الدفن
في الدفن
يجب على المجتمع دفن الميت المسلم ومن بحكمه، وهو مواراته في الأرض بحيث يؤمن على جسده من السباع وإيذاء رائحته للناس. ولا يكفي وضعه في بناء أو في تابوت وإن حصل الأمران.
(مسألة 358) : يجب وضع الميت في القبر على الجانب الأيمن موجها وجهه إلى القبلة، وهي بمقدار ما يجب استقباله في الصلاة. وإذا اشتبهت القبلة عمل بالظن على الأحوط وجوباً، ومع تعذره يسقط وجوب الاستقبال إن لم يمكن التأخير.
(مسألة 359) : إذا كان الميت في البحر، ولم يمكن دفنه في البر ولو بالتأخير، غسل وحنط وصلي عليه ووضع في خابية كالكيس ونحوه وأحكم رأسها وألقي في البحر أو ثقِّل بشد حجر أو نحوه برجليه ثم يلقى في البحر.
(مسألة 360) : لا يجوز دفن الميت المسلم في مقبرة الكافرين، وكذا العكس. ويشمل هذا الحكم من حكم بكفره، ممن انتحل الإسلام على الأحوط استحباباً.
(مسألة 361) : إذا ماتت الحامل الكافرة ومات في بطنها حملها من مسلم دفنت في مقبرة المسلمين على جانبها الأيسر مستدبرة القبلة، وكذلك الحكم أن كان الحمل لم تلجه الروح، وهو الأحوط وجوباً حتى لو كان من زنا.
(مسألة 362) : لا يجوز دفن المسلم في مكان يوجب هتك حرمته كالمزبلة والبالوعة، ولا في المكان المغصوب أو الموقوف لغير الدفن كالمدارس والمساجد والحسينيات المتعارفة في زماننا والخانات الموقوفة لغير الدفن وإن أذن الولي.
(مسألة 363) : لا يجوز الدفن في الأرض المجهولة المالك، وهي المحياة بمال مجهول المالك، أو نحوها، إلا بإذن الحاكم الشرعي. وليس لصاحب اليد الإذن به، كما انّه لا حجية في إذنه.
(مسألة 364) : لا يجوز الدفن في قبر ميت قبل اندراسه وصيرورته تراباً، نعم، إذا كان القبر منبوشاً وأزيل عنه الميت جاز الدفن فيه على الأقوى، ما لم تكن أرض القبر مملوكة شرعاً للغير.
(مسألة 365) : يستحب حفر القبر قدر قامة أو إلى الترقوة، وأن يجعل له لحد مما يلي القبلة في الأرض الصلبة بقدر ما يمكن الجلوس فيه وتسد الفتحة، وفي الرخوة يشق وسط القبر شبه النهر ويجعل فيه الميت ويسقف عليه ثم يهال التراب، ويمكن جعل اللحد بطرق أخرى منها: أن تستثنى مسافة من قعر الحفيرة وتسقف، بعد جعل الميت على أرضها، ومنها: أن تبنى حول الميت بعد وضعه على أرض الحفيرة شبه الغرفة وتسقف، ويهال التراب على المجال الباقي. وأمّا طم الجسد في التراب فهو مرجوح ومخالف لسيرة المتشرعة.
(مسألة 366) : الظاهر جواز ما عليه سيرة حفاري القبور في أيامنا من بناء لحود على جانبي سرداب كبير، إذا كان اللحد تحت سطح الأرض المتعارف بمعنى أن يصل سقفه إليها أو دونها.
(مسألة 367) : ذكروا: أنّه يستحب أن يغطى القبر بثوب عند إدخال المرأة، والذِّكر عند تناول الميت وعند وضعه في القبر، والتحفي وحل الأزرار وكشف الرأس للمباشر لذلك، وأن يحل عقدة الكفن من طرف الرأس بعد وضعه في القبر، ويكشف عن وجهه ويجعل خده على الأرض، ويعمل له وسادة من تراب، وأن يوضع شيء من تربة الحسين (عليه السلام) معه، وتلقينه الشهادتين والإقرار بالأئمة (عليهم السلام)، وأن يسد اللحد باللبن، وأن يخرج المباشر من طرف الرجلين، وأن يهيل الحاضرون التراب بظهور الأكفّ غير ذي الرحم، وطم القبر وتربيعه، يعني جعله مربعاً أو مستطيلاً لا مثلثاً ومخمساً ولا غير ذلك، ورش الماء عليه دوراً، يستقبل القبلة ويبتدأ من عند الرأس، فإن فضل شيء صب على وسطه، ووضع الحاضرين أيديهم عليه غمزاً بعد الرش، ولا سيما إذا كان الميت هاشمياً أو أنّ الحاضر لم يحضر الصلاة عليه، والترحم عليه بمثل قوله: اللهم جافِ الأرض عن جنبيه وصعد روحه إلى أرواح المؤمنين في علّيّين وألحقه بالصالحين، وأنّ يلقنه الولي بعد انصراف الناس رافعاً صوته، وأن يكتب اسم الميت على القبر أو على لوح أو حجر وينصب على القبر.
(مسألة 368) : يكره دفن ميتين معاً في قبر واحد، أمّا دفن الثاني بعد دفن الأول فقد علمت حرمته، ونزول الأب في قبر ولده وغير المحرم في قبر المرأة، وإهالة الرحم التراب، وفرش القبر بالساج من غير حاجة كالرطوبة الشديدة، وتجصيص القبر وتطيينه إلا أن يكون الميت من أهل الشرف، وتعليته وتسنيمه والبناء عليه والمشي عليه والجلوس والاتكاء.
