دور الدين في بناء المجتمع الصالح
بسمه تعالى
دور الدين في بناء المجتمع الصالح [1]
عشنا فترة في أيام النظام البائد بلغت الذروة في محاربة الدين والسخرية والاستهزاء من المتدينين فقد كانوا يصفونهم بالتخلف والرجعية والعمالة للإمبريالية وكانت النساء أكثر عرضة لتميَّز المتدينة بالحجاب وقد أثّرت هذه الحرب الشرسة فقلَّ عدد المتدينين خصوصاً بين الشباب وأغلقت الكثير من المساجد والحسينيات أبوابها.
وفي مثل هذه الأجواء جمعت سيارة اجرة صغيرة رجل دين مع أحد هؤلاء المهوسين بالسخرية من الدين وراكبين آخرين، وكان هذا المغفَّل سليط اللسان سيء الالفاظ فأراد أن يستهزئ برجل الدين على طريقته الخاصة، فأخذ يسأل الركاب عن مهنهم فأجاب الأول بأنه عامل والثاني بأنه مهندس فأثنى عليهما وأشاد بدورهما في إعمار البلاد وتقدمها ثم التفت إلى عالم الدين وسأله فأجابه بأنه يعلّم الناس الحلال والحرام وما عليهم أن يفعلوا ويتجنبوا ويدلّهم على مكارم الاخلاق واجتناب الفحشاء والمنكر فضحكّ هذا المغرور ساخراً وقال: يا شيخ: اتركوا الناس على حالهم ولا تتدخلوا في شؤونهم وليفعلوا ما يشاؤون بحريّة، فلم يجبه عالم الدين.
وحينذاك اصطدمت السيارة بأخرى وسقط من على سقفها صندوقان مملوءان بالفاكهة لهذا المغرور فتناثرت الفاكهة وتجمعّ الناس ونهبوا هذه الفواكه، والرجل المغفَّل يصيح بهم ويطالبهم بإرجاع الفواكه ولا أحد يصغي إليه وهنا تدخل عالم الدين ووعظ الناس وحذّرهم من أكل لقمة الحرام وسوء عاقبة الظلم وأمرهم بإعادة الحق إلى صاحبه فأثرّت الموعظة فيهم واعادوا ما بأيديهم، وعرضوا دفع ثمن ما أكلوا منها وساعدوا صاحبها على جمع المتناثر منها وهنا وجّه العالم كلامه للمستهزئ: أعلمت الآن ما هي وظيفتنا فخجل الرجل واعترف بخطأه واعتذر.
هذا جانب من دور الدين في حياة الانسان وهو توجيهه إلى عمل الخير والالتزام بالأخلاق الفاضلة ومنعه من الظلم والعدوان وتجنب الرذائل والفحشاء والمنكر، قال تعالى (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (النحل:90)، فهل يريد الانسان العاقل السوي غير هذه؟ فلماذا النفور من الدين؟
فعلى جميع أولياء الأمور في الاسرة والمدرسة والجامعة والمسجد ووسائل الاعلام وسائر مرافق الحياة أن يحثوا الناس على الالتزام بالدين لتستقيم الحياة وتتخذ شكلها الحضاري والإنساني السامي.
[1] - من حديث سماحة المرجع الشيخ اليعقوبي (دام ظله) مع جمع من المدرّسين والتربويين ووجهاء ناحية الفجر الذين زاروا سماحته لتقديم الشكر على تبرعه بتكاليف انشاء صفوف دراسية لأبنائهم ضمن حملة واسعة لتعمير المدارس وتجهيزها وتزويد الطلبة بالكتب يوم 22 رجب 1439 المصادف 9 / 4 / 2018