بمناسبة اختيار النجف عاصمة للثقافة الإسلامية

| |عدد القراءات : 493
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

بسم الله الرحمن الرحيم

بمناسبة اختيار النجف عاصمة للثقافة الإسلامية

 

بمناسبة اختيار النجف عاصمة للثقافة الإسلامية عام 2012 من قبل وزراء الثقافة في الدول الإسلامية وقرب إجراء الانتخابات البرلمانية في العراق رغبت محطة بي بي سي البريطانية بإجراء حوار مع سماحة المرجع اليعقوبي فأذن سماحته([1])، وننقل هنا جزءاً من هذا الحوار.

س1: ما هي الدوافع للموافقة على اختيار النجف الاشرف عاصمة للثقافة الإسلامية؟

ج: بسم الله الرحمن الرحيم: تتميز النجف الاشرف بعدة معطيات تجعلها حاضرة في وجدان العالمين العربي والإسلامي بل الإنسانية جميعاً، فهي مدينة عالمية بعدة مقاييس:

أولها: أن فيها مرقد أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب خليفة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأخيه وصنوه، الذي يمتلك رمزية للبشر جميعاً حتى من غير المسلمين، ويقصده الجميع لاستلهام تلك المبادئ النبيلة السامية.

ثانيها: وفيها المراجع العظام (أدام الله وجودهم الشريف) الذين لا يمكن الاستغناء عنهم لمعرفة أحكام الشريعة الإلهية، ولأخذ التوجيهات والنصائح، ولحل المشاكل ولمواجهة  الفتن والتحديات، وللتزود بما يرشدهم إلى الصلاح والإصلاح والمشاريع النافعة.

ثالثها: أنها حاضرة علمية لا تضاهيها الجامعات الرصينة، ولها موقع الريادة لكثير من العلوم الإسلامية والإنسانية كالإلهيات وتفسير القرآن والعقائد والفقه والأصول واللغة والأدب والحكمة والفلسفة والأخلاق وغيرها، لذا تضم أروقتها العلمية الآلاف من طلاب العلم والمعرفة من شتى بلدان العالم، وهي امتداد لمدرسة الكوفة التي أسست في صدر الاسلام.

رابعها: العمق الحضاري لهذه المدينة، ففيها مرقد أقدم الأنبياء أبي البشر آدم(عليه السلام) ونبي الله نوح(صلوات الله عليهما) بحسب بعض الروايات المشفوعة بالشواهد التاريخية، ومنها انطلقت هجرة من أسسوا الحضارة في وادي الرافدين، فهي صاحبة الفضل على البشر جميعاً  في تأسيس الحضارة الإنسانية وتقدّمها وفيها آثار لحقب عديدة من الحضارات العريقة يقصدها عشاق الاطلاع على الآثار واستقراء أحوال الأمم القديمة.

س2: هل تعتقدون أن النجف استعادت دورها في زعامة الشيعة في العالم بعد التغير الذي حصل عام 2003.

ج: لم تفقد المرجعية الدينية في النجف الاشرف زعامتها للشيعة في العالم، لكن قد تمر عليها ظروف تحجّم دورها وتأثيرها، أو قد تنافسها مدن أخرى لوجود مراجع عظام فيها كما حصل في فترات تأريخية متعاقبة في كربلاء المقدسة والحلة وقم المقدسة وبغداد وسامراء وغيرها، وقد قيل في المثل العربي (المكان بالمكين) وبعد زوال البطش الصدامي فقد بدأ العالم يسمع صوت النجف ويقصدها ويستشعر قوة تأثيرها، كما أنه توفرت الفرصة للتواصل بينها وبين دول العالم بعد أن كانت مطوّقة فتحقق هذا الالتفات للنجف.

س3: هل تعتقدون أن الدور السياسي  الذي لعبته المرجعية في النجف الاشرف بعد تغيير عام 2003 كان بسبب ضغوط خارجية؟

ج: إذا كنّا نقصد بالسياسة: مساعدة الناس في تحصيل حقوقهم ورفع الظلم عنهم وتحقيق العدالة والرفاه لهم فهذا من صميم وظائف المرجعية ولم ولن نتخلى عنه، ولا يحتاج ممارسة هذا الدور إلى ضغط من أحد، بل يكفي في القيام به الشعور بالمسؤولية أمام الله تبارك وتعالى وأمام الناس وأمام التاريخ وهم بذلك يتأسون بالنبي العظيم والأئمة المعصومين (عليهم السلام) الذين لم يدّخروا جهداً في هذا المجال.

أما إذا أريد بالسياسة أي الصراع على السلطة والحكم وعدم التورع عن ارتكاب أي محذور شرعي أو إنساني لتحقيق المصالح الشخصية، فان المرجعية ليست جزءاً منه بل هي تقف في مواجهته فلا يستطيع أحد الضغط عليهم ليجعل منهم جسراً يعبر من خلاله الى تحقيق مآربه. لأن لهم من الحكمة ومخافة الله تعالى والوعي ما يكفي لكشف تلك الألاعيب، وإن كان لا يصعب على تلك الجهات أن تجد من توظفه لخدمة مصالحها والعياذ بالله.



([1] ) جرى اللقاء يوم الجمعة 4/ع1/1431 المصادف 19/2/2010.