خاتمة
خاتمة
وفيها مطلبان :
المطلب الأول : في ذكر أمور هي من المعروف :
منها : الاعتصام بالله عز وجل. قال تعالى :(وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)(آل عمران: 101). وقال أبو عبد الله (عليه السلام): أوحى الله عز وجل إلى داود :ما اعتصم بي عبد من عبادي، دون أحد من خلقي, عرفت ذلك من نيته, ثم تكيده السماوات والأرض ومن فيهن, إلا جعلت له المخرج من بينهن.
ومنها : التوكل على الله عز وجل. قال سبحانه : (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ). وقال أبوعبد الله (عليه السلام): الغنى والعز يجولان فإذا ظفرا بموضع التوكل أوطنا.
اقول : المراد الغنى بالقناعة والعز بطاعة الله عز وجل.
ومنها : حسن الظن بالله عز وجل. قال أمير المؤمنين (عليه السلام) فيما قال : والذي لا اله إلا هو لا يحسن ظن عبد مؤمن بالله إلا كان الله عند ظن عبده المؤمن. لان الله كريم بيده الخير يستحي ان يكون عبده المؤمن قد احسن به الظن ثم يخلف ظنه ورجاءه, فاحسنوا الظن بالله وارغبوا أليه.
ومنها : الصبر، وهو على أقسام : صبر على طاعة الله، وصبر عن معصية الله، وصبر على البلاء. قال الله تعالى : (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ)(الزمر: 10). وقال أيضا: (وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلا بِاللَّهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ ، إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) (النحل:127- 128). وقال رسول الله صلى الله عليه واله في حديث : واصبر فان في الصبر على ما تكره خيرا كثيرا.واعلم ان النصر مع الصبر, وان الفرج مع الكرب، فان مع العسر يسرا ان مع العسر يسرا.وقال أمير المؤمنين عليه السلام: لا يعدم الصبر الظفر وان طال به الزمان. وقال (عليه السلام): الصبر صبران: صبر عند المصيبة حسن جميل. واحسن من ذلك الصبر عند ما حرم الله عليك.
ومنها : العفة، قال أبو جعفر (عليه السلام): ما عبادة افضل عند الله من عفة بطن وفرج. وقال أبو عبد الله (عليه السلام): إنما شيعة جعفر من عف بطنه وفرجه واشتد جهاده وعمل لخالقه رجاء ثواب ربه وخاف عقابه, فإذا رأيت أولئك فأولئك شيعة جعفر (عليه السلام).
ومنها : الحلم، وهو كظم الغيظ. قال رسول الله (صلى الله عليه واله): ما اعز الله بجهل قط ولا اذل بحلم قط. وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): أول عوض للحليم على حلمه،ان الناس أنصاره على الجاهل. وقال الرضا (عليه السلام): لا يكون الرجل عابداً حتى يكون حليماً.
ومنها : التواضع، قال الله تعالى: (وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) (لقمان:18) وقال رسول الله (صلى الله عليه واله): من تواضع لله رفعه الله، ومن تكبر خفضه الله، ومن اقتصد في معيشته رزقه الله، ومن بذّر حرمه الله.ومن اكثر ذكر الموت احبه الله.
ومنها : أنصاف الناس ولو من النفس، قال رسول الله (صلى الله عليه واله): سيد الأعمال أنصاف الناس من نفسك, ومواساة الأخ في الله تعالى على كل حال.
ومنها :اشتغال الإنسان بعيبه من عيوب الناس، قال رسول الله (صلى الله عليه واله):طوبى لمن شغله خوف الله عز وجل عن خوف الناس، طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب المؤمنين. وقال (صلى الله عليه واله): ان أسرع الخير ثوابا البر، وان أسرع الشر عقابا البغي، وكفى بالمرء عيباً ان يبصر من الناس ما يعمى عنه في نفسه، وان يعير الناس بما لا يستطيع تركه، وان يؤذي جليسه بما لا يعنيه.
ومنها : إصلاح النفس عند ميلها إلى الشر، قال الله تعالى: (وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلا مَا رَحِمَ رَبِّي)(يوسف: 53). وقال سبحانه : (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً) (الكهف:28) قال أمير المؤمنين (عليه السلام): من اصلح سريرته اصلح الله تعالى علانيته.ومن عمل لدينه كفاه الله دنياه ومن احسن فيما بينه وبين الله اصلح الله ما بينه وبين الناس.
ومنها : الزهد في الدنيا وترك الرغبة فيها، قال أبو عبد الله (عليه السلام): من زهد في الدنيا اثبت الله الحكمة في قلبه وانطق بها لسانه، وبصره عيوب الدنيا داءها ودواءها، واخرجه منها سالما إلى دار السلام. وقال رجل : قلت لابي عبد الله (عليه السلام) : انى لا القاك إلا في السنين فأوصني بشيء حتى آخذ به. فقال: أوصيك بتقوى الله والورع والاجتهاد, واياك ان تطمع إلى من فوقك، وكفى بما قال الله عز وجل لرسول الله (صلى الله عليه واله): (وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا). وقال تعالى : (فلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ). فان خفت ذلك فاذكر عيش رسول الله (صلى الله عليه واله) فانما كان قوته من الشعير وحلواه من التمر ووقوده من السعف إذا وجده. وإذا اصبت في نفسك أو مالك أو ولدك فاذكر مصابك برسول الله (صلى الله عليه واله), فان الخلائق لم يصابوا بمثله قط.
المطلب الثاني : في ذكر بعض الأمور التي هي من المنكر.
منها : الغضب، قال رسول الله (صلى الله عليه واله): الغضب يفسد الايمان كما يفسد الخل العسل. وقال أبو عبد الله (عليه السلام): الغضب مفتاح كل شر. وقال أبو جعفر (عليه السلام): ان الرجل ليغضب فما يرضى ابدا حتى يدخل النار، فايما رجل غضب على قومه وهو قائم فليجلس من فوره ذلك، فانه سيذهب عنه رجس الشيطان، وايما رجل غضب على ذي رحم فليدن منه فليمسه, فان الرحم إذا مست سكنت.
ومنها : الحسد، قال أبو جعفر وأبو عبد الله (عليهما السلام): ان الحسد لياكل الايمان كما تاكل النار الحطب.وقال رسول الله (صلى الله عليه واله) ذات يوم لا صحابه: انه قد دب اليكم داء الامم ممن قبلكم، وهو الحسد, ليس بحالق الشعر ولكنه حالق الدين. ويُنجي فيه : ان يكف الإنسان يده، ويخزن لسانه، ولا يكون ذا غمز على اخيه المؤمن.
ومنها : الظلم، قال أبو عبد الله (عليه السلام): من ظلم مظلمة اخذ بها في نفسه أو في ماله أو في ولده. وقال (عليه السلام): ما ظفر بخير من ظفر بالظلم.اما ان المظلوم ياخذ من دين الظالم اكثر مما ياخذ الظالم من مال المظلوم.
ومنها : كون الإنسان ممن يتقى شره. قال رسول الله (صلى الله عليه واله): شر الناس عند الله يوم القيامة الذين يكرمون اتقاءه شرهم. وقال أبو عبد الله (عليه السلام): من خاف الناس لسانه فهو في النار. وقال (عليه السلام): ان ابغض خلق الله عبد اتقى الناس لسانه.