كيفية زيارة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)

| |عدد القراءات : 1911
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

كيفية زيارة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم):

 

          روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: (من أتاني زائراً كنت شفيعه يوم القيامة) وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): (من زارني في حياتي وبعد موتي كان في جواري يوم القيامة).

          وقال (صلى الله عليه وآله وسلم) لسبطه الإمام الحسين (عليه السلام): (يا بني من زارني حياً وميتاً، ومن زار أباك حياً وميتاً، ومن زار أخاك حياً وميتاً، ومن زارك حياً وميتاً، كان حقاً عليّ أن أزوره يوم القيامة أخلصه من ذنوبه وأدخله الجنة).

 

آداب الزيارة:

 

          يستحب الغسل لمن يريد زيارة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو الأئمة الطاهرين (سلام الله عليهم أجمعين)، وأن يلبس ثياباً طاهرة نظيفة، وأن يقصّر خطاه في طريقه إلى الروضة المقدسة وعليه السكينة والوقار، وأن يشتغل لسانه –وهو يمضي إلى الحرم المطهر- بالتكبير والتسبيح والتهليل والصلاة على محمد وآل محمد (صلوات الله عليهم أجمعين) والأفضل لمن يريد الدخول للحرم الشريف الاستئذان كما قال الشيخ الكُفعمي في المصباح: (فإذا أردت الدخول على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو أحد مشاهد الأئمة (عليه السلام) فقل: اللهمَّ إنِّي وَقَفتُ عَلى بابٍ مِنْ أبوابِ بُيُوتِ نَبيِّكَ صَلوَاتُكَ عَليهِ وآلِه، وَقَد مَنَعتَ النَاسَ أنْ يَدخُلُوا إلا بإذنِهِ فَقُلتَ: [يَا أيُّهَا الذِينَ آمَنُوا لا تَدخُلُوا بُيُوتَ النَبيِّ إلا أنْ يُؤذنَ لَكُمْ] اللهمَّ إني أَعتَقِدُ حُرمَةَ صَاحِبِ هذا المَشهَدِ الشَريفِ في غَيبَتهِ كَمَا أعتَقِدُهَا في حَضرَتِهِ وَأَعلَمُ أنْ رَسُولَكَ وخُلَفاءَكَ عَليهمُ السَلامُ أحيَاءٌ عِندَكَ يُرزَقُونَ يَرونَ مَقَامِي ويَسمَعُونَ كَلامِي ويَردُّونَ سَلامِي، وأنَّكَ حَجَبتَ عَن سَمعِي كَلامَهُمْ وفَتَحتَ بَابَ فَهمِي بِلَذِيذِ مُنَاجاتِهم، وإنِّي أستَأذِنُكَ يَا رَبِّ أولاً وأستَأذِنُ رَسُولَك (صلى الله عليه وآله وسلم) ثَانياً وَأستأذِنُ خَلِيفَتَكَ الإمَامَ المُفتَرضَ عَليَّ طَاعَتُهُ) ولما تصل إلى هذه الجملة (وَأستأذِنُ خَلِيفَتَكَ الإمَامَ المُفتَرضَ عَليَّ طَاعَتُهُ) تذكر اسم الإمام الذي تريد زيارته واسم أبيه وبعد إتمام دعاء الاستئذان تقبل باب العتبة المقدسة وتقول: (بِسمِ اللهِ وباللهِ وفي سَبيلِ اللهِ وَعلى مِلَّةِ رَسولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) اللهمَّ اغفِرْ لِي وارحَمنِي إنَّكَ أنتَ التَوَّابُ الرَحيمُ).

آداب زيارة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):

          قال المحدث القمي عليه الرحمة: (فإذا أردت دخول مسجده (صلى الله عليه وآله وسلم) فقف على الباب واقرأ إذن الدخول وادخل من باب جبرئيل وقدم رجلك اليمنى عند الدخول ثم قل: (اللهُ أكبَرُ) مائة مرة، ثم صلي ركعتين تحية المسجد، ثم امضِ إلى الحجرة الشريفة فإذا بلغتها فاستلمها بيدك وقبلها وقل: (السَلامُ عَليكَ يَا رَسُولَ اللهِ، السَلامُ عَلَيكَ يَا نَبيَ اللهِ، السَلامُ عليكَ يَا مُحمَّدَ بن عَبدِ اللهِ، السَلامُ عَلَيكَ يَا خَاتَمَ النَبيِّينَ، أَشهَدُ أَنَّكَ قَد بَلَّغتَ الرِسَالةَ وَأَقمتَ الصَلاةَ وآتَيتَ الزَكاةَ وَأمَرتَ بِالمَعرُوفِ وَنَهَيتَ عَنِ المُنكَرِ وَعبَدتَ اللهَ مُخلِصاً حَتى أتاكَ اليَقينُ، فَصَلَواتُ اللهِ عَلَيكَ وَرَحمَتُهُ وَعَلى أهلِ بَيتِكَ الطَاهِرينَ).

