خطاب المرحلة (613)رسالة الى رئيس الوزراء للمطـالبة بالاستماع الى مطـالب الشعب
رسالة الى رئيس الوزراء للمطـالبة بالاستماع الى مطـالب الشعب
حضرة الدكتور عادل عبد المهدي رئيس الوزراء المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أكتب اليكم هذه الكلمات من بين أزيز الرصاص وأنين الثكالى والمحرومين وصرخات الجياع والمحبطين، لعلنا نستطيع ان نقدم شيئا يخفف آلامهم ويحقق امالهم وطموحاتهم في حياة حرة كريمة.
لقد قلنا في البيان الذي اصدرناه تعليقاً على تشكيل الحكومة في تشرين الأول/2018 إنها أشعرت الشعب العراقي بالإحباط وأفقدته الأمل في التغيير نحو الأفضل، ووعدتم في حينها بتدارك الحال وإصلاحه، وها هو العام الأول من عمرها ينقضي وهي تثبت صدق تلك التوقعات، وان همها الأول كما ورد في خطابكم مساء أمس هو بيع المناصب وجمع المغانم غير المشروعة علناً وبلا استحياء من الشعب بينما يستكثرون على أصحاب الشهادات العليا والكفاءات الوطنية إيجاد فرص العمل الكريمة بحجة عدم وجود تخصيصات ويُحرَم المواطن الفقير من السكن الكريم بل تهدّم مساكنهم المتواضعة ويبقون في العراء.
نعم ان مشاكل البلد ليست وليدة الساعة، ولكن أداء الحكومة الحالية ذهب بها بعيداً في التدهور والإنحدار، ولم نلمس منها أيّة نيّة جدّية لمعالجة تلك المشاكل.
وقد أثبتت الأخطاء الأخيرة للحكومة ([1]) -والتي وقعت متزامنة - عدم جواز الاستخفاف بأيّة مشكلة حتى وإن بدت صغيرة.
إن البلد يعيش على حافة الهاوية التي يمكن ان يتدحرج اليها الجميع في أي لحظة، ولا يسع أي وطني مؤمن غيور ان يصمّ أذنهُ عن سماع أنين الجياع والثكالى والمظلومين والمضطهدين، او يقابل تلك الصيحات بالعنف المفرط ويعوّل عليه كوسيلة لإسكاتهم.
حضرة السيد الرئيس..
إن الفرصة مؤاتيه لتنجز عملاً صالحاً وتكون به رجل الإنقاذ وإخراج البلد من أزمته، واستعادة كرامة الشعب وهيبة الدولة من الفاسدين والعابثين والباغين والمعتدين، وذلك بأن تتصرف بحزم وقوة وإرادة وطنية خالصة وتتحرّر من إملاءات الكتل السياسية النافذة التي تغوَّلت وابتلعت الدولة، ومن الاجندات التي لا تريد خيراً للعراق، وتقود مشروع الإصلاح بنفسك فتبدأ بعزل الوزراء الذين عليهم قضايا فساد أو انهم متهمون بدعم الإرهاب أو مشمولون بالاجتثاث أو غير مؤهلين، وتعوّضهم بوزراء أكفاء وطنيين مهنيين.
ولعل عزلهم لا يحتاج الى تصويت البرلمان على سحب الثقة لأن أصل توزيرهم باطل وغير قانوني فهم فاقدون لأهلية الاستيزار للأسباب أعلاه.
ويرافق ذلك تشكيل لجان من خبراء متخصصين ومخلصين وطنيين لتقييم عمل كل الوزراء الآخرين تمهيداً لسحب الثقة عن الفاسد وغير الكفوء.
كما ان من الضروري اختيار مستشارين من أهل الكفاءة والنزاهة والاخلاص لوضع خطط واستراتيجيات لمكافحة الفساد ومعالجة المشاكل التي يعاني منها البلد ويرزح تحتها الشعب كأزمة السكن والفقر والخدمات العامة والبطالة وعدم العدالة في توزيع الثروات وخراب المرافق الاقتصادية في البلاد كالزراعة والصناعة والتجارة.
إن مكافحة الفساد ولو بالحد الأدنى وتوفير الأموال المنهوبة كفيل بايجاد فرص عمل لكثير من الشباب العاطلين وتحريك الكثير من المشاريع الكبرى التي تحيي البلاد ونستغني بها عن قروض المؤسسات العالمية الظالمة التي فرضت علينا شروطاً مجحفة وتخريبية.
دولة الرئيس..
أقدِم بشجاعة وقوة على فعل كل ما فيه مصلحة البلاد وردّ البسمة والأمل إلى الشعب، لأن من أهم صفات المسؤول الأبوية، خصوصاً من يقف على رأس الهرم تأسياً بالنبي (9) الذي قال لأمير المؤمنين (A): (يا علي أنا وأنت أبوا هذه الأمة). والأب الرحيم الشفيق لا ينام الليل وهو يرى أبناءه في فجيعة وبلاء وجوع وحرمان.
ولا تخشَ اعتراض الكتل الغارقة في الفساد ولا تهديداتهم فإنهم أهون من أن يضرّوك بشيء والله معك ما دمت معه والشعب خلفك ولن ينفعك هؤلاء في الاعتذار أمام الله تعالى عمّا يحصل، وستضطر تلك الكتل الى مساندتك وتأييدك لأنهم مهزومون منبوذون ويعرفون حجم أنفسهم.
وكلما تقدمت فستنفتح أمامك آفاق جديدة للإصلاح وخطوات عملية أخرى ولا يبخل إخوانك الناصحون عن تقديم شيءٍ منها.
لقد أوصل المتظاهرون والمحتجون صوتهم بوضوح وكان مضمّخاً بالدماء ولاتحتاج إلى اجتماع مع قيادات أو تنسيقيات لتتعرف عليها فقدِّم لهم ما يطمئنهم وبادر إلى إطلاق مشاريع عاجلة تحل مشاكلهم وتعيد الأمل إليهم وأن تكون حقيقية وليست وعوداً فارغة أو تقع في جيوب الفاسدين، وإن مشاريع المجمعات السكنية من أوسع الأبواب لاستيعاب الأيدي العاملة وتحريك قطاعات واسعة كالنقل ومصانع المواد الإنشائية وتجارتها وما يلحق بها.
(وما لَكُمْ لا تُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ والْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ والنِّساءِ) (النساء:75)
محمد اليعقوبي
الجمعة 5/صفر/1441
4/10/2019
([1]) كإزالة مايعرف بالعشوائيات، والطرق المهينة التي استُعمِلَت في تفريق احتجاجات حملة الشهادات العليا وتجميد بعض كبار الضباط الذين يعدّهم جمهور واسع أبطالاً للتحرير والوحدة الوطنية.