الاستفتاءات
الاستفتاءات
من فقه المعلمين
ضرب الطالب وتأديبه
س/ هل يجوز للمعلم ضرب الطالب لتأديبه، وخاصة لو كان هذا الطالب مشاكساً ويؤثر على سير الدرس، وهل يجب اخذ اذن الولي؟
بسمه تعالى: اذا توقف تأديبه على الضرب جاز ولا يحتاج الى اذن ولي الامر، بشرط مراعاة المعلم لمراتب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، فاذا امكن تأديبه بالتوجيه والارشاد والموعظة الحسنة لا يجوز له الكلام الخشن والزجر والتوبيخ، واذا امكن ردعه بهذا الاسلوب فلا يجوز ضربه، واذا انحصر تأديبه على الضرب فليضربه من دون حصول ضرر، ويجب الاقتصار على مقدار ما يحصل به الغرض ولا يتجاوزه من اجل ارضاء نزعته العدوانية والتشفي وحب التسلط والاستعلاء، فلو تجاوز الحد كان آثما وعليه دية جنايته، وقد ضمت الكتب الفقهية قائمة بعناوين مختلف الجنايات البسيطة والكبيرة ودياتها او يعفو مستحقها.
الاختلاط في المدارس
س/ في اغلب المدارس المختلطة توجد رحلات ذو مقعدين، فيتعمد البعض أن يجلس الطالب بجوار الطالبة بحجة تعويدهم على الاختلاط، فما هو رأي سماحتك بذلك؟
بسمه تعالى: وهل الاختلاط بهذا الشكل امر حسن وايجابي حتى يعودهم عليه؟ نعم، ليعودهم على الصلاة والصيام والاخلاق الحسنة اما تعمد الجمع بين الجنسين في مقعد واحد فلا معنى له الا الفساد المبكر والانحراف والانحلال والايقاع في شراك ابليس قبل ان يصل الولد والبنت الى مرتبة كافية من التربية.
الالفاظ النابية
س/ يقوم بعض المعلمين باستخدام الالفاظ النابية واللااخلاقية ويتعمدون شتم واهانة بعض الطلبة لاسباب مختلفة، ويقولون بان هذا الاسلوب افضل من ضربهم، فهل هذا صحيح؟
بسمه تعالى: قلنا فيما تقدم ان الردع عن المنكر والتأديب لابد ان يكون ضمن المراتب المقررة فأولها: الحكمة والموعظة الحسنة ثم الزجر والتوبيخ ثم الضرب غير الجارح، وفي جميع الاحوال فلا مجال للسب والقذف بالالفاظ المشينة، فان الله ورسوله وامير المؤمنين (عليهم الصلاة والسلام) يكرهون السبابين الشتامين، خصوصاً اذا صدرت مثل هذه الالفاظ من المعلم الذي هو القدوة الاولى للاولاد فماذا تنتظر من هؤلاء الاولاد:
اذا كان رب البيت بالدف ناقراً
فشيمة ذاك البيت كلهم الرقص
فلابد ان يعي المعلمون اهمية موقعهم والمسؤولية الخطيرة الملقاة على عاتقهم.
بعض الافكار الضالة في كتب الدراسة
س/ هناك بعض المواضيع الدراسية التي تختلف مع الاتجاه العقائدي الصحيح للمعلم، فهل يجب عليه تدريسها، خصوصاً ان اغلبها مشمولة بالامتحانات العامة؟
بسمه تعالى: اذا درسها فليوضح للطلبة ما فيها من خلل ويعطيهم المعلومة الصحيحة، واذا لم يفعل ذلك فعليه اثم من تسبب هو في تضليله.
إكمال المناهج الدراسية
س/ يتكاسل اغلب المعلمين ولا يكملون المناهج الدراسية خصوصا الصفوف الاولية وينجح الطالب للمرحلة التالية فتكون معلوماته غير كاملة ويؤثر كثيرا على مستواه في المراحل اللاحقة، فكيف تحل هذه المشكلة برأي سماحتك؟
بسمه تعالى: ان اللجان المتخصصة بوضع المناهج الدراسية ملتفتة الى ان كل منهج لمرحلة معينة مناسب لتلك المرحلة وان اكماله ضروري لتهيئة الطالب الى المرحلة اللاحقة كما ان عدد المحاضرات لكل درس لابد ان يكون كافياً لاستيفاء المنهج الدراسي وعندئذٍ لا يبقى عذر للمعلمين في عدم اكمال المنهج الدراسي والتقصير في اعداد الطلبة من الناحية العلمية.
