استفتاءات حول النزاعات العشائرية
استفتاءات حول النزاعات العشائرية
أنى طالب الدكتوراه في قسم الاجتماع / كلية الآداب / جامعة بغداد، وأعمل على اطروحة بعنوان: الكلفة الاجتماعية والاقتصادية للنزاع العشائري. أرجو من سماحتكم الإجابة على التساؤلات الخاصة بالدراسة والمدرجة أدناه:
١- لماذا برأي سماحتكم يلتجأ الأفراد إلى العرف العشائري في حل مشاكلهم ونزاعاتهم بدلاً عن الدولة أو المؤسسة الدينية؟ ولماذا زادت هذه النزاعات؟
٢- ما هو رأي سماحتكم بالتعويضات المالية (الفصل العشائري) والتي لا تخضع لضابط معين حول ارتفاعها وانخفاضها وأنواع الحوادث التي تؤخذ لأجلها؟
3- كيف يرى سماحتكم موضوع (الدكة العشائرية) وما موقف الشرع الديني منها؟
٤- هل يجوز ملاحقة الأطباء والكادر الطبي بالمطالبة العشائرية حول حالات الوفاة أو تفاقم بعض الحالات الطبية؟
٥- ما هو رأي سماحتكم ببعض أفراد العشائر الذين يعرقلون عمل المؤسسات كوزارة الداخلية والدفاع في حالات القبض على المتورطين بأعمال خارجة على القانون، المؤسسات التربوية وكوادرها التعليمية في حال فشل أبنائهم في الدراسة، المؤسسات الخدمية مثل المؤسسات البلدية والمشاريع الخدمية في حال تعارضها مصالحهم؟
٦ - برأي سماحتك أي المسالك أفضل لحل النزاعات العشائرية (التشريع الديني، قانون الدولة الرسمي، القانون العرفي السنينة) ؟
هذا ولكم فائق الشكر والتقدير، وفقكم الله وحفظكم بحفظه
بسمه تعالى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
1- يلتجئ بعض الأفراد إلى الإجراءات العشائرية في حل مشاكلهم ونزاعاتهم لعدة أسباب سياسية واجتماعية ونفسية (منها) ضعف الأجهزة الحكومية في فرض الأمن والقانون (ومنها) عدم الثقة بعدالة المحاكم الوضعية وخضوعها للابتزاز والرشوة ونحو ذلك (ومنها) البيئة الاجتماعية التي تجعل السلطة العليا للقانون العشائري (ومنها) ميل النفوس لفرض الهيمنة والتسلط على الآخرين بقوة السلاح فيريد أن يحقق الغلبة لنفسه بأي نحو كان، وكلما عجزت السلطة عن بسط العدالة والأمن فان هذه النفوس الجامحة للأنانية والاستعلاء تبرز أكثر فتكثر النزاعات العشائرية.
2- لقد حدّد الشرع المقدس مقادير لديات النفس والأعضاء والجراح والشجاج حتى الخدشة في الجلد، واذا وجدت جناية لم يقدّر الشارع المقدس ديتها فأمرها موكول إلى الحاكم الشرعي ليقرر ما يراه مناسباً، وقد أراد الله تعالى بهذه التشريعات إطفاء غضب المجني عليه وذويه وردّ الاعتبار له لإيقاف مسلسل الدم والعدوان، وبدونه فان الفعل وردّ الفعل سيستمران، واذا تراضى الطرفان على بدلٍ معين جاز أخذه.
3- لا يوجد مبرّر لما يسمى بالدكة العشائرية بل هو فعل محرم لأن فيه ترويعاً للناس الآمنين وتحميل الأبرياء ثمن أفعال لم يرتكبوها وقد روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال (قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) من نظر إلى مؤمن نظرة ليخيفه بها أخافه الله عزوجل يوم لا ظلّ الا ظله)[1] فكيف بالترويع بإطلاق النار الطائش؟ فلابد للمسلم أن يتورع عن الظلم والعدوان وورد في الحديث الشريف عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده[2].
4- اذا أدى الطبيب وظيفته بمهنية واتقان وكان من أهل الاختصاص ثم حصل قدر للمريض فلا ضمان على الطبيب ولا يجوز تحميله المسؤولية، واذا اتهم ذوو المجني عليه الطبيب بالتقصير والإهمال فعليهم أن يرفعوا أمرهم إلى القاضي الشرعي ليحقق في السبب والضمان.
5- ورد في الأحاديث الشريفة ان من رضي بفعل الظالم كان شريكاً له في ظلمه، فكيف بمن نصر الظالم أو حماه من المسؤولية والمحاسبة، فعلى الجميع التعاون لإحقاق الحق وردّ الحقوق إلى أهلها وردع الظالم، قال تعالى {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ} [الصافات : 24] وحينئذٍ لا قيمة لكل هذه المصالح الدنيوية التي تغري البعض وتدفعه إلى ارتكاب هذه المحرمات.
6- لا بديل عن الالتزام بالحكم الشرعي فأن به يتحقق الإيمان الصحيح كما في قوله تعالى {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء : 65]، وبما أننا في بلد أغلبيته الساحقة من المسلمين فلابد أن يكون القانون الرسمي والسنينة العشائرية مأخوذين من أحكام الشريعة المقدسة وليس فيهما ما يخالفها نسأل الله تعالى أن يوفقنا جميعاً لطاعته ويجنبنا معصيته.
محمد اليعقوبي
6 /جمادى الأولى/1444
[1] - وسائل الشيعة: 12/303، أبواب أحكام العشرة، باب 162، جامع أحاديث الشيعة: 26/248
[2] - كنز العمال: ٧٣٨