المال الحلال المختلط بالحرام
السادس: المال الحلال المختلط بالحرام
بحيث لم يميز ولم يعرف مقداره، ولا أصحابه، فإنه يحل بإخراج خمسه ودفعه إلى الحاكم الشرعي بنية الخمس، والأحوط استحبابا قصد الأعم من رد المظالم والخمس ليصرفه على من ينطبق عليه كلا العنوانين للاستحقاق. وأما لو علم المقدار ولم يعلم المالك، فعليه التصدق به عنه، سواء كان الحرام بمقدار الخمس أم كان اقل منه أم كان أكثر منه، والأحوط وجوباً أن يكون بإذن الحاكم الشرعي. وله أن يقسطه عليه أو يعفيه من بعضه، إن وجد في ذلك مصلحة. وان علم المالك وجهل المقدار تراضيا بالصلح، وان لم يرض المالك بالصلح جاز الاقتصار على دفع الأقل إليه، والأحوط استحبابا دفع أكثر المحتملات إليه. والأحوط مع ذلك الرجوع إلى الحاكم الشرعي لحسم الدعوى. وان علم المكلف بالمالك والمقدار وجب دفعه إليه ويكون التعيين بالقرعة أو التراضي.
(مسألة 1510) : إذا علم قدر المال الحرام ولم يعلم صاحبه بعينه، بل علمه في عدد محصور أعلمهم بالحال، فإن ادعاه أحدهم وأقرّه عليه الباقي واعترفوا بأنه ليس لهم سلّمه إليه ويكون التعيين بالتراضي بينهما، وان ادّعاه أزيد من واحد فإن تراضوا بصلح أو نحوه فهو، وإلا تعيّن الرجوع إلى الحاكم الشرعي في حسم الدعوى، وإن أظهر الجميع جهلهم بالحال أو أنكروه تصدق بالمال عن أصحابه الواقعيين، وإن امتنعوا عن التراضي تعيّن الرجوع إلى الحاكم الشرعي فقد يوقع الرضا بينهم أو يحسمها بالقرعة، وإذا احتمل ملكية البعض دون الجميع فان أمكن استرضاء الجميع وجب وإن لم يمكن عمل بالقرعة.
(مسألة 1511) : في مفروض المسألة السابقة إذا تعذّر السؤال منهم جميعاً لوجود ضرر في ذلك أو لغيبتهم جميعاً وغير ذلك فالحكم في مثله بيد الحاكم الشرعي، وإذا تعذّر السؤال من بعضهم دون بعض، فمن أمكن سؤاله تحلل منه ومن لم يمكن فكالسابق.
(مسألة 1512) : إن علم المالك في عدد غير محصور تصدق به عنه، والأحوط وجوبا أن يكون بإذن الحاكم الشرعي.
(مسألة 1513) : إذا علم إجمالا أن الحرام أكثر من مقدار الخمس، لم يشرع الخمس في تحليله على الأحوط إذا لم يعلم المالك. بل يكون في الذمة كرد للمظالم. ولا يجب عليه الخمس لو علم أن الحرام اقل من الخمس بل يجزئه دفع ما يحصل به العلم إجمالاً ببراءة الذمة.
(مسألة 1514) : إذا كان في ذمته مال حرام فلا محل للخمس. ولكن تارة يعلم جنسه ومقداره وأخرى لا يعلم. وتارة يعلم مالكه في واحد أو في عدد محصور وأخرى لا يعلم. فهنا صور:
الصورة الاولى: إذا علم جنس المال ومقداره، وعرف صاحبه واحدا كان أو متعددا. وجب رده إليه أو إلى ورثته.
الصورة الثانية: إذا علم جنس المال ومقداره، وعرف صاحبه في عدد محصور فالأحوط وجوبا استرضاء الجميع مع الإمكان. وإلا اخذ بالظن الراجح في تعيين المالك، فان تساوى الظن عمل بالقرعة. ومع إمكان استرضاء البعض دون البعض فالأحوط انجازه.
الصورة الثالثة: أن يعلم جنس المال ومقداره، ويشتبه مالكه في عدد غير محصور. فهو مجهول المالك يطبق عليه حكمه. والاهم فيه هو اخذ الإذن من الحاكم الشرعي.
