الأدلة على وجوب التقليد

| |عدد القراءات : 641
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

الأدلة على وجوب التقليد

هناك سؤال يثار دائماً، وقد كثر بسبب تشكيكات خصوم مدرسة أهل البيت: حول مسألة وجوب التقليد، والدليل على وجوب الرجوع إلى المجتهد الجامع للشرائط؟

 

بسمه تعالى

نقول باختصار وبما يناسب المقام ان الأدلة عديدة شرعية وعقلية وعقلائية.

(فمن) القرآن الكريم قوله تعالى (فاسألوا أهل الذكر ان كنتم لا تعلمون) (الأنبیاء 7، النحل 43) فأوجب على غير المجتهد العارف باستنباط الحكم الشرعي من مصادره الأصلية أن يرجع إليه ويأخذ منه الأحكام.

وقوله تعالى (فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ) (التوبة 122) فلو لم يجب على الناس أخذ الأحكام من هؤلاء الذين نفروا للتفقه في الدين، لما وجب على هؤلاء الفقهاء انذار قومهم، وغيرها من الآيات الكريمة.

(ومن) الأحاديث الشريفة، قول الامام المنتظر (عجل الله تعالى فرجه) (وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الى رواة حديثنا فانهم حجتي عليكم وانا حجة الله)[1]، والمراد برواة الحديث العلماء الذين رووها ووعوا ما فيها وفهموا معانيها ومراداتها.

مضافاً إلى سيرة الأئمة المعصومين في إرجاع شيعتهم إلى الفقهاء من أصحابهم خصوصاً في المدن التي لا يتسنى للشيعة مراجعة إمامهم بيسر.

(ومن) العقل: حكمه بأن الرجوع إلى الفقيه الجامع للشرائط وتلقي أحكام الشريعة والآداب والسنن منه لطف مقرب إلى الله تعالى ومبعّد عن الخطأ والمعصية، وكل لطف واجب فيجب التقليد، أي أن الدليل العقلي على وجوب التقليد هو نفسه الدليل العقلي على وجوب بعث الأنبياء ونصب الأئمة والأوصياء (صلوات الله عليهم أجمعين) لأن العلماء امتداد لهم واستمرار لوظيفتهم.

 وإدراكه بأننا لم نخلق عبثاً ولعباً في هذه الدنيا ولسنا متروكين كالبهائم بلا تكليف، وإنما نحن مكلفون بأحكام ووراء التكليف ثواب وعقاب، ولا يستطيع أي أحد أن يصل إلى معرفة تلك الأحكام الا لمن آتاه الله تعالى ملكة وقابلية تسمى (الاجتهاد)، فللخروج من عهدة تلك التكاليف وإبراء الذمة، يوجب العقل على الإنسان الرجوع الى العالم العارف بها.

(ومن) سير العقلاء جريان سيرتهم على رجوع من لا يعلم ولا يعرف إلى من يعلم ويعرف في جميع شؤون الحياة، فالمريض يراجع الطبيب، ومن يريد البناء يذهب إلى المهندس، ومن عنده دعوى قضائية يوكّل محامياً وهكذا، والفقه لا يخرج عن السيرة العقلائية التي سار عليها البشر، فمن احتاج إلى مسالة شرعية وجب عليه الرجوع إلى الفقهاء والمجتهدين المتخصصين الذين أفنوا أعمارهم في تحصيل هذه العلوم.

وهذه السيرة مجمع عليها بينهم، ولا يخرج عنها إلا الجاهل المتخلف.

 



[1].  وسائل الشیعة،  كِتَابُ اَلْقَضَاءِ أَبْوَابُ صِفَاتِ اَلْقَاضِي، ج۲۷, ص۱۴۰