في الركوع
في الركوع
وهو واجب في كل ركعة مرة، فريضة كانت الصلاة أو نافلة عدا صلاة الآيات كما سيأتي، والصلاة على الميت كما سبق. كما انه تبطل الصلاة بزيادته ونقيصته عمدا أو سهوا، عدا صلاة الجماعة، فلا تبطل بزيادته للمتابعة كما سيأتي. ويجب فيه أمور:
الأول: الانحناء بقصد الخضوع أو بقصد الوظيفة أو الجزئية. أو بدون قصد تفصيلي. قدر ما تصل أطراف الأصابع إلى الركبتين. وغير مستوى الخلقة لطول اليدين أو قصرهما يرجع إلى المتعارف. ولا بأس باختلاف أفراد مستوي الخلقة، فان لكل حكم نفسه. كما إن للاكتفاء بالوصول بالانحناء إلى حد الركوع وجه وان لم يحصل الحد المذكور.
الثاني: الذكر ويجزي منه، سبحان ربي العظيم وبحمده. أو سبحان الله ثلاثا. بل يجزئ مطلق الذكر من تحميد وتكبير وتهليل وغيرها إذا كان بقدر الثلاث الصغريات لا أقل من ذلك كأحد الأسماء الحسنى ولكن لابد من تكرارها ثلاثاً، متماثلة كانت كقولنا سبحان الله ثلاثا أو مختلفة كقولنا: سبحان الله والحمد لله ولا اله إلا الله. ويجوز الجمع بين التسبيحة الكبرى والثلاث الصغرى. وكذا بينها وبين غيرها من الاذكار. لكن لا بقصد الجزئية الواجبة في الزائد عن الواجب. وإلا بطلت الصلاة مع العلم والعمد والأفضل تكرار المستحب وكلما كان اكثر كان اشد استحباباً. إلا ان يكون ماحيا لصورة الصلاة، فيحرم الزائد.
(مسألة 817) : يشترط في الذكر العربية والموالاة وأداء الحروف من مخارجها وعدم المخالفة في الحركات الإعرابية والبنائية. وخاصة إذا كان الاختلاف عمدا أو مغيرا للمعنى. وإذا عجز عن العربية ذكر بمقدار ما يمكنه منها، فان عجز ذكر بأي لغة. والأحوط اختيار لغته المعتادة له.
الثالث: الطمأنينة فيه بقدر الذكر الواجب. وهي أحوط استحبابا بل مستحبة في الذكر المندوب. ولا يجوز الشروع في الذكر قبل الطمأنينة وان دخل حد الركوع في الهوي. فان ذكر في تلك الحال وجبت اعادته. وان ذكر عن علم وعمد بقصد الجزئية بطلت صلاته.
الرابع: رفع الرأس منه حتى ينتصب قائماً. وهذا من واجبات الصلاة ولا يصح أن يكون من واجبات الركوع وان ذكره الفقهاء منها. لان الركوع ينتهي بانتهاء الذكر الواجب أو مطلق الذكر.
الخامس: الطمأنينة حال القيام المذكور ويأتي فيها ما قلناه في الفصل الثالث عن القيام.
(مسألة 818) : إذا لم يتمكن من الطمأنينة في الركوع أو في القيام لمرض أو غيره سقطت. ولو تركها سهواً في الركوع إلى ان رفع رأسه أو في القيام إلى ان سجد، صحت صلاته. ولا كذلك جهلا على الأحوط.
(مسألة 819) : إذا نسي الطمأنينة حال القيام وجب تداركها بالقيام مطمئناً مالم يصل إلى حد السجود وإلا سقطت.
(مسألة 820) : إذا تحرك حال الذكر الواجب بسبب قهري، وجب عليه السكوت حال الحركة وإعادة الذكر. وإن ذكر حال الحركة، فان كان عن علم وعمد وبقصد الاجتزاء به بطلت صلاته وإلا صحت مع الإعادة، وان كان الذكر حال الحركة سهواً أجزأ وان كان الأحوط استحباباً تداركه.
(مسألة 821) : إذا عجز عن الانحناء التام اعتمد على ما يعينه عليه. وإذا عجز عنه أتى بالممكن منه إذا كان داخلاً في حد الركوع وإلا أتى بالممكن مع الإيماء. وإذا دار أمره بين الركوع جالساً والإيماء إليه قائما فقد تقدّم تفصيله في مسالة (756)، ولابد في الإيماء من أن يكون برأسه ان أمكن، وإلا فبالعينين تغميضا له وفتحاً للرفع منه. ولا بأس بعدم التغميض الكامل وان كان أحوط.
