صلاة الليل
صلاة الليل
وهي من النوافل اليومية الثابت استحبابها بضرورة الدين، وقد ورد فيها آثار وثواب عظيمان، وركعاتها من جملة الركعات الإحدى والخمسين التي هي من جملة علامات المؤمن وقد سبق الحديث عن عدد ركعاتها في فصل إعداد الفرائض والنوافل، ووقتها في فصل الأوقات مسألة (616). وهنا نريد أن نتعرف على جانب آخر من مستحباتها وأحكامها.
يقرأ بعد الحمد في الأولى التوحيد وفي الثانية قُل يا أيها الكافرون ويقرأ في سائر الركعات ما شاء من السور. ويجزي الحمد والتوحيد في كل ركعة ويجوز الاقتصار على الحمد وحدها، والقنوت كما هو مسنون في الفرائض مسنون في النوافل في الركعة الثانية من كل ثنائي من ركعاتها وتقرأ فيه ما تشاء. وكلما كان أكثر تضرعا وخشوعا كان أفضل.
فإذا فرغت من الثمان ركعات صلاة الليل، فصل الشفع ركعتين والوتر ركعة واحدة لكل منهما تكبيرة إحرام مستقلة على الأقوى. واقرأ في هذه الركعات الثلاث قل هو الله احد حتى يكون لك أجر خـتمة كاملة من القران الكريم فان لسورة التوحيد اجر ثلث القران أو اقرأ في الأولى من الشفع الفاتحة وسورة قل أعوذ برب الناس وفي الثانية الحمد وسورة قل أعوذ برب الفلق.
ويستحب أن تدعو إذا فرغت من الشفع قبل الفجر بـهذا الدعاء: الـهـي تعرض لك في هذا الليل المتعرضون وقصدك القاصدون وأمّل فضلك ومعروفك الطالبون ولك في هذا الليل نفحات وجوائز وعطايا ومواهب تمن بـها على من تشاء من عبادك وتمنعها من لم تسبق له العناية منك. وها أنا ذا عبدك الفقير إليك المؤمل فضلك ومعروفك فإذا كنت يا مولاي تفضلت في هذه الليلة على احد من خلقك وعدت عليه بعائدة من عطفك، فصل على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين الخيرين الفاضلين وجد علي بطولك ومعروفك يا رب العالمين.وصلى الله على محمد خاتم النبيين واله الطاهرين وسلم تسليما إن الله حميد مجيد. اللهم إني ادعوك كما أمرت فاستجب لي كما وعدت انك لا تخلف الميعاد.
واقرأ في قنوت الشفع الدعاء الذي روي أن الإمام موسى بن جعفر عليه السلام كان إذا قام في محرابه ليلا قرأه. وهو الدعاء الخمسون من الصحيفة السجادية الكاملة، وأوله : اللهم انك خلقتني سويا ورزقتني مكفياً. إلى آخر الدعاء.
فإذا فرغت من ركعتي الشفع فانـهض لركعة الوتر، واقرأ فيها الحمد وسورة التوحيد، أو اقرأ بعد الحمد سورة التوحيد ثلاث مرات والمعوذتين مـرة. ثم ارفع يدك للقنوت ويستحب أن يبكي الإنسان في القنوت من خشية الله والخوف من عقابه أو يتباكى. ويستحب أن يدعو لإخوانه المؤمنين. وبالأخص أن يذكر أربعين منهم بأسمائهم وأسماء آبائهم أو بأي لفظ يعين أفرادهم كوالدي وأخي ونحو ذلك.فان من دعا لأربعين نفسا من المؤمنين استجيب دعاؤه إن شاء الله.
ويستحب أن يدعو في هذا القنوت بما رُوي إن النبي (صلى الله عليه وآله) كان يدعو به فيه: اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت،وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت،فانك تقضي ولا يقضى عليك، سبحانك رَب البيت أستغفرك وأتوب إليك وأومن بك وأتوكل عليك ولا حول ولا قوة إلا بك يا رحيم.
وينبغي للفرد أن يقول في هذا القنوت، سبعين مرة استغفر الله ربي وأتوب إليه.وينبغي في ذلك أن يرفع يده اليسرى للاستغفار ويحصي عدده في اليمنى.وروي أن النبي (صلى الله عليه وآله) كان يقول سبع مرات : هذا مقام العائذ بك من النار. كما روي أن الإمام زين العابدين (عليه السلام) كان يقول: العفو العفو ثلاثمائة مرة. وليقل بعد ذلك :رَب اغفر لي وارحمني وتب عليَّ انك أنت التواب الرحيم.
