أيها الشباب ابدأوا بأنفسكم أولاً

| |عدد القراءات : 825
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

بسمه تعالى

أيها الشباب ابدأوا بأنفسكم أولاً[1]

توجد وصايا كثيرة للمعصومين (صلوات الله عليهم أجمعين) بالشباب لأنهم هم من يُعوَّل عليهم كأداة فاعلة ونشطة ومتحمسة وتمتلك طاقة وحيوية لإصلاح المجتمع وبناء مؤسسات الدولة وإنجاح كافة مشاريع الخير، وهذا يتطلب منهم أن يبدأوا بإصلاح أنفسهم أولاً ليتأهلوا لإداء الدور المناط بهم والا فان فاقد الشيء لا يعطيه ــ كما قيل ــ وسوف لا يؤدي عملهم إلى نتائج طيبة في الدنيا والآخرة إذا لم يتخذوا هذه الخطوة، ولعله يهلك نفسه ويضرّ بالآخرين.

ولعل المثال الحاضر الآن هم اغلب الطبقة السياسية الحاكمة التي سببت المأسي والكوارث للمجتمع والدولة، حيث أثبتت التجربة بعد عام 2003 عدم اخلاص العاملين وفشلهم في مقاومة اهوائهم واطماعهم وأنانيتهم وقد اكتشف السيد الشهيد الصدر الأول (قدس) في أواخر أيامه وعبَّر عن ذلك بقوله اننا استطعنا أن نربي الناس إلى نصف الطريق ولم نستطيع اكمال النصف الآخر وفسَّرها الشهيد السيد الصدر الثاني (قدس) بقوله أي اننا ملأنا عقولهم بالعلم والفكر والثقافة الا اننا لم نطهّر قلوبهم ونهذب أنفسهم[2] .

وهذه الخطوة الضرورية أكّد عليها المعصومون (صلوات الله عليهم أجمعين)، روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قوله (مَنْ نَصَبَ نَفْسَهُ لِلنَّاسِ إِمَاماً ْ فَلْيَبْدَأْ بِتَعْلِيمِ نَفْسِهِ قَبْلَ تَعْلِيمِ غَيْرِهِ، وَلْيَكُنْ تَأْدِيبُهُ بِسِيرَتِهِ قَبْلَ تَأْدِيبِهِ بِلِسَانِهِ، وَمُعَلِّمُ نَفْسِهِ وَمُؤَدِّبُهَا أَحَقُّ بِالْإِجْلاَلِ مِنْ مُعَلِّمِ النَّاسِ وَمُؤَدِّبِهِمْ)[3] .

وهذا الكلام لا يختص بموقع دون موقع بل يشمل جميع المتصدين للمسؤولية على اختلاف مراتبها وأنواعها.

وتلاحظون ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو أكمل الخلق وأطهرهم أتعب نفسه في العبادة واختلى سنين في غار حراء واعتزل قومه المشركين ومفاسدهم حتى بلغ اربعين سنة فنزل عليه الوحي بالرسالة فلنأخذ من ذلك درساً في الاعداد لتحمل المسؤولية بكل اشكالها.

وهذه المطالبة لا تعني تأجيل التصدي للعمل الاجتماعي المثمر بانتظار اكتمال الاستعداد لأن مجاهدة النفس وإصلاحها عملية مستمرة ما دمنا في الحياة الدنيا وان النفس الامّارة بالسوء كلما قطع منها ذراع للهوى والشهوات ظهرت له غيرها، مثلاً بعض طلبة الحوزة العلمية يُطلب منه التصدي لإمامة الجماعة فيعتذر وانه ليس مؤهلاً لذلك وهذا تواضع منه الا انه حرم نفسه من بعض أبواب الطاعة، والصحيح أن يبادر إلى تهذيب نفسه ويستمر في مجاهدتها ويطلب من الله تعالى العون على العمل الصالح.

واشكروا الله تعالى أنه وفقكم وألفت نظركم إلى طريق الصلاح من وقت مبكر وأنتم في عمر الزهور لأن غير المعصوم كلما امتد به العمر ازدادت ذنوبه وازداد الرين والصدأ على قلبه فتزداد صعوبة ازالته وقد يصل إلى درجة لا يمكن إصلاحها كطواغيت قريش وساداتها وشيوخها بينما سارع الشباب إلى الايمان إلى حد التضحية.

فانضمامكم إلى هذه الدورات السريعة يعطيكم شحنة ايمانية وعليكم ادامتها والمحافظة عليها ونقلها إلى اخوانكم لتبنوا مستقبلكم على أساس صحيح (أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللّهِ) (التوبة:109).



[1] - من حديث سماحة المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله) مع طلبة وشباب من المحافظات الشمالية في نهاية دورة معرفية وعملية خلال العطلة الربيعية واستمرت عدة أيام والتقاهم سماحته (دام ظله) يوم الأربعاء 30 /جمادي الأولى/ 1440 هـ المصادف 6/2/2019.

[2] - راجع كتاب الشهيد الصدر كما أعرفه

[3] - نهج البلاغة، الحكمة 73