شرائط صحة الصوم
شرائط صحة الصوم
وهي أمور:
الأول: الإسلام، فلا يصح الصوم من غير المسلم وإن وجب عليه بناءً على ما هو الصحيح من تكليف الكفار بالفروع. أمّا الإيمان الذي هو أخصّ من الإسلام فإنّه شرط لقبول العمل وليس من شروط الصحة التي تعني براءة الذمة وسقوط التكليف.
الثاني: العقل، فلا يصح من المجنون الذي لا يعقل أوقات الصلاة.
الثالث: الخلو من الحيض والنفاس طول اليوم، فلو كانت محدثة بأحدهما خلال اليوم ولو لحظة لم يجب ولم يصح.
(مسألة 1397) : إذا أسلم أثناء النهار وجب عليه الإمساك بقية النهار ويقضيه فيما بعد، نعم، إذا استبصر المخالف أثناء النهار ولو بعد الزوال، أتم صومه وأجزأه.
(مسألة 1398) : إذا عقل أثناء النهار لم يجب عليه الإمساك بقية النهار، وكذا إذا طهرت الحائض والنفساء، وإذا حدث الكفر أو الجنون أو الحيض أو النفاس قبل الغروب بطل الصوم.
الرابع: عدم الإصباح - أي طلوع الصبح عليه وهو الفجر- جنباً عالماً عامداً. وفي إلحاق حدث الحيض والنفاس به وجه سبق الحديث عنه.
الخامس: أن لا يكون مسافراً سفراً يوجب قصر الصلاة، مع العلم بالحكم في الصوم الواجب. إلا في مواضع:
أحدها: الثلاثة أيام، التي هي بعض العشرة التي تكون بدل هدي التمتع لمن عجز عنه.
ثانيها: صوم الثمانية عشر يوماً، التي هي بدل البدنة، كفارة لمن أفاض من عرفات قبل الغروب.
ثالثها: صوم ثلاثة ايام لقضاء الحاجة في المدينة المنوّرة.
(مسألة 1399) : المنصوص كون صوم ثلاثة أيام في المدينة لطلب الحاجة في يوم الأربعاء والخميس والجمعة.
(مسألة 1400) المشهور صحة نذر الصوم مقيداً بالسفر بان ينوي صوم يوم معين في السفر، وصحته اذا اطلق نذر الصوم سواء كان مسافراً او حاضراً فيلزمه الصوم في الحالين، وقد اشكلنا على دليلهم ومقتضى الاحتياط الاتيان به برجاء المطلوبية والمشروعية.
اما اذا نذر صوم يوم معين من دون التفات الى حال السفر، فلا يشرع صومه في السفر. وسيأتي حكم نفس السفر.
(مسألة 1401) : لا يصح الصوم المندوب في السفر الا ما استثني مما ذكرناه، واذا اراد الاتيان به فلينوه رجاء المطلوبية.
(مسألة 1402) : يصح الصوم من المسافر الجاهل بالحكم، وإن علم في الاثناء بطل، ولا يصحّ من الناسي.
(مسألة 1403) : يصح الصوم من المسافر الذي حكمه الإتمام، واجباً كان الصوم أو مستحباً كناوي الإقامة والمسافر سفر معصية والذي عمله في السفر وغير ذلك.
السادس: الصحة من المرض المنافي مع الصوم ولو احتمالاً معتداً به وتحصل المنافاة بالتضرر من المرض خلال الصوم أما لإيجابه شدّته وبطء برئه أو شدة ألمه. ولا فرق بين حصول اليقين بذلك والظن والاحتمال الموجب لصدق الخوف، وكذا لا يصح من الصحيح إذا خاف حدوث المرض فضلاً عما إذا علم بذلك. أمّا المريض الذي لا يتضرر من الصوم، فيجب عليه ويصح منه.
(مسألة 1404) : إذا كان الصوم مضراً من جهة منافاته لاستعمال الدواء وليس مضرّاً بالصائم فيجب على المكلف الصوم واستعمال الدواء مع مستلزماته الضرورية كشراب مقدار كافٍ من الماء ويتم صومه برجاء المطلوبية ويقضي. وإذا كان المرض مزمناً واستعماله للدواء طوال السنة ولا يمكن تأخيره إلى الليل فيسقط عنه القضاء.
