الاستفتاءات
الاستفتاءات
الفقه والمجتمع
(تجارة الألبسة المستخدمة)
بسمه تعالى : انتشرت في اسواقنا منذ سنوات قليلة جداً ظاهرة بيع الملابس المستعملة (البالات) وهي تحتوي على مختلف أنواع الملابس للصغار والكبار على حد سواء ، وإن كثيراً من المؤمنين يعملون في بيع وشراء وتصريف هذه الملابس ، وقد أشاع البعض ومنهم ممن يتنسب للحوزة العلمية الشريفه (حفظها الله من كل مكروه ) بأن العمل بهذه (البالات) حرام والشراء منها إعانة على الإثم لأنها من بلدان غربية غير معروفة . فنضع أمام سماحتكم هذه الاسئلة سائلين المولى ان يديمكم لنا نوراً تضاء به الظلمات ودليلاً ترفع به الشبهات .. إنه نعم المولى ونعم النصير …
1 . ما هو رأي الشارع المقدس في العمل بـ ( بيع وشراء وتصريف ) هذه البالات ؟
2 . هل يجب على المشتري الاحتياط بغسل الملابس قبل استعمالها خصوصاً للصلاة فيها ؟
3 . هل يجب على من يشتري هذه الملابس دفع خمس قيمتها او التصدق بشيء باعتبار أنها من ( مجهول المالك ) حتى لو كان هذا المشتري ممن يحاسب نفسه كل سنة ؟
4 . يصادف أن يجد المشتري أموال او مواد أخرى في جيوب بعض الملابس ، فكيف يتصرف بها إذا كان : أ- اشتراها من المستورد الرئيسي .
ب - اشتراها من البائع فرعي .
بسمه تعالى : تجارة الألبسة المستعملة ظاهرة طبيعية في البلدان التي تضعف قدرتها الشرائية عن توفير احتياجاتها من الألبسة الجديدة او المصنعة ، فلا إشكال إذن في أصل العمل من ناحية شرعية ولا أجد فيها معاونة على الإثم حتى لو كان مصدرها دولة كافرة إلا الدول التي هي في حالة حرب مع الإسلام وتكيد للمسلمين فإن كمطلق التعامل معها محرم إذا كان فيه دعم لها ولكن يجب الحذر - كما هو دأبي التنبيه الى مكائد الغرب ودسائسه ووسائله الشيطانية في إدخال الأذى والضرر مادياً ومعنوياً على المسلمين - من هذه الملابس فقد تتخذ واسطة لنقل بعض الأمراض المعدية خصوصاً في مثل الألبسة الداخلية مع ما نسمع بكثرة ابتلائهم بالمرض الفتاك نقص المناعة أو (الإيدز ) ، أو تسبب في إحداث أضرار أو تلف في بدن من يلبسها كالأحزمة علامة التفاحتين التي تحتوي على حلقه معدنية فيها مواد كيمياوية تسبب أضرار صحية وقد تسبب العقم خصوصاً وإن موضعها عند اللبس اسفل البطن وسواء صحت هذه الأقوال او لم تصح فإن هذا كله متوقع منهم وممكن بل واقع بشكل أو بآخر . فإنهم كانوا وما زالوا يكيدون للإسلام والمسلمين ويبغون لهم الغوائل حتى يردوهم عن دينهم إن استطاعوا ( ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء ) - النساء/89 - لكن المسلم الواعي الحريص على هذه الجوهرة الثمينة التي يمتلكها والتي هي خير من الدنيا وما فيها والتي تثير حسد الأعداء وحقدهم وهي (الإسلام ) لا يغفل عن دسائسهم بلطف الله تعالى ورعايته .
لأجل هذا كان من الضروري الحذر في التعامل بما يردنا منهم (ومنها الألبسة المستعملة) بل ان الحذر يتأكد في مثل هذه التجارة لزيادة احتمال الضرر والفساد وعلى جميع الأطراف المشاركة في هذه التجارة او التي من مسؤوليتها الإشراف عليها كوزارتي الصحة والتجارة او اللجان ذات العلاقة التابعة لمختلف المؤسسات الرسمية ومختبرات الفحص والسيطرة النوعية وكذا تجار الجملة وباعة المفرد والمستهليكن أيضا فتضع اللجان المختصة تعليمات للمستهلكين وللتجار يحددون مناشء الاستيراد وشروط التعامل وإجراءات الوقاية التي ينبغي اتخاذها وهكذا . وأرجوا ان أجد لهذا الخطاب الصادر من الحوزة الشريفه الأب المعنوي للمجتمع آذاناً صاغية من الجميع . بعد هذه المقدمة أدخل بإذن الله تعالى في جواب الأسئلة المعروضة على الترتيب :
ج 1/ لا بأس بالتعامل بها خصوصاً في مثل الظروف التي يمر بها بلدنا من أنهاك إقتصادي وضعف في مدخول الفرد وقدرته الشرائية وقلة فرص العمل لا يستثنى من ذلك إلا الحالات التي تحرم لعناوين ثانوية كدعم الدولة التي تعادي الإسلام والمسلمين او ان يكون في استعمالها ضرر على المسلمين .
