وجوب الحج وشروطه
وجوب الحج وشروطه
وجوب الحج
يجب الحج على الإنسان البالغ العاقل المستطيع - وسيأتي شرح معنى الاستطاعة -، رجلاً كان أو امرأة([1])، في العمر مرة واحدة، وتُسمّى الحجة الأولى الواجبة الجامعة للشروط (حجة الإسلام)، والحجة الثانية ليست بحجة الإسلام، وإنما هي حجة مندوبة أي مستحبة، ولا تصبح واجبة إلا بسبب طارئ كالنذر أو اليمين، أو عقوبة على إفساد حجّه في بعض الحالات، كما لو جامع امرأته عامداً وملتفتاً إلى الحكم الشرعي قبل الوقوف بالمشعر الحرام، فإنه يجب عليه إكمال حجه فعلاً، والتكفير عن جماعه، وحجة أخرى عقوبة في العام القادم، وتسمى تلك الحجة بالحج الواجب بالإفساد، وكل هذه أسباب طارئة، وفي الأصل لا يجب الحج سوى مرة واحدة وهي (حجة الإسلام).
(مسألة -1) إذا توفرت شروط وجوب الحج وجب على المستطيع المبادرة إلى الحج، فلا يجوز له التهاون والتأخير في سنة الوجوب، ولا يجوز أن ينشغل بكسب أو أهل أو أولاد أو وظيفة اجتماعية أو سياسية وغيرها من شواغل الدنيا، وإذا أخّر كان آثماً –وقد تقدمت الروايات الشريفة في ذلك- وعليه أن يثبّت هذه الاستحقاقات في وصيته، وأن يبادر إلى الأداء في السنة اللاحقة وعليه أن يتحفظ على ما يمكّنه من أداء الفريضة في السنة اللاحقة.
(مسألة -2) يتوقف السفر في العصر الحاضر على عدة مقدمات كتحصيل جواز السفر ورخصة الدخول (الفيزا) والتسجيل في قوافل الحجاج لدى المتعهدين وغيرها، ومثل هذه المقدمات يجب على الإنسان تحصيلها وتهيئتها، وإذا قصّر في ذلك فلم يتوفق إلى السفر فهو من المتهاونين في أدائها.
(مسألة – 3) لا تجب المبادرة إلى أول قافلة مسافرة، والمهم إدراك زمن الفريضة بمناسكها المطلوبة.
شروط الوجوب
وهي:
1- البلوغ2- العقل3- الاستطاعة.
(الشرط الأول) البلوغ:
فلا يجب الحج على غير البالغ ولا يجزي حج الصبي عن حجة الإسلام وإن كان مراهقاً، لكن حجه وسائر عباداته تقع صحيحة ومقبولة إذا أُتي بها جامعة للشرائط.
(مسألة – 4) يتحقق البلوغ عند الإنسان ذكراً أو أنثى بظهور علامات النضج الجنسي كحالة الشبق والشهوة والميل إلى الجنس الآخر والتأثّر بالأمور الجنسية وبعض التغيّرات الجسمية والنفسية، ويكون الاحتلام (أي خروج المني في اليقظة أو المنام) علامة قطعية على البلوغ عند الذكور، وكذا الحيض عند الإناث، ولا بلوغ عند الأنثى قبل إكمال تسع سنين قمرية حتى لو خرج منها دم بصفات الحيض، ولا يوجد مثل هذا الحد الأدنى للبلوغ عند الذكور، ولكن المعروف تأخّر الذكور عن الإناث في البلوغ، وإذا لم تحصل أي علامة فيتعيّن تحديد البلوغ بالسن، وهو إكمال خمس عشرة سنة قمرية عند الذكور وثلاث عشرة سنة عند الإناث. وتقل السنة القمرية عن الشمسية أحد عشر يوماً.([2])
(مسألة – 5) إذا خرج الصبي إلى الحج فبلغ قبل أن يُحرم من الميقات وكان مستطيعاً فلا إشكال في أن حجّه حجة الإسلام، وإذا أحرم فبلغ بعد إحرامه لم يجز له إتمام حجه ندباً، ويجزئه عن إحرام الواجب، لكن الأحوط له أن يعود إلى الميقات ويجدد إحرامه بنية احتمال وجوبه، وإذا لم يتمكن من الرجوع إلى الميقات فيفعل ذلك من أقرب نقطة للميقات تتيسر له، وإن لم يتمكن فمن أدنى الحل أي حدود الحرم، وإلا فمن مكانه.