تحقيق النجاح بدفع المال
س/ طالب يحتاج الى بعض الدرجات ليحصل على النجاح ، فيدفع مبلغ معين لاستاذه لهذا الغرض، فهل هذا جائز لكلا الطرفين؟
بسمه تعالى: اشرنا الى ذلك في كتاب (فقه الجامعات) وقلنا: ان النجاح ينبغي تحقيقه وفق الطرق والضوابط الصحيحة الموضوعة لها حتى ينجح الطالب (بذراعه) كما يقال بالمثل الشعبي، اما اتباع الطرق الملتوية فانها تؤدي الى تضييع مستقبل البلد وتراجع الكفاءات العلمية فيه بعد فقدان التقييم الصحيح وسنخسر الكثير بسبب هذا التشويش ونحن نعلم ان اهم ما يريده الشارع هو بناء مجتمع يقوم على اسس صحيحة وقويمة، لذلك فانه يمنع اشد المنع من أي خرق او اعتداء على النظام الاجتماعي العام، فان المصالح الفردية مهما عظمت فانها تذوب وتضمحل اذا تعارضت مع المصالح الاجتماعية وقد شبه رسول الله (ص) ابناء المجتمع كراكبي السفينة لا يستطيع احدهم ان يقول هذه خشبتي واريد قلعها فان ذلك يغرقه هو وجميع راكبي السفينة، بل لابد ان ينضم جهده الى جهدهم ليعيش الجميع في سعادة ووئام واي انحراف يصدر من احد يمكن ان يستشري ويعم ضرره الجميع قال تعالى: (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً)، بل ان الفتنة والبلاء والضرر الذي يحصل بسبب انحراف المنحرفين تعم خسائره الجميع.
الغش في الامتحانات
س/ ما حكم الغش في الامتحان لطالب يرى من هو ادنى منه مستوى يحصل على درجات عالية بطرق ملتوية؟
بسمه تعالى: خطأ الاخرين لا يبرر خطأ الشخص، فما دام الغش منهياً عنه لما ذكرناه آنفاً فلا يسوغه ان الآخرين يحصلون على درجات لا يستحقونها بل يبقى محافظاً على استقامته ويكون عندئذٍ شوكة في عيون المنحرفين ليشعروا بالخجل والحياء امام انفسهم كلما نظروا اليه وقد جربنا ذلك في حياتنا اما لو انحرف هو وصار مثلهم فانه سيُضيع الحق والعدل ويُشجع على الانحراف، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ )، لذلك يؤنب القرآن من يرضخ لضغط العرف والتقاليد او بعض سلوكيات المجتمع المنحرفة، قال تعالى: (إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً).
غض نظر المعلم عن الغش
س/ يشترط بعض المدرسين مبلغاً معيناً مقابل غض النظر عن غش الطالب خلال الامتحانات العامة؟
بسمه تعالى: في الحديث: (من احب عمل قوم حشر معهم) وهذا المدرس ليس فقط احب هذا العمل، بل انه اخذ الاجرة عليه، فيكون مشمولاً بما ذكرناه اعلاه ولكي لا تكون الاجوبة المتقدمة خيالية او مثالية بعيدة عن الواقع المعاش فلابد من دراسة الاسباب التي ادت الى هذا الحال مع وضوح النتائج السلبية المترتبة عليه، والمعلم - كانسان مثقف راع- يعلم قبل غيره هذه النتائج لذا تراه لا يرضى هذه الافعال لاولاده، بل يحثهم على الجد والتحصيل حتى ينالوا الدرجات العالية والدراسات الرفيعة، فلماذا تصدر منه هذه التصرفات الآن وهي ليست معهودة في زماننا ولم تكن تحصل حينذاك، فاذا عرفنا الاسباب من خلال دراسة تحليلية أمكن وضع العلاج، فان تشخيص الداء نصف الدواء.
