الاعتكاف
في الاعتكاف
وهو اللبث في المسجد، والأحوط أن يكون بقصد فعل العبادة فيه من صلاة ودعاء وغيرهما أو لإيجاد الوظيفة الشرعية المعينة المسماة بالاعتكاف، ويصح في كل وقت يصح فيه الصوم، والأفضل شهر رمضان، وأفضله العشر الأواخر.
(مسألة 1459) : يشترط في صحته مضافاً إلى العقل والإيمان أمور:
الأول: نية القربة، كما في غيره من العبادات، وتجب مقارنتها لأوله بمعنى وجوب إيقاعه من أوله إلى آخره عن النية، ويجوز الاكتفاء بتبيّت النية إذا قصد الشروع في أول يوم وكان هذا القصد مستمراً عنده إلى الفجر وهو بداية اليوم، ولو قصد الشروع فيه وقت النية في أول الليل كفى.
(مسألة 1460) : لا يجوز العدول من اعتكاف إلى آخر، اتفقا في الوجوب والندب أو اختلفا، كما لا يجوز على الأحوط العدول عن نيابة شخص إلى نيابة شخص آخر، ولا نيابة عن غيره إلى نفسه وبالعكس.
الثاني: الصوم، فلا يصح بدونه، فلو كان المكلف ممن لا يصح منه الصوم لسفر أو غيره، لم يصح منه الاعتكاف.
الثالث: العدد، فلا يصح أقل من ثلاثة أيام، ويصح الأزيد منها، وإن كان يوماً أو بعضه أو ليلة أو بعضها، وتدخل فيه الليلتان المتوسطتان دون الأولى والأخيرة، لأنّ اليوم يبدأ من الفجر وإن جاز إدخالها بالنية.
فلو نذره كان أقل ما يمتثل به ثلاثة، ولو نذره أقل لم ينعقد، وكذا لو نذره ثلاثة معينة فاتفق أنّ الثالث عيد لم ينعقد، ولو نذر اعتكاف خمسة فإن نواها بشرط لا عن الزيادة والنقيصة بطل، وإن نواها بشرط لا عن الزيادة ولا بشرط عن النقيصة وجب عليه الاعتكاف ثلاثة أيام فقط، وإن نواها بشرط لا عن النقيصة ولا بشرط من جهة الزيادة ضم يوماً سادساً إليها.
الرابع: أن يكون الاعتكاف في مسجد جامع في البلد، والأحوط استحباباً، بل الأفضل كونه في أحد المساجد الأربعة: المسجد الحرام ومسجد المدينة ومسجد الكوفة ومسجد البصرة، أو أي مسجد صلى فيه نبي أو وصي نبي، ولو شك في توفر هذا الشرط كان له الاعتكاف برجاء المطلوبية، ولو نوى بالنية الجزمية حرم.
(مسألة 1461) : لو اعتكف في مسجد معين فاتفق مانع عن البقاء فيه، بطل ولم يجز اللبث في مسجد آخر وعليه قضاؤه على الأحوط إن كان واجباً في مسجد آخر أو في ذلك المسجد بعد ارتفاع المانع.
(مسألة 1462) : يدخل في المسجد سطحه وسردابه، وكذا منبره ومحرابه، والإضافات الملحقة به مع صدق المسجدية عليها.
(مسألة 1463) : إذا قصد الاعتكاف في مكان معين من المسجد دون غيره، فإن كان بشرط لا عن غيره بطل اعتكافه على الأحوط، وإلا لغى قصده وصح في المسجد كله.
الخامس: إذن من يعتبر إذنه في جوازه، كالزوج إلى زوجته إذا كان منافياً لحقه، بل بدونه مع نهيه كما سبق في الصوم المستحب، وكذا الوالدين بالنسبة إلى ولدهما، في مورد وجوب الطاعة وهو ما إذا كان العصيان احتقاراً لهما، وأمّا بدون النهي فالاستئذان منهما مبني على الاحتياط الاستحبابي.
السادس: استدامة اللبث في المسجد الذي شرع به في طول مدة الاعتكاف، فلو خرج لغير الأسباب المسوغة للخروج بطل من غير فرق بين العالم بالحكم والجاهل، ولا يبعد البطلان في الخروج نسياناً أيضاً، بخلاف ما لو خرج عن اضطرار أو إكراه أو لحاجة لا بد منها من بول أو غائط أو غسل جنابة أو استحاضة أو مس ميت، وإن كان السبب باختياره.
(مسألة 1464) : يجوز الخروج لتشييع الجنائز والصلاة عليها وتغسيلها وتكفينها ودفنها، وأي واحد من هذه الأمور على حده فضلاً عن الأكثر. كما يجوز الخروج لعيادة المريض وإقامة الشهادة أمام القاضي الشرعي العادل أمّا تشييع المؤمن وتحمل الشهادة وغير ذلك من الأمور الراجحة، ففي جوازها إشكال، والأظهر الجواز فيما إذا عد من الضرورات عرفاً.
(مسألة 1465) : الأحوط استحباباً عند جواز الخروج مراعاة أقرب الطرق، ولا تجوز زيادة المكث عن قدر الحاجة، أمّا التشاغل على وجه تنمحي به صورة الاعتكاف فهو مبطل وإن كان عن إكراه أو اضطرار، إلا أنّ الظاهر أنّ هذا إنّما يحسب بعد الانتهاء عرفاً من أحد الأعمال المذكورة في أول المسألة السابقة، ويحسب في غيرها مطلقاً.
(مسألة 1466) : الأحوط استحباباً مؤكداً ترك الجلوس في الخارج، ولو اضطر إليه اجتنب الظلال مع الإمكان على الأحوط وجوباً.
(مسألة 1467) : إذا أمكنه أن يغتسل في المسجد فالظاهر عدم جواز الخروج لأجله، إذا كان الحدث لا يمنع من المكث في المسجد كمس الميت.