(مسألة – 6) إذا حج الصبي ندباً معتقداً أنه غير بالغ فبان بعد أداء الحج أنه كان بالغاً أجزأ عن حجة الإسلام.
(مسألة – 7) يستحب للصبي المميز أن يحجّ ويعتبر في صحته إذن الولي على الأحوط.
(مسألة – 8) يستحب للولي أن يحرم بالصبي غير المميز ذكراً كان أو أنثى، وذلك بأن يلبسه ثوبي الإحرام، ويأمره بالتلبية ويلقّنه إياها إن كان قابلاً للتلقين وإلا لبّى عنه ويجنبه عمّا يجب على المحرم الاجتناب عنه، ويجوز أن يؤخّر تجريده عن الثياب إلى فخّ إذا كان سائراً من ذلك الطريق، ويأمره بالإتيان بكل ما يتمكّن منه من أفعال الحج وينوب عنه فيما لا يتمكن، ويطوف به ويسعى به بين الصفا والمروة ويقف به في عرفات والمشعر، ويأمره بالرمي إن قدر عليه وإلا رمى عنه، وكذلك صلاة الطواف، ويحلق رأسه وكذلك بقية الأعمال، والظاهر جواز الإحرام به مطلقاً وإن ورد في بعض النصوص التحديد بالإثغار.
(مسألة – 9) نفقة حج الصبي في ما يزيد على نفقة الحضر على الولي لا على الصبي إذا كان الولي هو من أخرج الصبي معه استحباباً، أما إذا كان السفر لمصلحة تعود إلى الصبي صحية أو فكرية أو اجتماعية أو غير ذلك فلا يجب النفقة على الولي، وجاز الإنفاق على الصغير من ماله في حدود المصلحة له.
(مسألة – 10) كفارة صيده على أبيه، وأما الكفارات التي تجب عند الإتيان بموجبها عمداً فالظاهر أنها لا تجب بفعل الصبي –وإن كان مميزاً- لا على الولي ولا في مال الصبي.
(الشرط الثاني) العقل:
فلا يجب على المجنون وإن كان أدوارياً، نعم إذا أفاق المجنون في زمان يفي بالحج وكان مستطيعاً ومتمكناً من الإتيان بأعمال الحج وجب عليه وإن كان مجنوناً في بقية الأوقات.
(الشرط الثالث) الاستطاعة:
وجوب الحج مشروط بحصول الاستطاعة فلا يجب إلا على المستطيع وتعني الاستطاعة توفر عدة عناصر وهي:
1. وجود القدرة المالية (الأعمّ من كون القدرة نقداً موجوداً أو ممتلكات) الكافية لتوفير مصاريف الحج ومستلزماته ونفقة الذهاب والإياب ونحوها.([3])
2. أن يُبقي لأهله ما يكفيهم.
3. أن يعود بعد السفر إلى وضعه المالي الطبيعي من دون الوقوع في حرج أو ضيق بسبب إنفاقه المال في الحج.
4. عدم وجود المانع من السفر كتحصيل الإذن من الدولة التي يستوطنها أو التي يتوجه إليها.
5. أن يأمن على نفسه طيلة سفرته وعلى عياله أثناء غيابه.
(1) سؤال: ما صحة القول ان الشخص المقتدر ماديا يموت كافرا اذا لم يؤدِ فريضة الحج في حياته؟
بسمه تعالى: إذا كان تركه للحج استخفافاً بأوامر الله تعالى وعناداً لها، فهذا يعني أن أصل إسلامه محل نظر.
([2]) سؤال: هل يشترط في صحة الحج المستحب للبالغ اذن ابيه؟
بسمه تعالى: لا يشترط اذن الأب في صحة حج البالغ، نعم إذا كان ذهابه للحج المستحب سببا لأذيته أو أذية أمه فانه يأثم بذلك.
([3]) سؤال: إذا كان عنده مقدار من المال يفي بمصارف الحج وكان ولده بحاجه إلى الزواج فهل يعد مستطيعاً ويجب عليه الحج، أم يجوز له صرف ماله في زواج ولده؟
بسمه تعالى: إذا كان الولد بحاجة إلى الزواج بحسب شأنيته، ولم يمكن تأجيله قُدِّم، وإلا حفظ الاستطاعة للحج.
سؤال: هل فقد ثمن الهدي يمنع من تحقق الاستطاعة أم لا؟
بسمه تعالى: لا يمنع، لوجود البديل وهو الصوم عشرة ايام.
سؤال: هل فقد ثمن الكفارة مع العلم بحصول موجبها منه يمنع من حصول الاستطاعة؟
بسمه تعالى: لا يمنع، لجواز تأخيرها.