تعليم الطلبة على الرقص والغناء
س/ خلال بعض حفلات المدرسة تطلب مديرة المدرسة من الطالبات الرقص والغناء امام الحاضرين، فهل هذا جائز؟
بسمه تعالى: لا يجوز لاحد ان يأمر بمعصية الله تبارك وتعالى ولو فعل فلا يجوز للآخرين طاعته كائناً من كان للحديث المعروف: (لا طاعة للمخلوق في معصية الخالق)، ولان حق الخالق مقدم على حق غيره، فالغناء ونحوه من المحرمات وتغلظ الحرمة اذا كان بمحضر الرجال الاجانب، ومثل هذه المديرة خائنة للامانة التي اودعت عندها وقد امرها الله تعالى بان تؤدي الامانة امانة التربية والاخلاق وتهذيب النفوس لهؤلاء الطلبة الذين هم تحت رعايتها، وقد شدد الله تعالى على خيانة الامانة بجميع اشكالها ومستوياتها ومنها خيانة المسؤولية الملقاة على عاتقها والتقصير في ادائها ( إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ)،(وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ)،( إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّاناً أَثِيماً)، فمثل هذه المديرة خائنة اثيمة مطرودة من رحمة الله تعالى لا يحبها الله حتى تتوب وتقلع عن فعلها وتعود الى رشدها ولا تبقى ضحية النزوات النفسية والمجاملات غير المشروعة.
مدرس الرياضة للطالبات
س/ بعض المدارس يكون مدرس الرياضة فيها رجلاً فيطلب من البنات لبس (التراكسوت) وخلع الحجاب والا فالرسوب هو السلاح الذي بيده، فهل يجب عليهن طاعته؟
بسمه تعالى: وهذا ايضا خائن اثيم ومشمول بالكلام الذي قلناه قبل قليل والا فان وظيفته وتكليفه لا يقتضي المخالفة الشرعية وليس من حقه ان يجعل الرسوب عقوبة على ذلك، واذا كان الدرس يتطلب خلع الحجاب وليس التراكسوت وامثالها من المخالفات الشرعية فلابد ان تتصدى له امرأة وان لم تتوفر فاما ان يترك الدرس خصوصاً وانه ليس ضرورياً ولا ثمرة فيه او يقوم رجل بالشرح النظري وتوضيحه بالرسوم مثلا مع احتفاظ الطالبات بحجابهن ثم مغادرة المكان وترك الطالبات يؤدين التمرين لوحدهن او اختيار مشرفة من بينهن لتقييم ادائهن، ويمكن التفكير في حلول اخرى فان من يخلص النية لله تبارك وتعالى فان الله لا يخذله (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ)، اما الابقاء على هذا الحال الموصوف بالسؤال فلا احد يستفيد منه الا الشيطان والنفس الامارة بالسوء ولا ينصاع هذا المدرس لشهواته ونزواته فانها ترديه وتهلكه وليتذكر - ان كان شريفاً - هل يسمح له شرفه ان تؤدي ابنته او اخته او زوجته هذه الافعال امام الاجانب، وينبغي مراجعته كتاب (الرياضة المعاصرة في الفكر المعادي للاسلام) و (رفقاً بالرجال يا قوارير) ليعي المجتمع كيف ان الكفار صدروا الينا بضاعتهم البائسة الخسيسة من انحلال وفساد وانحراف تحت مسميات براقة لتنطلي على السذج كعنوان الرياضة او الفن ونحوهما.
الاختلاط في غرفة المعلمين
س/ في اغلب الاحيان يكون الملاك التدريسي للمدرسة مختلطاً، وغالباً ما يجتمع المدرس مع المدرسة لوحدهما بسبب ذهاب الآخرين لدروسهم حسب الجدول، فهل هذه الخلوة جائزة؟
بسمه تعالى: ينبغي عزل المدرسين عن المدرسات خصوصاً وان الغرف في المدرسة كثيرة ويمكن هذا العزل، ولو حصل اختلاط فلابد ان يكون ضمن التعاليم والآداب الشرعية من حيث مراعاة الحجاب وعدم الخضوع في الكلمات على تعبير القرآن (فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ )، ومن دون حصول خلوة بين الاجنبي والاجنبية كما يحصل عند مغادرة المدرسين لاداء وظيفتهم ويبقى المخلفون.
