الاستفتاءات
الاستفتاءات
نصائح الى طالبات الأقسام الداخلية
بسمه تعالى
إلى سماحة الشيخ الاجل محمد اليعقوبي (دام ظله)
نداء من أعماق الواقع الاجتماعي يستنجد بعطفكم الأبوي وحميتكم على الرسالة المحمدية وغيرتكم على ابناء مجتمعكم الذي انت منه وفيه ...
شيخنا الاجل، هناك بعض الحالات التي تحصل (في الحياة الجامعية) للطلبة بخصوص حالة طالبات مؤمنات في كلية طب الأسنان ، والتي تسير نحو الالتزام بتفاصيل الشريعة للوصول إلى مرضاة الله سبحانه وتعالى ... ولهذا فانهن يطلبن النصيحة والدعم المعنوي ، خصوصاً وقد وصل البعض منهن الى مرحلة التفكير بترك الكلية والعلم ، وذلك لانها تخاف على نفسها ودينها من الضعف يوما ما والشعور الدائم بالاحباط (والاثر النفسي) نتيجة ما تراه من المعاصي والذنوب والحرم التي تهتك امام عينيها .. وانتم تعلمون ان هذا يؤدي إلى غياب عنصر المرأة في السلك الطبي مما يسبب حرج وصعوبة للمؤمنات في العلاج ... واليك بعض تلك المشكلات:
1 - حياة الاقسام الداخلية والتي قل فيها الخوف من الله سبحانه وتعالى حيث تحتوي على المعاصي التالية:
أ - سماع الاغاني وبشكل متواصل .
ب - عدم التورع في المعاصي والمحرمات مثل (الغيبة والأحاديث اللااخلاقية على الطلبة والطالبات والأغاني ...) .
ج - المحاربة النفسية في (داخل الغرفة) لمن تتمسك بتعاليم دينها ( من قبل الطالبات الاخريات) .
2 - إهمال الطالبة الملتزمة وعدم التعاون معها وان حاولت هي بطلب حاجتها منهم عاملوها بالانتقاص والمنية وما خفي كان أعظم ..
3 - ترديدهم المستمر وتطبيقهم العملي لكلمة الترقي والحضارة في كلية الطب وجعلوا له مصاديق بانحطاطهم الاخلاقي .. وهذا الجو النفسي المليء بالجهل والسذاجة والغفلة ادى إلى احباط الطلبة والطالبات الملتزمين مما سيجعل عند الطلبة ترهل علمي ورجوعاً إلى الوراء ..
فيا شيخنا الجليل، لقد كثرت الطرق وأصبحنا بحاجة ماسة إلى نصيحتكم ودعمكم المعنوي.
(أدامكم الله لنا ذخراً وحفظكم من كل مكروه) .
بعض أولادكم في الكلية
بسمه تعالى
الحمد لله كما هو أهله وصلى الله على سيد خلقه محمد وآله الطيبين الطاهرين.
أود ان اجعل الإجابة في نقاط:
1 - ان هذا الضغط النفسي الذي يسببه أهل المعاصي للمؤمنين الملتزمين ناشئ من حسدهم لهم وشعورهم بالنقص وعقدة الحقارة أمامهم لأنهم يعلمون ان هؤلاء على خير وانهم حائزون لسعادة الدنيا والآخرة وليس عندهم الشجاعة لان يكونوا أمثالهم ويرتقون إلى درجاتهم فيحاولون انزالهم إلى الحضيض الذي يعيشونه ليقنعوا أنفسهم ويهربوا من هزيمتهم الداخلية وقد جعلوا شعاراً: (حشر مع الناس عيد) فوجود هؤلاء المؤمنين يكشف نقصهم وحقارتهم وضعفهم امام شهواتهم وتسويلات الشيطان وهكذا دوماً يكون وجود العنصر النظيف مسبباً للكشف عن فساد العنصر المنحرف .
2 - ان المؤمن قوي بإيمانه ومسلكه وطريقته المثلى فلا يتأثر بأفعال وأقوال المنحرفين الفاسقين، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ)، وفي الحديث : (ان المؤمن اقوى من الجبل لان الجبل يستقل منه بالمعاول ولا يستقل من إيمان المؤمن شيء) وكيف لا يكون المؤمن قوياً وهو يعيش في رعاية الله سبحانه وتأييده ورحمته أما الفسقة فمولاهم الشيطان الضعيف الذليل: (نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ) (فصلت:31)، (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ) (محمد:11)، ولتكن أم المؤمنين خديجة الكبرى مثلاً أعلى وأسوة حسنة للنساء المؤمنات فقد قاطعتها نساء قريش وعزلتها حتى عادت وحيدة في دارها ومع ذلك بقيت قوية الإيمان رابطة الجأش تشد أزر زوجها رسول الله 2 وتخفف عنه أعباء الرسالة وتدعمه بكل ما اوتيت فكانت قرة عين رسول الله 2 .
