دعاء الإمام زين العابدين (عليه السلام) يوم عرفة
دعاء الإمام زين العابدين (عليه السلام) يوم عرفة
اَلحَمدُ للهِ رَبِّ العالَمينَ، اَللّهُمَّ لَكَ الحَمدُ بَديعَ السَّماواتِ وَالأرضِ ذَا الجَلالِ والاِكرامِ، رَبِّ الأَربابِ، وَإِلهَ كُلِّ مَألُوه، وَخالِقَ كُلِّ مَخلُوق، وَوارِثَ كُلِّ شَيءٍ، لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ، وَلا يَعزُبُ عَنهُ شَيء، وَهُوَ بِكُلِّ شَيء مُحيطٌ، وَهُوَ عَلى كُلِّ شِيء رَقيبُ.
أَنتَ اللهُ لا إِلهَ اِلاّ اَنتَ الاَحَدُ المُتَوَحِّدُ الفَردُ المُتَفَرِّدُ، وَأَنتَ اللهُ لا إِلهَ إِلاّ أَنتَ الكَريمُ المُتَكَرِّمُ العَظيمُ المُتَعَظِّمُ الكَبيرُ المُتَكَبِّرُ، أَنتَ اللهُ لا إِلهَ إِلاّ أَنتَ العَلِيُّ المُتَعالِ الشَّديدُ الِمحالِ، أَنتَ اللهُ لا إِلهَ إِلاّ اَنتَ الرَّحمنُ الرَّحيمُ العَليمُ الحَكيمُ، أَنتَ اللهُ لا إِلهَ اِلاّ اَنتَ السَّميعُ البَصيرُ القَديمُ العَليمُ الحَكيمُ، أَنتَ اللهُ لا إِلهَ اِلاّ اَنتَ السَّميعُ البَصيرُ القَديمُ الخَبيرُ، أَنتَ اللهُ لا إِلهَ اِلاّ اَنتَ الكَريمُ الاَكرَمُ الدّائمُ الادوَمُ، أَنتَ اللهُ لا إِلهَ اِلاّ اَنتَ الاوَّلُ قَبلَ كُلِّ أَحَد وَالآخِرُ بَعدَ كُلِّ عَدَد، أَنتَ اللهُ لا إِلهَ اِلاّ اَنتَ الدّاني في عُلُوِّهِ وَالعالي في دُنُوِّهِ، أَنتَ اللهُ لا إِلهَ اِلاّ اَنتَ ذُو البَهاءِ وَالَمجدِ وَالكِبرياءِ وَالحَمدِ. أَنتَ اللهُ لا إِلهَ اِلاّ اَنتَ الَّذي اَنشَأتَ الأشياءَ مَن غَيرِ سِنخ، وَصَوَّرتَ ما صَوَّرتَ مِن غَيرِ مِثال، وَابتَدَعتَ المُبتَدَعاتِ بِلا احتِذاء. أَنتَ الَّذي قَدَّرتَ كُلَّ شَيء تَقديراً، وَيَسَّرتَ كُلَّ شَيء تَيسيراً، وَدَبَّرتَ ما دُونَكَ تَدبيراً. اَنتَ الَّذي لَم يُعِنكَ عَلى خَلقِكَ شَريكٌ، وَلَم يُوازِكَ في أَمرِكَ وَزيرٌ، وَلَم يَكُن لَكَ مُشابِهٌ وَلا نَظيرٌ. أَنتَ الَّذي اَرَدتَ فَكانَ حَتماً ما اَرَدتَ وَقَضَيتَ فَكانَ عَدلاً ما قَضَيتَ، وَحَكمتَ فَكانَ نِصَْفاً ما حَكَمتَ. أَنتَ الَّذي لا يَحويكَ مَكانٌ، وَلَم يَقُم لِسُلطانِكَ سُلطانٌ، وَلَم يُعيِكَ بُرهانٌ وَلا بَيانٌ. أَنتَ الَّذي اَحصَيتَ كُلَّ شَيء عَدَداً، وَجَعَلتَ لِكُلِّ شَيء أَمَداً، وَقَدَّرتَ كُلَّ شَيء تَقديراً. أَنتَ الَّذي قَصُرَتْ الأوهامُ عن ذَاتِيَّتكَ، وعَجَزَتِ الأفهَامُ عَن كَيفِيَّتِكَ، وَلَك تُدرِكِ الأَبصارُ مَوضِعَ أَينِيَّتِكَ. أَنتَ الَّذي لا تُحَدُّ فَتَكُونَ مَحدُوداً، وَلَم تُمَثَّلْ فَتَكُونَ مَوجُوداً، وَلَم تَلِد فَتَكُونَ مَولُوداً أَنتَ الَّذي لا ضِدَّ مَعَكَ فَيُعانِدَكَ، وَلا عِدلَ لَكَ فَيُكاثِرَكَ، وَلا نِدَّ لَكَ فَيُعارِضَكَ. أَنتَ الَّذي ابتَدَأ وَاختَرَعَ وَاستَحدَثَ وَابتَدَعَ وَأَحسَنَ صُنعَ ما صَنَعَ.