نصيحة الى المعلمين والمدرسين
س/ نصيحة يقدمها سماحتك للمعلمين والمدرسين تنفعهم في الدنيا والآخرة.
بسمه تعالى: ينبغي على الجميع معرفة خطورة الموقع الذي يتصدى له (المعلم) بكل اشكاله ابتداءً من الابتدائية حتى الاستاذ الجامعي فانه مشمول بالحديث الشريف: (كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته) ومنشأ هذه الاهمية عدة امور:
1- قوة فرصته في التأثير في الطلبة - فموقعه ليس كالأب ولا كالأخ الكبير ولا كالجد ولا غيرهم - وان اعطاءه هذه الفرصة من قبل الله سبحانه وتعالى له امتحان ليرى هل يحسن الاستفادة منها ام لا فان ادى واجبه تجاههم وقام بمسؤولية كاملة كانت هذه الفرصة سبباً لنيل الكرامة عند الله سبحانه ما كان ليحصل عليها لولا هذا الموقع وان اساء والعياذ بالله كانت وبالاً عليه.
2- ان من شأن الطالب الانجذاب الى استاذه والتأسي به والاقتداء، وتقليده في افعاله واقواله ويتفاوت هذا الانجذاب بحسب قوة شخصية الاستاذ ومقومات تأثيره في الآخرين فاذا كان المعلم صالحاً كانت طلبته كذلك وان لم يتفوه بكلمة، وهذا معنى قولهم (عليهم السلام): (كونوا لنا دعاة صامتين) - أي دعاة بسلوككم - وان كان منحرفاً وتصرفاته ليست مستقيمة كان سببا لسقوط طلابه، وفي الحديث (من سن سنة حسنة فله اجرها واجر من عمل بها الى يوم القيامة، ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها الى يوم القيامة).
3- ان المسؤولية تتعاظم كلما اتسعت دائرتها والاستاذ يكون مسؤولاً عن اجيال عديدة من الطلبة ويربي في الموسم الواحد مئات منهم، لذا كان على الاستاذ ان يعي دوره اولاً ويسعى لاداء مسؤوليته كاملة لانها امانة في عنقه وقد امرنا برد الامانات الى اهلها غير منقوصة، فان احسن في صيانتها نال كفلين من رحمة الله سبحانه وان اساء - والعياذ بالله - نال ضعفين من العذاب، وما اظن احد تعرض عليه هذه الفرصة الثمينة والتجارة الرابحة مع الله سبحانه ويدعها ليخسر دنياه وآخرته.
ان الاستاذ يعتبر القطب والمركز الذي يجمع الطلبة وتلتقي عنده الخطوط بمختلف اتجاهاتها، فيجب ان يكون مستوعباً لهم جميعاً، وهذا يتطلب فيه اوصافاً عديدة: الايمان الراسخ، الثقافة الواسعة، التمكن من اختصاصه العلمي، رحابة الصدر، الشجاعة، الحزم، الرحمة والرفق، الكياسة وحسن التصرف، وليس هذا تسطير للكلمات، بل لان كل صفة من هذه تمثل جهة من شخصيته المتكاملة والتي بها يستطيع ان يدبر دفة طلبته بنجاح وينال سعادة الدارين.
وانني اذ اقول هذا، اعلم انه متعرض لعدة ضغوط:
اولها: من الداخل (نفسه الامارة بالسوء) التي تدعو الى الاغترار بعنوانه الكبير وتشعره باهميته وانه فوق الآخرين وهذا مفتاح الشرور والرذائل الخلقية كالعجب والرياء والحسد والحقد على الآخرين والاستهانة بهم وغيرها من المهلكات التي تتجلى له بصور مرعبة حينما تبلى السرائر وتتكشف الحقائق وتظهر البواطن.
