النفاس
النفاس
دم النفاس هو دم يقذفه الرحم بالولادة معها أو بعدها، على نحو يعلم استناد خروج الدم إليها. ولا حد لقليله وحد كثيره عشرة أيام من حين رؤية الدم، فإذا رأته في اليوم الرابع فالحد الأكثر له أن لا يتجاوز اليوم الرابع عشر وإذا رأته بعد عشرة أيام لم يكن نفاساً. وإذا لم ترَ فيها دماً لم يكن لها نفاس أصلاً. ومبدأ حساب الأكثر من حين رؤية الدم بعد تمام الولادة لا من حين الشروع فيها وإن كان جريان الأحكام عليه من حين الشروع. ولا يعتبر فصل أقل الطهر بين النفاسين، بل لا يعتبر الفصل بين النفاسين أصلاً، كما إذا ولدت ورأت الدم إلى عشرة ثم ولدت آخر على رأس العشرة فالدمان جميعاً نفاسان متواليان. وإذا لم ترَ الدم حين الولادة ورأته قبل العشرة وانقطع عليها وعرفت استناده إلى الولادة فذلك الدم نفاسها.
وإذا رأته حين الولادة ثم انقطع ثم رأته قبل العشرة وانقطع عليها فالدمان والنقاء بينهما كلها نفاس واحد. وإن كان الأحوط استحباباً في النقاء الجمع بين عمل الطاهرة والنفساء إذا علمت برجوع الدم مرة أخرى.
(مسألة 275) : الظاهر أن الدم الخارج عند الإسقاط وإن لم تتضح معالم السقط يعتبر دم نفاس وتجري على المرأة أحكام النفساء، والاحتياط حسن في الجمع بين تروك النفساء وأفعال المستحاضة.
(مسألة 276) : إذا رأت المرأة الحامل الدم قبل ظهور الولد فهو ليس نفاساً أكيداً، فإن رأته في حال المخاض وعلمت أنّه منه فهو من دم الجروح ولا أثر له، وإن كان الأحوط ترتيب آثار الاستحاضة، وإن كانت واثقة ومتأكدة بأنّه من دم الحيض عملت ما تعمله الحائض، بلا فرق بين أن يكون منفصلاً عن الولادة بعشرة أيام أو أقل أو أكثر أو يكون متصلاً بها، إذ لا يعتبر أن يفصل بين دم الحيض المتقدم ودم النفاس عشرة أيام كالذي اشترطناه من الفصل بين حيضتين، أمّا دم الحيض المتأخر فسيأتي إن شاء الله تعالى، وإذا لم تدرِ بأنّه دم حيض أو دم استحاضة فإن كان بصفة الحيض وفي أيام العادة اعتبرته حيضاً، وتتأكد من ذلك باستمراره ثلاثة أيام، وإن لم يكن بصفة الحيض ولا في أيام العادة اعتبرته استحاضة، وإن كان بصفة الحيض ولم يكن في أيام العادة، أو كان في أيام العادة ولكن من دون صفة الحيض فالأحوط لها الجمع بين تروك الحائض وأفعال المستحاضة.
(مسألة 277) :النفساء ثلاثة أقسام:
أولاً: التي لا يتجاوز دمها العشرة، فجميع الدم نفاس.
ثانياً: التي يتجاوز دمها العشرة، وتكون ذات عادة عددية في الحيض ويراد بتجاوز العشرة تجاوزها من حين رؤية الدم لا من الولادة كما أسلفنا، ففي هذه الصورة كان نفاسها بمقدار عادتها والباقي استحاضة والأحوط وجوباً لها أن تحتاط بالجمع خلال المدة الزائدة عن عادتها إلى العشرة.
ثالثاً: التي يتجاوز دمها العشرة ولا تكون ذات عادة في الحيض سواء كانت مضطربة أو مبتدئة، تجعل مقدار عادة أقاربها نفاساً والباقي استحاضة ولا تترك الاحتياط بالجمع ما بين العادة والعشرة إن كانت عادتهن أقل من عشرة.
(مسألة 278) : إذا رأت النفساء في عشرة الولادة أزيد من دمٍ واحد كأن رأت دمين أو ثلاثة أو أربعة أو أكثر، سواء كان النقاء المتخلل كالمستوعب لقصر زمن الدمين أو الدماء أو لم يكن كذلك فلها صورتان.
الأولى: أن لا يتجاوز الدم الثاني اليوم العاشر من أول رؤيةٍ للدم، فتجعل كلا الدمين نفاساً ويجري على النقاء المتخلل حكم النفاس على الأظهر، وإن كان الأحوط استحباباً فيه الجمع بين أعمال الطاهرة وتروك النفساء وخاصة ما بين موعد نهاية عادتها إلى نهاية الدم.
