وضوء الجبيرة
في وضوء الجبيرة
يراد بالجبيرة قطعة القماش أو الألواح التي يلف بها العضو لوجود جرح أو قرح أو كسر فيه أو مرض يضر معه وصول الماء إليه، ويعمم حكمها إلى كل حاجب يمنع من وصول الماء يكون على العضو بحيث يصعب إزالته وتسبب له حرجاً ومشقة، كالعاملين في تصليح المكائن والسيارات أو البناء فإنّ أيديهم تكتسب قشرة من الزيوت والمواد التي يشق تنقية الجلد منها، وهكذا.
وحكم من كان على بعض أعضاء وضوئه جبيرة أنّه إن تمكن من غسل ما تحتها بنزعها أو بغمسها في الماء مع إمكان الغسل من الأعلى إلى الأسفل
- أي بإزالة الحاجب عموماً- وجب، وإن لم يتمكن لخوف الضرر والحرج اكتفى بالمسح عليها، وكذلك لو لم يمكنه إيصال الماء إلى ما تحت الجبيرة، ولو أمكنه المسح على البشرة مسح عليها، ولا بد من استيعابها بالمسح إلا ما يتعسر استيعابها به كالخلل التي تكون بين الخيوط ونحوها.
ويلاحظ في الاكتفاء بوضوء الجبيرة إضافة إلى ما تقدم من وجود ضرر أو حرج ومشقة في إيصال الماء إلى البشرة، تحقق الشروط التالية:
1- أن لا تكون الجبيرة أو العصابة نجسة بأن تكون طاهرة ولو ظاهرها ولا تضر نجاسة ما هو داخل الجبيرة.
2- أن لا تكون الجبيرة أو العصابة زائدة على الحد المتعارف سمكاً ومساحة وهو عادة أوسع من محل الإصابة بقدرٍ ما.
3- أن تكون مباحة فلا يجوز المسح على الجبيرة أو العصابة المغصوبة وإلا فوظيفته التيمم.
4- أن يكون العضو المتضرر بماء الوضوء من أعضاء الوضوء نفسه، فلو تضرر بماء الوضوء عضو من غيرها فلا يجوز له الاكتفاء بوضوء الجبيرة وتنتقل وظيفته إلى التيمم.
(مسألة 115) : إذا كانت الجبيرة نجسة فبالإمكان وضع مادة كقطعة قماش طاهرة عليها والمسح عليها وإلا تعين التيمم.
(مسألة 116) : الجروح والقروح المعصبة حكمها حكم الجبيرة المتقدم، وإن لم تكن معصّبة - أي كانت مكشوفة - وكانت في مواضع الغسل فإن أمكن غسلها مع سائر العضو وجب، وإن لم يمكن غسل ما حولها ومسح عليها - إن كانت طاهرة ولا يتضرر بهذا المقدار- وإلا فيضع قطعة قماش طاهرة عليها ويمسح عليها، وإذا كان غسل أطرافه بالمقدار المتعارف ضررياً أو كان نجساً ولا يمكن غسله فوظيفته التيمم.
(مسألة 117) اذا كانت الجبيرة زائدة عن الحد المتعارف فيجب تصغيرها إن أمكن، وإلا فوظيفته التيمم إن لم تكن الجبيرة في مواضع التيمم، وإلا فوظيفته الجمع بينه وبين وضوء الجبيرة.
وخلاصة احكام هذه الحالة وامثالها ان من كان تكليفه الوضوء الجبيري ولم يتمكن منه بشكل صحيح - لكون الجبيرة ازيد من المتعارف كما في هذه المسألة ونحوها- انتقلت وظيفته الى التيمم إن لم تكن الجبيرة في اعضاء التيمم، وإلا فوظيفته الجمع بين الوضوء والتيمم وبصورة عامة فإن ضم التيمم إلى الوضوء الجبيري على كل التقادير الواردة في المسائل المتقدمة واللاحقة شيء حسن وسبيل للنجاة بإذن الله تعالى.