سُبحانَكَ ما اَجَلَّ شَأنَكَ، وَأَسنى في الاَماكِنِ مَكانَكَ، وَاَصدَعَ بِالحَقِّ فُرقانَكَ. سُبحانَكَ مِن لَطيف ما أَلطَفَكَ، وَرَؤُوف ما أَرأَفَكَ، وَحَكيمٍ ما أَعرَفَكَ. سُبحانَكَ مِن مَليكٍ ما أَمنَعَكَ، وَجَوادٍ ما أَوسَعَكَ، وَرَفيعٍ ما اَرفَعَكَ، ذُو البَهاءِ وَالَمجدِ وَالكِبرياءِ وَالحَمدِ. سُبحانَكَ بَسَطتَ بِالخَيراتِ يَدَكَ، وَعُرِفَتِ الهِدايَةُ مِن عِندِكَ، فَمَنِ الَتمَسَكَ لِدينٍ اَو دُنياً وَجَدَكَ. سُبحانَكَ خَضَعَ لَكَ مَن جَرى في عِلمِكَ، وَخَشَعَ لِعَظَمَتِكَ ما دُونَ عَرشِكَ، وَانقادَ لِلتَسليمِ لَكَ كُلُّ خَلقِكَ. سُبحانَكَ لا تُحَسُّ وَلا تُجَسُّ وَلا تُمَسُّ وَلا تُكادُ وَلا تُماطُ (وَلا تُحاطُ) وَلا تُنازَعُ وَلا تُجارى وَلا تُمارى وَلا تخادَعُ وَلا تُماكَرُ. سُبحانَكَ سَبيلُكَ جَدَدٌ وَأَمرُكَ رَشَدٌ وَأَنتَ حَيُّ صَمَدٌ. سُبحانَكَ قَولُكَ حُكمٌ، وَقَضاؤُكَ حَتمٌ، وَاِرادَتُكَ عَزمٌ. سُبحانَكَ لا رادَّ لِمشِيَّتِكَ، وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِكَ. سُبحانَكَ باهِرَ الآياتِ، فاطِرَ السَّماواتِ، بارِئَ النَّسمَاتِ.
لَكَ الحَمدُ حَمداً يَدُومُ بِدَوامِكَ، وَلَكَ الحَمدُ حَمداً خالِداً بِنعمَتِكَ، وَلَكَ الحَمدُ حَمداً يُوازي صُنعَكَ، وَلَكَ الحَمدُ حَمداً يَزيدُ عَلى رِضاكَ، وَلَكَ الحَمدُ حَمداً مَعَ حَمدِ كُلِّ حامِد، وَشُكراً يَقصُرُ عَنهُ شُكرُ كُلِّ شاكِر، حَمداً لا يَنبَغي إلا لَكَ وَلا يُتَقَرَبُ بِهِ اِلاّ إِلَيكَ، حَمداً يُستَدامُ بِه الأِوَّلُ وَيُستَدعى بِه دَوامُ الآخِرِ، حَمداً يَتَضاعَفُ عَلى كُرُورِ الاَزمِنَةِ وَيَتَزايَدُ اَضعافاً مُتَرادِفَةً، حَمداً يَعجِزُ عَنْ اِحصائِهِ الحَفَظَةُ وَيَزيدُ عَلى ما اَحصَيتَ في كِتابِكَ الكَتَبَةُ، حَمداً يُوازِنُ عَرشَكَ الَمجيدَ وَيُعادِلُ كُرسِيَّكَ الرَّفيعَ، حَمداً يَكمُلُ لَدَيكَ ثَوابُهُ وَيَستَغرِقُ كُلَّ جَزاءٍ جَزاءُهُ، حَمداً ظاهِرُهُ وِفقٌ لِباطِنهِ وَباطِنُهُ وَفَقٌ لِصدقِ النِيَّةِ به، حَمداً لَم يَحمَدكَ خَلقٌ مِثلَهُ وَلا يَعرِفُ أَحدٌ سِواكَ فَضلَهُ، حَمداً يُعانُ مَنِ اجتَهَدَ في تَعديدِهِ وَيُؤَيَّدُ مَن أَغرَقَ نَزعاً في تَوفِيَتِهِ، حَمداً يَجمَعُ ما خَلَقتَ مِنَ الحَمدِ وَيَنتَظِمُ ما أَنتَ خالِقُهُ مِن بَعدُ، حَمداً لا حَمدَ أَقرَبُ إِلى قَولِكَ مِنهُُ وَلا اَحمَدَ مِمَّن يَحمَدُكَ بِه، حَمداً يُوجِبُ بِكَرَمِكَ المَزيدَ بِوُفُورِهِ وَتَصِلُهُ بِمَزيدٍ بَعدَ مَزيدٍ طَولاً مِنكَ، حَمداً يَجِبُ لِكَرَمِ وَجهِكَ وَيُقابِلُ عِزّ جَلالِكَ.
رَبِّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد المُنتَجَبِ المُصطفَى المُكَرَّمِ المُقَرَبِ أَفضَلَ صَلَواتِكَ، وَبارِك عَلَيهِ أَتَمَّ بَرَكاتِكَ، وَتَرَحَّم عَلَيهِ أمتَعَ رَحَماتِكَ. رِبِّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِه صَلاةً زاكِيَةً لا تَكُونُ صَلاةٌ أَزكى مِنها، وَصَلِّ عَلَيهِ صَلاةً نامِيَةً لا تَكُونُ صَلاةٌ أَنمى مِنها، وَصَلِّ عَلَيهِ صَلاةً راضِيَةً لا تَكُونُ صَلاةٌ فَوقَها. رَبِّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ صَلاةً تُرضيهِ وَتَزيدُ عَلى رِضاهُ، وَصَلِّ عَلَيهِ صَلاةً تُرضيكَ وَتَزيدُ عَلى رِضاكَ لَهُ، وَصَلِّ عَلَيهِ صَلاةً لا تَرضى لَهُ إِلاّ بِها وَلا تَرى غَيرَهُ لَها أَهلاً. رَبِّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِه صَلاةً تُجاوِزُ رِضوانَكَ، وَيَتَّصِلُ اِتّصالُها بِبَقائِكَ، وَلا تَنفَدُ كَما لا تَنفَدُ كَلِماتُكَ رَبِّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ صَلاةً تَنتَظِمُ صَلَواتِ مَلائِكَتِكَ وَاَنبِيائِكَ وَرُسُلِكَ وَاَهلِ طاعَتِكَ، وَتَشتَمِلُ عَلى صَلَواتِ عِبادِكَ مِن جِنِّكَ وَاِنسِكَ وَأهلِ اِجابَتِكَ، وَتَجتَمِعُ عَلى صَلاةِ كُلِّ مَن ذَرَأتَ وَبَرَأتَ مِن اَصنافِ خَلقِكَ. رَبِّ صَلِّ عَليهِ وآلِهِ صَلاةً تُحيطُ بِكُلِّ صَلاةٍ سالِفَةٍ وَمُستأنَفَةٍ، وَصَلِّ عَلَيهِ وَعَلى آلِه صَلاةً مَرضِيَّةً لَكَ وَلِمَن دُونَكَ، وَتُنشِئُ مَعَ ذلِكَ صَلَواتٍ تُضاعِفُ مَعَها تِلكَ الصَّلَواتِ عِندَها وَتَزيدُها عَلى كُروُرِ الاَيّامِ زِيادَةً في تَضاعيفَ لا يَعُدُّها غَيرُكَ. رَبِّ صَلِّ عَلى أَطائِبِ أَهلِ بَيتِهِ الَّذينَ اختَرتَهُم لاِمرِكَ، وَجَعَلتَهُم خَزَنَةَ عِلمِكَ، وَحَفَظَةَ دينِكَ، وَخُلَفاءَكَ في اَرضِكَ، وَحُجَجَكَ عَلى عِبادِكَ، وَطَهَّرتَهُم مِنَ الرِّجسِ وَالدَّنَسِ تَطهيراً بِاِرادَتِكَ، وَجَعَلتَهُمُ الوَسيلَةَ إِلَيكَ وَالمَسلَكَ إِلى جَنَّتِكَ. رَبِّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ صَلاةً تُجزِلُ لَهُم بِها مِن نِحَلِكَ وَكَرامَتِكَ، وَتُكمِلُ لَهُمُ الأشياءَ مِن عطاياكَ وَنَوافِلِكَ، وَتُوَفِّرُ عَلَيهِمُ الحَظَّ مِن عَوائِدِكَ وَفَوائِدِكَ. رَبِّ صَلِّ عَلَيهِ وَعَلَيهِم صَلاةً لا أَمَدَ في أَوَّلِها، وَلا غايَةَ لأمَدِها، وَلا نِهايَةَ لآخِرِها. رَبِّ صَلِّ عَلَيهم زِنَةَ عَرشِكَ وَما دُونَهُ، وَمِلءَ سَماواتِكَ وَما فَوقَهُنَّ، وَعَدَدَ أَرضِكَ وَما تَحتَهُنَّ وَما بَينَهُنَّ، صَلاةً تُقَرِّبُهُم مِنكَ زُلفىً وَتَكُونُ لَكَ وَلَهُم رِضاًً ومُتَّصِلَةٌ بِنَظائِرهِنَّ أَبَداً.
اَللّهُمَّ إِنَّكَ أَيَّدتَ دِينَكَ في كُلِّ أَوانٍ بِإمِام اَقَمتَهُ عَلَماً لِعِبادِكَ وَمَناراً في بِلادِكَ، بَعدَ اَن وَصَلتَ حَبلَهُ بِحَبلِكَ، وَجَعَلتَهُ الذَّريعَةَ إِلى رِضوانِكَ، وَافتَرَضتَ طاعَتَهُ وَحَذَّرتَ مَعصِيَتَهُ، وَاَمَرتَ بِامتِثالِ أَمرِهِ وَالاِنتهاءِ عِندَ نَهيهِ، وَاَن لا يَتَقَدَّمُه مُتَقَدِّمٌ، وَلا يَتَأخَّرَ عَنهُ مُتَأخِّرٌ، فَهُوَ عِصمَةُ اللاّئِذينَ، وَكَهفُ المُؤمِنينَ، وَعُروَةُ المُتَمَسِّكينَ وَبهاءُ العالَمينَ.