ج2/ الأفضل غسلها بالماء الساخن مع شيء من الكلور المعقم ثم بالماء المطلق لدفع احتمال النجاسة بل ان هذا الاحتمال يصل الى حد الجزم واليقين في مثل الألبسة الداخلية ونحوها وقد نبهت قبل قليل الى ضرورة تصدي الجهات المختصة لوضع تعليمات للمستهلك والتاجر وبشكل عام على المسلم تطهير الملاقي لها برطوبة مسرية او يريد لبسه في الصلاة إلا اذا كان في تطبيق هذا الحكم حرج عليه وكانت النجاسة محتملة وليست أكيدة فيستطيع إجراء قاعدة الطهارة ( كل شيء لك طاهر حتى تعلم بنجاسته).
ج3/ قد يكون لواجب الخمس منشأ في فتاوي الفقهاء (قده) إلا أن المكلف مأذون باستعمالها من دون دفع الخمس إذا كان ممن له رأس سنة خمسية وإذا حل رأس سنته وهي فائضة عن الحاجة وجب تخميسها على القاعدة .
ج4/ إذا احتمل انها للبائع ووقعت صدفة داخل هذه الملابس وجب تعريفها لدى البائع فإن عرفها واعطى علامتها فهي له وإن لم يحتمل ذلك بأن اطمأن الى أنها من مخلفات مالك الألبسة الأصلي أي مستعملها فهنا تفصيل فإن كان منشأ استيراد الألبسة دولة غير مسلمة فيخمس المبلغ ويأخذ الباقي وإن كان المنشأ دولة مسلمة دفع المبلغ الى الحاكم الشرعي أو يستأذنه في توزيعه على المؤمنين المحتاجين وإن كان هو منهم فليستأذن في صرف بعضه أو كله على نفسه . وهنا اود الإشارة الى بعض النقاط التي لم ينبه عليها السائل ومنها :
1 . ان الالبسة المستعملة المقصودة بهذا الخطاب هي المستوردة من الخارج أما المشتراه من داخل البلد فتختلف احكامها من بعض الجهات كاللقطة الموجودة فيها اواحتمال كونها مسروقة وفيما أذا ادعاها أهلها وهكذا.
2 . لا يترك الاحتياط في اجتناب الملابس التي يكون احتمال الضرر فيها كبيراً كالملابس الداخلية لتفشي أمراض خطيرة عندهم بسبب ممارستهم للفواحش بكثرة ومن المظنون جداً أنهم يصدرون إلينا هذه المصائب بشتى الوسائل كما ان الحكم بنجاستها أكيداً 3 . على البائع المفرد ان يلتفت الى عدم جواز بيع الالبسة الخليعة والمثيرة للشهوة والتي توجب الفتنة وتبدي زينة المرأة الى النساء المتبرجات اللواتي لا يتورعن عن الظهور بمثل هذه الالبسة فيكون البائع شريكاً لها في الإثم حيث وفر لها مقدمتها ، أما بائع الجملة فالإشكال عليه أقل لكن عليه وجوباً آخر وهو الفات نظر بائع المفرد الى هذا الحكم الشرعي . 4 . الظاهر عدم ضمان العيب على بائع الجملة لو ظهر عيب في بعض قطع ( البالة) لأنه باع جملةواحدة ويعبر عنه فقهياً مع عدم ضمان شرط الصحة والمرتكز في الذهن تبريه من العيوب أي انه باع بشرط عدم تحمله لضمان أي عيب يظهر لاحقاً وهذا من مسقطات الضمان والخيار أي الحق في فسخ المعاملة . أما البائع المفرد فلكي يتخلص من الضمان عليه ان يتبرأ أمام المشتري من العيوب المحتملة ويبيع له (الموجود ) أمامه من دون أي مسؤولية . أشكر الله سبحانه على انتشار الوعي الديني لدى ابناء المجتمع والتفاتهم الى تحكيم الشريعة في كل تفاصيل حياتهم وانها لعمري نعمة كبيرة تسر قلب الإمام المهدي عليه السلام وتعجل بظهوره فالحمد لله أولاً وآخراً .