خطاب المرحلة (501) الاذن للمؤمنين في الخليج بتوزيع حقوقهم الشرعية

| |عدد القراءات : 767
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save
 

الاذن للمؤمنين في الخليج بتوزيع حقوقهم الشرعية

 

بلغنا ان بعض حكومات دول الخليج تحاسب مواطنيها على إيصال الحقوق الشرعية الى مراجع تقليدهم خارج تلك الممالك في النجف الاشرف او قم المقدسة أو غيرهما، ونحن إذ نرفض هذا التدخل في الأمور الشخصية للناس خصوصاً فيما يتعلق بعقائدهم الدينية وأداء تكاليفهم الشرعية لأنه من أشنع التجاوزات على حقوق الانسان وحرياته الشخصية.

فأننا نلفت نظر أحبتنا المؤمنين (زادهم الله شرفاً) في تلك الدول والممالك الى أن الاصلح لهم شرعاً والاقرب الى رضا الله تبارك وتعالى والاوفق بسيرة الأئمة المعصومين (^) أن ينفقوا حقوقهم الشرعية في بلدانهم لتزويج الشباب المؤمنين وتهيئة السكن لهم ومساعدة المحتاجين في أمورهم المعاشية ومعالجة مرضاهم ونشر علوم ومعارف أهل البيت (^) بمساعدة علماء الدين الأفاضل والثقات لتعيين موارد الصرف وقد علمت من بعضهم ان مثل هذه الحالات كثيرة خصوصاً في مملكتي البحرين والسعودية، وان يتوقفوا عن إرسالها الى مكاتب المرجعيات الدينية لأنها في الغالب تقع تحت تصرف الأبناء والاصهار والحواشي واكثرهم غير مؤهلين لإدارة هذه الأموال الضخمة التي تبلغ مليارات الدولارات، وأنها تذهب غالباً في فيافي بني سعد – على تعبير استاذنا الشهيد الصدر قدس الله نفسه الزكية – والشواهد على ذلك كثيرة.

وبحسب مستوى الوعي والبصيرة الذي وصلت اليه مجتمعاتنا المؤمنة فان دافعي الحقوق الشرعية غير معذورين لو اوصلوها الى مكاتب بعض المتصدين وهم يعلمون جيداً ان نسبة ما يصرف منها في الموارد التي ترضي الامام (×) لا تصل الى عشرة بالمئة من مجموع ما يصل الى تلك المكاتب بل نجزم بأن الكثير منها يذهب عبثاً وهدراً وإسرافاً وتضييعاً بسبب تصرف المتنفذين فيها بينما يتضور الكثير من المؤمنين جوعاً، وينحرف الكثير من الشباب أو يصابون بالكبت لعجزهم عن الزواج وتهيئة مستلزماته وتحبس الأموال الطائلة عن إنفاقها في الموارد التي أوصى بها الأئمة (^) وهي رعاية ايتام آل محمد (صلوات الله عليهم أجمعين) المنقطعين عن إمامهم مادياً ومعنوياً وتقويتهم وإعانتهم وبالمقابل نجد أعداء الله تعالى واعداء أهل البيت (^) يبذلون بسخاء وينشطون في سعيهم لإنجاح مشاريعهم الخبيثة (وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) (التوبة:32).

إن هذه الرخصة بتوزيع الحقوق الشرعية لا تختص بمن يرجع اليَّ بالتقليد -  وقد أبلغت وكلائي وثقاتي في تلك البلدان منذ مدة بها ووجهتهم بعدم إيصالها اليَّ في النجف الاشرف - وإنما هي رخصة شاملة لكل المؤمنين، لان جميع المجتهدين العدول وكلاء للإمام المهدي (×) ولهم صلاحية إصدار الاذن بالتصرف ولا يختص الاذن بمرجع التقليد كما يصوِّر المنتفعون.

ولا أريد هنا أن أدخل في تفاصيل الاستدلال الفقهي على سريان هذا الإذن لغير المقلدين، إلا أنني أحاول فتح أذهان الفقهاء التقليديين على أنماط من الاستدلال لم يألفوها كلما سنحت الفرصة لذلك، فأذكر هنا شاهداً على ذلك الرواية الصحيحة ذات السند الأعلائي التي رواها الصالح الثبت الشيخ عباس القمي (قدس سره) في مفاتيح الجنان عن شيخه الميرزا حسين النوري في كتاب (جنة المأوى والنجم الثاقب) عن الحاج علي البغدادي الذي وصفه بالسعيد الصالح والصفي المتقي عمّن تشير القرائن المطمئنة الى انه الامام المهدي (×) أو على الاقل من ينطق عنه من خاصته وقال: (إنه لو لم يكن في هذا الكتاب سوى هذه القصة المتقنة الصحيحة الحاوية على فوائد جمّة الحادثة في عصرنا لكفاه شرفاً ونفساً) وعرض فيها الحاج البغدادي انه أوصل شيئاً من الحقوق الشرعية الى عدد من المجتهدين العظام، فتبسم (×) في وجهه وقال (نعم قد أبلغت شطراً من حقنا الى وكلائنا في النجف الاشرف، فقلت: هل قُبل ما أدّيته ؟ قال : نعم)([1]).

أأمل من اخواني المؤمنين أن يتصرفوا بحكمة وبصيرة ووعي كما قال تعالى (وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ) (الحاقة:12) ويحتاطوا في صرف أموالهم تحت نظرهم وأن يفهموا جيداً معنى المثل القائل (ذبّها – ألقها – برأس عالم واطلع – أي اخرج – منها سالم) فقد قلّ العلماء الديانون العاملون المخلصون وأن يبتعدوا عن الاهواء والتعصبات وأن لا يخذلهم المرجفون والذين يأكلون الدنيا بالدين فليس هؤلاء أهلاً بالاتباع والاستماع وإنما أدعوكم الى ان توصلوا الى الامام المنتظر حقه بأمانة (قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) (الأعراف:164) والله المستعان وهو نعم المولى ونعم النصير.

 

محمد اليعقوبي – النجف الاشرف

12/صفر/1438 الموافق 13/11/2016



([1]) مفاتيح الجنان: 798 الفصل الثامن في زيارة الامامين الكاظمين (^).