الماء الذي له مادة
في الماء الذي له مادة
(مسألة 53) : الماء الذي له مادة وقد عرّفناه بالمتصل بمعين أو مصدر يمده بالماء ويعوض النقص فيه كالماء المتدفق من أنابيب الإسالة أو ماء المطر المستمر بالهطول أو ماء العيون المتدفقة أو مياه الأنهار والبحار والمياه الجوفية ونحوها، وهذا الماء معتصم لا ينجس بملاقاة النجاسة إلا إذا تغيّر بأحد أوصاف النجس كما تقدم.
(مسألة 54) : يمكن للماء القليل أن يكون معتصماً إذا اتصل بماء كثير أو بما له مادة كالوعاء إذا فتح عليه أنبوب الإسالة، وكذا إذا كان ما في الوعاء نجساً فإنّه يطهر بمجرد اتصاله بالمادة مع عدم وجود التغير بالنجاسة، وكذا الماء الراكد المتصل بالمادة كالحوض الصغير المتصل بالنهر من خلال ساقية فإنّه يكون معتصماً ولا يتنجس بالملاقاة.
(مسألة 55) : إذا شك في كون الماء متصلاً بمادة أو لا وكان قليلاً بُني على عدمه فلا يكون معتصماً من هذه الجهة.
(مسألة 56) : الماء المعتصم يطهر ذاتياً إذا زال التغير بأوصاف النجس إذا كان اعتصامه لكونه مما له مادة، أمّا إذا كان اعتصامه لأنّه ماء كثير فلا يكفي زوال التغير ذاتياً، بل لابد من اتصاله بمادة أو ماء كثير طاهر آخر.
(مسألة 57) : ما يوضع في فوهة اتصال خزان الماء بالمادة التي يستمد منها الخزان ويسمى بالطوافة، يقطع اتصال ماء الخزان بالمادة في حالة امتلائه، وحينئذٍ فإذا كان الخزان بقدر الكر كان معتصماً، وإن كان دون الكر اعتبر ما في الخزان ماءاً قليلاً، ولكن بمجرد أن يبدأ الخزان بدفع الماء وتنخفض الطوافة، يعود الاتصال بالمادة ويصبح معتصماً.
وقد يوضع في فوهة الأنبوب حاجز فيه ثقوب صغيرة متقاربة، ينفذ الماء من خلالها بقوة ودفع، ويسمى بالدوش، وهذا الماء النازل من هذه الثقوب إذا كان ينزل بشكل قطرات متلاحقة مع فواصل بينها ولو صغيرة بنظر العرف فهو ماء قليل غير معتصم، وإن كان ينزل بنحو يشكل خطاً متصلاً في نظر العرف فهو معتصم لا ينفعل بالملاقاة.
(مسألة 58) : الماء الذي كان قليلاً ثم شُك في صيرورته كراً يكون بحكم القليل، كما أنّ الماء الذي كان كراً في السابق ثم شك في صيرورته قليلاً يكون بحكم الكر.
أمّا الماء الذي يشك أصلاً في كونه كراً ولا يعلم بحالته السابقة من هذه الناحية فلا تنطبق عليه احكام الكثير ولا القليل. فيلحق بالقليل من حيث آثار الكثير كعاصميته لغيره، ويلحق بالكثير من حيث آثار القليل كالانفعال بالنجاسة بمجرد الملاقاة، فلو فُرض سقوط شيء متنجس في وعاء ماء بهذا الوصف فلا الماء يتنجس بالملاقاة لعدم العلم بانه قليل ولا الشيء يطهر بالوقوع في الماء لعدم العلم بانه كثير.