(مسألة 118) : إذا كان العضو المصاب بالجرح أو القرح مكشوفاً أي غير معصب وكان في مواضع المسح وكان مستوعباً لتمام الموضع، فإن تمكن من المسح عليه وجب وإن لم يتمكن أمّا لضرر أو لنجاسة فوظيفته التيمم.
(مسألة 119) : إذا كان العضو مصاباً بكسر - وليس بجرح أو قرح - وكان مكشوفاً، فإن كان غسل الموضع المصاب ضررياً فوظيفته التيمم وليست وظيفته غسل ما حول العضو كما في حالة الجرح والقرح، وإذا كان الكسر المكشوف في موضع المسح فإن أمكن المسح عليه توضأ اعتيادياً وإلا فوظيفته التيمم، ولذا يجب التفريق بين ما لو كان العضو المكشوف المتضرر فيه جرح أو قرح أو فيه كسر.
(مسألة 120) : إذا كان على العضو المصاب جبيرة ولم يكن بإمكانه حلها لأنّها محكمة الشد أو لها طريقة فنيّة لتركيبها ولا يتيسّر له حلها وشدها وبنفس الوقت لا يستطيع تسريب الماء إلى العضو مع وجودها فيجب المسح عليها، إذا لم يكن العضو المعصَّب من الأعضاء المشتركة بين الوضوء والتيمم وإلا يتيمم ويتوضأ معاً.
(مسألة 121) : الجبيرة أو العصابة قد تكون في الأعضاء المختصة بالغسل وهي الوجه واليدان، وقد تكون في الأعضاء المختصة بالمسح وهي مقدم الرأس والقدمان، وقد تكون في الأعضاء المشتركة بين الغسل والمسح وهي الكف، ففي الحالة الأولى يكون المسح على الجبيرة بديلاً شرعاً عن غسل ما تخفيه من البشرة وهو العضو المغسول، وفي الحالة الثانية يكن بديلاً شرعاً عن المسح على ما تستره من البشرة وهو العضو الممسوح، شريطة أن لا يبقى منه مقدار مكشوف يكفي للمسح، والأحوط وجوباً ضم التيمم إليه أيضاً وإذا بقي منه مقدار يكفي للمسح مسح عليه.
وفي الحالة الثالثة يمسح على الجبيرة عند غسل العضو، ويمسح بها بعد ذلك بدلاً عن المسح بالبشرة إذا لم يبقَ منه مقدار مكشوف يكفي المسح به.
(مسألة 122) : اللطوخ المطلي بها العضو للتداوي يجري عليها حكم الجبيرة إذا كان لاصقاً تعسر إزالته أو أصبح معدوداً جزءاً من البشرة كما تقدم في ذوي في المهن الصناعية والبناء، أمّا الحاجب اللاصق اتفاقاً كالقير وبعض الأصباغ فإن أمكن رفعه وجب، وإن لم يمكن فإن كان في غير مواضع التيمم وجب عليه التيمم وإلا جمع بين الوضوء عليه والتيمم.
(مسألة 123) : يختص الحكم المتقدم بالجبيرة الموضوعة في موارد الجرح أو القرح أو الكسر، وأمّا في غيرها كالعصابة التي يعصب بها العضو لألمٍ، أو ورم ونحو ذلك فلا يصح الاكتفاء بالوضوء الجبيري وإنّما يضم إليه التيمم.
(مسألة 124) : يجري حكم الجبيرة في الأغسال غير غسل الميت كما كان يجري في الوضوء وفق الصور التالية:
الأولى: إذا كانت الحالة حالة كسر وكان مكشوفاً، فحينئذٍ إن كان غسل العضو المصاب المكشوف ضررياً فوظيفته التيمم، وإن لم يكن ضررياً وجب عليه الغسل بالطريقة الاعتيادية.
الثانية: نفس الحالة السابقة وكان الكسر مجبوراً فوظيفته الاغتسال مع المسح على الجبيرة.
الثالثة: إذا كانت الحــــالة جرحـاً أو قرحــاً وكان مكشوفاً فعليه التيمم، والأحوط ضم الوضوء الجبيري إليه بغسل ما حوله ويمسح على الموضع أو يضع قطعة قماش طاهرة يمسح عليها.