(مسألة 369) : يكره نقل الميت من بلد إلى آخر، إلا المشاهد المشرفة، والمواضع المحترمة، فإنّه يستحب ما دام لم يدفن ولا سيما الغري والحائر، وفي بعض الروايات أن من خواص الأول إسقاط عذاب القبر ومحاسبة منكر ونكير.
(مسألة 370) : إذا اتفق ظهور جسد الميت لسبب أو لآخر او نبش قبره لأحد المبررات الآتية فانه لا يجب دفنه في نفس المكان، ويجوز نقله كجوازه قبل الدفن اصلاً.
(مسألة 371) : لا يجوز نبش القبر وإخراج الميت لنقله ودفنه في المشاهد المشرفة فضلاً عن غيرها حتى إذا كان بإذن الولي ولم يلزم هتك حرمة الميت، إلا إذا أوصى بذلك. أو أن الميت قد انكشف جسده بسببٍ ما كانفجار قنبلة أو جرفته السيول، وحينئذٍ لا يجب إعادته إلى نفس القبر فيجوز نقله إلى مكان آخر بشرط عدم حصول حالة الهتك لكرامته.
(مسألة 372) : يحرم نبش قبر المؤمن على نحو يظهر جسده، إلا مع العلم باندراسه وصيرورته تراباً، من دون فرق بين الصغير والكبير والعاقل والمجنون.
ويستثنى من ذلك موارد:
منها: ما إذا كان النبش لأجل تنفيذ وصية الميت بالنقل إلى المشاهد المشرفة ونحوه.
ومنها: ما إذا كان لأجل رفع مفسدة مهمة عن جسد الميت، ولا يمكن تلافيها بإخفاء قبره ونحو ذلك، أمّا لكونه مدفوناً في موضع يوجب مهانة عليه كمزبلة أو بالوعة، أو في موضع يتخوف على جسده من سيل أو سبع أو عدو.
ومنها: ما لو عارضه أمر راجح أهم في نظر الشرع، كما لو توقف دفع مفسدة على رؤية جسده، أو توقف عليه حكم قضائي معين.
ومنها: ما لو لزم من ترك النبش ضرر مالي معتد به، كما إذا دفن في ملك غيره بغير إذنه ولم يمكن استرضاؤه، أو دفن معه مال غيره من خاتم ثمين ونحوه.
ومنها: ما إذا دفن بلا غسل ولا تكفين أو تبين بطلان غسله أو بطلان تكفينه، أو لكون دفنه على غير الوجه الشرعي لوضعه في القبر على غير القبلة ونحو ذلك، مع إمكان تدارك ذلك باحتمال معتد به من دون هتك لحرمته، وإلا لم يجُز النبش ويعرف ذلك عادة بمضي المدة.
(مسألة 373) : لا يجوز الإيداع المتعارف عند بعض الشيعة (أيدهم الله تعالى) بوضع الميت في موضع والبناء عليه ثم نقله إلى المشاهد المشرفة، بل اللازم أن يدفن على الوجه الشرعي، بحيث لو استمر فيه لم يكن فيه إشكال، ثم إذا أريد نقله إلى المشاهد المشرفة جاز في بعض الموارد المتقدمة.
(مسألة 374) : إذا وضع الميت في سرداب جاز فتح بابه وإنزال ميت آخر فيه إذا لم يظهر جسد الأول، أمّا للبناء عليه أو لوضعه في لحد داخل السرداب. وأمّا إذا كان بنحو يظهر جسده ففي جوازه إشكال.
(مسألة 375) : إذا مات ولد الحامل دونها، فإن أمكن إخراجه صحيحاً وجب. وإلا جاز تقطيعه، ويتحرى الأرفق فالأرفق وتتولى ذلك طبيبة مختصة، وإلا فطبيب مختص يقتصر على مقدار الضرورة. وإن ماتت هي دونه شق بطنها وأخرج، ثم يخيط هذا الجرح ما لم يوجب الهتك والتأخير الزائد فيكون الاحتياط بالتعجيل.
(مسألة 376) : إذا وجد بعض الميت وفيه الصدر غسل وحنط وكفن وصلي عليه ودفن. وكذا إذا كان الصدر وحده بحيث يصدق عليه أنّه بدن ميت لكنه مقطوع الرأس واليدين والرجلين، أو بعضه مما يصدق عليه الصدر، أو كان الموجود جميع عظامه مجردة عن اللحم أو معظمها بشرط أن تكون فيها عظام صدره، على الأحوط وجوباً. وفي حالة وجود الصدر أو بعضه فقط يقتصر في التكفين على القميص والإزار، ويضاف إليهما المئزر أن وجد محل معتد به.
(مسألة 377) : إذا وجد غير عظم الصدر مجرداً كان أو مشتملاً على لحم، غسل ولف بخرقة ودفن ولم يصلَّ عليه. فإن كان للتحنيط محل وجب على الأحوط، وإذا لم يكن فيه عظم لف بخرقة ودفن وجوباً.
(مسألة 378) : السقط إذا تم له أربعة أشهر غسل وحنط وكفن ولم يصلَّ عليه. وإذا كان لدون ذلك لكنه بحيث يصدق عليه اللحم والعظم عرفاً، لف بخرقة ودفن على الأحوط وجوباً، لكن لو ولجته الروح حينئذٍ فالأحوط -إن لم يكن أقوى- جريان حكم الأربعة أشهر عليه. وأمّا إذا كان السقط بحيث يصدق عليه أنّه دم وليس بلحم وعظم عرفاً، فلا يجب فيه شيء.