خطاب المرحلة (592) جامعة المذاهب الإسلامية مشروع ناهض للوحدة الإسلامية وللحد من مخاطر التكفير والتطرف الفكري والديني
بسمه تعالى
جامعة المذاهب الإسلامية مشروع ناهض للوحدة الإسلامية وللحد من مخاطر التكفير والتطرف الفكري والديني
استقبل([1]) سماحة المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله) بمكتبه في النجف الأشرف رئيس جامعة المذاهب الإسلامية سماحة آية الله الشيخ محمد حسين مختاري (دامت بركاته) وعدد من مساعديه ومستشاريه.
وقدم سماحة الشيخ مختاري عرضاً موجزاً عن اهداف تأسيس الجامعة وطبيعة الدروس ومناهج التدريس فيها وعدد فروعها في داخل الجمهورية الاسلامية وخارجها واعداد الطلبة المسجلين لديها من الشيعة والسنة.
من جانبه أشاد سماحة المرجع الشيخ اليعقوبي (دام ظله) بالدور الذي تضطلع به جامعة المذاهب الاسلامية وبالنشاطات التقريبية التي تقوم بها في عدد من الدول.
وذكر سماحته (دام ظله) ان الإسلام هو دين الاعتدال والوسطية (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطا) (البقرة:143) ويعتمد أسلوب الحوار والحجة والبرهان واحترام الآخر والعدالة بين جميع البشر، والشواهد على ذلك كثيرة من القرآن الكريم وسنة المعصومين (^)، ومن الشواهد التاريخية ما كانت عليه الأجواء العلمية والاجتماعية السائدة في بغداد باعتبارها عاصمة التقريب والتعايش بين الأديان والمذاهب حتى الملحدين، وبقيت على ذلك إلى أيام الشيخ المفيد والشيخ الطوسي (قدس الله سرهما) وقد تسنّما رئاسة كرسي الكلام على جميع المذاهب آنذاك حيث عاش المسلمون جواً تقريبياً وتعايشاً مذهبياً مميزاً قبل حصول الفتنة وانتقال الشيخ الطوسي الى النجف الاشرف، لافتاً الى ضرورة فهم فقه العامة والإحاطة به للوصول الى نقاط التقارب وفهم طريقة الائمة المعصومين (^) في معالجة المسائل الخلافية، وهو اسلوب اعتمده سماحة المرجع اليعقوبي في بحثه الفقهي الموسوم (فقه الخلاف)، تأسيساً على قواعد المدرسة التي انشأها السيد البروجردي (قدس سره).
وقال سماحته: لقد أكدت في كلماتي السابقة على ضرورة الدخول الى عمق التفكير التكفيري ومعالجة مكامن الخطر فيه.. لأن التكفير والتطرف ليس فعلاً أو حدثاً، وإنما هو ثقافة وفكر مبني على أسس تدفع الاخر للقيام بأفعال معينة معادية ذات طابع عدائي، فلابد من معالجة وتفكيك بنيته الفكرية وخلق ثقافة مضادة له، والتنبيه والتعريف بحجم الاخطار المحدقة بالدين الاسلامي والبلاد الاسلامية.
وتابع سماحته: ان التجربة الرائدة لجامعة المذاهب بكل تفاصيلها ومن خلال العلوم والمعارف التي تدرّس فيها والتي تسهم في نشر الوعي وتقريب وجهات النظر وتسهم أيضاً في كشف حجم المؤامرة التي تحاك ضد الامة الاسلامية من أجل تفكيكها وتمزيقها وهدر امكانتها المادية والبشرية لإضعافها والهيمنة عليها.
وأكد سماحته على أهمية تعزيز ثقافة التقارب والتعايش المذهبي ونشر هذه المبادرات والمشاريع المباركة وتنمية وترويج الثقافة المناهضة للتطرف والتكفير خاصة في البلدان التي استهدفتها هذه المؤامرة وطالتها الاجندات المسمومة.
كما أعرب سماحته عن أمله بأن لا يفهم من إقامة هذه المشاريع على انها ترويج للتـشيـع -لأن القضية أكبر وأخطر من ذلك بكثير- وانما جرياً على سيرة الائمة (^) فقد كانوا حريصين على تبصرة المسلمين وتوعيتهم وتقديم النصح والإرشاد لهم من دون دعوتهم الى الدخول في التشيع او استمالتهم الى مذهبهم مما يؤدي الى استفزاز الاخر لاتخاذ اجراءات معادية لا سمح الله، وهم (^) يعلمون ان الحق لو وصل الى الناس بشكل واضح فانهم سيتبعونه بأذن الله تعالى كما قال (×) (فإن الناس لو علموا محاسن كلامنا لاتبعونا)([2])
هذا وأثنى سماحة آية الله مختاري على موسوعة (فقه الخلاف) وهي تقريرات لدروس البحث الخارج التي يلقيها سماحة الشيخ (دام ظله) منذ 12 عام والتي توصل فيها سماحة الشيخ (دام ظله) الى نتائج فقهية من شأنها ان تعالج بعض منعطفات الخلاف مع العامة وتحلحل بعض العقد.
في نهاية اللقاء تشكر الوفد الضيف على حفاوة الاستقبال وأعرب سماحة الشيخ مختاري (دامت بركاته) عن رغبته بإدامة التواصل بين الحواضر العلمية والعلماء الأعلام من أجل النهوض بمستوى الامة الاسلامية ودفع الاخطار عنها لتكون بمستوى مواجهة التحديات التي تواجهها بأذن الله تعالى
هذا ويذكر ان سماحة المرجع (دام ظله) كان قد ذكر في احد خطاباته([3]) على المشروع الناهض لجامعة المذاهب الإسلامية ودعا للاستفادة منه واستثماره.
([1]) - الأربعاء 25/شعبان/1440 الموافق 1/5/2019 م
([2]) بحار الأنوار: ج ٢ –ح13
([3]) خطاب المرحلة (210)... تنشيط القطاع الخاص والمواجهة الحضارية 1429 المصادف 9/12/2008.