 

كيفية زيارته (صلى الله عليه وآله وسلم):

          ورد في زيارته (صلى الله عليه وآله وسلم) عدة زيارات تتفاوت في كيفيتها ويصدق على كل منها عنوان الزيارة:

الزيارة الأولى: ما نقله ثقة الإسلام الكليني (قدس سره) في الكافي والشيخ الطوسي (قدس سره) في التهذيب بسند صحيح عن الإمام الصادق (عليه السلام)، ونقله أيضاً الشيخ الصدوق (قدس سره) ونحن ننقل عن الكافي:

          قال الصادق (عليه السلام): ثم تأتي قبر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم تقوم فتسلم على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم تقوم عند الاسطوانة المقدمة من جانب القبر الأيمن عند رأسه الشريف عند زاوية القبر وأنت مستقبل القبلة، ومنكبك الأيسر إلى جانب القبر ومنكبك الأيمن مما يلي المنبر فإنه موضع رأس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وتقول:

(أشهَدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وَحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وأَشهَدُ أنَّ مُحمّداً عبدُهُ ورسولُهُ، وأَشهَدُ أَنَّكَ رسُولُ اللهِ، وأشهَدُ أنَّكَ محَمّدُ بنُ عبدِ اللهِ، وَأَشهَدُ أَنَّكَ قَد بَلَّغتَ رِسَالاتِ ربِّكَ ونَصَحتَ لأُمَّتِكَ وَجاهَدتَ في سَبِيلِ اللهِ وعَبَدْتَ اللهَ حتَّى أتاكَ اليَقِينُ بالحِكمَةِ والمَوعِظَةِ الحَسَنَةِ وأدَّيتَ الذي عليكَ مِنَ الحَقِّ، وأنَّكَ قد رَأُفتَ بالمُؤمنينَ وغَلُظتَ على الكافِرينَ فَبَلَغَ اللهُ بِكَ أفضَلَ شَرفِ مَحَلِّ المُكَرَّمينَ، الحمدُ للهِ الذي استَنقَذَنا بِكَ مِنَ الشِّركِ والضَّلالَةِ، اللهمَّ فاجْعَلْ صَلواتِكَ وصَلَواتِ ملائِكَتِكَ المُقَرَّبينَ وعِبادِكَ الصّالحينَ وأنبِيائِكَ المُرسَلينَ وأهلِ السَّماواتِ والأرَضِينَ ومَنْ سَبَّحَ لكَ يا ربَّ العالَمينَ مِنَ الأوَّلينَ والآخِرينَ على محمّدٍ عبدِكَ ورَسولِكَ ونَبيِّكَ وأَمِينِكَ ونَجيِّكَ وحَبيبِكَ وصَفِيِّكَ وخَاصَّتِكَ وصَفوَتِكَ وخِيَرَتِكَ مِن خَلقِكَ، اللهمّ أعطِه الدَّرَجةَ والوَسيلَةَ مِنَ الجَنةِ وابعَثهُ مَقَاماً مَحمُوداً يَغبِطُهُ بِهِ الأوَّلونَ والآخِرونَ، اللهمَّ إنَّكَ قُلتَ: وَلَو أَنَّهُمْ إذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُم جَاؤوكَ فَاستَغْفَروا اللهَ واستَغفَرَ لَهُمُ الرَّسولُ لَوَجَدوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً، وَإِنِّي أَتَيتُ نَبِيِّكَ مُسْتَغفِراً تَائِباً مِن ذُنُوبِي وإِنِّي أَتَوَجَّهُ بِكَ إلى اللهِ ربِّي ورَبِّكَ لِيَغفِرَ لِي ذُنُوبِي).

          وإن كانت لك حاجة فاجعل قبر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) خلف كتفيك، واستقبل القبلة وارفع يديك واسأل حاجتك فإنها أحرى أن تقضى إن شاء الله.

 

دعاء الإمام زين العابدين (عليه السلام) عند قبر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم):

          ويمكنك أن تدعو بالدعاء الذي كان يدعو به الإمام علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام) فقد نقل أنه كان يسند ظهره إلى القبر ويستقبل القبلة ويقول:

          (اللهمَّ إليكَ ألجأتُ ظَهرِي، وإلى قَبرِ محمَّدٍ عَبدِكَ ورَسُولِكَ أسنَدتُ ظَهرِي وَالقِبلَةً التي رَضيتَ لِمُحَمَّدٍ (صلى الله عليه وآله وسلم) استَقبَلتُ، اللهمَّ إنِّي أصبَحتُ لا أَملِكُ لِنَفسِي خَيرَ مَا أرجُو، وَلا أدفَعُ عَنهَا شَرَّ مَا أحذَرُ عَليهَا، وَأصبَحتِ الأُمُورُ بِيَدِكَ فَلا فَقيرَ أفقَرُ مِني، إنِّي لِمَا أَنزَلتَ إليَّ مِن خَيرٍ فَقيرٌ، اللهمَّ اردُدنِي مِنكَ بِخَيرٍ فَإنَّهُ لا رَادَّ لِفَضلِكَ، اللهمَّ إنِّي أَعوذُ بِكَ مِن أنْ تُبَدِّلَ اسمِي أو تُغَيِّرَ جِسمِي أو تُزيلَ نِعمَتَكَ عَنِّي، اللهمَّ كرِّمنِي بِالتَقوَى وَجَمِّلنِي (وَحَمّلنِي) بِالنِعَمِ واغمُرنِي بِالعافِيةِ وارزُقنِي شُكْرَ العافِيةِ).

