من إصدارات المكتب الإعلامي لسماحة الشيخ اليعقوبي (دام ظله) : كتاب : من وحي الغدير
من إصدارات المكتب الإعلامي لسماحة الشيخ اليعقوبي (دام ظله) : كتاب : من وحي الغدير
هذا الكتاب مجموعة محاضرات لسماحة الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله) تتناول موضوع الغدير وما يحيطه من ملابسات والتي اهمها :
1-الوحدة الاسلامية بين الواقع والتصور.
وتمثل هذه الوحدة احد اهم الخصائص التي ذكرها القرآن الكريم والسنة النبوية. وذلك في قوله تعالى (ان هذه امتكم امة واحدة وانا ربكم فأعبدون)، وفي قول الرسول (ص) : المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً.
ولقد اكد الرسول محمد (ص) على اهمية الالفة والاتحاد منذ اللحظات الاولى لدخول المدينة المنورة ونفذ ذلك عملياً في حركة التآخي الفريدة، فآخى بين المهاجرين والانصار، وبين الانصار انفسهم، والمهاجرين انفسهم.
فعلى علماء الاسلام الواعين ان يتحملوا مسؤولياتهم في طرح الموضوعات النافعة ومعالجة القضايا التي تخص المسلم المعاصر، وعلى المؤسسات الدينية والحوزات العلمية ان تتحاشى وبجدية حالة الفرقة والتمزق من خلال وضعها للاهداف الكبيرة امامها واستعدادها للتفاهم والحوار مع الآخرين.
ولقد أولى ائمة اهل البيت (ع) اهمية كبرى للوحدة الاسلامية، واننا نلاحظ في دراستنا لسلوكهم العملي انهم كانوا ينطلقون مع المسلمين كلهم في الانفتاح الواسع في علاقاتهم الثقافية والاجتماعية، وكانت مجالسهم تضم الناس المختلفين في افكارهم ومواقعهم من دون ان تجد أي عقدة او مشكلة.
2- كيف خطط رسول الله (ص) للخلافة من بعده ؟
ان الامامة وولاية امر الناس ضرورة اجتماعية لا يختلف فيها اثنان وقد اطبق عليها جميع العقلاء ولا يمكن لحياة المجتمع ونظام معاشه ان يستقيم بدون إمام ورئيس يدير شؤون الامة، وقد اهتم رسول الله (ص) بهذا الامر بدقة فكان لا يخرج سرية الا عليها امير مهما قلَّ افرادها.
وهذه امور يدركها كل عاقل فلا يعقل ان رسول الله (ص) لم يلتفت اليها وهو المتصل بسبب الى الله تبارك وتعالى. وكيف لا وهو اكمل العقلاء وسيد الحكماء وهو بعينه يرى الاخطار المحدقة بالامة من الداخل والخارج فكانت كل المصاعب والتحديات التي تواجه الامة بعد وفاته (ص) نصب عينه وهو صاحب القلب الرحيم الذي نذر حياته لله تبارك وتعالى ولاصلاح الانسانية وانقاذها من الظلمات، فكيف يترك امر الامة سدى ؟!
ولعظمة هذه المسألة واهميتها فقد كان التخطيط والتمهيد لها يؤرق عيني رسول الله (ص) فأنه يخشى ردود الفعل، لأن رواسب الجاهلية لم تنمحِ من ذاكرة الامة والتعصب ما زال يتحكم فيها. حتى أذن الله تبارك وتعالى له بالتبليغ بل أمره به وطمأنه من مخاوفه ثم جعل يوم الحسم هذا أعظم عيد في الاسلام ففيه كمل الدين وتمت النعمة بعقد البيعة والولاية لأمير المؤمنين(ع) في يوم الغدير الذي هو أعظم الاعياد الاسلامية على الاطلاق. وان عظمة هذا اليوم لها مناشئ عديدة فهو :
أولاً : يوم الطمأنينة على بقاء الرسالة واستمراريتها بعد ان انتقل ارتباطها من شخص رسول (ص) فيمكن ان تموت بموته الى نوع رسول الله (ص) أي الى كل من تجمع فيه صفات وشروط الامامة.
ثانياً : وهو يوم الانتصار النهائي على مكائد الاعداء الذين لم يبق في جعبتهم من سلاح الا موت رسول الله (ص) لتنتهي دعوته.
وهو يوم حماية الامة من التشتت ومن الضياع ويوم صيانتها من الانحراف، وهو يوم امان الارض ومن عليها من الفناء. لما ورد في الحديث (ان الارض لا تخلو من حجة ظاهر او مستور ولولاه لساخت الارض بأهلها).
3- وماذا خسرت الامة بتضييعها وصية رسول الله (ص) ؟
أي ما هي النتائج السلبية المترتبة على تولية غير صاحب الحق الشرعي ؟
1-تصدي اناس غير مؤهلين لامامة الامة لان أي رسالة لا بد ان يكون حاملها مستوعباً لها بشكل كامل فهماً وتطبيقاً.
2- فتح باب الاجتهاد مقابل النص أي الحكم والتشريع بالآراء الشخصية خلافاً للنص الالهي.
3ـ عرقلة تربية الأمة وتكاملها .
4ـ تمزق الأمة وتشتتها وتفرقها شيعاً .
5ـ عزل الدين عن ادارة الحياة بكل ابعادها وتفاصيلها واقتصاره على الطقوس التعبدية والشؤون الفردية .
4ـ دور الأئمة عليهم السلام في مواجهة الانحراف .
لماذا لم يلتزم الأصحاب ببيعة الغدير ؟
والجواب أنه نزاع الجاهلية ، جاهلية قريش وعصبيتها ، فإن القوم لم تزل فيهم تلك النعرة ، ولكن مع هذا الانحراف لم يكن أمام أمير المؤمنين عليه السلام ثم من بعده الحسنان فباقي الأئمة عليهم السلام الا أحد الطريقين من أجل محاولة ارجاع الأمة الى طريقها الصحيح .
الأول : التصدي للإنحراف الذي حصل لمسار الأمة وذلك عن طريق اعداد طويل المدى وتهيئة الظروف الموضوعية الملائمة لممارسة ذلك التصدي .
الثاني : ويكون في حالة عدم تهيئة الظروف الموضوعية للطريق الأول ، وهنا يقوم المعصوم عليه السلام بالعمل على ترسيخ عقيدة الإسلام لدى ابناء الأمة ورد الشبهات المنحرفة ما الى ذلك من الأمور .
والحمد لله رب العالمين .