في أجزائه وكيفيته
في أجزائه وكيفيته
أجزاء الوضوء أربعة: غسل الوجه واليدين ومسح الرأس والرجلين.
فهنا أمور:
الأمر الأول: غسل الوجه:
يجب غسل الوجه ابتداءً من قصاص شعر الرأس إلى نهاية الذقن طولاً، وما اشتملت عليه الإصبع الوسطى والإبهام عرضاً ولا يجب أزيد من ذلك إلا بعض الأطراف من باب المقدمة العلمية، أي أنّ هذا الفعل يؤتى به مقدمة لحصول العلم بتحقق المقدار الواجب، ويجب الابتداء بأعلى الوجه إلى الأسفل فالأسفل عرفاً ولا يصح أن تكون حركة الغسل من الأسفل إلى الأعلى ولو حصلت فلا يحتسبها من أفعال الوضوء، نعم، لو ردَّ الماء منكوساً ونوى الوضوء بإرجاعه إلى الأسفل صح وضوؤه.
(مسألة 80) : غير مستوي الخلقة لكبر الوجه أو صغره أو لطول الأصابع أو قصرها يرجع إلى متناسب الخلقة المتعارف بالنسبة، وكذا لو كان أغمّ قد نبت الشعر على جبهته أو كان أصلع المقدم فإنّه يرجع إلى المتعارف.
(مسألة 81) : الشعر النابت في ما دخل في حد الوجه كالحاجبين والأشفار وبعض العارضين يجب غسل ظاهره، ولا يجب التخليل إلى الشعر المستور فضلاً عن البشرة المستورة ويغسل الشعر الرقيق النابت في البشرة معها وكذلك الشعرات الغليظة التي لا تستر البشرة.
(مسألة 82) : لا يجب غسل باطن العين والفم والأنف ومطبق الشفتين والعينين.
(مسألة 83) : الشعر النابت في الخارج عن الحد كبعض شعر الرأس إذا تدلى على ما دخل في الحد لا يجب غسله، وكذا المقدار الخارج عن الحد وإن كان نابتاً في داخل الحد كمسترسل اللحية.
(مسألة 84) : إذا بقي مما في الحد شيء لم يغسل لا يصح الوضوء، فيجب أن يلاحظ آماق وأطراف عينيه حتى لا يكون عليها شيء من القيح أو الكحل المانع، وكذا يلاحظ حاجبه أن لا يكون عليه شيء من الوسخ، وأن لا يكون على حاجب المرأة وسائر وجهها من بعض مواد الزينة مما له جرم مانع.
(مسألة 85) : إذا تيقن من وجود ما يشك في مانعيته وحاجبيته عن الغسل أو المسح يجب تحصيل اليقين أو الاطمئنان بزواله أو بوصول الماء إلى البشرة من خلاله بحيث يصدق عليه غسلها عرفاً، ولو شك في أصل وجود المانع وجب الفحص عنه على الأحوط إلا مع الظن بعدمه أو كون عدمه هو الحالة السابقة له.
(مسألة 86) : الثقبة في الأنف كموضع الحلقة أو الخزامة لا يجب غسل باطنها بل يكفي غسل ظاهرها سواء أكان فيها الحلقة أم لا.
الأمر الثاني: يجب غسل اليدين من المرفقين إلى أطراف الأصابع، ويجب الابتداء بالمرفقين ثم الأسفل منهما فالأسفل عرفاً إلى أطراف الأصابع، بمعنى أن تكون حركة الغسل نحو الأسفل، والمقطوع بعض يده يغسل ما بقي، ولو قطعت من فوق المرفق سقط وجوب غسلها. ولو كان له ذراعان دون المرفق وجب غسلهما وكذا اللحم الزائد والإصبع الزائدة، ولو كانت له يد زائدة فوق المرفق ولم يعلم الأصلية منهما فيغسلهما معاً وإن علمها لم يجب غسل الزائد.
(مسألة 87) : المرفق مجمع عظمي الذراع والعضد ويجب غسله كله مع اليد ولا يجب غسل شيء من العضد إلا من باب المقدمة العلمية.
(مسألة 88) : إذا كان مقطوع اليدين من فوق المرفقين سقط وجوب غسل اليدين والمسحات الثلاث ووجب على الأحوط غسل الوجه مع النية.
(مسألة 89) : إذا دخلت شوكة في اليد لا يجب إخراجها إلا إذا كان ما تحتها محسوباً من الظاهر فيجب غسله حينئذ ولو بإخراجها.