الرابعة: كالحالة الثالثة وكان الجرح أو القرح معصباً فوظيفته الغسل مقتصراً على غسل ما ظهر مما ليس عليه الجبيرة، ولا يجب عليه نزعها وفكها إلا إذا توقف غسل الأطراف عليه كما إذا شغلت الجبيرة حجماً أكبر مما هو مألوف ومتعارف ولا يترك الاحتياط بالمسح على الجبيرة.
ونعيد التذكير بأن الأحوط في مثل حالات الجبائر المذكورة وغيرها الجمع بين الغسل بالكيفية السابقة والتيمم.
(مسألة 125) : الجبيرة على العضو الماسح بحكم البشرة، فيجب المسح ببلتها وإذا كان بعض الماسح مكشوفاً فيمسح به.
(مسألة 126) : الأرمد إن كان يضره استعمال الماء مطلقاً تيمم، ولا يجزيه غسل ما حول العين ويحسن ضمُّه إلى التيمم، نعم، إذا صدق عليه الجرح أو كانت العين مغطاة بالدواء فيجري عليها حكم الجبيرة.
(مسألة 127) : ذو الجبيرة إذا كان يأمل الشفاء خلال الوقت أو تقليل موانع الوضوء، لزم تأخيره، فإن حصل ذلك توضأ بحسب حاله، وإن لم يحصل توضأ الوضوء الاضطراري، وله أن يتوضأ ويصلي أول الوقت بقصد احتمال استمرار العذر، فإن لم يرتفع أجزأه وإلا وجبت الإعادة، وإن لم يكن يأمل الشفاء ولو بالاطمئنان أو الوثوق، ولا تقليل المانع، أجزأته المبادرة إلى الوضوء، فإن زال العذر بدون احتساب خلال الوقت وجبت عليه الإعادة.
(مسألة 128) : إذا كان في عضو واحد جبائر متعددة يجب الغسل أو المسح في فواصلها.
(مسألة 129) : إذا كان بعض الأطراف الصحيح تحت الجبيرة، فإن كان وجود الجبيرة بالمقدار المتعارف مسح عليها، وإن كان أزيد من المقدار المتعارف وجب رفع المقدار الزائد وغسل الموضع السليم تحته إذا كان مما يغسل، ومسحه إذا كان مما يمسح، وإن لم يتمكن من رفعه، أو كان فيه حرج أو ضرر على الموضع السليم نفسه وجب التيمم إذا لم تكن الجبيرة في مواضعه، وإلا جمع بينه وبين الوضوء وهو الأحوط في الحالة التي سبقته أيضاً.
(مسألة 130) : إذا أضر الماء بأطراف الجرح بالمقدار المتعارف يكفي المسح على الجبيرة التي عليها أو يريد وضعها عليها، وأمّا إذا كانت الأطراف المتضررة أزيد من المتعارف فالأظهر أنّه يتعين عليه التيمم إذا لم تكن الجبيرة في مواضعه، وإلا فالأحوط الجمع بينه وبين الوضوء.
(مسألة 131) : لا فرق في حكم الجبيرة بين أن يكون الجرح، أو نحوه حدث باختياره - على وجه العصيان أو غيره- وبين أن لا يكون كذلك.
(مسألة 132) : إذا كان ظاهر الجبيرة طاهراً لا يضره نجاسة باطنها، ما لم تكن النجاسة سارية إلى رطوبة الوضوء، فالمتعين عندئذٍ منع السريان ولو بلفها بخرقة أخرى طاهرة والمسح عليها.
(مسألة 133) : محل الفصد - هو موضع زرق الإبرة ونحوها في الوريد وغيره لسحب الدم أو الحجامة ونحوها- داخل في الجروح، فلو كان غسله مضراً يكفي المسح على قطعة القماش التي عليه، إن لم تكن أزيد من المتعارف، وإلا حلها وغسل المقدار الزائد ثم شدها، وأمّا إذا لم يمكن غسل المحل - لا من جهة الضرر بل لأمر آخر كعدم انقطاع الدم مثلاً- فلا بد من التيمم، ولا يجري عليه حكم الجبيرة.