السابع: عدم وجود العسر والحرج في الصوم، كالضعف المفرط، ولو لم يكن مفرطاً لم يجز الإفطار. وكذا إذا أدّى الضعف إلى العجز عن العمل اللازم للمعاش مع عدم التمكن من تركه ولا إبداله فإنّه يجوز الإفطار عندئذٍ. أو كان العامل بحيث لا يتمكن من الاستمرار على الصوم لغلبة العطش، والأحوط لزوماً فيهم وأدباً لشهر رمضان الاقتصار في الأكل والشــــــرب على مقدار الضرورة والإمساك عن الزائد ويجب بعد ذلك القضاء، وإذا استمر على حاله ذلك طوال السنة سقط القضاء. وأما ملاحظة القضاء في سنوات متأخرة أو دفع الفدية فهو مبني على ضرب من الاحتياط.
(مسألة 1405) : إذا صام لاعتقاد عدم الضرر فبان مضراً، ففي صحة صومه إشكال يكون الأحوط معه القضاء. وإذا صام باعتقاد الضرر أو خوفه بطل. إلا إذا كان قد حصل منه قصد القربة وبان بعد ذلك عدم الضرر، فإنّه لا يبعد الحكم بالصحة.
(مسألة 1406) : قول الطبيب إذا كان يوجب الظن بالضرر أو خوفه وجب لأجله الإفطار. وكذلك إذا كان حاذقاً وثقة إذا لم يكن مطمئناً بخطئه. ولا يجوز الإفطار بقوله في غير هاتين الصورتين، وإذا قال الطبيب لا ضرر في الصوم وكان المكلف خائفاً منه أو ظاناً ضرره وجب الإفطار وإن كان الطبيب ثقة، فالمعيار هو اطمئنان المكلف وشعوره بالخوف من الضرر وعدمه، أمّا قول الطبيب فهو طريق لحصول ذلك.
(مسألة 1407) : إذا برئ المريض قبل الزوال ولم يتناول المفطر فالأحوط له تجديد النية والاستمرار بالصوم برجاء المطلوبية ويقضي ذلك اليوم كذلك.
(مسألة 1408) : إذا صام متحملاً العسر والحرج غير المرض، كالعامل صح منه وأجزأه، ما لم يكن ضرراً بليغاً.
وله أن يمسك في أول النهار خلال شهر رمضان لرجاء احتمال الاستمرار في الصوم، فإن ارتفع عذره قبل الزوال جدد النية وأجزأه.
(مسألة 1409) : إذا أمكن للعامل قطع العمل أو تبديله خلال الصوم وجب، فإن لم يفعل عمداً وجب عليه الصوم في حاله تلك - ما لم يكن ضرره بليغاً- وأجزأه. وإن كان الأحوط معه القضاء.
(مسألة 1410) : يشترط في وجوب الصوم البلوغ والعقل وعدم الإغماء وعدم المرض المنافي للصوم والخلو من الحيض والنفاس.
(مسألة 1411) : البلوغ ليس من شرائط الصحة بل من شرائط الوجوب، فلا يجب قبله ولو كان الصبي مميزاً، نعم، يصح منه كغيره من العبادات.
(مسألة 1412) : لو صام الصبي تطوعاً وبلغ في الأثناء، ولو بعد الزوال، لم يجب عليه الإتمام وإن كان الأحوط استحباباً، بل هو مستحب فعلاً.
(مسألة 1413) : اتضح مما تقدم ان بعض الشرائط هي للصحة خاصة كالحضر وبعضها للوجوب خاصة كالبلوغ وبعضها لهما كالخلو من الحيض والنفاس.
(مسألة 1414) : لا يجب تحصيل شرائط الوجوب، بل يجوز إيجاد منافياتها المسقطة للوجوب عمداً ولو هرباً من الصوم كإيجاد الحيض، لكن فيه خسارة عظيمة.
