كافئوا المحسنين على اعمالهم

| |عدد القراءات : 751
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

كافئوا المحسنين على اعمالهم([1])

 

وروى الخطيب البغدادي في كتابه المعروف (تاريخ بغداد): عن الإمام الحسن بن علي (عليهما السلام) انه كان ماراً في حيطان – أي بساتين – المدينة فرأى عبداً أسوداً بيده رغيف خبز يأكل ويطعم كلبه لقمة إلى أن شاطره طعامه في الرغيف)، ومثل الامام الحسن (×) في منزلته الاجتماعية لا يهتم بعبد أسود معه كلب يأكل، لكن الامام الحسن (×) توقف عنده  (فقال له الإمام الحسن (×) ما حملك على ما عملت وشاطرته؟ فقال الغلام: استحيت عيناي من عينه.) وفي رواية أخرى ان العبد قال: أشعر بضيق في صدري وكآبة فأردت ان أدخل السرور على هذا الكلب لعل الله تعالى يرفع عني هذا الهم بذلك (فقال الإمام (×): غلام من أنت؟) أي سأله عن مالكه (فقال: غلام أبان بن عثمان، فقال: والحائط؟ قال: لأبان بن عثمان. فقال له الإمام الحسن (×) أقسمتُ عليك لا برحت حتى أعود عليك. فمَّر على صاحب الحائط فاشترى الحائط والغلام معاً، وجاء إلى الغلام، فقال (×) يا غلام قد اشتريتك فقام الغلام قائماً) أي قام ليذهب مع مالكه الجديد وهو الامام الحسن (×) (وقال: السمع والطاعة لله ولرسوله ولك يا مولاي. قال (×): وقد اشتريت الحائط، وأنت حرٌ لوجه الله، والحائط هبة مني إليك. فقال الغلام: (يا مولاي قد وهبتُ الحائط للذي وهبتني له)([2]).

أقول: لقد تعلّم الغلام هذا الأدب من الإمام الحسن (×) نفسه، فقد روى أحدهم قال: (رأيت الحسن بن علي (×) يأكل وبين يديه كلب، كلما أكل لقمة طرح للكلب مثلها، فقلت له: يا بن رسول الله، ألا أرجم هذا الكلب عن طعامك؟ قال: دعه: إني لاستحيي من الله عز وجل أن يكون ذو روح ينظر في وجهي وأنا آكل ثم لا أطعمه)([3]).

وهذه هي سيرة أهل البيت (^) فانهم لا يكتفون بفعل المعروف والإحسان الى الآخرين بل كانوا يكافئون من يقوم بفعل حسن ويكرّمونه بأضعاف ما قام به ليشجّعوا على نشر المعروف وتحويله الى ظاهرة وثقافة عامة لدى المجتمع.

وعلى اتباع أهل البيت (^) التأسي بهذه الاخلاق الكريمة بأن يحسنوا في أعمالهم في سائر المواقع والمسؤوليات التي هم فيها.

فالطالب يبذل وسعه في المطالعة والمذاكرة حتى يحقق نتائج راقية يدخل بها السرور على أهله ومحبيه ويكون فخراً وعزاً وطاقة هائلة لوطنه وشعبه.

 والموظف يتقن عمله ويؤدي واجبه في كل الوقت المطلوب منه ولا يقصّر في خدمة الناس واستيعابهم.

والمدّرس يبذل وسعه في تعليم الطلبة والارتقاء بمستواهم العلمي ومساعدتهم في كل ما يحتاجون.

 والمهندس يراعي شروط المتانة والامان والجدوى عند تنفيذ المشاريع ويكون اميناً ونزيهاً، وهكذا.

هذا على مستوى احسان العمل، ويبقى علينا ان نتقدم خطوة أخرى بتشجيع المحسنين في أعمالهم ومكافئتهم، فالامام الحسن (×) مع هيبته وجلاله وسمو مقامه في المجتمع بحيث اذا جلس على الطريق انقطع المارّة وتهيّبوا المرور بين يديه، واذا مشى لم يبق أحدٌ راكباً ومع ذلك تراه توقّف عند العبد ولم يمرّ على هذا الموقف دون تكريم، اما الذين يثبّطون العاملين ويستهزئون بهمتهم وحركتهم الدائبة فهؤلاء لم يستفيدوا من سيرة أهل البيت (^) ولم يتأسوا بهم.

ويكفي المحسنين في عملهم وساماً يفتخرون به: محبة الله تعالى لهم (وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (البقرة:195).



([1]) من حديث سماحة المرجع الشيخ اليعقوبي (دام ظله) مع جمع من الطلبة والشباب العاملين في المنظمات الإنسانية يوم 10/رجب/1438 الموافق 8/4/2017

([2]) تاريخ بغداد: 6/34

([3]) بحار الأنوار: 43/ 352 ح29 عن مقتل الحسين للخوارزمي: 1/ 102-103.