(مسألة 90): الوسخ الذي يكون على الأعضاء إذا كان معدوداً جزءاً من البشرة لا تجب إزالته كبعض العاملين في المهن الصناعية والبناء حين تصبح بشرته ليست كالاعتيادية بفعل بعض الدهون والمواد الإنشائية، ولا يمكن اعادتها الى الوضع الطبيعي بالجهد الاعتيادي، وكذلك الجلد الميت المتصل بالبشرة كبيراً كان أو صغيراً، وكذلك الدم الذي قد يستحيل جزءاً من البشرة بعد مدة من خروجه، وكذلك الدواء إن أصبح منها، وكذلك ما يُعد لوناً للبشرة وليس له جرم عرفاً كالوشم.
(مسألة 91) : لا يجب العمل بما عرف مؤخراً بالوضوء التقطيعي الذي يراد منه تجزئة اليد الى مناطق ثلاث او اربع واكمال غسلها على الترتيب بدعوى تحقيق شرط الغسل من الاعلى الى الاسفل.
(مسألة 92) : الوسخ تحت الأظفار إذا لم يكن زائداً عن المتعارف لا تجب إزالته إلا إذا كان ما تحته معدوداً من الظاهر، وإذا قص أظفاره فصار ما تحتها ظاهراً وجب غسله مع إزالة الوسخ.
(مسألة 93) : إذا انقطع لحم من اليدين وجب غسل ما ظهر بعد القطع على الأحوط، ويجب غسل ظاهر ذلك اللحم أيضاً ما دام لم ينفصل وإن كان اتصاله بجلدة رقيقة، ولا يجب قطعه أيضاً ليغسل ما تحت تلك الجلدة وإن كان هو الأحوط وجوباً لو عد ذلك اللحم شيئاً خارجياً ولم يحسب جزءاً من اليد كما لو ماتت القطعة المتدلية.
(مسألة 94) : الشقوق التي تحدث على ظهر اليد من جهة البرد أو بسبب آخر إن كانت وسيعة يُرى جوفها وجب إيصال الماء إليها مع الإمكان على الأحوط وإلا فلا. ومع الشك فالأحوط استحباباً الإيصال.
(مسألة 95) : ما ينجمد على الجرح ويصير كالجلد من دم أو دواء أو غيرهما لا يجب رفعه وإن حصل البرء، ويجزي غسل ظاهره وإن كان رفعه سهلاً.
(مسألة 96) : الدملج والخاتم ونحوها إن كان يصل تحتها الماء فلا إشكال وأمّا إن كان الدملج ضيقاً كفى تحريكه، وأمّا الخاتم الضيق فالأحوط نزعه.
(مسألة 97) : يجوز الوضوء بماء المطر كما إذا قام تحت السماء حين نزوله وقصد بجريانه على وجهه غسل الوجه مع مراعاة الأعلى فالأعلى، وكذلك بالنسبة إلى يديه وكذلك إذا قام تحت الميزاب ونحوه، وكذلك إذا احتاج الجريان إلى مساعدة الكف، ولكن ينبغي لهذا المكلف أن يلاحظ:
أولاً: عدم إراقة الماء الزائد على يده اليسرى بحيث يصيبها الماء بعد الاطمئنان بالاستيعاب. وكذلك اليد اليمنى إن لم يمسح بها اليسرى.
ثانياً: عدم وصول ماء المطر إلى محالّ المسح إلا مع الاهتمام بتجفيفها جيداً بالمقدار اللازم الذي يأتي في أحكام المسح.
(مسألة 98) : إذا شك في شيء أنّه من الظاهر حتى يجب غسله أو الباطن فلا يجب غسله فالأحوط استحباباً غسله ما لم يكن مسبوقاً بكونه ظاهراً فيجب.
الأمر الثالث: يجب مسح مقدم الرأس وهو ما يقارب ربعه مما يلي الجبهة ويكفي فيه تحقق عنوان المسح طولاً وعرضاً ولو بحركة بسيطة، ويستحب أن يكون عرض الماسح قدر ثلاثة أصابع والأحوط وجوباً أن يكون المسح من الأعلى إلى الأسفل ويكون بنداوة الكف اليمنى بل الأحوط وجوباً بباطنها.
(مسألة 99) : يكفي المسح على الشعر المختص بالمقدم فلا يجب ما يفعله البعض من تفريق الشعر حتى يمسح على جلد الرأس، نعم، لا يصح ان يكون الشعر على منطقة المسح من غيرها بأن يكون شعره طويلاً وقد سرحه على منطقة مقدم الرأس، فلو كان كذلك فجمع وجعل على الناصية لم يجُز المسح عليه، وكذلك لو حصل عليها شعر من أحد الجانبين أو من الخلف.
