كيف نفهم العيد بالشكل الصحيح

| |عدد القراءات : 2517
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

كيف نفهم العيد بالشكل الصحيح:

 

كثيراً من الناس لايعي ولا يفهم معنى العيد بالشكل الصحيح كما يريده الله سبحانه وتعالى ، فإنه يفهمه على انه إيذان بانتهاء الحظر والمنع الذي فرض على ممارسة مشتهيات النفس بالحلال أو حتى بالحرام والعياذ بالله . فتراهم يتسامحون في امر الدين ويتساهلون في تعاليمه فيحصل الاختلاط بين الجنسين اثناء زيارات الاقرباء وتضع النساء الزينة امام غير المحارم ، وربما جرت عادة بعض الناس على مصافحة النساء والرجال والتساهل بأمر الحجاب بأعتبار ان الايام أيام فرح وسرور ، ويقصد بعضهم اماكن اللهو واللعب وحفلات الفسق والفجور ويشاهدون البرامج الفاسدة ، وكان معنى العيد هو العودة الى الحياة السابقة قبل شهر رمضان بكل ما تتضمنه من ابتعاد عن الله سبحانه ويتخلى عن كل التقدم والتقرب الى الله سبحانه الذي حققه في شهر رمضان ويغفل عن الحديث النبوي الشريف ( من استوى يوماه فهو مغبون ومن كان أمسه خيراً من يومه فهو ملعون) فهل حاسبنا انفسنا لنرى من أي هذه الاصناف نحن منهنا وجب علينا ان نبين بعض النقاط التي ينبغي الالتفات اليها في مثل هذه المناسبة الشريفة:

 

1- إن العيد يمثل الوصول الى الهدف الحقيقي وهونيل رضا الله  يمر خلال بتربية ومعاناة طويلة خلال الشهر من خلال ما يؤديه من طاعات ويزداد تركيز هذه التربية في العشر الاواخر التي كان رسول الله( صلى الله عليه وآله) فيها يطوي فراشه ويشد مئزره للعبادة ، وتتضمن ليلة القدر التي هيخي من الف شهر ، فيأتي العيد تتويجاً لهذه المرحلة المضنية حيث يمثل بلوغ الهدف والنهاية لهذه المرحلة من التربية والتكامل ويكون مستعداً لقبول المرحلة التالية من التكامل باعتبار ان مراحل التكامل والتقرب الى الله تبارك وتعالى لانهائية ، قال تعالى : ( وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً )الإسراء/21 فإذاكان هذا معنى العيد فكيف يرجع الانسان القهقري وينزل الى المراحل التي تجاوزها بعد جهد جهاد طويلين. 

 

2- إن من حق الناس ان يفرحوا بالعيد لكن فرحهم مع الاسف لأسباب دنيوية ، فهو يفرح لباحة الطعام والشراب والنكاح ولأزالة الموانع التي كانت مفروضة عليه في شهر رمضان ، وكان المفروض عليه أنيحزن لفوات تلك البركات والنعم التي كان شهر رمضانت سبباً لنزولها على العباد والتي ذكرنا بعضها في الخطبة السابقة ، لذا قال الامام السجاد ( عليه السلام ) في دعائه ( فنحن مودعون وداع من عز فراقه علينا وغمنا وأوحشنا انصرافه عنا ) وقال (عليه السلام) : ( السلام عليك من قرين جل قدره موجودا ًوأفجع فراقه مفقوداً ومرجوا ألم فراقه) .

 

الصحيح ان يكون الفرح والحزن للأسباب الاخروية .

 

والفرح الدنيوي -  اعني ما كان لأسباب دنيوية كربح تجارة او رزق مولود او زيادة اموال أو تحصيل جاه او منصب اجتماعي  - مذموم عند الله تبارك وتعالى لنه لا يصب في الهدف الحقيقي ، قال تعالى في قصة قارون ( لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ )القصص/ 76 ، وكان فرحه لأن الله آتاه ثروة طائلة وصفها تبارك وتعالى ( وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ )القصص/76 ، وقال تعالى: (وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ )الحديد23 ، وقد يؤدي هذا الفرح الى البطر والاختيال والطغيان فيكون وبالاً ، كما حصل لقارون إذ كان نتيجته ( فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَن مَّنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ ) اقصص/ 81-82 .