وينبغي أن يطيل القنوت، فإذا فرغ منه ركع، فإذا رفع رأسه دعا بهذا الدعاء: هذا مقام من حسناته نعمة منك وشكره ضعيف وذنبه عظيم وليس لذلك إلا رفقك ورحمتك. فانك قلت في كتابك المُنـزل على نبيك المرسل صلى الله عليه واله : كانوا قَليلا مِن الليلِ ما يَهجَعونَ وبالأسحار هُم يَستغفِرون. طال هجوعي وقلَّ قيامي، وهذا السَحَر وأنا أستغفرك لذنوبي استغفار من لا يجد لنفسه ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا حياةً ولا نشورا ثم يُتم الصلاة ويقرأ بعدها آية الكرسي ويسبح تسبيح الزهراء عليها السلام.وجملة ما ورد من التعقيب حتى يبزغ الفجر.
كما يستحب أن يقرأ في القنوت قبل الركوع من الوتر دعاء الفرج وهو: لا اله إلا الله الحليم الكريم، لا اله إلا الله العلي العظيم، سبحان الله رَبِ السموات السبع ورب الأرضين السبع، وما فيهن وما بينهن ورب العرش العظيــم والحمد للهِ رب العالمين. كما يستحب فيه إن يقول: استغفر الله الذي لا اله إلا هو الحيّ القُيّوم ذو الجلال والإكرام، لجميع ظلمي وجرمي وإسرافي على نفسي وأتوب إليه. وان يقول : رَبِ أسأت وظلمت نفسي، وبِئس ما صنعت وهذي يدي جزاء بما كسبت وهذي رقبتي خاضعة لما أتيت. وها أنا ذا بين يديك، فخذ لنفسك من نفسي الرضا حتى ترضى.لك العتبى لا أعود. وليس هناك تحديد إلزامي في تقديم أو تأخير بعض هذه الأذكار عن بعض.
فقد روي : انه يحسن أن يقرأ التوحيد ستين مرة في الثنائية الأولى يقرؤها بعد الحمد في كل ركعة منهما ثلاثين مرة لكي ينصرف من الصلاة ولم يك بينه وبين الله عز وجل ذنب.
(مسألة 1318) : المؤمنون الأربعون الذين يدعو لهم، يمكن أن يكونوا أحياءا وأمواتا، كما يمكن ان يكونوا رجالا ونساءاً، كما يمكن أن يكونوا من عشيرته أو الآخرين.
(مسألة 1319) : يمكن حذف كل هذه المستحبات والأذكار الإضافية لمن لا يطيقها أو يضيق وقته عنها والاقتصار على الأجزاء المقوّمة للصلاة.
(مسألة 1320) : صلاة الليل،إحدى عشر ركعة كما عرفنا متكونة من ست صلوات لكل منها تكبير مستقل وتسليم وتكون بإضافة نافلة الصبح ودسها فيها،كما سبق في مسألة (616) ثلاث عشرة ركعة مكونة من سبع صلوات بسبع تكبيرات وتسليمات، كلها صلوات ثنائية إلا الوتر فإنها ركعة واحدة، فإذا شك بمقدار صلواتهِ بنى على الأقل وإذا شك في عدد ركعاته بنى على المصحح، فان كان البناء على الأقل مصححا بنى عليه كالشك بين الاثنتين والثلاث، وإن كان البناء على الأكثر مصححا بنى عليه كالشك بين الواحدة والاثنتين. ولـه في مثله البناء على الأقل. ولو شك في الركعات والصلوات معا. كما لو شك انه في الركعة الأولى أو الثانية من الصلاة الثالثة أو الرابعة، بنـي على الأقل وهو الأولى من الثالثة ولـه البـناء على أي احتمال آخر بما فيها الأكثر وهو الثانية من الرابعة. فان أمر النافلة موسـع.
(مسألة 1321) : يمكن دس نافلة الصبح في صلاة الليل، سواء أتى بنافلة الصبح قبل الفجر أم جاء بنافلة الليل بعد الفجر أم بزغ الفجر خلال الصلاة. وذلك بالإتيان بركعتين بنية نافلة الصبح أو نافلة الفجر، بين صلوات نافلة الليل، في أي موضع شاء، وأفضل المواضع له هو بعد الركعات الثمانية الأولى أو بعد ركعة الوتر، ولو شك بإتيانها معها بني على العدم.