يتحقق التكامل بالعمل بما نتعلم
بسم الله الرحمن الرحيم
يتحقق التكامل بالعمل بما نتعلم([1])
الذين يتكلمون كثيرون، والمعلومات المبذولة وفيرة من خلال الكتب والنشرات والفضائيات والإذاعات وغيرها، لكن العلم وحده لا يكفي، والمطلوب هو العمل بذلك العلم، كما أن العمل وحده لا يكفي وإنما لابد من أن يقترن بالإخلاص، لذا ورد في الحديث الشريف( الناس كلهم هلكى إلا العالمون، والعالمون كلهم هلكى إلا العاملون، والعاملون كلهم هلكى إلا المخلصون، والمخلصون على خطر عظيم).
إذا كان أهم ما يتقرب به العبد إلى ربه من الأعمال وهي العبادات موجبة للاستغفار كما ورد في الأدعية، كدعاء الإمام الحسين(عليه السلام) يوم عرفة( إلهي كم من طاعة بنيتها، وحالة شيّدتها، هدم اعتمادي عليها عدلك، بل أقالني منها فضلك) وفي بعض الأدعية عقيب الفرائض( إلهي إن كان فيها خلل او نقص من ركوعها أو سجودها فلا تؤاخني وتفضّل عليَّ بالقبول والغفران)، فإذا كانت العبادات والطاعات تقتضي طلب المغفرة والعفو فما هو حال الأعمال الأخرى؟
إن الواعين والملتفتين يحولون كل معلومة إلى عمل، فمثلاً ينقل عن بعض الصالحين أنه كان لا يؤدي جميع ركعات صلاة الليل دفعة واحدة بل يؤدي بعضاً ثم ينام قليلاً ثم يقوم ليؤدي بعضاً آخر وهكذا إلى أن يتمها، ولم يذكر الناقل الوجه في ذلك، لكن يمكن أن نذكر الان وجهاً واحداً، وهو أن هذا الرجل لما بلغه الخبر الشريف: ( إن العبد إذا قام من نومه الى صلاة الليل فإن الله تبارك وتعالى يباهي به الملائكة، ويقول لهم: ألا ترون عبدي المؤمن كيف ترك لذة النوم من أجل عمل لم افترضه عليه) فأراد هذا الرجل الصالح أن يفعل ما يحبّه ربّه عدة مرات بدل المرة الواحدة.
وهكذا انتم تستطيعون تحويل العلم الى عمل،مثلاً ورد في الحديث القدسي ما مضمونه( من أحدث ولم يتطهر فقد جفاني، ومن تطهر ولم يصلي فقد جفاني، ومن صلى ولم يدعني فقد جفاني ، ومن دعاني ولم أجبه فقد جفوته، ولست بربٍ جافٍ) والحديث صريح باستحباب الكون على الطهارة ، ولكن المعنى العملي الذي يمكن أن نحصل عليه هو أن الإنسان إذا كانت عنده حاجة عسرت عليه بالأسباب الطبيعية أو مريض يطلب شفاءهُ أو طلب يريد تحقيقه ـ وما أكثرها ـ فليتوضأ إذا أحدث وليصلي ركعتين في غير وقت الفريضة وليطلب من الله تبارك وتعالى حاجته بعدها، فإن الله تبارك وتعالى سيحقق له مراده لأنه تبارك وتعالى ليس بربٍ جافٍ.
وحينما يبلغك الحديث الشريف في فضل سورة الفاتحة أنها( إذا قرأت سبعين مرة على ميت فقام حياً لم يكن عجيباً) نستفيد منه عملاً وهو قراءة سبعين مرة سورة الفاتحة إذا أردنا من الله تبارك وتعالى قضاء حاجة أو شفاء مريض أو تحقيق شيء نطلبه، لأنها كلها دون إرجاع الحياة إلى الميت الذي يقبل التحقق بهذا العمل بإذن الله تعالى.
وبهذه العين وهذه البصيرة يمكن النظر في كثير من هذه الأحاديث الشريفة بفضل الله تبارك وتعالى.
([1] ) من حديث سماحة الشيخ اليعقوبي مع عدد من الوفود التي زارته يوم الخميس 2/ع2/1431 المصادف 18/3/2010.