          وروي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه عندما كان ينتهي إلى قبر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يضع يده على القبر الشريف ويقول:

          (أسأَلُ اللهَ الذي اجتَبَاكَ وَاختَارَكَ وَهَدَاكَ وَهَدَى بِكَ أنْ يُصَلِّي عَلَيكَ، إنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلى النَبِيّ، يَا أيُّهَا الذينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيهِ وَسَلِّمُوا تَسلِيماً),

          قال العلامة المجلسي (قدس سره) في بحار الأنوار: (اعلم أن استدبار قبر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وإن كان ظاهراً مخالفاً للآداب، لكن لا بأس به إذا كان التوجه إلى الله تعالى وكان الغرض الاستظهار به (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولكن في هذا الزمان الأولى تركه للتقية).

 

الزيارة الثانية:

          وهي التي رواها إبراهيم بن أبي البلاد عن الإمام أبي الحسن (عليه السلام) (الظاهر هو الإمام السابع)، قال إبراهيم: (قال لي أبو الحسن (عليه السلام): كيف تقول في التسليم على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ قلت: الذي نعرفه ورويناه. قال (عليه السلام): أأعلمك ما هو أفضل من هذا؟ قلت: نعم جعلت فداك. فكتب (عليه السلام): -وأنا قاعد- بخطه وقرأه عليّ: إذا وقفت على قبره (صلى الله عليه وآله وسلم) فقل:

(أشهَدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وَحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وأشهَدُ أنَّكَ محَمّدُ بنُ عبدِ اللهِ، وأَشهَدُ أَنَّكَ رسُولُ اللهِ، وأشهَدُ أنَّكَ خَاتَمُ النَبيِّينَ، وَأَشهَدُ أَنَّكَ قَد بَلَّغتَ رِسَالاتِ ربِّكَ ونَصَحتَ لأُمَّتِكَ، وَجاهَدتَ في سَبِيلِ رَبِّكَ وعَبَدْتَه حتَّى أتاكَ اليَقِينُ وَأَدَّيتَ الذي عَلَيكَ مِنَ الحَقِّ. اللهمَّ صَلِّ على مُحَمَّدٍ عَبدِكَ ورَسولِكَ ونَجِيِّكَ وأَمِينِكَ وصَفِيِّكَ وخِيَرَتِكَ مِن خَلقِكَ أَفضَلَ ما صَلَّيتَ عَلى أَحدٍ مِن أنبِيائِكَ وَرُسُلِكَ، اللهمّ سَلِّم عَلى مُحمّدٍ وآلِ مُحمَّدٍ كَما سلَّمتَ على نُوحٍ فِي العَالمينَ، وَامنُن عَلى مُحمَّدٍ وآلِ محمّدٍ كما مَنَنتَ على مُوسى وهَارُونَ، وَبارِك عَلى محمَّدٍ وآلِ محمَّدٍ كما بَاركتَ على إبراهيمَ وآلِ إبراهيمَ إنَّكَ حَميدٌ مَجيدٌ.

          اللهمّ صَلِّ على مُحمَّدٍ وآلِ محمّدٍ وتَرَحَّمْ عَلى مُحمَّدٍ وآلِ محمّدٍ . اللهمَّ رَبَّ البيتِ الحَرامِ، ورَبَّ المسجد الحرام، وَربَّ الرُكنِ والمَقامِ، وربَّ البلدِ الحرامِ، وربَّ الحِلِّ والحَرامِ، وربَّ المَشعَرِ الحرامِ بلِّغ رُوحَ نَبيِّكَ محمَّدٍ (صلى الله عليه وآله وسلم) مِنِّي السلام).

 

الزيارة الثالثة:

          نقلها أبي نصر البزنطي عن الإمام أبي الحسن الرضا (عليه السلام):

          (السَلامُ على رَسولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) (السَلامُ عليكَ يا رسُولَ الله، السَلامُ عليكَ يا حَبيبَ اللهِ، السَلامُ عليكَ يَا صَفوَةَ اللهِ. السَلامُ عَليكَ يا أمينَ اللهِ، أشهدُ أنَّكَ قد نصحتَ لأمتكَ وجاهَدتَ في سبيلِ اللهِ وعَبدتَهُ حَتَّى أتاكَ اليقينُ، فَجَزاكَ اللهُ أفضَلَ ما جَزى نَبيَّاً عَن أمَّتِهِ، اللهمَّ صَلِّ على مُحمَّدٍ وآلِ محمّدٍ أفضَلَ ما صلَّيتَ على إبراهيمَ وآلِ إبراهيمَ إنَّكَ حَميدٌ مَجيدٌ).

 

الزيارة الرابعة:

          نقلها الشيخ الكفعمي عليه الرحمة:

          (السَلامُ على رَسولِ اللهِ أمينِ اللهِ على وحيِهِ وَعَزائِمِ أمرهِ، الخَاتمِ لِما سَبقَ والفَاتِحِ لِما استُقبِلَ وَالمُهَيمِنِ على ذلِكَ كُلِّهِ وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركاتُهُ، السَلامُ على صاحِبِ السَكِينةِ، السَلامُ على المدفونِ بالمَدينةِ، السلامُ على المَنصُورِ المُؤيَّدِ السَلامُ على أبي القاسِمِ محمدٍ ورَحمةُ اللهِ وبركاتُه).