3 - ان احكام الشريعة يمكن ان تخفف في حالات العسر والحرج وخوف الضرر فأكل الميتة حرام لكنها تحل عند الاضطرار قال تعالى: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)، (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)، (إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ)، فإذا لم ينفع نهي هؤلاء عن المحرمات فيسقط وجوب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر .
4 - ان هؤلاء المصرين على المعصية هم جهلة من عدة جهات فهم يجهلون لماذا وجدوا في هذه الحياة وكيف ستكون نهايتهم وما هو حق المولى المنعم عليهم وما هو جزاء العاصين فالحل الصحيح لهؤلاء ليس فقط ان نقول لهم: ان هذا حرام وذاك ممنوع بل لابد معه من بيان الحكمة من التشريع وتقوية العلاقة بين الإنسان وخالقه والتذكير بالآخرة واستثارة الفطرة وإحياء القلوب بالموعظة وذكر الموت كما فعل رسول الله 2 مع مشركي قريش ولكن ذلك يجب ان يكون بالحكمة والموعظة الحسنة والحوار الهادئ وقلب وعقل مفتوحين وصدر واسع من دون تعنت ولا عصبية فهؤلاء البعيدون عن الله يستحقون العطف والرحمة لأنهم مرضى لكن مرضهم ليس في الجسد بل في القلب والروح وهم اولى بالرعاية من مرضى الجسم الذين يثيرون العطف ويستحقون المساعدة فلا تقصروا في مساعدتهم على إصلاح نفوسهم وستجدون أكثرهم يحبون الطاعة ويقتربون إلى الله تبارك وتعالى عندما يكون الأسلوب مقبولاً وحينما يعرف المعالج كيف يشخص دائهم وينجح في وصف العلاج الصحيح.
5 - وهناك حلول اخرى كاختيار الصديق من المجموعة الصالحة ليعيش معهم أو على الأقل قضاء الوقت معهم في غرفتهم للمباحثة والدرس وتبادل الأحاديث النافعة والاكثار من تلاوة القرآن الكريم وذكر الله تبارك وتعالى وتوجد أفكار نافعة تصلح كأجوبة على بعض الفقرات الواردة في السؤال ذكرناها في كتاب (فقه الجامعات) فراجعه .
6 - لا يمكن ان يكون حل المشاكل بالهروب منها وإدارة الوجه عنها فان هذا لا يحلها لانها واقع مفروض وقد تزداد بذلك تعقيداً ورسوخاً وانما تحل بمواجهتها بشجاعة وحزم واحتوائها ومعالجتها بالشكل المناسب فليس من الصحيح ابداً قول السائل انه يترك الدراسة هو واخوانه المؤمنين ويكونون بذلك آثمين لان هذه المهن الإنسانية تجب بالوجوب الكفائي على أفراد المجتمع فإعراضهم عنها يعني التخلي عن أداء هذه المسؤولية .
7 - اما هذه العناوين البراقة التي يتشدقون بها ويبررون بها أفعالهم كالحضارة وما شابه فهم يعلمون انها خالية من المحتوى ولاتصلح مبرراً لما يفعلون فهل الحضارة والتطور والتقدم تنافي الاخلاق والعفة والحياء؟! أليس الدين هو أمر بالعلم والعمل الصالح وفضل العلماء على جميع شرائح الخلق؟! ألم يكن الإسلام هو السبب في إنشاء اعظم حضارة شهدتها البشرية في سعتها وعمقها ورحمتها وأخلاقها وسموها ولازال الغرب مديناً لها في تطوره؟! ثم أنسي هؤلاء المتحضرون ما يفعله الغرب المتقدم من أفعال وحشية يندى لها الجبين وتربأ أفتك الوحوش بأنفسها عن الإتيان بمثلها (ما لكم كيف تحكمون) (وأنى تؤفكون) (كبرت كلمة تخرج من أفواههم ان يقولون إلاّ كذباً).
محمد اليعقوبي