مقدمة كتاب الصوم
المقدمة
الصوم من أهم الوسائل التي شرّعها الله تبارك وتعالى لعباده لتعينهم في طريق السير نحو التكامل، قال تعالى (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ) (البقرة : 45) والصوم من أوضح مصاديق الصبر .
وإنما يتحقق التكامل بتحرير الإنسان من سلطة وتأثير ما سوى الله تبارك وتعالى وأهم تلك المؤثرات (النفس) التي تضغط على الإنسان لإشباع شهواتها وتلبية غرائزها، وضبط هذه النفس وكبح جماحها هو محور الصراع الطويل بين الخير والشر الذي يعيشه الإنسان في داخله ما دام في هذه الدنيا ونجاحه في هذا (الجهاد الأكبر) الذي يخوضه هو الذي يحلق به إلى أوج الكمال حيث يلتحق بالصالحين وحسن أولئك رفيقاً.
والصوم خير معين وسلاح في هذا الصراع لأنّه يقوي إرادة الإنسان في الامتناع عن أقوى اللذائذ الحسية وحاجاته البايولوجية وهي الطعام والشراب والجماع فإذا فعّل إرادته وقوّاها إلى هذا المستوى هان عليه ما دونه ونجح في الامتحانات الأخرى بشرط التفاته إلى هذه الجوانب المعنوية للصوم.
وللصوم أحكام وآداب ذُكرت في محلّـها من كتب الفقه والأخلاق، أمّا الجوانب المعنوية والاجتماعية للصوم فقد أشرت إلى الكثير منها في كتاب (شهر رمضان والعيد بين أحكام الشرع وتقاليد العرف) وهو مطبوع منذ سنوات ويمكن مراجعته.
والصوم عبادة يلتزم بمقتضاها الانسان بترك المفطرات المحدّدة شرعاً قربة إلى الله تعالى ما بين الفجر الى المغرب طيلة شهر رمضان المبارك.
(مسألة 1322) : المغرب يتحقق بغروب قرص الشمس تحت افق النظر مع عدم وجود موانع طبيعية، والأحوط الانتظار الى حين عبور حمرة ضوء الشمس من جهة الشرق من فوق الرأس بنية الاطمئنان بدخول الوقت او لانتظار دخول الصلاة التي يستحب تقديمها على الافطار.
وفي ضوء ذلك فمن افطر بعد سقوط القرص مباشرة اما جهلاً أو لتقية او اشتباهاً قبل تحقق العلامة المذكورة فلا قضاء عليه.
وهذه جملة من الأحكام الإبتلائية والله الموفق للسداد وبه الاعتصام.