          ولا يخفى أنه نقل لزيارته (صلى الله عليه وآله وسلم) زيارات طويلة، ولكن لأجل الاختصار اكتفينا بهذه الزيارات الأربع، والمهم في الزيارة سواء في زيارة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو الأئمة الطاهرين (سلام الله عليهم أجمعين) هو الخضوع والخشوع ورقة القلب والارتباط المعنوي معهم.

          ومن أراد الزيارات الطويلة أمكنه مراجعة الكتب المفصلة، ومن جملتها بحار الأنوار للعلامة المجلسي (قدس سره).

 

الأعمال والأوراد في مسجد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد الفراغ من زيارته:

          لقد ورد في الحديث الصحيح عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: (إذا فرغت من الدعاء عند القبر فأت المنبر وامسحه بيدك وخذ برمّانتيه وهما السفلاوان وامسح عينيك ووجهك به فإنه يقال إنه شفاء للعين، وقم عنده فاحمد الله واثنِ عليه وسل حاجتك فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال : ما بين منبري وبيتي روضة من رياض الجنة، وإن منبري على ترعة من ترع الجنة وقوائم المنبر رتب في الجنة والترعة هي الباب الصغير، ثم مقام النبي فصل ما بدا لك، فإذا دخلت المسجد فصل على محمد وآله وإذا خرجت فاصنع مثل ذلك وأكثر من الصلاة في مسجد الرسول (صلى الله عليه وآله) )([1]).

          ونقل العلامة المجلسي (قدس سره) في بحار الأنوار عن الشيخ المفيد والسيد بن طاووس والشهيد الأول وغيرهم (رضوان الله عليهم) أنه إذا فرغ الزائر من الدعاء والزيارة عند قبر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقرأ سورة [إِنَّا أَنزَلْناهُ] أحد عشر مرة، ثم يتوجه إلى مقام النبي (صلى الله عليه وآله) الواقع بين القبر والمنبر ويأتي إلى الاسطوانة التي بجنب المنبر فيقف بحذائها ويجعل المنبر أمامه ويصلي أربع ركعات صلاة الزيارة، وإن لم يمكنه يصلي ركعتين وبعد السلام والتسبيح يقول: (اللهمَّ هَذا مَقَامُ نَبيِّكَ وَخِيَرَتِكَ مِن خَلقِكَ جَعَلتَهُ رَوضَةً مِنْ رِياضِ جَنَّتِكَ وَشَرَّفْتَهُ عَلى بِقَاعِ أرضِكَ بِرَسُولِكَ، وَفَضَّلْتَهُ بِهِ وَعَظَّمْتَ حُرمَتَهُ وَأظهَرتَ جَلالَتَهُ وَأوجَبتَ عَلى عِبادِكَ التَبَرُكَ بِالصَلاةِ وَالدُعاءِ فِيهِ، وَقَد أقَمتَنِي فِيهِ بِلا حَولٍ وَلا قُوَّةٍ كَان مِني في ذَلكَ إلا بِرَحمَتِكَ، اللهمَّ وَكَما أنَّ حَبيبَكَ لا يَتقدَّمُهُ في الفَضلِ خَلِيلُكَ فاجعَلْ استجَابةَ الدُعَاءِ في مَقَامِ حَبيبِكَ أفضَلَ مَا جَعَلتَهُ في مَقَامِ خَليلِكَ، اللهمَّ إنِّي أسألُكَ في هَذا المقَامِ الطَاهِرِ أنْ تُصَلِّي عَلى مُحمَّدٍ وَآلِ مُحمَّدٍ وَأنْ تُعيذَنِي مِنَ النَارِ وَتَمُنَّ عَليَّ بِالجَنَّةِ وَتَرْحَمَ مَوقِفِي وَتَغفِرَ زَلَّتِي وَتُزَكِّيَ عَمَلِي وَتُوَسِّعَ لِي في رِزقِي وَتُديمَ عَافيَتي وَرُشدِي وَتُسبِغَ نِعمَتَكَ عليَّ وَتَحفظَنِي في أهلِي وَمَالِي وَتَحرُسَنِي مِن كُلِّ مُتَعدٍّ عَليَّ وَظالِمٍ لِي وَتُطيلَ عُمرِي وَتُوفِّقَنِي لما يُرضِيكَ عَنِّي وَتعصِمَني عَمَّا يُسخِطُك عَليَّ اللهمَّ إنِّي أتَوسَّلُ إلَيكَ بِنَبيِّكَ وَأهلِ بَيتِهِ حُجَجِكَ عَلى خَلقِكَ وَآيَاتِكَ في أرضِكَ أنْ تَستَجِيبَ لِي دُعَائِي وَتُبلِّغَنِي في الدِينِ وَالدُنيَا أمَلِي وَرَجَائِي، يَا سَيَّدِي وَمَولايَ قَدْ سَألتُكَ فَلا تُخَيِّبنِي وَرَجَوتُ فَضلَكَ فَلا تَحرِمنِي فَأنا الفَقِيرُ إلى رَحمَتِكَ الذِي لَيسَ لِي غَيرُ إحسَانِكَ وَتَفضُّلِكَ فأسألُكَ أنْ تُحرِّمَ شَعرِيْ وَبَشَرِي عَلى النَارِ وَتُؤتِيَنِي مِنَ الخَيرِ مَا عَلِمتُ مِنهُ وَما لَم أعلَمْ وَادفَعْ عَنِّي وَعَن وُلْدِي وَإخوَانِي وَأخَوَاتِي مِنَ الشَرِّ مَا عَلِمتُ مِنهُ وَمَا لَمْ أعلَمْ، اللهمَّ اغفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِجَميعِ المُؤمِنينَ وَالمؤمِناتِ إنَّكَ عَلى كُلِّ شيءٍ قَديرٌ).