اَللّهُمَّ فَأوزِع لِولِّيكَ شُكرَ ما أَنعَمْتَ بِهِ عَلَيهِ، وَأَوزِعنا مِثلَهُ فِيهِ، وَآتِه مِن لَدُنكَ سُلطاناً نَصيراً وَافتَح لَهُ فَتحاً يَسيراً، وَاَعِنهُ بِرُكنِكَ الاَعَزِّ، وَاشدُد أَزرَهُ، وَقَوِّ عَضُدَهُ، وَراعِهِ بِعَينِكَ وَاحمِهِ بِحِفظِكَ، وَانصُرهُ بِمَلائِكَتِكَ، وَامدُدهُ بِجُهدِكَ الاَغلِبِ، وَأَقِم بِهِ كِتابَكَ وَحُدُودَكَ وَشرائِعَكَ، وَسُنَنَ رَسُولِكَ صَلَواتُكَ اَللّهُمَّ عَلَيهِ وَآلِهِ، وَأَحيي بِه ما أَماتَهُ الظّالِمونَ مِن مَعالِمِ دِينِكَ، وَأجلُ بِهِ صَداءَ الجَورِ عَن طَريقَكَ، وَاَبن بِه الضَّرَّاءَ مِن سَبيلِكَ وَأَزِلْ بِهِ النّاكِبينَ عَن صِراطِكَ، وَامحَق بِهِ بُغاةَ قَصدِكَ عِوَجاً، وَأَلِن جانِبَهُ لأوليائِكَ، وَابسُط يَدَهُ عَلى اَعدائِكَ، وَهَب لَنا رَأفَتَهُ وَرَحمَتَهُ وَتَعَطُّفَهُ وَتَحَنُّنَهُ وَاجعَلنا لَهُ سامِعينَ مُطيعينَ، وَفي رِضاهُ ساعِينَ، وَإلى نُصرَتِهِ وَالمُدافَعَةِ عَنهُ مُكنِفينَ، وَاِلَيكَ وَاِلى رِسُولِكَ صَلَواتُكَ اَللّهُمَّ عَلَيهِ وَآلِهِ بِذلِكَ مُتَقَرِّبينَ.
اَللّهُمَّ وَصَلِّ عَلى أَولِيائِهِمُ، المُعتَرِفينَ بِمَقامِهِمُ، المُتَّبِعينَ مَنهَجَهُمُ، المُقتَفِينَ آثارَهُمُ المُستَمسِكينَ بِعُروَتِهُمُ المُتَمسِّكينَ بِوِلايَتَهُمُ، المُؤتَمّينَ بِاِمامَتِهُمُ، المُسّلِّمينَ لأمرِهُمُ، الُمجتَهِدينَ في طاعَتِهِمُ، المُنتَظِرينَ اَيّامَهُمُ، المادّينَ إِلَيهِم اَعيُنَهُم، الصَّلَواتِ المُبارَكاتِ الزّاكِياتِ النّامِياتِ الغادِياتِ الرّائِحاتِ وَسَلِّم عَلَيهِم وَعَلى أَرواحِهِم، وَاجمَع عَلى التَّقوى أَمرَهُم، وَأَصلِح لَهُ شُؤُونَهُم وَتُب عَلَيهِم إِنَكَ أَنتَ التَّوابُ الرَّحيمُ، وَخَيرُ الغافِرينَ، وَاجعَلنا مَعَهُم في دارِ السَّلامِ، بِرَحمَتِكَ يا اَرحَمَ الرّاحِمينَ.
اَللّهُمَّ هذا يَومُ عَرَفَةَ، يَومٌ شَرَّفتَهُ وَكَرَّمتَهُ وَعَظَّمتَهُ، نَشَرتَ فِيه رَحمَتَكَ، وَمَنَنتَ فيهِ بِعَفْوِكَ وَأَجْزَلتَ فيهِ عَطِيَّتَكَ، وَتَفَضَّلتَ بِهِ عَلى عِبادِكَ. اَللّهُمَّ وَأَنا عَبدُكَ الَّذي أَنعَمتَ عَلَيهِ قَبلَ خَلقِكَ لَهُ وَبَعدَ خَلقِكَ إِيّاهُ، فَجَعلتَهُ مِمَّن هَدَيتَهُ لِدينِكَ، وَوَفَّقتَهُ لِحَقِّكَ، وَعَصَمتَهُ بِحَبلِكَ، وَأَدخَلْتَهُ في حِزبِكَ، وَأرشَدتَهُ لِمُوالاةِ أَولِيائِكَ، وَمُعاداةِ أَعدائِكَ، ثُمَّ اَمرتَهُ فَلَم يَأتَمِر، وَزَجَرتَهُ فَلَم يَنزَجِر، وَنَهَيتَهُ عَن مَعصِيَتِكَ فَخالَفَ اَمرَكَ اِلى نَهيِكَ، لا مُعانَدَةً لَكَ وَلا استِكباراً عَلَيكَ، بَل دَعاهُ هَواهُ اِلى ما زَيَّلتَهُ وَاِلى ما حَذَّرتَهُ، وَاَعانَهُ عَلى ذلِكَ عَدُّوكَ وَعَدُوُّهُ، فَأقدَمَ عَلَيهِ عارِفاً بِوَعيدِكَ راجِياً لِعفوِكَ واثِقاً بِتَجاوُزِكَ، وَكانَ أَحَقَّ عِبادِكَ مَعَ ما مَنَنْتَ عَلَيهِ أَن لا يَفعَلَ، وَها أَنا ذا بَينَ يَدَيكَ صَاغِراً ذَليلاً خاضِعاً خاشِعاً خائِفاً