الصورة الرابعة: إذا علم جنس المال وجهل مقداره، وعرف مالكه، واحداً كان أم متعددا، جاز له دفع المقدار الأقل من حدّي الترديد لإبراء ذمته، ويكون دفع الباقي مبنياً على الاحتياط الاستحبابي.
الصورة الخامسة: إذا جهل مقدار المال وجهل المالك، على انه يعلم به في عدد محصور، ففيها ما قلناه في الصورة الثانية. ولكن يدفع إليهم المقدار الأقل من احتمالات المبلغ، ولا يجب دفع الزائد.
الصورة السادسة: إذا جهل مقدار المال وجهل المالك، بمعنى تردده في عدد غير محصور، فهو من قبيل مجهول المالك إن كان عينا، ورد المظالم إن كان في الذمة. وعلى أي حال لا يجب عليه دفع الزائد على المقدار الأقل، إلا بنحو الاحتياط الاستحبابي.
الصورة السابعة: أن يجهل جنس المال ومقداره، وكان المال قيمياً، وكانت قيمته في الذمة، فالحكم فيه كما لو عرف جنسه في تفاصيل الصور الثلاث السابقة.
الصورة الثامنة: أن يجهل جنس المال ومقداره، وكان المال مردداً بين أجناس مختلفة سواء كان الجميع قيمياً أو مثلياً أو مختلفاً فان أمكنت المصالحة مع المالك تعين ذلك، وإلا فلا يبعد الرجوع إلى القيمة بما يقطع معه ببراءة الذمّة على أن لا يسبب له ذلك ضرراً أو حرجاً ولو بمعونة القرعة. هذا وأما في أسواقنا الحالية، فالعمل على القيمة فقط. فيكون دفعها مجزيا، مع الاقتصار على الأقل. ويكون دفع الزائد احتياطاً استحبابياً، كما يكون العمل بالقرعة بين الأجناس كذلك.
(مسألة 1515) : إذا ظهر المالك - أي صاحب المال الذي افترض انه محرم لأنه ملك الغير- بعد دفع الخمس، في مورد اجتزائه، فالظاهر عدم الضمان له.
(مسألة 1516) : إذا ظهر المالك بعد دفع رد المظالم أو التصدق بالمال، فان كان ذلك بإذن الحاكم الشرعي فلا إشكال في عدم الضمان وان لم يكن بإذنه فالأحوط استرضاء المالك. وان كان الأحوط وجوباً للمالك العفو.
(مسألة 1517) : إذا علم بعد دفع الخمس أن الحرام أكثر من الخمس، وجب عليه دفع الزائد أيضاً. وان علم انه انقص لم يجز له استرداد الزائد على مقدار الحرام.
(مسألة 1518) : إذا كان المال المختلط من الخمس أو الزكاة أو الوقف العام أو الخاص، يعني يكون الفرد قد اختلط احد هذه الأموال مع أمواله، فانه لا يحل بإخراج الخمس، بل يجري عليه حكم معلوم المالك، فيراجع ولي الخمس أو الزكاة أو الوقف العام أو الوقف الخاص، على احد الوجوه السابقة.
(مسألة 1519) : إذا كان الحلال المختلط بالحرام قد تعلق به الخمس، وجب تخميسه مرتين، بتقديم الخمس المحلل للحرام، ثم دفع الخمس الآخر، فلو كان مجموع المال مائة فخمسها الأول عشرون والباقي وهو ثمانون خمسه ستة عشر فيبقى له من مجموع المال أربعة وستون، ولا يجوز الاقتصار على خمس واحد.
(مسألة 1520) : إذا تصرف في المال المختلط بالحرام قبل إخراج خمسه بالإتلاف لم يسقط الخمس، بل يكون في ذمته يدفعه إلى مستحقه. وكذا الحال في مجهول المالك أن تصرف فيه بالإتلاف، فانه يكون في ذمته كرد للمظالم، فان عرف قدره دفعه، وإلا كان له الاقتصار على مقدار الأقل، ويبقى دفع الباقي مبنيا على الاحتياط الاستحبابي.