شرائط وجوب الزكاة العامة
شرائط وجوب الزكاة العامة
وهي كما يلي:
الأول: البلوغ، فلا تجب الزكاة في مال الصبي، فإذا كان الشخص بالغاً وقت التعلق فيما لا يعتبر فيه الحول، كالغلات أو طيلة السنة مما يعتبر فيه الحول كالانعام تعلقت الزكاة بماله وإلا فلا.
نعم إذا أراد الولي أن يتصرف بالمال الزكوي للصغير على غير شؤونه مما يقع في حدود ولايته ومصلحة الصغير كاستثمار المال مثلاً بالمضاربة ونحوها، وجب إخراج زكاة هذا الجزء خاصة ويدفعها الولي حينئذٍ من مال الصغير الذي تحقق من الاستثمار ولا يدخل النقص على مال الصغير الاصلي.
لذا قيل بعدم اشتراط البلوغ في زكاة الغلات والثروة الحيوانية للزوم التصرف بالمال، ونفس الكلام يأتي في شرط العقل الآتي .
الثاني: العقل، فلا زكاة في مال المجنون، ونقصد بذلك إن وجوب الزكاة مشروط بأن يكون المالك عاقلا في وقت التعلق فيما لا يعتبر فيه الحول كالغلات الأربع، وطيلة السنة فيما يعتبر فيه الحول كالأنعام الثلاثة، فلو كان مجنونا في وقت التعلق أو لم يكن عاقلا طيلة السنة فلا زكاة في ماله، وإن أصبح عاقلا بعد التعلق أو بعد السنة كما أنه لو كان عاقلا وقت التعلق أو طول السنة، تعلقت الزكاة بماله البالغ حد النصاب وإن جن بعد ذلك، فالمعيار في وجوب الزكاة إنما هو بوجود العقل طيلة السنة فيما يعتبر فيه الحول ووقت التعلق فيما لا يعتبر فيه الحول.
الثالث: التمكن، بأن يكون المالك متمكناً من التصرف في النصاب متى شاء وأراد عقلا وشرعا، ويكون تحت يده وسلطانه، واما إذا لم يكن كذلك فلا زكاة فيه، وذلك كالدين والوديعة والمال المدفون في مكان منسي والمال الغائب وغير ذلك; إذ ليس بإمكان المالك التصرف في تلك الأموال متى شاء وأراد وإن كان بإمكانه تحصيل القدرة والتمكن من التصرف فيها إلا أنه غير واجب.
الرابع: الملك، ونقصد به الملك في وقت التعلق فيما لا يعتبر فيه الحول كالغلات الأربع، وفي طول السنة فيما يعتبر فيه الحول كالأنعام الثلاثة.
(مسألة 1619): ظهر أن تعلق الزكاة بالمال منوط بتوفر الشروط العامة فيه منها الملك، فلذلك لا تجب الزكاة في نماء الوقف، إذا كان مجعولا على نحو المصرف لمكان عدم الملك وتجب إذا كان مجعولا على نحو الملك، من دون فرق بين أن يكون الوقف عاما أو خاصا، فإذا جعل بستانه وقفا على أن يصرف نماءها على ذريته، أو على علماء البلد لم تجب الزكاة فيه، وإذا جعلها وقفا على أن يكون نماؤها ملكا للأشخاص، كالوقف على الذرية مثلا وكانت حصة كل واحد تبلغ النصاب وجبت الزكاة على كل واحد منهم، وإذا جعلها وقفا على أن يكون نماؤها ملكا للعنوان، كالوقف على الفقراء أو العلماء لم تجب الزكاة وإن بلغت حصة من يصل إليه النماء مقدار النصاب.
(مسألة 1620): إذا كانت الأعيان الزكوية مشتركة بين اثنين أو أكثر اعتبر في وجوب الزكاة على كل واحد منهم بلوغ حصته وحده النصاب، ولا يكفي في الوجوب بلوغ المجموع حد النصاب.
(مسألة 1621): ثبوت الخيار في البيع المشروط برد مثل الثمن غير مانع عن التمكن من التصرف في المبيع; لما مر من أن المراد منه كون المال تحت يد المالك وسلطانه فعلا بنحو له أن يتصرف فيه متى شاء وأراد، وعلى هذا فلا مانع من تعلق الزكاة به إذا كانت سائر شروطها متوفرة فيه.
(مسألة 1622) : الإغماء والسكر حال التعلق أو في أثناء الحول لا يمنعان عن وجوب الزكاة.
(مسألة 1623) : إذا عرض على المالك عدم التمكن من التصرف بعد تعلق الزكاة، أو بعد مضي الحول فقد استقر الوجوب، فيجب عليه الأداء، إذا تمكن منه بعد ذلك، فإن تسامح وتماهل كان مقصرا وضامنا وإلا فلا.
(مسألة1624) : زكاة القرض على المقترض بعد قبضه لا على المقرض، فلو اقترض نصابا من الأعيان الزكوية، وبقي عنده سنة وجبت عليه الزكاة، وإن كان قد اشترط المقترض في عقد القرض على المقرض أن يؤدي الزكاة عنه. نعم، إذا أدّى المقرض عنه صح مع تحقق النية من المقترض بأي نحو كان كالإذن في ذلك أو الرضا به ونحوها، وسقطت الزكاة عن المقترض ويصح مع عدم الشرط أن يتبرع المقرض عنه بأداء الزكاة كما يصح تبرع الأجنبي.
(مسألة 1625) : إذا علم البلوغ والتعلق ولم يعلم السابق منهما لم تجب الزكاة، سواء علم تاريخ التعلق وجهل تاريخ البلوغ أم علم تاريخ البلوغ وجهل تاريخ التعلق أم جهل التاريخان معا، وكذا الحكم في المجنون إذا كان جنونه سابقا وطرأ العقل، أما إذا كان عقله سابقا وطرأ الجنون وجبت الزكاة، فيما إذا كان تاريخ التعلق معلوما وتاريخ الجنون مجهولا، وأما إذا كان العكس أو كان تاريخ كليهما مجهولا فلا تجب الزكاة.
(مسألة 1626) : إذا ملك تمام النصاب مما تجب فيه الزكاة وكان بقدر الاستطاعة للحج بحيث إذا أخرج الزكاة يفقد الاستطاعة، فإن كان تعلقها قبل حصول الاستطاعة وجب ولم يجب الحج، وإن كان بعده وجب الحج، ويجب عليه - حينئذٍ - حفظ الاستطاعة مهما أمكن، ولو بتبديل المال بغيره لكي لا يتحقق دوران الحول على العين الزكوية وينتفي وجوب الزكاة، وإن لم يحفظ الاستطاعة ومضى عليه الحول وجبت الزكاة أيضا، وعندئذٍ فإن كان متسامحا ومقصرا في ذلك استقر وجوب الحج عليه وإلاّ فلا.