(مسألة 822) : إذا كان كالراكع خلقة أو لعارض. فان أمكنه الانتصاب للقراءة والهوي للركوع وجب ولو بالاستعانة بعصا ونحوها، فان لم يتمكن من الانتصاب التام كفى الدخول في حد القيام الممكن لمثله عرفاً. وإن لم يمكن فالأحوط وجوبا أمّا يرفع جسده قليلا ثم ينحني للركوع، ومع تعذره ينحني زائدا على المقدار الحاصل له. بشرط ان لا يخرج عن حد الركوع. وإن لم يتمكن من شيء من ذلك أومأ برأسه للركوع وإلا فبعينيه على النحو السابق.
(مسألة 823) : حد الركوع للجالس أن ينحني بمقدار ما يساوي وجهه ركبتيه. والأحوط استحباباً عدم الاقتصار على دخول الجبهة إلى هذا الحد، بل الأنف أو الذقن. وإذا لم يتمكن من ذلك انتقل إلى الإيماء.
(مسألة 824) : إذا نسي الركوع، فهوى إلى السجود. وذكر قبل وضع جبهته على الأرض رجع إلى القيام منتصبا مطمئنا ثم ركع. وكذلك ان ذكره بعد ذلك قبل الدخول في السجدة الثانية على الأظهر. والأحوط استحباباً حينئذ إعادة الصلاة بعد الإتمام، ويسجد للسهو لزيادة السجود بعد الصلاة الأولى، وان نسي فبعد الثانية ان صلاها، وان ذكر ترك الركوع بعد الدخول في السجدة الثانية بطلت صلاته واستأنف.
(مسألة 825) : يجب ان يكون الانحناء بقصد الركوع، فإذا انحنى بقصد ان يتناول شيئا من الأرض أو نحوه، ثم نوى الركوع، لم يجزئه. بل لابد من القيام ثم الركوع منه. وكذلك لو قام متقوساً للركوع بعد الجلوس كما سبق.
(مسألة 826) : يجوز للمريض وسائر موارد الضرورة الاقتصار من ذكر الركوع على واحدة صغرى كقولنا: سبحان الله مرة واحدة. بل قد يتعين ولا تجوز الزيادة كما في ضيق الوقت أو الاستعجال لغرض واجب كإنقاذ غريق ونحوه.
(مسألة 827) : قالوا: يستحب التكبير للركوع قبله، حال القيام مطمئناً قبل الشروع بالانحناء ورفع اليدين حالة التكبير. ووضع الكفين على الركبتين في الركوع اليمنى على اليمنى واليسرى على اليسرى. ممكنا كفيه من عينيهما. ورد الركبتين إلى الخلف، وتسوية الظهر ومد العنق موازياً للظهر. ولا بأس بانحناء الرأس خشوعا. وأن يكون نظره بين قدميه. وأن يجنح بمرفقيه. وأن يضع اليد اليمنى على الركبة قبل اليسرى. وان تضع المرأة كفيها على فخذيها. وتكرار التسبيح ثلاثا أو خمسا أو سبعا أو أكثر، إلا ان يكون ماحياً لصورة الصلاة، كما سبق. وان يقول قبل التسبيح: اللهم لك ركعت ولك أسلمت وعليك توكلت وأنت ربي خشع لك قلبي وسمعي وبصري وشعري وبشري ولحمي ودمي ومخي وعقلي وعظامي وما اقلته قدماي، غير مستنكف ولا مستكبر ولا مستحسر. وأن يصلي على النبي وآله صلى الله عليهم أجمعين بعد ذكر الركوع.
(مسألة 828) : يستحب ان يقول للانتصاب بعد الركوع: سمع الله لمن حمده وأن يضم إليه قوله: أهل الجبروت والكبرياء والعظمة. الحمد لله رب العالمين، وأن يرفع يديه ويكبر عندئذ.
(مسألة 829) : يكره في الركوع ان يطأطئ رأسه لغير الخشوع أو أن يرفعه إلى فوق أو يضم يديه إلى جنبيه. فإن انتفت الطمأنينة بذلك بطل وبطلت الصلاة. ويكره أن يضع إحدى الكفين على الأخرى ويدخلهما بين ركبتيه. وان يقرأ القرآن في الركوع وان يجعل يديه تحت ثيابه ملاصقة لجسده.