          وبعد الفراغ من الدعاء يأتي إلى المنبر ويمسحه بيده ويأخذ برمّانتيه السفلاوين ويمسح بهما وجهه وعينيه ثم يقرأ كلمات الفرج:

          (لا إلَهَ إلا اللهُ الحَلِيمُ الكَرِيمُ، لا إلَهَ إلا اللهُ العَلِيُّ العَظِيمُ، سُبحَانَ اللهِ رَبِّ السَمَاوَاتِ السَبعِ وَرَبِّ الأَرَضِينَ السَبعِ وَمَا فِيهِنَّ وَمَا بَينَهُنَّ وَرَبِ العَرشِ العَظِيمِ، وَسَلامٌ عَلى المُرسَلينَ وَالحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ).

          ثم قل: (أَشهَدُ أنْ لا إلَهَ إلا اللهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأشهَدُ أنَّ مُحمَّداً رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ، الحَمدُ للهِ الذِي عَقَدَ بِكَ عِزَّ الإسلامِ وَجَعلَكَ مُرتَقَى خَيرِ الأَنَامِ وَمَصعَدَ الدَاعِي إلى دَارِ السَلامِ، الحَمدُ للهِ الذِي خَفَضَ بِانتصَابِك عُلوَّ الكُفرِ وَسُمُوَّ الشِركِ وَنَكَسَ بِكَ عَلَمَ البَاطِلِ وَرَايَةَ الضَلالِ أشهَدُ أنَّكَ لَمْ تُنصَبْ إلا لِتَوحِيدِ اللهِ سُبحَانَهَ وَتَمجِيدِهِ وَتَعظِيمِ اللهِ وَتَحمِيدِهِ وَلِمَواعِظِ عِبادِ اللهِ وَالدُعَاءِ إلى عَفوِهِ وَغُفرَانِهِ، أشهَدُ أنَّكَ قَد استَوفَيتَ مِن رَسُولِ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآلهِ) بِارتِقَائِهِ في مَراقِيكَ وَاستِوائِهِ عَلَيكَ حَظَّ شَرَفِكَ وَفَضلِكَ وَنَصِيبَ عِزِّكَ وَذُخرِكَ وَنِلْتَ كَمَالَ ذِكرِكَ وَعَظَّمَ اللهُ حُرمَتَكَ، وَأوجَبَ التَمَسُّحَ بِكَ، فَكَمْ قَد وَضَعَ المصطَفَى (صَلّى اللهُ عَليهِ وَآلهِ) قَدَمَهُ عَليكَ وَقامَ لِلنَاسِ خَطِيباً فَوقَكَ، وَوَحَّدَ اللهَ وَحَمِدَهُ، وأثنى عَلَيهِ وَمَجَّدَهُ وَكَمْ بَلَّغَ عَليكَ مِنَ الرِسَالَةِ وَأدَّى مِنَ الأمَانةِ وَتَلا مِنَ القُرآنِ وَقَرأ مِنَ الفُرقَانِ وَأخبَرَ مِنَ الوَحيِ وَبَيَّنَ الأمرَ وَالنَهيَ وَفَصَّلَ بينَ الحَلالِ وَالحَرامِ وَأمَرَ بِالصَلاةِ وَالصِيَامِ وَحثَّ العِبادَ عَلى الجِهَادِ وَأنبَأ عَن ثَوابِهِ في المَعَادِ).

          ثم بعد ذلك يقف في الروضة المباركة الواقعة بين القبر والمنبر ويقول:

          (اللهمَّ إنَّ هذهِ رَوضَةٌ مِن رِيَاضِ جَنَّتِكَ وَشُعبَةٌ مِن شُعَبِ رَحمَتِكَ التِي ذَكَرَهَا رَسُولُكَ وَأبَانَ عَن فَضلِهَا وَشَرفِ التَعَبُّدِ لَكَ فِيهَا، وَقَد بَلَّغْتَنِيهَا في سَلامَةِ نَفسِي فَلَكَ الحَمدُ يَا سَيّدِي عَلى عَظِيمِ نِعمَتِكَ عَليَّ في ذَلِكَ وَعَلى مَا رَزَقتَنِيهُ مِن طَاعَتِكَ وَطَلَبِ مَرضَاتِكَ وَتَعظِيمِ حُرمَةِ نَبِيِّكَ (صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ) بِزِيَارَةِ قَبرِهِ وَالتَسلِيمِ عَليهِ وَالتَرَدُّدِ في مَشَاهِدِهِ وَمَوَاقِفِهِ، فَلَكَ الحَمدُ يَا مَولايَ حَمداً يَنتَظِمُ بِهِ مَحَامِدُ حَمَلَةِ عَرشِكَ وَسُكَّانِ سَماوَاتِكَ لَكَ وَيَقصُرُ عَنهُ حَمدُ مَن مَضَى وَيَفضُلُ حَمدَ مَن بَقِيَ مِن خَلقِكَ، وَلَكَ الحَمدُ يَا مَولايَ حَمدَ مَن عَرفَ الحَمدَ لَكَ وَالتَوفِيقَ لِلحمدِ مِنكَ، حَمداً يَملأ مَا خَلقَتَ وَيبلُغُ حَيثُما أردتَ وَلا يُحجَبُ عَنكَ وَلا يَنقَضِي دُونَكَ وَيبلُغُ أقصَى رِضَاكَ وَلا يَبلُغُ آخِرَهُ أوَائِلَ مَحَامِدَ خَلقِكَ لَكَ، وَلَكَ الحَمدُ مَا عُرفَ الحمدُ وَاعتُقِدَ وَجُعلَ ابتدَاءُ الكَلامِ الحمدُ، يَا بَاقيَ العزِّ وَالعَظمَةِ وَدَائمَ السُلطانِ وَالقُدرَةِ وَشَدِيدِ البَطشِ وَالقُوةِ وَنَافذَ الأمرِ وَالإرَادَةِ وَوَاسِعَ الرَحمَةِ وَالمَغفِرةِ وَربَّ الدُنيَا وَالآخِرةِ كَم مِن نِعمةٍ لَكَ عَليَّ يَقصُرُ عَن أيسَرِهَا حَمدِي وَلا يَبلُغُ أدنَاهَا شُكرِي، وَكَمْ مِن صَنَايِعَ مِنكَ إليَّ لا يُحيطُ بِكَثرَتِها وَهمي وَلا يُقَيِّدُهَا فِكرِي اللهمّ صَلِّ عَلى نَبيِّكَ المُصطَفى عَينِ البَريِّةِ طِفلاً وَخَيرُها شَابّاً وَكهلاً، أطهَرُ المُطَهَّرِينَ شِيمَةً وَأجوَدُ المُستَمطِرينَ دَيمَةً وَأعظَمُ الخَلقِ جُرْثُومَةً، الذِي أوضَحتَ بِهِ الدِلالاتِ وَأقَمتَ بِهِ الرِسَالاتِ وَخَتَمتَ بِهِ النُبُوّاتِ وَفَتَحتَ بِهِ بَابَ الخَيراتِ وَأظهرتَهُ مَظهَراً وَابتَعَثتَهُ نَبيّاً وَهادِياً أمِيناً مَهديّاً دَاعِياً إليكَ وَدَالاً عَلَيكَ وَحُجّةً بَينَ يَديكَ، اللهمّ صَلِّ عَلى المَعصُومِينَ مِن عِترَتِهِ وَالطَيّبينَ مِن أُسرَتِهِ، وَشَرِّفْ لَدَيكَ بِهِ مَنَازِلَهُم، وَعَظّمْ عِندكَ مَراتِبَهُم، وَاجعَلْ في الرَفِيقِ الأعلَى مَجَالِسَهُم، وَارفَعْ إلى قُربِ رَسُولِكَ دَرَجَاتِهمْ، وَتَمِّمْ بِلِقَائِهِ سُرُورَهُم وَوَفِّرْ بِمَكَانِهِ أُنسَهُم).

          ثم يأتي إلى مقام جبرئيل (عليه السلام) فإنه كان مقامه إذا استأذن على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهذه الاسطوانة تحت الميزاب وعندما يخرج الزائر من باب فاطمة (عليها السلام) يقع الميزاب فوق رأسه ويقع الباب من جهة البقيع فيصلي في هذا المكان ركعتين ويقول:

          (يَا مَنْ خَلَقَ السَماوَاتِ وَمَلأهَا جُنُوداً مِنَ المُسَبِّحِينَ لَهُ مِن مَلائِكَتِهِ وَالمُمَجِّدِينَ لِقُدرَتِهِ وَعَظَمَتِهِ، وَأفرَغَ عَلى أبدَانِهِم حُلَلَ الكَرَامَاتِ، وَأنطَقَ ألسِنَتَهُم بِضُرُوبِ اللُغاتِ، وَألبَسَهُم شِعَارَ التَقوَى، وَقَلَّدَهُم قَلائِدَ النَهيِ وَجَعلَهُم أوفرَ أجنَاسِ خَلقِهِ مَعرِفَةً بِوَحدَانِيَّتِهِ وَقُدرَتِهِ وَجَلالَتِهِ وَعَظَمَتِهِ، وَأكمَلَهُم عِلماً بِهِ وَأشَدَّهُم فَرَقاً وَأدوَمَهُم لَهُ طَاعَةً وَخُضُوعاً وَاستِكَانَةً وَخُشُوعاً، يَا مَن فَضّلَ الأمينَ جِبرئِيلَ (عَليهِ السَلامُ) بِخَصَائِصِهِ وَدَرَجاتِهِ وَمَنازِلِهِ وَاختَارَهُ لِوَحيِهِ وَسَفَارَتِهِ وَعهدِهِ وَأمَانَتِهِ وَإنزَالِ كُتُبِهِ وَأوَامِرِهِ عَلى أنبِيائِهِ وَرُسِلِهِ، وَجَعَلَهُ وَاسِطَةً بَينَ نَفسِهِ وَبَينَهُم أَسألُكَ أنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحمّدٍ وَآلِ مُحمّدٍ وَعَلى جَمِيعِ مَلائِكَتِكَ وَسُكَّانِ سَمَاوَاتِكَ، أعَلَمِ خَلقِكَ بِكَ وَأخوَفِ خَلقِكَ لَكَ وَأقرَبِ خَلقِكَ مِنكَ وَأعمَلِ خَلقِكَ بِطاعَتِكَ، الذِينَ لا يَغشَاهُم نَومُ العُيونِ وَلا سَهوُ العُقولِ وَلا فَترةُ الأبدَانِ، المُكرَّمِينَ بِجِوَارِكَ وَالمُؤتَمَنينَ عَلى وَحيِكَ المُجتَنِبينَ الآفاتِ وَالمُوقَّينَ السِيِّئاتِ، اللهُمَّ وَاخصُصْ الرُوحَ الأمِينَ صَلوَاتُكَ عَليهِ بَأضعَافِها مِنكَ وَعَلى مَلائكَتِكَ المُقرَّبِينَ وَطَبقاتِ الكَرُّوبِيِّينَ وَالرَوحَانِيّينَ وَزِدْ في مَرَاتِبِهِ عِندكَ وَحُقوقِهِ التي لَهُ عَلى أهلِ الأرضِ بِما كانَ يَنزِلُ بِهِ مِن شَرايِعَ دِينِكَ وَما بَيَّنتَهُ عَلى ألسِنةِ أنبِيَائِكَ مِن مُحَلاتِكَ وَمُحَرَّمَاتِكَ اللهُمّ أكثِرْ صَلَوَاتِكَ عَلى جِبرَئِيلَ فِإنَّهُ قُدوَةُ الأنبِيَاءِ وَهَادِي الأصفِيَاءِ وَسَادِسُ أصحَابِ الكِسَاءِ، اللهُمّ اجعَلْ وُقُوفِي في مَقَامِهِ هَذا سَبَباً لِنُزُولِ رَحمَتِكَ عَليَّ وَتَجَاوُزِكَ عَنِّي).