(مسألة 1415) : لا يجوز التطوع بالصوم لمن عليه صوم قضاء شهر رمضان لهذه السنة وإن كان موسعاً أو أي صوم واجب مضيق. وأمّـا إذا كان في ذمته صوم واجب آخر موسع فالأقوى صحة التطوع منه.
(مسألة 1416) : إذا سافر قبل الزوال، وكان ناوياً للسفر من الليل وجب عليه الإفطار والقضاء. بل الأقوى ذلك وإن لم يكن ناوياً ليلاً. ويكون إتمام صوم يومه ذاك مبنياً على الاحتياط الاستحبابي وبرجاء المشروعية. وإن كان السفر بعد الزوال وجب إتمام الصيام وصح منه.
(مسألة 1417) : إذا كان مسافراً فدخل بلده أو بلداً يتم فيه الصلاة لنية الإقامة أو غيرها، فإن كان قبل الزوال ولم يتناول المفطر، وجب عليه الصيام وأجزأه. وإن كان بعد الزوال، بل عند الزوال أو تناول المفطر في السفر بقي على الإفطار، نعم، يستحب الإمساك إلى الغروب.
(مسألة 1418) : الظاهر أنّ المناط في الشروع في السفر قبل الزوال وبعده وكذا في الرجوع منه، هو البلد لا حد الترخيص، نعم، لا يجوز الإفطار للمسافر لدى الخروج من بلد يجب فيه الإتمام إلا بعد الوصول إلى حد الترخيص. فلو أفطر قبله عالماً بالحكم وجبت الكفارة.
(مسألة 1419) : خلافاً للمشهور فانه لا يجوز السفر في شهر رمضان اختياراً الا لأمر راجح شرعاً او عقلائياً كما لو سافر في حج أو عمرة أو غزو في سبيل الله أو مال يخاف تلفه، أو إنسان يخاف هلاكه، اما ما قيل من جواز السفر اختياراً في شهر رمضان حتى للفرار من الصوم فمحل اشكال.
(مسألة 1420) : يجري الحكم نفسه فيما لو كان عليه صوم واجب معين، فلا يجوز له السفر الا لمسوغ مما ذكرناه، ويكون الحكم في الصوم المعيَّن بالاجارة أأكد، اما من كان في سفر قبل حلول اليوم المعيَّن فلا تجب عليه الاقامة لادائه.
(مسألة 1421) : قيل ان كراهة السفر في شهر رمضان اختياراً التي قال بها المشهور ترتفع بعد مضي ثلاث وعشرين ليلة، ودليله غير تام مع ما فيه من المنقصة الاخلاقية.
(مسألة 1422) : يجوز لأي مفْطر جوازاً أو وجوباً في شهر رمضان وغيره من مسافر وغيره، ممن لا يجب عليه الإمساك بقية النهار، يجوز له التملي من الطعام والشراب. وكذا الجماع في النهار على كراهية في الجميع، والأحوط استحباباً الترك، ولا سيما في الجماع بل مطلق الإنزال. والاحوط عدم شمول الحكم جوازاً واحتياطاً للمفطر بدون عذر بعد انتقاض صومه بتناول المفطر، وأولى منه في المنع من أفطر لاجل نية الإفطار في ذلك، كما إنّ الأحوط عدم كفاية غير الطعام والشراب والجماع والاستمناء في ذلك، فلو غمس رأسه في الماء أو كذب على الله عمداً حرم عليه الطعام احتياطاً وجوبياً.
فائدة: تفيد الروايات ان الله تبارك وتعالى أعدَّ من الكرامة لمن صام كل يوم من شهر رمضان مقداراً مخصوصاً غير ما أعده لغيره فتركُ يومٍ واحد نقصان في تلك الكرامة، نعم، إذا اضطر إلى السفر المستطيع للحج وسفره طويل يحتاج أن يبدأه في شهر رمضان كما في الأزمنة السابقة أو الخروج إلى عدوٍ يجب دفعه فمع الاضطرار والتأسف على فوات الصوم يعوّض الله تعالى عبده بلطفه وكرمه.