(مسألة 100) : لا تضر كثرة بلل الماسح وإن حصل معه الغسل.
(مسألة 101) : لو تعذر المسح بباطن الكف مسح بظاهر الكف، فإن تعذر مسح بالذراع.
(مسألة 102) : يعتبر أن لا يكون على الجزء الذي يتحقق به الواجب من الممسوح بلل ظاهر مانع عن تأثر الممسوح برطوبة الماسح ولا بأس بالرطوبة القليلة غير المانعة عن ذلك.
(مسألة 103) : لما كان الواجب هو المسح بالبلل المتبقي على اليدين فلا بد من مراعاة عدم وصول ماء زائد إليهما قبل المسح، ولو وصل إلى بعضها كإصبع أو إصبعين فليمسح بالبعض الآخر.
(مسألة 104) : لو جف ما على اليد من بلل لعذر أخذ من بلل حاجبيه وأشفار عينيه ومن شعر لحيته الداخل في حد الوجه، بل من سائر مواضع الوضوء على الأقوى، ومسح به.
(مسألة 105) : لو لم يمكن حفظ الرطوبة في الماسح لحرًّ أو غيره فالأحوط وجوباً الجمع بين المسح بالماء الجديد والتيمم، هذا مع انحصار الماء أو ضيق الوقت، وأمّا بخلاف ذلك فله أن يقطع الوضوء ويستأنفه من جديد على أمل عدم الجفاف.
(مسألة 106) : لا يجوز المسح على العمامة والقناع وغيرهما من الحائل وإن كان شيئاً رقيقاً لا يمنع من وصول الرطوبة إلى البشرة.
الأمر الرابع: يجب مسح القدمين من أطراف الأصابع إلى الكعبين وهو مفصل الساق ويكفي تحقق عنوان المسح عرضاً ولو باصبع واحدة، والأحوط وجوباً مسح اليمنى باليمنى أولاً ثم اليسرى باليسرى وإن كان الأقوى جواز مسحهما سوية، وعليه فان، تقديم اليسرى بالمسح أو النكس فيه أو المسح باليد الأخرى مما لا يصح فعله.
(مسألة 107) : حكم العضو المقطوع من الممسوح حكم العضو المقطوع من المغسول، وكذا حكم الزائد من الرجل والرأس وحكم البلل وحكم جفاف الممسوح والماسح كما سبق.
(مسألة 108) : لا يجب المسح على خصوص البشرة، بل يجوز المسح على الشعر النابت فيها أيضاً، إذا لم يكن خارجاً عن المتعارف وإلا وجب المسح على البشرة.
(مسألة 109) : لا يجوز المسح على الحائل كالجورب إلا لتقية، ولو حصلت الصلاة في ظرف التقية صحّت وإلا فعليه إعادة الطهارة، أمّا إذا كان المسح على الحائل لضرورة فلا يُكتفى به ويُضم إليه التيمم.
(مسألة 110) : لو دار الأمر بين المسح على الجورب والغسل للرجلين للتقية اختار ما هو الأقرب إلى تكليفه مع موافقته للتقية كما لو كان الغسل متضمناً للمسح ولو بماء جديد وإلا فيتخيّر الأوفق بالتقية.
(مسألة 111) : يعتبر عدم المندوحة - أي عدم وجود خيار آخر- في تحقق التقية، فلو أمكنه ترك التقية وإراءة المخالف عدم مخالفته لم تشرع التقية، ومن الخيارات المفتوحة أمامه الزمان الآخر والمكان الآخر أو بذل مالٍ لرفع التقية، إلا أن يستلزم بذله حرجاً وضرراً، ونفس الكلام يأتي في تحقق حالة الاضطرار.
(مسألة 112) : لا تجب إعادة الوضوء في الوقت مادام المسوغ لغسل الرجلين موجوداً ما دامت التقية متحققة وتجب بزوالها وبزوال سائر الضرورات إلا إذا كان بنحو تغير الموضوع، كمن سقط عنه غسل اليد لأنّها مقطوعة ثم ركبت له يد اصطناعية بعد الصلاة.
(مسألة 113) : لو توضأ على خلاف التقية خلالها فالأحوط وجوباً الإعادة بما يناسب التقية مع استمراره وبالفعل الاختياري اذا زال.
(مسألة 114) : لا يجب في مسح الرجلين أن يضع يده على الأصابع ويمسح على الكعبين بالتدريج، بل يجوز وضع تمام كفه على تمام ظهر القدم من طرف الطول إلى المفصل ويجرّها قليلاً بمقدار صدق المسح مع المحافظة على المسح على كل ارتفاعات وانخفاضات القدم بالمقدار الواجب.