 

وكذا الحزن بفوات امور دنيوية مذموم قال تعالى : ( مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُور) الحديدٍ/22- 23 والصحيح ان يكون الفرح للاسباب الاخروية التي  فتفرح إذا وفقك اله تعالى لصلاة الليل ، أو زيارة قبر الحسين (عليه السلام) ، أوقضاء حاجة أخيك المؤمن ، وتفرح إذاانتصرت على نفسك ، مثلاً حصل سوء تفاهم بينك وبين أخيك المؤمن فإن نفسك تستكبر وتنتظر من ذلك الطرف أن يأتي ويعتذر ، فتنتصر عليها وتذهب الى أخيك وتعتذر إليه ، او تمر بك امراة جميلة فتدعوك نفسك الى النظر اليها ، فتعصيها وتنتصر عليها بترك النظر الى تلك المراة عندئذ ستشعر بلذة وسعادة في قلبك تكون منشا لفرح حقيقي ومحمود عند الله تبارك وتعالى .

 

3- إن يوم العيد يعتبر زمان إعلان النتائج لامتحان شهر رمضان -  فإذا امتثل الانسان لأوامر الله سبحانه وأدى  التكاليف بالصورة التي ترضي الله سبحانه فهو من الناجين الفائزين ، وإن لم يفعل ذلك فهو والعياذ بالله من الاشقياء الذين وصفهم رسول الله ( صلى الله عليه وآله )في خطبته فقال (صلى الله عليه وآله) :  ( فغن الشقي من حرم غفران الله في هذا الشهر العظيم ) . فمن حق الفائزين ان يفرحوا بنجاحهم في هذا الامتحان الكبير ولكن هؤلاء الفرحين الذين يلهون ويلعبون ويضحكون في العيد هل اطلعوا على النتائج فوجدوا أنفسهم من الناجحين ؟ أم أخبرهم ثقة عن الله تبارك وتعالى إنهم في قائمة الفائزين ؟ كل  هذا لم يحصل ، فكيف جاز لهم الفرح وهم لا يعملون بالنتائج فالأنسان الواعي يكون في حذر وتوجس عند انتهاء شهر رمضان لأنه لا يدري هل كتب اسمه في ديوان المحسنين فيفوز أو في ديوان المسيئين والعياذ بالله فيهوي ويسقط. 

 

4- إن الله تعالى قد جعل أزمنة شريفة وأمكنة مباركة ليزيد في إحسان المحسنين ، فمن الأزمنة ليلة الجمعة ويومها ، وليلة النصف من شعبان ، وليلة القدر ، والعيدين ونحوها ، ومن المكنة المباركة المساجد عموماً ، والاربعة منها خصوصاً ومراقد المعصومين ( عليهم السلام) بل سائر الأولياء والصالحين ،كل ذلك يضاعف لهم الحسنات أضعافاً كثيرة فالمفروض أن يستغل الانسان هذه الفرصة ويزداد من الطاعات ، وإذا أضاعها ولم يستغلها أصلاً فضلاً عما لو شغلها باكتساب المعاصي والآثام والعياذ بالله فسيكون ذلك وبالاً عليه ، لذلك تجد الأئمة (عليهم السلام ) حشدوا لمثل هذه المواسم الشريفة أعمالاً ومستحبات من دعاء وزيارة وصلاة وذكر وغيرها ، فلا ينبغي هدر هذه الفرصة الثمينة .

 

5 - إن سبحانه قد حدد شرط قبول الاعمال وهوالتقوى فقال تعالى : ( إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ )المائدة27 ، فهل هذه الممارسات التي تصدر من هؤلاء الناس هي من صفات المتقين؟ كلا بالتاكيد ، فهم إذا ليسوا ممن تقبل اعمالهم وهم بحاجة الى البكاء والندم والاستغفار بدلاً  من افرح والسرور ، قال تعالى : (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً )الكهف103 - 104  ، ويقول تعالى: (أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً )الكهف105  ،

 

وفي دعاء الامام الحسين ( عليه السلام ) في يوم عرفة (إلهي كم من طاعة بنيتها)