خاتمة في معنى العدالة
خاتمة في معنى العدالة
ورد اشتراط العدالة في موارد عديدة كمرجع التقليد وإمام الجماعة والشهود والرواة، ويراد بها قابلية وملكة نفسية يكون الشخص بموجبها قادراً على ضبط تصرفاته وعقائده وميوله في حدود تعاليم الشريعة المقدسة، وأساسها المعرفة بالله تبارك وتعالى ومن ثم العلم بما يقرب إلى رضوانه سبحانه ويبعد عن سخطه جل جلاله ومن ثم العمل بهذا العلم([1]).
وتتباين مراتب العدالة قوةً وضعفاً بحسب درجة معرفته بالله تبارك وتعالى وعلمه باستحقاقات هذه المعرفة وهمته في تهذيب نفسه وتطهير قلبه والعمل بهذه الاستحقاقات.
وقد لا يستقر للإنسان حال واحد فتراه متقلباً من حال إلى حال، وقد ضمّت كتب الأخلاق والمعرفة تفاصيل كثيرة عن هذه المراتب والأحوال واستحقاقاتها من أعمال الجوارح والجوانح فيجب على الإنسان أن يتعرف على ما يصلح حاله ويعمل بما ينجيه من غضب الله تبارك وتعالى وينيله رضوانه، ويتعمق هذا الوجوب ويتسع على المتصدي لشؤون الأمة.
(مسألة 34) : العدالة يمكن أن تزول في لحظة من لحظات الانسياق وراء شهوات النفس وتسويلات الشيطان فعلى الإنسان أن يرجع فوراً إلى ربه ويستغفر ويعقد العزم على عدم العود ويطلب العصمة والتسديد من الله تبارك وتعالى (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إذا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فإذا هُم مُّبْصِرُونَ) (الأعراف :201).
ومفارقة العدالة بهذا المقدار لا تعني الإخلال بالشرط وإنّما يصبح غير عادل من أصبح خطّه العام حب الدنيا واتباع الشهوات والإخلاد إلى الأرض والإعراض عن ذكر الله تعالى.
(مسألة 35) : العدالة -كشرط- وإن وردت في عدة موارد كالتي ذكرناها إلا أن الدرجة المطلوبة منها مختلفة من مورد إلى مورد، فيكفي في عدالة الراوي وثاقته وعدم احتمال تعمد الكذب منه، ويراد من عدالة الشاهد أمانته وصدقه وموضوعيته، أمّا إمام الجماعة فيراد منه أكثر من ذلك حيث يراد منه حسن سيرته والتزامه بآداب الشريعة فضلاً عن واجباتها واجتناب محرماتها وتبلغ ذروة الدرجات في ولي أمر الأمة حيث يشترط فيه أقصى حالات السيطرة على ميول النفس وامتلاء القلب بالرحمة والشفقة والعقل بالعلم والمعرفة ونحوها.
تم كتاب الاجتهاد والتقليد بعونه تعالى
والله سبحانه العالم فهو حسبنا ونعم الوكيل.
(1) راجع كتاب (الأسوة الحسنة للقادة والمصلحين).