          ثم قل:

          (أيْ جَوادُ أيْ كَريمُ أيْ قَريبُ أيْ بَعيدُ أسألُكَ أنْ تُصَلّي عَلى مُحمّدٍ وَآلِ محمّدٍ وَأن تُوفّقَنِي لِطَاعَتِكَ وَلا تُزيلَ عَنّي نِعمَتَكَ وَأنْ تَرزُقَنِي الجَنةَ بِرَحمَتِكَ وَتُوسِّعَ عَليّ مِن فَضلِكَ وَتُغنِيَنِي عَن شِرارِ خَلقِكَ وَتُلهِمَنِي شُكرَكَ وَذِكرَكَ وَلا تُخَيّبَ يَا ربِّ دُعائِي وَلا تَقطَعْ رَجَائِي بِمُحمّدٍ وَآلِهِ).

          ثم تأتي اسطوانة أبي لبابة المعروفة بـ(اسطوانة التوبة) فتُصلي ركعتين ثم تقول:

          (بِسمِ اللهِ الرَحمَنِ الرَحِيمِ، اللهُمّ لا تُهِنِّي بِالفَقرِ وَلا تُذِلَّنِي بِالدَينِ وَلا تَرُدّنِي إلى الهَلَكَةِ وَاعصِمنِي كَي أعتَصِمَ وَأصلِحنِي كَي أنصَلِحَ وَاهدِنِي كَي أهتدِيَ، اللهُمّ أعِنّي عَلى اجتهَادِ نَفسِي وَلا تُعذِّبنِي بِسُوءِ ظَنِّي وَلا تُهلِكنِي وَأنتَ رَجَائِي، وَأنتَ أهلٌ أنْ تَغفِرَ لِي وَقَد أخطَأتُ وَأنتَ أهلٌ أنْ تَعفُوَ عَنِّي وَقَد أقرَرتُ وَأنتَ أهلٌ أن تُقِيلَ وَقد عَثرتُ وَأنتَ أهلٌ أنْ تُحسِنَ وَقد أسَأتُ، وَأنتَ أهلُ التَقوَى وَالمغفِرةِ فَوَفّقنِي لِمَا تُحِبُّ وَتَرضَى، وَيسِّرْ لِي اليَسِيرَ وَجَنّبنِي كلَّ عَسيرٍ، اللهُمّ أغنِنِي بِالحَلالِ مِن الحَرامِ، وَبِالطَاعاتِ عَنِ المَعَاصِي، وَبالغِنى عَنِ الفَقرِ، وَبِالجنةِ عَنِ النَارِ، وبِالأبرارِ عَنِ الفُجّارِ، يَا مَنْ لَيسَ كَمِثلِهِ شيء وَهُوَ السَمِيعُ البَصيرُ وَأنتَ عَلى كُلّ شَيءٍ قَدِيرٌ).

دعاء آخر يُقرأ في مقام جبرئيل (عليه السلام) أيضاً:

          (يَا جَوادُ يا كَريمُ، يا قَريبُ غَيرُ بعِيدٍ أسألُكَ بِأنَّكَ أنتَ اللهُ ليسَ كَمِثلِكَ شَيءٌ أن تَعصِمَنِي مَنَ المَهالِكِ وأنْ تُسَلِّمَنِي مِنَ آفاتِ الدُنيا والآخرةِ وَوَعثاءِ السَفرِ وسُوءِ المُنقَلَبِ، وأنْ تَرُدَّنِي سَالِماً إلى وَطنِي بَعدَ حَجٍّ مَقبُولٍ وَسَعيٍ مَشكُورٍ وَعَمَلٍ مُتَقَبَّلٍ، ولا تَجعَلهُ آخِرَ العَهدِ مِن حَرَمِكَ وَحَرَمِ نَبيِّكَ صَلّى اللهُ عليهِ وآلهِ).

