الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين يا فاطمة اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين، فتحدثهم ويحدثونها، فقالت لهم ذات ليلة: أليست المفضلة على نساء العالمين مريم بنت عمران؟ فقالوا: ان مريم كانت سيدة نساء عالمها، وان الله عزوجل جعلك سيدة نساء عالمك وعالمها، وسيدة نساء الاولين والآخرين)([3]) .
وفي صفة التطهير فقد قال تعالى في مريم (وطهّرك) وأنزل في أهل البيت (^) آية التطهير (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) (الأحزاب:33).
وفي الاصطفاء والسيادة فقد جعل مريم سيدة نساء العالمين وكانت فاطمة (÷) كذلك والفرق ما ذكرته الرواية عن المفضل بن عمر قال (قلت لأبي عبدالله ــ الصادق ــ (A) أخبرني عن قول رسول الله (9) في فاطمة أنها سيدة نساء العالمين أهي سيدة نساء عالمها؟ قال: ذاك لمريم كانت سيدة نساء عالمها وفاطمة سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين)([4]) ، واذا تمسكت باطلاق قوله تعالى (على نساء العالمين) فلا تختص بزمانها كما في الميزان قلنا نعم لكنه اصطفاء خاص بآيات محددة كالتي رافقت حملها وولادتها بينما اصطفاء فاطمة الزهراء (÷) مطلق وهو وجه الفرق بين الاصطفاء المتعدي ب (على) كما في مريم والاصطفاء المطلق و (ان الاصطفاء المتعدي ب (على) يفيد معنى التقدم، وانه غير الاصطفاء المطلق الذي يفيد معنى التسليم، وعلى هذا فاصطفاؤها على نساء العالمين تقديم لها عليهن) ، فتقديم مريم كان من بعض الجهات (حيث لم تشمل مما تختص بها من بين النساء الا على شأنها العجيب في ولادة المسيح (A) أن هذا هو وجه اصطفائها وتقديمها على النساء من العالمين)([5]).
وفي إنجاب المعصومين الأطهار (صلوات الله عليهم أجمعين) فقد اعاذهم الله تعالى من الشيطان الرجيم، ففي حديث لأمير المؤمنين (A) في حدث تزويجه بفاطمة (÷) ودعاء النبي (9) لهما وقال (قم بسم الله وقل: على بركة الله، وما شاء الله، لا قوة الا بالله، توكّلت على الله - ثم جاءني حين اقعدني عندها ثم قال: اللهم إنهما أحبّ خلقك إليَّ فأحبهما، وبارك في ذريتهما واجعل عليهما منك حافظاً، وإني اعيذهما وذريتهما بك من الشيطان الرجيم)([6]) .
وفي الرزق الذي يأتيها في المحراب من عند الله تعالى ففي رواية عن الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان في طعام وجده النبي (9) وأصحابه في دار فاطمة ولم يكونوا يعرفوه من قبل إلى ان قال (وقام النبي (9) حتى دخل على فاطمة (÷) وقال (وأنى لك هذا يا فاطمة؟) فردّت عليه ونحن نسمع قولهما فقالت (هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب) فخرج النبي (9) مستعبراً وهو يقول (الحمد لله الذي لم يمتني حتى رأيت لأبنتي ما رأى زكريا لمريم كان اذا دخل عليها المحراب وجد عندها رزقا فيقول: (يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ)([7])
ويعجبني نقل هذه الأبيات في المقارنة بين بعض حالات الصدّيقة الكبرى فاطمة الزهراء (÷) والصدّيقة مريم :
إن قِيلَ حَوّا قُلتَ فاطمُ فَخرُها |
|
أوقيلَ مريمُ قلتُ فاطمُ أفضلُ |
([1]) ملحق الخطاب السابق بعنوان (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ) (مريم:16)
([2]) البرهان في تفسير القرآن: 2/33 عن تفسير العياشي:1/193
([3]) علل الشرائع:1/216 ، تفسير نور الثقلين 1/337
([4]) البرهان في تفسير القرآن: 2/216 ح 7 عن معاني الأخبار للصدوق: 107 ح 1
([5]) الميزان في تفسير القرآن:3/218
([6]) أمالي الشيخ الطوسي: 40، تفسير نور الثقلين:1/333
([7]) البرهان في تفسير القرآن:2/216 ح 8 عن آمالي الشيخ الطوسي:2/227
([8]) ديوان الشيخ محسن أبو الحب الكبير/ ص 128