مُعتَرِفاً بِعَظيم مِنَ الذُّنوبِ تَحَمَّلتُهُ وَجَليل مِنَ الخَطايا اجتَرَمتُهُ، مُستَجيراً بِصَفحِكَ، لائِذاً بِرَحمَتِكَ، مُوقِناً اَنَّهُ لا يُجيرُني مِنكَ مُجيرٌ، وَلا يَمنَعُني مِنكَ مانِعٌ، فَعُد عَلَيَّ بِما تَعُودُ بِه عَلى مَن أسرَفَ ( اقتَرَفَ) مِن تَغَمُّدِكَ، وَجُد عَلَيَّ بِما تَجُودُ بِه عَلى مَن أَلقى بِيَدِه إلَيكَ مِن عَفوِكَ، وَامنُن عَلَيَّ بِما لا يَتَعاظَمُكَ أَن تَمُنَّ بِه عَلى مَن أَمَّلَكَ مِن غُفرانِكَ، وَاجعَل لِي في هذا اليَومِ نَصيباً أَنالُ بِه حَظّاً مِن رِضوانِكَ، وَلا تَرُدَّني صِفراً مِمّا يَنقَلِبُ بِهِ المُتَعَبِّدُونَ لَكَ مِن عِبادِكَ، وَاِنّي وَاِن لَم أُقَدِّم ما قَدَّمُوهُ مِن الصّالِحاتِ فَقَد قَدَّمتُ تَوحيدَكَ وَنَفيَ الأضدادِ وَالأندادِ وَالأشباهِ عَنكَ، وَأَتَيتُكَ مِنَ الأَبوابِ الّتي اَمَرتَ أَن تُؤتى مِنها، وَتَقَرَّبتُ اِليكَ بِما لا يَقرُبُ أَحَدٌ مِنكَ إلاّ بِالتَّقَرُّبِ بِه، ثُمَّ اَتبعتُ ذلِكَ بِالإنابَةِ اِلَيكَ وَالتَّذَلُّلِ وَالاِستِكانَةِ لَكَ وَحُسنِ الظَّنِّ بِكَ وَالثِقَةِ بِما عِندَكَ، وَشَفَعتُهُ بِرَجائِكَ الَّذي قَلَّ ما يَخيبُ عَلَيهِ راجيكَ، وَسَألتُكَ مَسأَلَةَ الحَقيرِ الذّليلِ البائِسِ الفَقيرِ الخائِفِ المُستَجيرِ، وَمَعَ ذلِكَ خيفَةً وَتَضَرُّعاً وَتَعَوُذاً وَتَلَوُّذاً لا مُستَطيلاً بِتَكبُّرِ المُتَكَبِّرينَ، وَلا مُتَعالِياً بِدالَّةِ المُطيعينَ، وَلا مُستَطيلاً بِشَفاعَةِ الشّافِعينَ، وَأَنا بَعدُ أَقَلُّ الاَقَلِّينَ، وَاَذَلُّ الاَذَلِّينَ، وَمِثلُ الذَرَّةِ اَو دُونِها. فَيا مَن لَم يُعاجِلِ المُسيئينَ، وَلا يَندَهُ المُترَفينَ، وَيا مَن يَمُنُّ بِأِقالَةِ العاثِرينَ، وَيَتَفَضَّلُ بِإنظارِ الخاطِئينَ، اَنا المُسيءُ المُعتَرِفُ، المُذنِبُ المُقتَرِفُ، الخاطِئُ العاثِرُ، أَنا الَّذي أَقدَمَ عَلَيكَ مُجتَرِئاً، اَنا الَّذي هابَ عِبادَكَ وَاَمِنَكَ، أَنا الَّذي لَم يَرهَبْ سَطوَتَكَ، وَلَم يَخَفْ بَأسَكَ، أَنا الجاني عَلى نَفسِهِ، اَنا المُرتََهَنُ بِبَلِيَّتِهِ، أَنا القَليلُ الحَياءِ، اَنا الطَّويلُ العَناءِ.
بِحَقِّ مَنِ انتَجَبتَ مِن خَلقِكَ، وَبِمَنِ اْصطَفَيتَهُ لِنفِسكَ، بِحَقِّ مَنِ اختَرتَ مِن بَرِيَّتِكَ، وَمَنِ اْجتَبَيتَ لِشَأنِكَ، بِحَقِّ مَن وَصَلتَ طاعَتَهُ بِطاعَتِكَ، وَمَنْ جَعَلتَ مَعصِيَتَهُ كَمَعصِيَتِكَ، بِحَقِّ مَن قَرَنْتَ مُوالاتَهُ بِمُوالاتِكَ، وَمَن نُطْتَ مُعاداتَهُ بِمُعاداتِكَ، تَغَمَّدْني في يَومي هذا بِما تَتَغَمَّدُ بِه مَن جَأرَ اِلَيكَ مُتَنَصِّلاً، وَعاذَ بِاستِغفارِكَ تائِباً، وَتَوَّلَّني بِما تَتَوَلى بِه اَهلَ طاعَتِكَ وَالزُّلفى لَدَيكَ وَالمَكانَةِ مِنكَ، وَتَوَحَّدني بِما تَتَوَحَّدُ بِه مَن وَفى بِعَهدِكَ، وَاَتعَبَ نَفسَهُ في ذاتِكَ، وَاَجهَدَها في مَرضاتِكَ، وَلا تُؤاخِذني بِتَفريطي في جَنبِكَ، وَتَعَدّي طَوري في حُدُودِكَ، وَمُجاوَزَةِ اَحكامِكَ، وَلا تَستَدرِجني بِإمِلائِكَ لِي اِستِدراجَ مَن مَنَعَني خَيرَ ما عِندَهُ وَلَم يَشرُكْكَ في حُلُولِ نِعمَتِهِ بي، وَنَبِّهني مِن رَقدَةِ الغافِلينَ، وَسِنَةِ المُسرِفينَ، وَنَعسَةِ الَمخذوُلينَ، وَخُذ بقَلبي إِلى مَا استَعمَلتَ بِهِ القانِتينَ، وَاستَعبَدتَ بِهِ المُتَعَبِّدينَ، وَاستَنقَذْتَ بِهِ المُتهاوِنينَ، وَأَعِذني مِمّا يُباعِدُني عَنكَ وَيَحُولُ بَيني وَبَينَ حَظّي مِنكَ، وَيَصُدُّني عَمّا اُحاوِلُ لَدَيكَ، وَسَهِّل لي مَسلَكَ الخَيراتِ اِلَيكَ، وَالمُسابَقَةَ اِلَيها مِن حَيثُ أَمَرتَ وَالمُشاحَّةَ فيها عَلى ما أَرَدتَ، وَلا تَمَحَقْني فيمَن تَمحَقُ مِنَ المُستَخِفّينَ بِما أَوعَدتَ، وَلا تُهلِكني مَعَ مَن تُهلِكُ مِنَ المُتَعَرّضينَ لِمَقتِكَ، وَلا تُتَبِّرني فيمَن تُتَبِّرُ مَنَ المُنحَرِفينَ عَن سَبيلِكَ ونَجِّني مِن غَمَراتِ الفِتنَةِ، وَخَلِّصني مِن لَهَواتِ البَلوى وَاَجِرني مِن أَخذِ الإمِلاءِ، وَحُلْ بَيني وَبَينَ عَدّوٍّ يُضِلُّني، وَهَوىً يُوبِقُني، وَمَنقَصَةٍ تَرهَقُني، وَلا تُعرِض عَنّي إعراضَ مَن لا تَرضى عَنهُ بَعدَ غَضَبِكَ، وَلا تُؤيِسني مِنَ الأمَلِ فيكَ، فَيَغلِبَ عَلَيَّ القُنُوطُ مِن رَحمَتِكَ، وَلا تَمتَحِنِّي بِما لا طاقَةَ لي بِه، فَتَبهَظَني مِمّا تُحَمِّلُنيهِ مِن فَضلِ مَحَّبَتِكَ، وَلا تُرسِلني مِن يَدِكَ اِرسالَ مَن لا خَيرَ فيهِ وَلا حاجَةَ بِكَ اِلَيهِ، وَلا إِنابَةَ لَهُ، وَلا تَرمِ بي رَميَ مَن سَقَطَ مِن عَينِ رِعايَتِكَ، وَمَنِ اشتَمَلَ عَلَيهِ الخِزيُ مِن عِندِكَ، بَل خُذْ بِيَدي مِن سَقطَةِ المُرتَدِّينَ، وَوَهلَةِ المُتَعَسِّفينَ وَزَلَّةِ المَغرُورِينَ، وَوَرطَةِ الهالِكينَ، وَعافِني مِمّا ابتَلَيْتَ بِهِ طَبَقاتِ عَبيدِكَ وَاِمائِكَ، وَبَلِّغني مَبالِغَ مَن عُنيتَ بِه، وَأَنعَمتَ عَلَيهِ وَرَضيتَ عَنهُ، فَأَعشْتَهُ حَميداً وَتَوَفَّيتَهُ سَعيداً، وَطَوِّقني طَوقَ الإقلاعِ عَمّا يُحبِطُ الحَسَناتِ وَيَذهَبُ بِالبَركاتِ، وَأَشعِرْ قَلبِيَ الاِزدِجارَ عَن قَبائِح السَّيِّئاتِ، وَفَواضِحِ الحَوْباتِ، وَلا تَشغَلني بِما لا أُدرِكُهُ إِلاّ بِكَ عَمّا لا يُرضِيكَ عَنّي غَيرُهُ، وَاَنزِع مِن قَلبي حُبَّ دُنيا دَنِيَّةٍ تَنهى عَمّا عِندَكَ، وَتَصُدُ عَنِ اِبتِغاءِ الوِسيلَةِ اِلَيكَ، وَتُذهِلُ عَن اَلتَّقَرُبِ مِنكَ، وَزَيِّنْ لِيَ التَّفَرُدَ بِمُناجاتِكَ بِاللَّيلِ وَالنَّهارِ، وَهَب لي عِصمَةً تُدنيني مِنْ خَشيَتِكَ، وَتَقطَعُني عَن رُكُوبِ مَحارِمِكَ، وَتَفُكَّني مِن أَسرِ العَظائِمِ، وَهَبْ لِيَ التَّطهيرَ مِنْ دَنَسِ العِصيانِ، وَأَذهِب عَنّي دَرَنَ الخَطايا، وَسَرْبِلني بِسِربالِ عافِيَتِكَ، وَرَدِّني رِداءَ مُعافاتِكَ، وَجَلِّلني سَوابِغَ نَعمائِكَ، وَظاهِرْ لَدَيَّ فَضْلَكَ، وَأَيِدّني بِتَوفيقِكَ وَتَسديدِكَ، وَأَعِنّي عَلى صالِحِ النِّيَّةِ وَمَرضِيّ القَولِ وَمُستَحسَنِ العَمَلِ، وَلا تَكِلني اِلى حَولي وَقُوَّتي دُونَ حَولِكَ وَقُوَّتِكَ، وَلا تُخزِني يَومَ تَبعَثُني لِلِقائِكَ، وَلا تَفضَحْني بَينَ يَدَي أَولِيائِكَ، وَلا تُنسِني ذِكرَكَ، وَلا تُذهِبْ عَنّي شُكْرَكَ، بَلْ أَلزِمْنيهِ في أَحوالِ السَّهوِ عِندَ غَفَلاتِ الجاهِلينَ لآِلائِكَ، وَأَوزِعني أَن أُثنِيَ بِما أَولَيتَنِيهِ، وَاَعتَرِفَ بِما اَسدَيتَهُ إِلَيَّ، وَاجْعَلْ رَغبَتي اِلَيكَ فَوقَ رَغَبَةِ الرّاغِبينَ، وَحَمدي اِيّاكَ فَوقَ حَمدِ الحامِدينَ، وَلا تَخذُلْني عِندَ فاقَتي اِلَيكَ، وَلا تُهلِكْني بِما اَسدَيتُهُ اِلَيكَ، وَلا تَجبَهْني بِما جَبَهتَ بِه المُعانِدينَ لكَ، فَاِنّي لَكَ مُسلِّمٌ، أَعلَمُ اَنَّ الحُجَّةَ لَكَ وَاَنَّكَ أَولى بِالفَضلِ وَأَعوَدُ بِالاِحسانِ وَاَهلُ التَّقوى وَاَهلُ المَغفِرَةِ، وَاَنَّكَ بِأنَ تَعفُوَ اَولى مِنكَ بِأن تُعاقِبَ، وَاَنَّكَ بِأَن تَستُرَ اَقرَبُ مِنكَ إِلى أَن تَشهَرَ، فَأَحيِني حَياةً طَيِّبَةً تَنتَظِمُ بِما أُريدُ، وَتَبلُغُ بي ما أُحِبُّ مِنْ حَيثُ لا آتي ما تَكرَهُ، وَلا اَرتَكِبُ ما نَهَيتَ عَنهُ، وَاَمِتني مِيتَةَ مَنْ يَسعى نُورُهُ بَينَ يَدَيهِ وَعَن يَميِنِهِ، وَذَلِّلني بَينَ يَدَيكَ، وَأَعِزَّني عِندَ خَلقِكَ، وَضَعني اِذا خَلَوتُ بِكَ، وَاْرفَعْني بَينَ عِبادَكَ، وَاَغنِني عَمَن هُوَ غَنيٌّ عَنّي، وَزِدني اِلَيكَ فاقَةً وَفَقْراً، وَأَعِذني مِن شَماتَةِ الأعداءِ، وَمِن حُلُولِ البَلاءِ، وَمِنَ الذُّلِ وَالعَناءِ، وَتَغَمّدْني فيما اْطَّلَعْتَ عَلَيهِ مِنّي بِما يَتَغَمَّدُ بِه القادِرُ عَلى البَطشِ لَولا حِلْمُهُ، وَالآخِذُ عَلى الجَريرَةِ لَولا اَناتُهُ، وَاِذا أَرَدتَ بِقَومٍ فِتْنَةً اَو سُوءاًً فَنَجِّني مِنها لِواذاً بِكَ، وَاِذا لَم تُقِمني مَقامَ فَضيحَة في دُنياكَ فَلا تُقِمْني مِثلَهُ في آخِرَتِكَ، وَاشْفَعْ لي اَوائِلَ مِنَنِكَ بِأَواخِرِها، وَقَديمَ فَوائِدِكَ بِحَوادِثِها، وَلا تَمدُدْ لي مَدّاً يَقسُو مَعَهُ قَلبْي، وَلا تَقرَعْني قارِعَةً يَذهَبُ لَها بَهائِي، وَلا تَسُمني خَسيسَةً يَصغُرُ لَها قَدري، وَلا نَقيصَةً يُجهَلُ مِن أَجلِها مَكانِي، وَلا تَرُعْني رَوعَةً أُبلِسُ بِها، وَلا خِيفَةً اُوجِسُ دُونَها، اِجعَل هَيبَتي في وَعيدِكَ، وَحَذَري مِن إِعذارِكَ وَإنذارِكَ، وَرَهْبَتي، عِندَ تِلاوَةِ آياتِكَ، وَاعمُر لَيلي بِإيقاضي فيهِ لِعِبادَتِكَ، وَتَفَرُّدي بِالتَّهَجُّدِ لَكَ، وَتَجَرُّدي بِسُكُوني اِلَيكَ، وَاِنزالِ حَوائِجي بِكَ، وَمُنازَلَتي اِيّاكَ في فَكاكِ رَقَبَتي مِن نارِكَ، وَاِجارَتي مِمّا فِيهِ أهلُها مِن عَذابِكَ، وَلا تَذَرنِيْ في طُغيَانِي عَامِهاً، وَلا فِي غَمرَتي ساهِياً حَتّى حين، وَلا تَجْعَلْني عِظَةً لِمَنِ اَتَّعَظَ، وَلا نَكالاً لِمَنِ اعتَبَرَ، وَلا فِتْنَةً لِمَن نَظَرَ، وَلا تَمكُرْ بي فيمَن تَمكُرُ بِهِ، وَلا تَستَبدِل بي غَيري، وَلا تُغَيِّر لي اِسْماً، وَلا