تأبين العالم والمفكر الإسلامي الكيني الشيخ عبد الله ناصر
بسمه تعالى
تأبين العالم والمفكر الإسلامي الكيني الشيخ عبد الله ناصر
نعزي العالم الإسلامي جميعاً وخصوص الدعاة المخلصين الذين يبلّغون رسالات الله تبارك وتعالى بلا خوف أو طمع على نهج الأنبياء والأئمة العظام (عليهم السلام) برحيل العالم الواعي والمفكر والقائد والمربي الكيني المرحوم الشيخ عبد الله ناصر[1].
قضى الفقيد الراحل عقوداً من الزمن في الدعوة الى الله تعالى والإسلام المحمدي الأصيل من خلال المحاضرات والندوات والمنشورات والمؤلفات الكثيرة، والحضور الفاعل في ساحات العمل الرسالي الواعي حتى أصبح رمزاً إسلامياً على مستوى دولي وبذل جهوداً جبارة فيما يتعلق بترجمة القرآن الكريم وتفسيره الى اللغة المحلية (السواحلية) ، ولنشر الثقافة والوعي فقد أسس مكتبة عامة مجانية في (مومباسا).
لقد كان صادقاً مخلصاً في عمله متحرراً من قيود التعصب فهداه الله تبارك وتعالى الى ولاية أهل البيت (عليهم السلام) حيث أعلن تشيعه بعد انتصار الثورة الإسلامية في ايران عام ١٩٧٩.
ولعله نال هذا التكريم الالهي ببركة موقفٍ مبدئي اتخذه حينما دعي لتسلم جائزة (أفضل داعية اسلامي) في العام ١٤٠٠ هجرية وكانت قيمتها كبيرة جداً[2] ، وقد اشترطت عليه الدولة الإسلامية المانحة ان يتحدث ضد الشيعة في خطبة الجمعة في المسجد الجامع في العاصمة (نايروبي ) لكنه رفض الشرط وتحدث بالعكس مدافعاً عن الشيعة رغم علمه بأن ذلك سيحرمه من الجائزة الثمينة ، لكن نظره كان الى ما عند الله تبارك وتعالى ورسوله الكريم (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين (عليه السلام) فكافئه الله تعالى ان هداه الى ولاية أهل البيت ورفع شأنه {وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [الأعلى : 17].
ألّف كتباً عدة مثل :(الشيعة والصحابة)، (الشيعة والقرآن)، (الشيعة والتاريخ) وترجم بعض التفاسير والكتب الفقهية، وكان له دور بارز في ترجمة خطابات قائد الثورة الإسلامية الإمام الخميني (أعلى الله مقامه) الى الإنجليزية والسواحلية قبل انتصار الثورة عندما كان في باريس حيث كان حلقة الوصل بين السيد الإمام ورفيقه المترجم (حفظه الله تعالى وايده).
لقد دافع عن قضايا أمته وسعى في تحرير وطنه من الاستعمار منذ عام ١٩٥٧ وكان عضواً في المجلس التشريعي في كينيا، وحضر المؤتمر الدستوري الكيني التاريخي الذي عقد في لندن عام ١٩٦٣ حتى نال بلده الاستقلال.
فأفاض الله تعالى عليه شآبيب رحمته وانزل عليه بركاته والحقه بأوليائه الطاهرين، وعوضنا برجال يقومون مقامه ويملئون فراغه في قارة أفريقيا الطيبة الحبيبة وفي كل أرجاء العالم، ففي الحديث الشريف عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال:(اذا مات المؤمن الفقيه ثلم في الإسلام ثلمة لا يسدها شيء)[3] إلا عالم مثله.
ويحق لأهله وذويه ومحبيه ان يفخروا به، وان في تاريخه وأعماله المباركة خير عزاءٍ وسلوةٍ لهم ولنا جميعاً، والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا أبي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.
محمد اليعقوبي ــ النجف الأشرف
8/جمادى الثانية/١٤٤٣
12/1/2022
[1] - ولد عام ١٩٣٢ في كينيا وتلقّى تعليمه وهو في الرابعة من عمره وتخرج معلماً من كلية تدريب المعلمين في زنجبار عام ١٩٥١ ، عمل في التدريس والاعلام سنين طويلة ، رحل الى جوار ربه 11/١/2022.
[2] - تزيد على ١٢٥ الف دولار.
[3] - اصول الكافي ، ج١ ، كتاب فضل العلم - باب فقه العلماء ، ح٢.