الثانية: أن يتجاوز الدم الثاني اليوم العاشر من أول رؤية الدم وهذا على أقسام:
القسم الأول: أن تكون المرأة ذات عادة عددية في حيضها وقد رأت الدم الثاني في زمان عادتها، ففي هذه الصورة كان الدم الأول مع النقاء نفاساً وما زاد عن العادة استحاضة، والأحوط الجمع بين الوظيفتين ما لم تعلم بزيادة الدم على العشرة.
القسم الثاني: أن تكون المرأة ذات عادة ولكن لم ترَ الدم الثاني حتى انقضت مدة عادتها فرأت الدم وتجاوز الدم العشرة، ففي هذه الصورة يكون نفاسها هو الدم الأول، وأمّا الدم الثاني فهو استحاضة ويجري عليها أحكام الطاهرة في النقاء المتخلل.
القسم الثالث: أن لا تكون المرأة ذات عادة في حيضها وقد رأت الدم قبل مضي عادة أقاربها وتجاوز اليوم العاشر، ففي هذه الصورة يكون نفاسها مقدار عادة أقاربها، وهي في الباقي مستحاضة والأحوط استحباباً الجمع بين الوظيفتين من نهاية العادة إلى العاشر ولو بعنوان عدم علمها باستمرار الدم.
القسم الرابع: أن لا تكون المرأة ذات عادة في حيضها وقد رأت الدم الثاني الذي تجاوز اليوم العاشر بعد مضي عادة أقاربها، ففي هذه الصورة يكون نفاسها هو الدم الأول، وتحتاط استحباباً بالجمع بين الوظيفتين أيام النقاء وأيام الدم الثاني إلى اليوم العاشر.
ثم أن ما ذكرناه في الدم الثاني، يجري في الدم الثالث والرابع وهكذا. فإن لم يتجاوز المجموع العشرة كانت كلها نفاساً، وإن زاد عن العشرة كانت أيام عادتها نفاساً وما زاد استحاضة، وإن لم يكن لها عادة أخذت بعادة أقاربها كما سبق وكان الباقي استحاضة.
(مسألة 279) : يعتبر فصل أقل الطهر وهي عشرة أيام بين دم النفاس ودم الحيض الذي بعده -كما كان يعتبر ذلك بين الحيضتين- فما تراه النفساء من الدم إلى عشرة أيام - بعد تمام نفاسها- استحاضة مطلقاً، سواء أكان الدم بصفات الحيض أو لم يكن، وسواء أكان الدم في أيام العادة أم لم يكن، ويعبَّر عن هذه العشرة بعشرة الاستحاضة، فإذا رأت دماً بعدها - سواء استمر بها أم انقطع ثم عاد- فهو على قسمين:
الأول: أن تكون النفساء ذات عادة وقتية، وفي هذا القسم ترجع إلى عادتها ولا ترجع إلى التمييز، فإن كانت العادة في العشرة التالية لعشرة الاستحاضة كان ما تراه فيها حيضاً، وإن لم تكن فيها بل فيما بعدها انتظرت أيام عادتها وإن اقتضى ذلك عدم الحكم بتحيضها فيما بعد الولادة بشهر أو أزيد، وهذا كما إذا كان لها عادة وقتية واحدة في كل شهر وصادفت في الشهر الأول عشرة الاستحاضة.
الثاني: أن لا تكون لها عادة وقتية فإن كانت ذات تمييز من جهة اختلاف لون الدم وكون بعضه بلون الحيض وبعضه بلون الاستحاضة - مع توفر سائر الشرائط- رجعت إلى التمييز، وهو قد يقتضي الحكم بتحيضها فيما بعد عشرة الاستحاضة بلا فصل، وقد يقتضي الحكم بعدم تحيضها في شهر الولادة بالكلية، أو الحكم بتعدد الحيض في شهر واحد ففي جميع هذه الحالات ترجع مستمرة الدم - إذا كانت ذات تمييز- إلى ما يقتضيه التمييز ولو في شهور متعددة، وأمّا إذا لم تكن ذات تمييز بأن كان الدم ذا لون واحد في عشرة الاستحاضة وما بعدها إلى شهر أو شهور عديدة فحكمها التحيّض في كل شهر بالاقتداء ببعض نسائها، أو باختيار العدد الذي تطمئن بأنّه يناسبها كما تقدّم تفصيل ذلك كله في فصل الحيض.
(مسألة 280) : النفساء بحكم الحائض بالاستظهار بالدم عند تجاوز الدم أيام العادة، وفي لزوم الاختبار عند ظهور انقطاع الدم وتقضي الصوم ولا تقضي الصلاة ويحرم وطؤها ولا يصح طلاقها، والأحوط وجوباً أنّ أحكام الحائض من الواجبات والمحرمات تشمل النفساء أيضا،ً ويندب لها ما يندب لها ويكره لها ما يكره لها.