آداب الوقوف بعرفات ومستحباته
(مسألة – 387) إن يوم عرفة يوم دعاء وتضرع وخضوع وخشوع إلى الله تعالى، ويستحب أن يكون الحاج على طهارة، وقد جاء في الحديث: (إنما تعجل الصلاة وتجمع بينها لتفرغ نفسك للدعاء، فإنه يوم دعاء ومسألة) ثم تأتي الموقف وعليك السكينة والوقار، فاحمد الله وهلله ومجده واثن عليه وكبره مائة مرة، واحمده مائة مرة، وسبحه مائة مرة، واقرأ: قل هو الله أحد مائة مرة، وتخير لنفسك من الدعاء ما أحببت، واجتهد فإنه يوم دعاء ومسألة، وتعوّذ بالله من الشيطان، فإن الشيطان لن يذهلك في موطن قط أحب إليه من أن يذهلك في ذلك الموطن، وإياك أن تشتغل بالنظر إلى الناس، وأقبل قِبَل نفسك وتقول: (اللهمَّ إني عَبدُكَ فَلا تَجعَلنِي مِن أخيَبِ وَفدِكَ، وَارحَمْ مسِيرِي إلَيكَ مِنَ الفَجِّ العَميقِ) وتقول: (اللهمَّ ربَّ المشاعرِ كُلِّها فُكَّ رَقَبَتِي منَ النَّارِ، وأَوسِعْ عليَّ مِنْ رِزقِكَ الحَلالِ، وادْرَأ عَنِّي شَرَّ فَسَقَةِ الجِنِّ والإِنس) وتقول: (اللهمَّ لا تَمكُرْ بي ولا تَخْدَعنِي ولا تَسْتَدرِجنِي) وتقول: (اللهمَّ إنِّي أسألُكَ بِحَولِكَ وَجُودِكَ وَكَرَمِكَ وَفَضلِكَ وَمَنِّكَ يا أسمَعَ السامِعينَ ويا أبصَرَ الناظِرينَ ويا أسرَعَ الحاسِبينَ ويا أرحَمَ الرَّاحِمينَ، أسألُكَ أن تُصَلِّي على مُحمّدٍ وآل محمّد وأن تفعل بي كذا وكذا) وتقول وأنت رافع رأسك إلى السماء: (اللهمّ حاجَتِي التي إنْ أعطَيتَنيها لمْ يَضُرَّني ما مَنَعتَنِي وإنْ مَنَعتَنِي لمْ ينفَعنِي ما أعطَيتَنِي، أَسأَلُكَ خَلاصَ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ. اللهمّ إني عَبدُكَ ومِلكُ يَدِكَ وناصِيَتِي بيَدِكَ وأجَلِي بِعِلمِكَ، أَسأَلُكَ أنْ تُوَفِّقَنِي لِما يُرضِيكَ عنِّي وأن تسلم منّي مناسكي التي رتَّبها إبراهيمُ خليلُكَ ودَلَلْتَ عَليها حَبيبَكَ محمّداً (صلى الله عليه وآله وسلم) اللهمّ اجعَلنِي ممّن رَضيتَ عَمَلَهُ وأَطَلتَ عُمرَهُ وأحيَيتَهُ بَعدَ الموتِ حياةً طَيِّبةً) وقد جاء في الحديث أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لعلي (عليه السلام): (ألا أعلمك دعاءً يوم عرفة، وهو دعاء من كان قبلي من الأنبياء؟ فقال علي: بلى يا رسول الله، قال: فتقول: لا إله إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ، لهُ الملكُ ولهُ الحمدُ، يحيي ويميتُ ويُميتُ ويحيي وهو حيٌّ لا يموتُ بيده الخيرُ وهو على كل شيء قدير، اللهمّ لك الحمدُ أنت كما تقول وخير ما (مّما) يقول القائلون، اللهم لك صلاتي وديني ومحياي ومماتي، ولك تِراتي وبك حولي ومنك قوتي، اللهم إني أعوذ بك من الفقر، ومن وسواس الصدر، ومن شتات الأمر، ومن عذاب النار، ومن عذاب القبر، اللهم إني أسألك من خير ما يأتي به الرياح، وأعوذ بك من شر ما يأتي به الرياح، وأسألك خير الليل وخير النهار).
وقد جاء في الحديث أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقف بعرفات، فلما همت الشمس أن تغيب قبل أن يندفع قال: (اللهمّ إني أعوذُ بكَ من الفَقرِ ومِن تَشَتُّتِ الأمرِ ومن شَرِّ ما يَحدُثُ بالليلِ والنهارِ، أمسَى ظُلمِي مُستَجِيراً بعَفوِكَ، وأمسَى خَوفِي مُستَجيراً بأَمانِكَ، وأَمسى ذُلِّي مُستَجِيراً بِعِزِّكَ، وأَمسى وجهيَ الفانِي البالِي مُستَجِيراً بِوَجهِكَ الباقِي، يَا خَيرَ مَنْ سُئِلَ ويا أجْودَ من أعطى، جَلِّلنِي بِرَحمَتِكَ، وأَلبِسنِي عافِيَتَكَ، واصرِفْ عَني شَرَّ جَميعِ خَلقِكَ) ثم تطلب حاجتك وتسأل ما شئت.
وقد جاء في الحديث: (إذا غربت الشمس يوم عرفة فقل: (اللهمَّ لا تَجْعَلهُ آخِرَ العهدِ من هذا الموقِفِ، وارْزُقْنِيهُ من قابلٍ أبداً ما أبقَيتَني؛ واقلِبْنِي اليومَ مُفلِحاً مُنجِحاً مُستَجاباً لي مَرحُوماً مَغفُوراً لي بِأَفضَلِ ما يَنقَلِبُ بِهِ اليومَ أحدٌ مِن وَفدِكَ وحُجّاجِ بيتِكَ الحَرامِ، واجعَلنِي اليومَ مِن أكرَمِ وَفدِكَ عليكَ وأعطِني أفضَلَ ما أَعطَيتَ أحَداً مِنهُم مِن الخَيرِ والبَرَكَةِ والرَّحمَةِ والرِّضوانِ والمَغفِرَةِ، وبارِكْ لي فيما أرجِعُ إليهِ من أهلٍ أو مالٍ أو قليلٍ أو كثيرٍ، وبارِك لهم فيَّ).
وينبغي للحاج أن يدعو في هذا اليوم بما أحب، وبالمأثور من الأدعية كدعاء الإمام الحسين (عليه السلام)، ودعاء الإمام زين العابدين (عليه السلام)، وسيأتي نص الدعائين في آخر هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.