(مسألة 134) : إذا كان ما على الجرح مغصوباً لم يجز المسح عليه، بل يجب رفعه وتبديله، وإن لم يمكن التبديل وجب تصحيح حالة الغصب وبراءة الذمة مقدمة للوضوء، وإن كان ظاهره مباحاً وباطنه مغصوباً مسح على الظاهر إلا إذا عد ذلك تصرفاً في الباطن المغصوب فلا يجوز.
(مسألة 135) : لا يشترط في الجبيرة خلال الوضوء أن تكون مما تصح فيه الصلاة، فلو كانت حريراً أو ذهباً أو جزءاً مما لا يؤكل لحمه من الحيوان لم تضر بوضوئه، ولكن يجب تغييرها عند الصلاة مع الإمكان وإن لم يمكن كانت الصلاة مجزية فالذي يضرّ هو نجاسة ظاهرها أو غصبيته على ما مرَّ.
(مسألة 136) : إذا أمكن رفع الجبيرة وغسل المحل ولكن كان موجباً لفوات الوقت، عدل إلى التيمم.
(مسألة 137) : ما دام خوف الضرر باقياً بشكل معتدٍّ به جرى حكم الجبيرة، وإذا ظن البرء وزال الخوف وجب رفعها.
(مسألة 138) : الدواء الموضوع على الجرح ونحوه إذا اختلط مع الدم وصار كالشيء الواحد ولم يمكن رفعه بعد البرء بأن كان مستلزماً لجرح المحل وخروج الدم، فإن تحققت الاستحالة التي هي من المطهرات بحيث لا يصدق عليه الدم وصار كالجلد أمكن تطهيره والوضوء عليه كالبشرة العادية، وإن لم يستحل كان كالجبيرة النجسة، فإن أمكن غسل ما حوله وجب، وإلا وضع عليه خرقة طاهرة ومسح عليها، ولا يترك الاحتياط بضم التيمم.
(مسألة 139) : إذا كان العضو صحيحاً، لكنه كان نجساً ولم يمكن تطهيره لمرض كالورم أو لضيق الوقت أو لقلة الماء أو لأي سبب، لم يجرِ عليه حكم الجرح بل يتعين التيمم.
(مسألة 140) : لا يلزم تخفيف ما على الجرح من الجبيرة ما دامت على المقدار المتعارف له، كما لا يجوز وضع شيء آخر عليها مع طهارة الظاهر، إلا أن يعد جزءاً منها عرفاً بعد الوضع.
(مسألة 141) : الوضوء مع الجبيرة رافع للحدث وكذلك الغسل معها، فلو شفي الجرح لا تجب عليه اعادة الوضوء والغسل.
(مسألة 142) : إذا اعتقد الضرر في غسل البشرة فعمل بالجبيرة، ثم تبين عدمه في الواقع، لم يصح الوضوء ولا الغسل، وإذا اعتقد عدم الضرر فغسل ثم تبين أنّه كان مضراً وأنّه كانت وظيفته الجبيرة، صح وضوؤه وغسله، إلا إذا كان الضرر بحيث كان تحمله حراماً شرعاً، وكذلك يصحان لو اعتقد الضرر ولكنه ترك الجبيرة وتوضأ أو اغتسل ثم تبين عدم الضرر، ولكن الصحة في هذه الصورة تتوقف على تحقق الطاعة منه لله تبارك وتعالى وليس التمرد على الحكم الشرعي لان الوضوء من العبادات التي لا تصح إلا مع قصد القربة لله تبارك وتعالى. ولو تبين في مثل ذلك الضرر فالأقوى صحة وضوئه وغسله مع توفر قصد القربة وعدم صدق التهلكة، ولكن الأحوط استحباباً ضم التيمم على أي حال.
(مسألة 143) : في كل مورد يشك في أن وظيفته الوضوء الجبيري أو التيمم، ولم يكن هناك أصل معين للوظيفة كاستصحاب حالة الجرح، فالأحوط وجوباً الجمع بينهما، وهو الأحوط على كل حال.