 

زيارة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عند الوداع والخروج من المدينة المنورة:

          في الكافي والتهذيب بسند صحيح عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: (إذا أردتَ أن تخرج من المدينة فاغتسل ثم ائت قبر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بعدما تفرغ من حوائجك فودّعه واصنع مثل ما صنعت عند دخولك وقل:

          اللهُمّ لا تَجعَلْهُ آخِرَ العَهدِ مِن زِيارَةِ قَبرِ نَبيِّكَ فَإنْ تَوَفَّيتَنِي قَبلَ ذَلِكَ فَإنّي أَشهَدُ في مَمَاتِي عَلَى مَا أشهَدُ عَليهِ في حَيَاتِي أنْ لا إلَهَ إلا أنتَ وَأنَّ مُحمّداً عَبدُكَ وَرَسولُكَ).

          وقال الشيخ الكفعمي: تقول في وداع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هكذا:

          (اللهُمّ لا تَجعَلْهُ آخِرَ العَهدِ مِن زِيارَةِ نَبيِّكَ، فَإنْ تَوَفَّيتَنِي قَبلَ ذَلِكَ فَإنّي أَشهَدُ في مَمَاتِي عَلَى مَا أشهَدُ عَليهِ في حَيَاتِي أنْ لا إلَهَ إلا أنتَ وَأنَّ مُحمّداً عَبدُكَ وَرَسولُكَ، وَأنّكَ قَد اختَرتَ مِن أهلِ بَيتهِ الأَئمةَ الطَاهِرينَ الذينَ أذهَبتَ عَنهمُ الرِجسَ وَطهَّرتَهُم تَطهِيراً فَاحشُرنَا مَعَهُم وَفي زُمرَتِهِم وَتحتَ لِوائِهِم وَلا تُفرّقْ بَينِي وَبَينهُم في الدُنيا وَالآخِرةِ يَا أرحَمَ الرَاحِمينَ).

          ويناسب قراءة هذه الزيارة عند وداعه (صلى الله عليه وآله وسلم) وإن كان الظاهر ورودها لوداع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من بعيد:

          (السَلامُ عَليكَ يَا رَسُولَ اللهِ، السَلامُ عَليكَ أيُّهَا البَشيرُ النَذِيرُ، السَلامُ عَلَيكَ أيُّهَا السِرَاجُ المُنيرُ، السَلامُ عَلَيكَ أيُّهَا السَفِيرُ بَينَ اللهِ وَبينَ خَلقِهِ، أشهَدُ يَا رَسُولَ اللهِ أنَّكَ كُنتَ نُوراً في الأصلابِ الشَامِخَةِ وَالأرحَامِ المُطَهّرةِ لَم تَنَجِّسكَ الجَاهِليَةُ بَأنجاسِها وَلَمْ تُلبِسكَ مِن مُدلَهِمّاتِ ثِيَابِها، أشهدُ يَا رَسُولَ اللهِ أنّي مُؤمِنٌ بِكَ وَبِالأئمَةِ مِن أهلِ بَيتِكَ مُوقِنٌ بِجَميعِ مَا أتَيتَ بِهِ، رَاضٍ مُؤمنٌ، وَأشهدُ أنَّ الأئمةَ مِن أهلِ بَيتِكَ أعلامُ الهُدى وَالعُروةُ الوُثقَى وَالحُجَّةُ عَلى أهلِ الدُنيا اللهُمّ لا تَجعَلهُ آخِرَ العَهدِ مِن زِيَارةِ نَبيّكَ عَليهِ السَلامُ، وَإنْ تَوَفَّيتَنِي فَإنّي أشهَدُ في مَماتِي عَلى مَا أشهدُ عَليهِ في حَياتِي أنَّكَ أنتَ اللهُ لا إلهَ إلا أنتَ وَحدَكَ لا شَريكَ لَكَ، وَأنَّ مُحمّداً عَبدُك وَرَسُولُكَ وَأنَّ الأئمةَ مِن أهلِ بَيتهِ أولِياؤكَ وَأنصَارُك وَحُجَجُكَ عَلى خَلقِكَ وَخُلفَاؤكَ في عِبادِكَ وَأعلامُكَ في بِلادِكَ وَخُزّانُ عِلمِكَ وَحفَظَةُ سِرِّكَ وَتَرَاجِمةُ وَحيِكَ، اللهُمّ صَلِّ عَلى محمَدٍ وَآلِ محمَدٍ وَبَلِّغْ رُوحَ نَبيّكَ محمّد في سَاعَتِي هَذه وَفي كُلِّ سَاعةٍ تَحيةً مِنّي وَسَلاماً، وَالسَلامُ عَليكَ يَا رَسُولَ اللهِ وَرَحمةُ اللهِ وَبركاتُهُ، لا جَعَلَهُ اللهُ آخِرَ تَسلِيمِي عَليكَ).

 



([1]) الكافي: ج4، ص 553، الوسائل، ج10، ص 270.