خطاب المرحلة (564) مسؤوليتنا عن عالمية الإسلام والنهضة الحسينية

| |عدد القراءات : 829
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save
 

بسمه تعالى

مسؤوليتنا عن عالمية الإسلام والنهضة الحسينية([1])

عطاء الامام الحسين (×) ليس مختصاً بالشيعة فقط ولا بالمسلمين فقط وانما هو معين تنهل منه الإنسانية جميعا وهذه ليست دعوى ندعيها بل هي حقيقة شهد بها قادة وعلماء ومفكرون وادباء من امم شتى وبلغات مختلفة وكلماتهم في ذلك معروفه واشعارهم مشهوره.

وهذه الحقيقة تحملّنا نحن الموالين للحسين (×) و الذين نعرف شيئاً من عبق الحسين (×) مسؤولية ايصال هذه الرسالة المباركة الى سائر الامم بأجيالها العديدة و بلغاتها الكثيرة و اذا قصّرنا في ذلك فان تلك الامم سواء كانت في مجاهل افريقيا او غابات الامازون  او حواضر الغرب والشرق قد توقفنا للشكوى و السؤال بين يدي الله تعالى يوم القيامة و تقول : يا رب العزة والجلال خذ لنا حقنا من هؤلاء الذين حرمونا من بركات الامام الحسين (×) و لم يوصلوا  لنا رسالته باللغة التي نفهمها لنستفيد منها وننهل من بركاتها.

اليس من اوصاف الامام الحسين (×) انه (مصباح الهدى وسفينة النجاة) فيجب ان يصل نوره الى كل من يريد الهداية والتكامل والسمو ويصعد في سفينته كل من يريد النجاة من الغارقين في الذنوب والفتن والضلال والانحراف والفساد، فيجب ان لا يحرم احدٌَ من هذا الفضل العظيم.

قد تقول تلك الأمم اننا كنا نراكم تبكون وتلطمون وتقيمون المآتم والشعائر لكننا لم نكن نفهم سر هذا التفجع و الالم و البكاء والزخم العاطفي والهياج المليوني في ارجاء العالم مهما كانت الفاجعة عظيمة و المفجوع به عظيماً ولم تشرحوا لنا فلسفته بالخطاب الذي يلائم ثقافتنا وبيئتنا ولا تقنعهم طبعاً روايات ثواب البكاء والتباكي على الامام الحسين (×) لانهم لا يؤمنون بأصول الاسلام ولكن لو اتيناهم من الباب واللغة التي يفهمونها وبالخطاب المناسب و شرحنا لهم  الاثار الاجتماعية والنفسية والأخلاقية و السياسية حتى الصحية ايضا للبكاء على الحسين (×) لأذعنوا بقيمة البكاء و بركته، تلك الاثار والتداعيات التي فهمها الطغاة و المستبدون فمنعوا الشعائر الحسينية و واجهوها بالحديد و النار، و من قبل ذلك منعوا السيدة فاطمه الزهراء (÷) من البكاء على ابيها فاضطر امير المؤمنين (×) لبناء بيت الاحزان لكي تبكي اباها (صلى الله عليه و سلم ) فيه .

ولما يرتقي المنبر خطيب في اوروبا ويشرح اسباب خروج الامام الحسين (×) على يزيد بانه كان يشرب الخمر ويضرب بالآلات الموسيقية ويرتكب الفاحشة ويلاعب القردة ونحو ذلك فانهم لا يجدون فيها مشكلة ويرونها من الحريات الشخصية ولو سلموا بخطأ بعض تلك الافعال فإنهم لا يرونها تستحق الخروج على السلطة الحاكمة والتضحية بالنفس والنفيس حتى الرضع وسوق اكرم خلق الله تعالى اسارى الى مجلس ارذل خلق الله تعالى

ولكن لو وضعنا كلمات الامام الحسين (×) في خطاب جديد مناسب لثقافة الاجيال المعاصرة فنقول ان يزيداً سرق اموال الشعب وحرمهم من حقوقهم المشروعة (استأثر بالفيء) وانه عطل العمل بالدستور الذي امن به الشعب وارتضاه (امات السُنة واحيا البدعة و حرم حلال الله واحل حرام الله) فانتهك حرمة القران والسنة وهما دستور المسلمين.

