الصلاة على الميت
في الصلاة على الميت
تجب الصلاة وجوباً كفائياً على كل مسلم، ذكراً كان أم أنثى، مؤمناً أم مخالفاً، عادلاً أم فاسقاً. ولا تجب على أطفال المسلمين إلا إذا بلغوا ست سنين فصاعداً. وتستحب على من كان دون ذلك وقد تولد حياً. وكل من وجد ميتاً في بلاد الإسلام فهو مسلم ظاهراً، وكذا لقيط دار الإسلام، وكذا المحكوم بإسلامه إمّا لإسلام أحد عموديه، أي عمود الآباء وعمود الأمهات ولو ارتد بعد ذلك، وإمّا لاعترافه بالإسلام إذا كان طفلاً مميزاً، ولو كان أبواه كافرين.
(مسألة 337) : لا تجوز الصلاة على الكافر بأقسامه، ولا على المحكوم بكفره ممن انتحل الإسلام، ولا على المرتد ملّيّاً كان- وهو من كان بالأصل غير مسلم ثم أسلم- أو فطرياً - وهو من تولّد على فطرة الإسلام- وعدم الجواز هنا تشريعي لا ذاتي، أي إنّ الصلاة غير مشروعة ولا يعني ترتب العقاب على من يخالف.
(مسألة 338) : محل الصلاة بعد الغسل والتكفين، فلا تجزي قبلهما ولا تسقط بتعذرهما كما لا تسقط بتعذر الدفن أيضاً.
(مسألة 339) : أولى الناس بالصلاة على الميت أولاهم بميراثه، فليس لأحد مزاحمته عليها فيما لو أراد مباشرتها بنفسه أو إيكالها لشخص يعيّنه، بل الأحوط وجوباً توقف صحتها مطلقاً على إذنه مع إمكان حصوله.
(مسألة 340) : الأحوط وجوباً في كيفيتها أن يكبر أولاً ويتشهد الشهادتين، ثم يكبر ثانياً ويصلي على النبي (صلى الله عليه وآله)، ثم يكبر ثالثاً ويدعو للمؤمنين، ثم يكبر رابعاً ويدعو للميت، ثم يكبر خامساً وينصرف. والأحوط استحباباً الجمع بين الأدعية بعد كل تكبيرة بنية رجاء المطلوبية. ولا قراءة فيها ولا ركوع ولا سجود ولا تسليم.
(مسألة 341) : أقلُّ ما يجزي من الصلاة أن يقول المصلي: الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله، الله أكبر، اللهم صلِّ على محمد وآل محمد، الله أكبر، اللهم اغفر للمؤمنين، الله أكبر، اللهم اغفر لهذا ويشير إلى الميت، ثم يقول: الله أكبر، وينصرف.
(مسألة 342) : ذكروا في الصلاة المطولة أن يقول: الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، أو يقول - بعد قوله: ودين الحق- بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة.
ثم يقول: الله أكبر، اللهم صلِّ على محمد وآل محمد وبارك على محمد وآل محمد وارحم محمداً وآل محمد كأفضل ما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم إنّك حميد مجيد، وصلِّ على جميع الأنبياء والمرسلين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً.
ثم يقول: الله أكبر، اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات وتابع بيننا وبينهم بالخيرات إنّك مجيب الدعوات قاضي الحاجات وأنت على كل شيء قدير.
ثم يقول: الله أكبر، اللهم أن هذا عبدك وابن عبدك وابن أمتك. نزل بك وأنت خير منـزول به، اللهم إنّا لا نعلم منه إلا خيراً وأنت أعلم به منا، اللهم إن كان محسناً فزد في إحسانه، وإن كان مسيئاً فتجاوز عنه واغفر له. أو يقول: فتجاوز عن سيئاته، واغفر لنا معه فإنّا لا نقيم بعده إلا قليلاً. اللهم اجعله عندك في أعلى علّيّين وارزقه شفاعة أوليائه المعصومين(عليهم السلام)، وأخلف على أهله في الغابرين وارحمه برحمتك يا أرحم الراحمين.
ثم يقول: الله أكبر وينصرف.
(مسألة 343) : يجب في الصلاة على الميت أمور:
منها: النية.
ومنها: حضور الميت، فلا يصلى على الغائب.
ومنها: استقبال المصلي القبلة.
ومنها: أن يكون رأس الميت إلى جهة يمين المصلي ورجلاه إلى جهة يساره.
ومنها: أن يكون مستلقياً على قفاه على الأحوط استحباباً.
ومنها: كون الميت بين المصلي والقبلة.
ومنها: وقوف المصلي محاذياً لبعضه، إلا أن يكون مأموماً، وقد استطال الصف حتى خرج عن المحاذاة.
ومنها: أن لا يكون المصلي بعيداً عنه على نحو لا يصدق الوقوف عنده، إلا مع اتصال الصفوف في الصلاة جماعة.
ومنها: أن لا يكون بينهما حائل من ستر أو جدار. ولا يضر الستر بمثل التابوت ونحوه.
ومنها: أن يكون المصلي قائماً فلا تصح صلاة غير القائم إلا مع عدم التمكن من صلاة القائم.
ومنها: الموالاة العرفية بين التكبيرات والأدعية.
ومنها: أن يكون الميت مستور العورة، ولو بحجر أو ورق الشجر، إن تعذر الكفن. والظاهر أنّ هذا وجوب تكليفي وليس شرطاً في صحة الصلاة.
ومنها: إباحة مكان المصلي على الأحوط وجوباً.
