تفسير( من نور القرآن)

| |عدد القراءات : 5352
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

بسمه تعالى 

 تفسير( من نور القرآن)1


تفسير موضوعي بمعنى أنه لا يتناول الآيات بحسب ترتيب وجودها في المصحف الشريف وانما بحسب الموضوع الذي تتناوله الآية، وتؤخذ معها الآيات التي تشترك معها في الموضوع لتشكّل منظومة منسجمة مع بعضها وتنتج رؤية متكاملة عن ذلك الموضوع، أو القضية التي تلقي الآية الكريمة ضوءاً عليها.

وبناءً على هذا المنهج يكون المصدر الرئيسي لتفسير الآيات الكريمة وفهم مدلولاتها هو القرآن نفسه من خلال ضم الآيات التي تشترك في وحدة القضية الى بعضها فتكتمل صورة المعنى بالبيان القرآني، فقد وصفه الله تعالى بقوله: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [النحل : 89] فيكون أول ما يبيّن نفسه، وبالاستعانة بالأحاديث الشريفة؛ لأن وظيفة المعصومين ^ هي بيان المراد من القرآن الكريم ونشر علومه ومعارفه {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل : 44].

ولأن غرضنا هو تفعيل دور القرآن الكريم في الحياة واخراجه من عزلته واعطائه حقّه في قيادة البشرية وإلهامه الحلول والمعالجات لكل مشاكلها، فإننا لا نقف عند تفسير ألفاظ الآية وشرح عباراتها ومفرداتها، وانما يهمنا أن نستلهم الدروس المستفادة منها؛ ولذا كان المعيار في اختيار الآيات هو أن تؤدي الى هذا الغرض وتشترك فيه وإن كانت ذات طبيعة عقائدية أو أخلاقية أو فكرية أو اجتماعية أو سياسية وغير ذلك، فتبدأ عملية التفسير من تشخيص الداء والمشكلة التي يُراد معالجتها بالقرآن أو الجرعة العقائدية أو الأخلاقية أو الفكرية التي يراد اعطاؤها، أو النقص الذي يراد اكماله في ثقافة الأمة ونحو ذلك، ثم نهرع الى القرآن الكريم ونلجأ اليه فنستنطقه ونستثير علومه ومعارفه لنلتمس منه الحل والعلاج {قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا}[الحديد: 13].

وقد تكون العملية بالعكس بأن ينقدح من الآية الكريمة نور يضيء طريقاً لصلاح الأمة وسعادتها فنقتبس من ذلك النور ما يزيل بعض الظلمات التي تتخبط فيها البشرية؛ فنشرح الآية أولاً ثم نطبقها على المطلوب أو نبيّن الدروس المستفادة منها، وقد نكرّس الحديث لتطبيقات الآية لوضوح معنى الآية في نفسها.

ولأن (القبس) –لغة- هو المتناول من الشعلة والنار بعود ونحوه وليس كل النار فإننا  نعترف أن ما في هذا التفسير هو ما استطاعت عقولنا فهمه وادراكه بلطف الله تعالى من نور القرآن اللامتناهي {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ} [لقمان : 27].

وعلى منهج القرآن من جعل التوحيد وما يتفرع عنه من العقائد محور الحياة كلها، فحينما يتعرض لأحكام شرعية أو يتناول أحداث معركة أو يعالج مشكلة اقتصادية أو اجتماعية فإنه يربطها بالعقيدة، والذي لا يفقه هذا المنهج القرآني يراها غريبة عن السياق.

وعلى هذا المنهج سرنا في الأحاديث والخطب فامتزجت فيها العقيدة والأخلاق بالسياسة والاقتصاد والادارة والاجتماع والفكر والثقافة.

ومن يتابع هذه الأقباس لا يجدها على نمط واحد لأن ظروفها ودواعيها مختلفة ولم تُكتب كلها كتفسير وكان الكثير منها تقريراً لكلمات ارتجالية تقتضيها المناسبة أو طبيعة الحاضرين، وما ألقي منها في مناسبات –كالعيد أو ذكريات المعصومين ^- لم نحذف منها ما يتعلق بالمناسبة لتكون هذه المعارف القرآنية مادة لإحياء المناسبات وتكون بنفس الوقت تطبيقاً للآية.

ولطول مخالطتي مع القرآن الكريم بفضل الله تعالى وكرمه فقد استفدت من طريقته في إصلاح الفرد والمجتمع وقد لخصّتها في القبس المخصص عن شكوى القرآن؛ ولذا اتصفت هذه المحاضرات القرآنية بشيء من تلك المميزات.

وكان للتفكير الاجتهادي وطول الممارسة في الاستنباط الفقهي المعتمد أصلاً على الكتاب والسنة أثر بالغ في استكشاف مكنونات الآيات الكريمة بالمقدار الذي تسعه أوعية عقولنا وقلوبنا المحدودة { فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا} [الرعد : 17]، وربما فهمنا من الآية عدّة وجوه ومستويات غير ملتفت إليها {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الجمعة : 4].

 

 

شهر رمضان المبارك/ 1437- حزيران/ 2016

 

 



[1] ) المقدمة التي كتبها سماجة المرجع اليعقوبي (دام ظله) لتفسيره (من نور القران )وقد قّدم ثلاثة مجلدات منه للطبع بأذن الله تعالى وضمت اكثر من مئة قبس بفضل الله تعالى