تُبَدِّل لي جِسماً، وَلا تَتَّخِذْني هُزُواً لِخَلقِكَ، وَلا سُخْرِيّاً لَكَ، وَلا مُتَّبِعاً إِلاّ لِمَرضاتِكَ، وَلا مُمتَهَناً اِلاّ بالاِنتِقامِ لَكَ، وَأَوجِدْني بَردَ عَفوِكَ، وَحَلاوَةَ رَحمَتِكَ، وَرَوحِكَ وَرَيحانِكَ، وَجَنَّةِ نَعيمِكَ، وَأَذِقني طَعمَ الفَراغِ لِما تُحِبُّ بِسَعَةٍ مِن سَعَتِكَ، وَالاِجتِهادِ فيما يُزلِفُ لَدَيكَ وَعِندَكَ، وَأتحِفني بِتُحفَةٍ مِن تُحَفاتِكَ، وَاجعَل تِجارَتي رابِحَةً، وَكَرَّتي غَيرَ خاسِرَةٍ، وَاَخِفْني مَقامَكَ، وَشَوِّقني لِقاءَكَ، وَتُب عَلَيَّ تَوبَةً نَصُوحاً، لا تُبقِ مَعَها ذُنُوباً صَغيرَةً وَلا كَبيرَةً، وَلا تَذَرْ مَعَها عَلانِيَةً وَلا سَريرَةً، وَانزَعِ الغِلَّ مِن صَدري لِلمُؤمِنينَ، وَاعطِفْ بِقَلبي عَلى الخاشِعينَ، وَكُن لي كَما تَكُونُ لِلصّالِحينَ، وَحَلِّني حِليَةَ المُتَّقينَ، وَاجعَلْ لي لِسانَ صِدق في الغابِرينَ، وَذِكراً نامِياً في الآخِرينَ، وَوافِ بي عَرَصَةَ الأوَّلِينَ، وَتَمِّمْ سُبُوغَ نِعْمَتِكَ عَليَّ وَظاهِرْ كَراماتِها لَدَيَّ، وَاْملأ مِن فَوائِدكَ يَديّ، وَسُقْ كَرائِمَ مَواهِبِكَ إلَيَّ، وَجاوِر بِيَ الأطيَبينَ مِن اَولِيائِكَ في الجِنانِ الّتي زَيَّنتَها لأصفِيائِكَ، وَجَلِّلني شَرائِفَ نِحَلِكَ فِي المَقاماتِ المُعَدَّةِ لأحِبّائِكَ، وَاْجعَلْ لي عِندَكَ مَقيلاً آوي اِليهِ مُطْمَئِناً وَمَثابَةً أَتَبَوَؤُها وَأَقَرُّ عَيناً، وَلا تُقايِسْني بِعَظِيماتِ الجَرائِرِ، وَلا تُهلِكْني يَومَ تُبلى السَّرائِرُ، وَأزِلْ عَنَّي كُلَّ شَكٍّ وَشُبهَةٍ، وَاْجعَل لي في الحَقِّ طَريقاً مِن كُلِّ رَحْمَةٍ، وَأَجزِلْ لي قِسَمَ المَواهِبِ مِنْ نَوالِكَ، وَوَفِّر عَلَيَّ حُظُوظَ الإحسانِ مِن اِفضالِكَ، وَاْجعَل قَلبي واثِقاً بِما عِندَكَ، وَهَمّي مُستَفرَغاً لِما هُوَ لَكَ، وَاستَعمِلْني بِما تَستَعمِلُ بِه خالِصَتَكَ، وَاَشرِب قَلبي عِندَ ذُهُولِ العُقُولِ طاعَتَكَ، وَاجمَع لِيَ الغِنى وَالعَفافَ، وَالدَّعَةَ وَالمُعافاةَ، وَالصِّحَّةَ وَالسَّعَةَ، وَالطُّمَأنينَةَ وَالعافِيَةَ، وَلا تُحبِطْ حَسَناتي بِما يَشُوبُها مِن مَعصِيَتِكَ وَلا خَلَواتي بِما يَعرِضُ لي مِن نَزَعاتِ فِتنَتِكَ وَصُن وَجْهيَ عَنِ الطَّلَبِ اِلى أَحَد مِنَ العالَمينَ، وَذُبَّني عَن اِلِتماسِ ما عِندَ الفاسِقينَ، وَلا تَجعَلني لِلظّالِمينَ ظَهيراً، وَلا لَهُم عَلى مَحوِ كِتابِكَ يَداً وَنَصيراً، وَحُطْني مِنْ حَيثُ لا أَعلَمُ حِياطَةً تَقيني بِها، وَافتَح لي أَبوابَ تَوبَتِكَ وَرَحمَتِكَ وَرَأفَتِكَ وَرِزقِكَ الواسِعِ اِنّي اِلَيكَ مِنْ الرّاغِبينَ وَاَتمِمْ لي إنعامَكَ اِنَّكَ خَيرُ المُنعِمينَ، وَاجعَل باقِيَ عُمري في الحَجّ وَالعُمرَةِ ابتِغاءَ وَجهِكَ يا رَبَّ العالَمينَ، وَصَّلى الله عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ الطَّيبينَ الطّاهرينَ، وَالسَّلامُ عَلَيهِ وَعَلَيهم أَبَدَ الآبِدينَ).