حقيقة زكاة الفطرة
في حقيقتها
يشترط في وجوبها البلوغ فلا تجب على الصبي، والغنى فلا تجب على الفقير الذي لا يجد قوت سنته فعلاً ولا قوة، وأما المجنون إذا كان غنياً فالأحوط لوليه أن يدفع زكاة فطرته من ماله، وفي اشتراط الوجوب بعدم الإغماء إشكال, والأحوط عدم الاشتراط.
والمشهور اعتبار اجتماع الشرائط آناً ما قبل الغروب ليلة العيد إلى أن يتحقق الغروب. فإذا فقد بعضها قبل الغروب بلحظة, أو مقارناً للغروب لم تجب. والمراد بالغروب سقوط القرص، أي دخول آخر جزء من قرص الشمس تحت الأفق. وأما إذا كانت الشرائط مفقودة فاجتمعت بعد الغروب أو ليلا أو في يوم العيد، فالأحوط استحباباً إخراجها.
(مسألة 1736) : يستحب للفقير إخراجها. وإذا لم يكن عنده إلا صاع تصدق به على بعض عياله، ثم هو على آخر يديرونها بينهم، ثم بعد انتهاء الدور يتصدق بها على أجنبي، ولا يجزي في أداء هذه الوظيفة اقل من صاع أو قيمته، وإذا كان فيهم صغير أو مجنون قبضه الولي عنه ويؤدي عنه، وتجزي هذه الوظيفة عن عائلة واحدة ذات خوان واحد ولا تجزي عن الأكثر، ولو واحدا.
(مسألة 1737) : إذا اسلم الكافر بعد الهلال لم تسقط الزكاة عنه لأنه مكلف بالفروع، ولا تسقط عن المخالف إذا استبصر، وتجب فيها النية على النهج المعتبر في العبادات. واشرنا فيما سبق إلى كفاية النية الارتكازية.
(مسألة 1738) : يجب على من جمع الشرائط أن يخرجها عن نفسه وعن كل من يعول به، واجب النفقة أم غيره، قريباً أم بعيداً، مسلماً أم كافراً، صغيراً أم كبيراً، بل الظاهر الوجوب ولو كان احد منضما إلى عياله في وقت يسير, كالضيف إذا نزل عنده قبل الهلال وبقي عنده ليلة العيد، وكان المناسب له اجتماعيا أن يأكل عنده، وان لم يأكل فعلا، أما إذا دعا شخصاً إلى الإفطار ليلة العيد لم يكن من العيال ولم تجب فطرته على من دعاه.
(مسألة 1739) : إذا بذل لغيره مالاً يكفيه في نفقته، لم يكف ذلك في صدق كونه عيالا له فلا تجب عليه زكاته. وان كان أحوط وإنما يعتبر في العيال الصدق العرفي, ولا يبعد ذلك عندما يكونون بمنزلة الأسرة الواحدة.
(مسألة 1740) : من وجبت فطرته على غيره سقطت عنه، وان كان الأحوط وجوباً عدم السقوط مع كونه جامعاً للشرائط ولم يدفعها الآخر عصياناً أو نسياناً أو نحوه, وإذا كان المعيل فقيراً وجبت على العيال إذا اجتمعت شرائط الوجوب.
(مسألة 1741) : إذا ولد له قبل الغروب أو تزوج امرأة، فان كانوا عيالا وجبت عليه فطرتهم، وإلا فعلى من عال بهم, وان لم يوجد من يعيلهم، وجبت على من تجب عليه نفقتهم على الأحوط . وخاصة الزوجة، وان اجتمعت فيها شرائط الوجوب.
(مسألة 1742) : إذا ولد له بعد الغروب أو تزوج امرأة، لم تجب عليه فطرتهم، وان وجد بعض السبب قبله والآخر بعده، كما لو خرج نصف المولود، أو وقع الإيجاب دون القبول في بيع أو نكاح قبل الغروب. وحصل الجزء الآخر بعده.
(مسألة 1743) : المهم هو اجتماع الشرائط عند الغروب لا عند رؤية الهلال، حتى وان لم يمكن رؤيته عند الغروب تماماً.
(مسألة 1744) : إذا كان شخص عيّالاً لاثنين فإن صدق عليه عنوان العيلولة لكل منهما مستقلاً وجبت فطرته على كل منهما كذلك، لكنها تسقط عن ذمة أي منهما بقيام الآخر بها، وإن لم يصدق عليه عنوان العيلولة لكل منهما مستقلاً لم تجب على أي منهما لأن موضوع الوجوب هو الإعالة وهي غير متحققة لأي منهما، لكن وجوب الزكاة لا يسقط بل تجب على مجموعهما، والأقرب أن نقول أنها وجبت عليهما فطرته بالنسبة. وكذلك لو تعدد المنفقون أو لمنفق عليهم، ومع فقر احد المنفقين تسقط عنه, والأظهر عدم سقوط حصة الآخر. ومع فقرهما تسقط عنهما. وإنما تجب على العائل إن جمع الشرائط.
(مسألة 1745) : الضابط في جنس زكاة الفطرة ما كان قوتا لغالب الناس، كالحنطة والشعير والتمر والزبيب والأرز والذرة والاقط، بل حتى لو كان سائلا كالحليب واللبن الخاثر، والأحوط استحباباً الاقتصار على الأربعة الاولى، إذا كانت هي القوت الغالب أو قيمتها من النقدين، أو ما قام مقامهما على الأحوط . والأفضل إخراج التمر ثم الزبيب.
(مسألة 1746) : يعتبر في المدفوع فطرة أن يكون صحيحاً، فلا يجزي المعيب, كما لا يجزي الممزوج بما لا يتسامح به.
(مسألة 1747) : المدار هو كون الطعام قوتا غالبا في البلد, وان لم يكن كذلك في بلد آخر. كما أن المدار في القيمة وقت الأداء لا وقت الوجوب، وبلد الإخراج لا بلد المكلف.
(مسألة 1748) : المقدار الواجب دفعه في زكاة الفطرة عن الفرد الواحد هو صاع، والصاع أربعة أمداد، وقد شرحنا معادلته بالأوزان الحديثة المتداولة اليوم، إذ يساوي المد ثلاثة أرباع الكيلوغرام تقريباً فزكاة الفطرة ثلاثة كيلوغرامات تقريباً.
(مسألة 1749) : لا يجزي ما دون الصاع من الجيد، وان كانت قيمته تساوي قيمة الصاع من غير الجيد. كما لا يجزي على الأحوط الصاع الملفق من جنسين، ولا يشترط اتحاد ما يخرجه عن نفسه، مع ما يخرجه عن عياله، ولا اتحاد ما يخرجه عن بعضهم مع ما يخرجه عن البعض الآخر.