وانه انتهك حقوق الانسان (يحبس على الظّنه ويقتل على التهمة) وانه كان سلطان ظالماً جائراً وصل الى السلطة بالقهر من دون ارادة الشعب ونحو ذلك وهذه بالتأكيد تستحق الثورة والقيام في وجه السلطات الظالمة والمستبدة.

فأذن عالمية النهضة الحسينية ليست كلمة نتبجح بها على الاخرين ونتصور اننا قدمنا شيئاً للإمام الحسين (×) ومدحناه بما يستحق (×) وانما هي مسؤولية واسعة تقع علينا نحن الموالين للإمام (×) بان نخاطب جميع الأمم بالثقافة السائدة عندهم وباللغة التي يفهمونها واستيعاب البيئة التي يعيشونها ولكل جيل بحسبه، وسيجد الجميع في عطاء الامام الحسين (×) ما يغنيهم لذا قيل ان الحسين (×) اوسع سفن النجاة.

وهذه المسؤولية تدعونا الى ان ننوِّع ادواتنا ونحتضن كل الطاقات للنجاح في هذه المهمة.

وأن اي تقصير في اداء هذا الواجب نحاسب عليه، وأشدُّ منه في المحاسبة اذا صدر مّنا ما يشوه هذه الشعائر وينفر منها بالأقوال والافعال و يضع العراقيل و الموانع في طريق ايمان الشعوب بقضيه الامام الحسين (×) او يشوه صوره الاسلام و التشّيع كبعض ممارسات المتسلطين باسم الدين والمذهب، مما يسبب نفور البعض من الدين فحينئذ تكون المحاسبة اشّد و مضاعفة و ستحاسبنا الامم على حرمانها من بركات هذه النعمة العظيمة.

اليس يتخرج الكثير من ابنائنا في كليات اللغات سنوياً وهم يجيدون التحدث باللغات العالمية المتنوعة ولا يجدون فرصه عمل او يعملون في مجالات بعيدة عن اختصاصهم فلماذا لا نؤسس بهم جيشاً إلكترونياً دعوياً يوصل رسالة الإسلام النقي الأصيل الى الشعوب بمختلف اللغات العالمية.

فما نحتاجه اذن ليس فقط عصرنة الخطاب الاسلامي والحسيني خاصة، وانما أيضا تنوعه وتعدد لغاته وادواته ومنافذه التي يطّل منها على شعوب الأرض وبمختلف الأجيال.

  وقبل ذلك علينا ان نعّد أنفسنا لهذه المسؤولية الكبيرة عملياً وفكرياً واخلاقياً، روى ابو الصلت الهروي : قال (سمعت ابا الحسن علي بن موسى الرضا (×) يقول: رحم الله عبدا احيا امرنا، فقلت له : كيف يحيى امركم، قال يتعلم علومنا ويعلّمها الناس فان الناس لو علموا محاسن كلامنا لاتبعونا) ([2]). وقد استخرجنا نكاتٍ عديدة من هذه الرواية في حديث آخر ([3]).



([1]) من حديث سماحة المرجع اليعقوبي (دام ظله) مع أساتذة وطلبة مدرسة الابرار للعلوم الدينية في النجف الاشرف يوم الثلاثاء 23/ذح/1439 الموافق 4/9/2018

([2]) عيون اخبار الرضا: 1/275 باب 28ح 69، معاني الاخبار: 180

([3]) راجع كلمة بعنوان (فان الناس لو علموا محاسن كلامنا لاتبعونا)