تنبيه الأمة الى تقصيرها في امتثال آية النفر الى الحوزات العلمية

| |عدد القراءات : 2118
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

تنبيه الأمة الى تقصيرها في امتثال آية النفر الى الحوزات العلمية

 

 قال تعالى: (فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ)، (التوبة: من الآية122).

 

والآية تحث المؤمنين على النفر إلى حواضر العلم ومعاهد الدراسة لتحصيل الاحكام الشرعية والمعارف الالهية التي ترشد الامة إلى طاعة الله تبارك وتعالى وتأخذ بأيديها نحو الكمال وقد جعلت نسبة تنتدبهم الأمة للتفرغ إلى تحصيل العلم ان تنفر من كل فرقة طائفة فاذا التزمنا ان تعداد الفرقة هي بضعة آلاف واقل عدد يصدق عليه طائفة في اللغة ثلاثة فتكون نسبة من يتخصص لتحصيل العلم في الحوزات العلمية الشريفة هو واحد بالألف وهي نسبة معقولة جدا فان لكل الف انسان تكون من الضروري ان يوجد لهم عالم ديني يوجههم ويرشدهم ويزكيهم ويطهرهم ويعلمهم الكتاب والحكمة هذا هو مقتضى الحث الالهي الاكيد فكم هو تقصير الامة في الامتثال له وكم هي ظالمة لنفسها في عدم الاستجابة لهذه الدعوة الالهية حيث لا يوجد في المحافظة التي يصل تعداد سكانها مليون انسان إلاّ خمسة أو عشرة والمفروض ان يكون فيها الف من الدعاة إلى الله تبارك وتعالى والادلاء على طاعته.هذا بحسب التكليف العام ويضاف على اهل العراق خاصة تكليف اضافي ذلك بان انظار العالم كلها متوجهة اليهم والى حوزتهم المباركة لما لها من سمو روحي وابداع علمي، تطلب منهم العلماء والمفكرين والخطباء والكتاب مما يجعل الحوزة العلمية في النجف الاشرف توسع من شعورها بالمسؤولية تجاه العالم كله.هذا  ما دعانا - كواحدة من الخطوات العملية لتحمل هذه المسؤولية الالهية - إلى نشر الحوزات العلمية النظامية في محافظات القطر من خلال تأسيس فروع جامعة الصدر الدينية ذات النظام والمفردات العلمية المواكبة لتطور العلم والفكر وتجدد التحديات والآليات واذا كان عذر كثيرين هو عدم القدرة وتوفر الظروف للدراسة في النجف الاشرف فها هي الحوزة العلمية المباركة جاءتكم تقدم خدماتها لكم فلماذا التقصير وعدم الاستجابة؟!ان كثيرين يتحدثون عن الخلل القيادي في المرجعية الدينية أو سوء الادارة وتوزيع الاموال أو ضعف الخطاب الدينية أو تصدي حوزويين غير قادرين على التعاطي مع واقع الامة المعقد بمشاكله وهمومه وقضاياه وآماله، وهذه الكلمات وغيرها قد تكون صحيحة بدرجة من الدرجات وحينئذٍ يكون دور الشباب الرسالي والطليعة الواعية للامة ان تلتحق بالحوزات العلمية وتجدّ وتجتهد في تحصيل العلوم الدينية والمعارف الالهية والاتجاهات الفكرية حتى الوصول إلى اسنى الدرجات أعني التأهيل للمرجعية الرشيدة والقيادة الحكيمة لتساعد على تجاوز هذا الخلل وهذا الضعف فان وجود العنصر النظيف الكامل القوي في أي ساحة سوف لا يبقي مجالا للعناصر الضعيفة غير القادرة على تحمل المسؤولية وسوف تتحول الامة إلى من هو الافضل والاكفأ والاقدر وان طال الزمن. أما الانزواء والاكتفاء بالنقد فهذه حالة سلبية لا توصل إلى حل بل تبقي الخلل والنقص على ما هو عليه حتى يتجذر في واقع الامة ويؤدي امرها إلى الضياع. وليعلم العاملون الرساليون ان مشروعهم سيلقى معارضة شديدة وحربا شعواء من الدنيويين المنتفعين بالحالة الموجودة لانهم يعلمون ان النور يطرد الظلام والحق يطرد الباطل ولا يبقى له وجود وان لم يتفوه بكلمة لكن عطاءه الثرّ والفاعل في حياة الامة سيسحب البساط من تحت اقدام المعسكر الآخر وهذا الذي كان يدعو الطغاة إلى محاصرة الانبياء والرسل والائمة (عليهم السلام) والعلماء والهداة والقضاء عليهم رغم انهم لا يجدون عندهم جيشاً ولا سلاحاً ولا اموالاً لكنهم يعلمون ان وجودهم المبارك الذي يفيض اشراقاً على الامة سوف لا يبقي احدا يلتفت إلى اولئك الفارغين العابثين المتسلطين بغير حق. ان اصلاح حالة البلد وازدهار الامة ورقيها لا يقوم به إلاّ اهله الذين عاشوا معاناته وفهموا قضاياه واستوعبوا آماله لانه جزء منه فيستطيعون التفاعل مع مطالبه وبنفس الوقت تكون الامة قد عرفت تاريخهم وجهادهم وعملهم الدؤوب لنفع الامة واختبرت مواصفاتهم الشخصية وهكذا كان الانبياء والرسل (ع) يختارهم الله تبارك وتعالى من قومهم (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ)، (الجمعة: من الآية2)، (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ) (التوبة:128) ، فقد لبث رسول الله (ص) في قومه اربعين سنة عرفوا فيها صدقه وامانته وطهره ونزاهته وترفعه عن الدني من الاقوال والافعال . فليأخذ العراقيون لانفسهم هذا الدرس ويستوعبوه ويأخذوا بمقتضاه . أسأل الله تعالى ان يجد ندائي هذا ودعوتي المخلصة هذه آذاناً صاغية (وتعيها اذن واعية) عند الشباب المخلصين والنخب الواعية وينهضوا بهذه المسؤولية المباركة فانها تجارة لن تبور .

 

 

 

ش