إلتفات الإنسان إلى فقره الذاتي ضمان له من الإغترار بالدنيا وعناوينها الزائفة

| |عدد القراءات : 592
إلتفات الإنسان إلى فقره الذاتي ضمان له من الإغترار بالدنيا وعناوينها الزائفة
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

إلتفات الإنسان إلى فقره الذاتي ضمان له من الإغترار بالدنيا وعناوينها الزائفة

بسمه تعالى

الأربعاء 25 ذو القعدة الحرام 1444 (يوم دحو الأرض)

الموافق 14 - 6 -2023

أكّد سماحة المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله) على أن الإحساس بالفقر إلى الله تعالى كمالٌ للإنسان، لأنه يشكل له حافزاً للتحلي بالأخلاق الفاضلة والإتيان بالأعمال الصالحة.

 جاء ذلك خلال درس تفسير القران الكريم الاسبوعي الذي يلقيه على جمع من طلبة الحوزة العلمية بمكتبه في النجف الاشرف، في ضوء تفسير الآية المباركة {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} (فاطر : 15) .

 وأشار سماحتُهُ إلى الوجوه التفسيرية المُتحَصلة لتسمية (الفقير)، ومنها.. إنفصالهُ وإنقطاعهُ عن سبب كماله وحاجته كالمال وغيره، ومنها أن شدة وطأة الفقر تكسر ظهر صاحبه وتقطع عموده الفقري فيكون مشلولاً وعاجزاً عن الحركة، وهكذا الفقير سواء كان على مستوى الفرد أو الأمة فإنها إذا كانت لا تمتلك مقومات القيام فإنها عاجزة مستعبدة، ولذا أطلق القرآن الكريم على المصيبة العظيمة بأنها فاقرة في قوله تعالى {ووجوهٌ يومئذٍ باسرة} (القيامة:24) أي عابسة بائسة {تظنُ أن يفعل بها فاقرة} (القيامة: 25).

ولفت سماحتُهُ (دام ظله) إلى أن حصر الفقير بنقص المال تضييق لمعناه الواسع، إذ يمكن أن يكون فقيراً في العلم أو الأخلاق أو الجاه ونحو ذلك، مؤكدا على ضرورة إلتفات الإنسان إلى فقره الذاتي وحاجته إلى الغني المطلق وهو الله تبارك وتعالى فإن في ذلك ضماناً له من الإغترار بالدنيا وعناوينها الزائفة.

وفي هذا السياق أجاب سماحتُهُ عن تساؤل مقدّر حاصله:

بأن الآية لا تخلو من ظهور في حصر الفقر بالناس المخاطبين وكأن لسانها: أنتم أيها الناس دون سواكم الفقراء إلى الله، فكيف ينسجم هذا مع حقيقة أن كل المخلوقات فقراء إلى الله تعالى؟

فأجاب (دام ظله) بوجوه عدة، منها :

 الأولوية بأن يقال: إذا كان الإنسان خليفة الله في الأرض المجعول بأحسن تقويم شأنه الفقر والنقص والاحتياج فمن باب أولى بقية المخلوقات الأقل منه شأناً.

‌ومنها: التجريد عن الخصوصية فإن ملاك الفقر والاحتياج الذي جعل الناس فقراء إلى الله موجود في غيرهم أيضاً.

‌ومنها: إن الناس إنما خُصّوا بهذا الخطاب لأنهم وحدهم المتمردون والمتوهمون بخلاف الحق، أما المخلوقات الأخرى فإنهم مطيعون مذعنون مسلمون.

‌ومنها: إن هذا الحصر إضافي، فإنما خوطب به الناس لأنهم يظنون أن الله تعالى حينما يدعوهم إلى توحيده ونبذ الشركاء عنه ويجاهد الرسل من أجل هدايتهم إلى طاعته وعبادته فإنه محتاج إليهم.

وفي نهاية درسه التفسيري، لفت سماحتُهُ  إلى أننا نجد في كلمات المعصومين (عليهم السلام) إستعاذة من الفقر كما في الدعاء ( اللهم إني أعوذ بك من ... والفقر والفاقة وكل بلية ) بينما نجد في الحديث النبوي الشريف( الفقر فخري)، وهنا لابد من التفريق بين هذين النحوين  من الفقر،  فالأول إستعاذة من الحاجة الموجبة إلى نقص الدين وتدنيس الكرامة الإنسانية والإحتياج إلى الناس؛ ولذا يكون فقراً مذموماً، والثاني هو الإنقطاع إلى الله تعالى وشدة الإحتياج إليه سبحانه، وإنما يُفتخر به لأنه كان في أكمل صور الانقطاع إلى الله تعالى و الحاجة إليه جل شأنه.