ومنها: إذن الولي، إلا إذا أوصى الميت بأن يصلي عليه شخص معين فإن لم يأذن له الولي، فله أن يبادر بدون إذنه.
(مسألة 344) : لا يعتبر في الصلاة على الميت الطهارة من الحدث والخبث وإباحة اللباس وستر العورة، وإن كان الأحوط استحباباً اعتبار جميع شرائط الصلاة بما فيها ترك الكلام والضحك والالتفات عن القبلة، بل لا يترك الاحتياط فيها إلا إذا كانت ماحية لصورة الصلاة فتبطل.
(مسألة 345) : إذا شك أنّه صلى على الجنازة أم لا بنى على العدم، وإذا صلى وشك في صحة الصلاة بنى على الصحة، وإذا علم ببطلانها وجبت إعادتها على الوجه الصحيح، وكذا لو أدّى اجتهاده أو تقليده إلى بطلانها.
(مسألة 346) : يجوز تكرار الصلاة على الميت الواحد وخاصة إذا كان من أهل الشرف في الدين. والنية فيها الاستحباب والأحوط استحباباً قصد الرجاء.
(مسألة 347) : لو دفن الميت بلا صلاة صحيحة فلا يجوز نبش قبره للصلاة عليه وإنّما يؤتى بها رجاء المطلوبية على قبره وجوباً مالم يتلاش جسمه إذا كان التاخير عمداً، وإلا بمقدار يوم وليلة وجوباً وما بعده استحباباً.
(مسألة 348) : يستحب أن يقف الإمام والمنفرد عند وسط الرجل وصدر المرأة.
(مسألة 349) : إذا اجتمعت جنائز متعددة جاز تشريكها بصلاة واحدة، فتوضع الجميع أمام المصلي مع المحاذاة بينها، والأولى مع اجتماع الرجل والمرأة أن يجعل الرجل أقرب إلى المصلي ويجعل صدرها محاذياً لوسط الرجل، ويجوز جعل الجنائز صفاً واحداً فيجعل رأس كل منهم عند إليَة الآخر شبه الدرج، ويقف المصلي وسط الصف، ويراعي في الدعاء بعد التكبير تثنية الضمير وجمعه.
(مسألة 350) : يستحب في صلاة الميت الجماعة، ويعتبر في الإمام أن يكون جامعاً لشرائط الإمامة، من البلوغ والعقل والإيمان، بل تعتبر فيه العدالة أيضاً على الأحوط وجوباً، بل الأحوط وجوباً اعتبار شرائط الجماعة من انتفاء البعد والحائل وأن لا يكون موقف الإمام أعلى من موقف المأموم وغير ذلك.
(مسألة 351) : إذا حضر شخص في أثناء الصلاة كبّر مع الإمام وجعله أول صلاته وتشهد الشهادتين بعده. وهكذا يكبر مع الإمام ويأتي بما هو وظيفة نفسه. فإذا فرغ الإمام أتى ببقية التكبير بلا دعاء وإن كان الدعاء أحوط. والنية في هذه البقية هي الرجاء دعا أم لم يدعُ، على الأحوط.
(مسألة 352) : يتضح من المسألة السابقة أن الإمام في صلاة الميت لا ينوب عن المأمومين في القراءة، بمعنى أن السكوت خلفه لا يجزيهم كما في الصلوات اليومية. وإنّما هي مجرد المتابعة. وإنّما تجب المتابعة في التكبيرات، دون الدعاء.
(مسألة 353) : لو صلى الصبي المميز على الميت أجزأت صلاته إذا كانت صحيحة، وإن كان الأحوط استحباباً العدم.
(مسألة 354) : إذا كان ولي الميت امرأة جاز لها مباشرة الصلاة والإذن لغيرها ذكراً كان أم أنثى.
(مسألة 355) : إذا كان الميت مستضعفاً قال المصلي بعد التكبيرة الرابعة: اللهم اغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم. وإن كان مستحقاً للعن لعنه ودعا عليه، وإن كان الميت طفلاً غير بالغ قال: اللهم اجعله لأبويه ولنا سلفاً وفرطاً وأجراً.
(مسألة 356) : إذا كان الميت رجلاً أتى بالضمائر مذكرة وإن كان امرأة أتى بها مؤنثة. وكذلك جميع ما يناسب من ألفاظ الأدعية. وإن جهل ذلك تخيّر. فله أن يذكر بقصد الميت ويؤنث بقصد الجنازة. وليس له ذلك مع علمه بنوعها على الأحوط وجوباً. وكذلك الحال في التثنية والجمع ولو جهلهما جمع.
(مسألة 357) : ذكروا للصلاة على الميت آداباً:
منها: أن يكون المصلي على طهارة ويجوز التيمم مع وجدان الماء إذا خاف فوت الصلاة أن توضأ أو اغتسل، بل مطلقاً، مع قصد الرجاء في غير حالة العذر.
ومنها: رفع اليدين عند التكبير.
ومنها: أن يرفع الإمام صوته بالتكبير والأدعية.
ومنها: اختيار المواضع التي يكثر فيها الاجتماع.
ومنها: اختيار المواضع المقدسة كالمساجد والمراقد.
ومنها: أن تكون الصلاة بالجماعة.
ومنها: أن يقف المأموم خلف الإمام.
ومنها: الاجتهاد في الدعاء للميت المؤمن والمؤمنين ولو بزيادات على الدعاء ينشؤها من عنده.
ومنها: أن يقول قبل الصلاة: الصلاة ثلاث مرات.
ومنها: أن يقف المصلي -لاسيما الإمام- في مكانه حتى ترفع الجنازة.
ومنها: أن يقول بعد الصلاة: ربَّنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.