ثانيها: ضغط المجاملات والاعراف (الاتكيت) الذي يحتاج الى شجاعة وحزم للوقوف ضد المنحرف منها وغالباً هو من هذا النوع وهو مما يؤسف له، فعليه - وفق هذا العرف المنحرف - ان يختلط مع الجنس الآخر وان يرتاد النوادي وان يشرب معهم ويغني ويرقص وان يتبادل الضحكات والبسمات غير الشريفة وكأن لسان حاله (إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ)، وكأنه خلق عبثاً ولا غاية وراء وجوده الا اللهو الباطل .
فعلى الاستاذ ان يهذب نفسه ويراقبها دائماً ويتحلى بكل خلق فاضل وان يسعى لتطوير قابلياته العلمية فانها جزء مهم من مقومات شخصيته وقابليته على التأثير في الآخرين وليكون صورة مشرقة للانسان المؤمن من جميع الجهات.
ولا اعتقد ان الاستاذ سيسخر شيئاً لو كان كذلك، نعم، ربما تنازل عن بعض شهواته ونزوات نفسه الامارة بالسوء لكنه سيعيش لذة الانتصار على هذه النفس التي وصفها الحديث الشريف: (اعدى اعدائك نفسك التي بين جنبيك) وسيعيش السمو والترفع عن الحيوانية الهابطة، وانما يحسده غيرها ممن لم يمتلك هذه الشجاعة فلانهم لم يستطيعوا ان يرتفعوا مثله فيحاولون ان يخفضوه مثلهم:ا
ن يحسدوك عــــــلى علاك فانما
متسافل الدرجات يحسد من علا
ان طاعة الله تجارة رابحة ليس فيها خسارة وتكاليفها ايسر من تكاليف طاعة النفس الامارة بالسوء او غيرها من العناوين التي تطاع من دون الله سبحانه، وهذا الكلام يدركه الاساتذة اكثر من غيرهم ، فقد خلقت الجاهلية المعاصرة اصناما جديدة تصدر الاوامر وعلى الانسان التائه المتعب المهزوم نفسيا الخاوي روحياً من سكينة الايمان وطمأنينته وسعادته، على هذا المسكين ان يطيع ولي الاوامر، وعلى رأس هذه الالهة المعاصرة: دور الازياء وصالونات التجميل وصناعة المساحيق التي تجعل النساء لاهثة وراءها لتصب الملايين في جيوب الغرب الكافر بعد ان اوحى شياطينه الى هذه الالهة الجديدة، ولا تستكثر علينا تسمية هذه الآلهة فانه مفهوم قرآني قال تعالى: (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ)، وقال تعالى: (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ)، وفسرها الامام (عليه السلام): بان اتخاذ الارباب بمعنى انهم امروكم فاطعتموهم من دون مراعاة لامر الله سبحانه وهذا هو عين العبادة.
ان الشهادة الجامعية وحدها لا تكفي لتكوين شخصية الاستاذ فهذه الحضارة الغربية العوراء تنظر بعين واحدة هي عين التطور التكنلوجي وتنسى النظر بالعين الاخرى وهي الاخلاق فعمت ويلاتها البشرية كلها واصبح ضحاياها ملايين البشر ومليارات الدولارات.
ان الله سبحانه عندما شرع للبشر ديناً وسننا وقوانين لا يريد من وراءها شيئاً سوى تنظيم حياتهم واصلاحها لهم لانه خالقهم وصانعهم فهو الاعرف بما يصلحهم، فلماذا نترك هذا الصانع الخبير الرحيم بعباده ونتيه بين مخلوقات لا تملك لانفسها ضراً ولا نفعاً، اقرأ في الدعاء: (الهي ماذا فقد من وجدك، وماذا وجد من فقدك) حقاً ان من اتصل بالله سبحانه وتقرب اليه لا تبقى عنده قيمة لاي شيء لانه يسمو فوقها جميعاً، واذا ابتعد عن الله سبحانه فسيظل خائباً خاسراً لا يعوضه شيء عنه تبارك وتعالى.
* ملاحظة : المصدر : كتاب (زيارة مدرسة) حوارية مع سماحة الشيخ اليعقوبي