الرسالة الاستفتائية / الحلقة الثالثة / الجزء الثالث

| |عدد القراءات : 2214
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

الرسالة الاستفتائية / الحلقة الثالثة / الجزء الثالث

1-  الصوم المستحب في السفر

سماحة المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :

يحصل لنا أحياناً ما يدعونا الى السفر في أيام يستحب صومها وقد نذهب في الزيارات المخصوصة الى الائمة الطاهرين (عليهم السلام) كيوم مولد النبي (صلى الله عليه واله) أو مبعثه الشريف أو يوم عرفة أو الغدير، ونحن نرغب أن لا نُحْرَم من الطاعتين، فكيف نجمع بينهما ولا يتيسّر لنا الحضور في بلدنا عند الزوال لتجديد نيّة الصوم بحسب ما يشترطه الفقهاء؟

 بسمه تعالى

إذا كانت نية الصوم لأجل استحبابه فقط فلا يشترط الحضور عند الزوال في الوطن ويمكن قضاء النهار كلّه في السفر إلا وقت يسير قبل غروب الشمس لتجديد نيّة الصوم باعتبار امتداد نية الصوم المستحب حتى غروب الشمس، وشرط تجديد النية في الوطن عند الزوال خاص بصوم شهر رمضان وقضاؤه ولا يعمُّ دليله الصوم المستحب.

 

نعم إذا ضمَّ نية قضاء ما في الذمة الى الاستحباب في صوم الايام المباركة وجب عليه ملاحظة الحضور في الوطن عند الزوال، ولو لم يتمكن من ذلك أكمل الصوم بنية الاستحباب فقط ولا يعتدّ به من القضاء عمّا في الذمة.


2- جواز أداء عمرتين في شهر واحد

يحرص الذين يوفقّهم الله تعالى لأداء مناسك العمرة المفردة أن يجعلوها في الأيام الأخيرة من الشهر القمري – كشهر رجب الذي هو افضل الشهور لأداء العمرة – ليحلَّ لهم الاتيان بعمرة ثانية عندما يدخل الشهر الجديد، لان المشهور عدم جواز الاتيان بعمرتين في شهر واحد، والمشكلة أن تحديد وقت السفر ليس بأيدينا فقد لا تتحقق لنا هذه الفرصة ونحن نريد استثمار السفرة للإتيان بأكثر من عمرة مفردة فما هو الحل؟

بسمه تعالى

هذا الذي قاله المشهور يختص بما لو أتى بعمرتين عن نفسه، أما إذا نوى الأخرى النيابة عن غيره فلم يستشكلوا في الاتيان بعمرتين متتاليتين.

 وقد استدل المشهور على منع إتيان الشخص بعمرتين مفردتين عن نفسه في شهر واحد بما ورد في بعض الروايات عن المعصومين (عليهم السلام) (لكل شهر عمرة)، وقد بُحثَت المسألة مفصلاً في موسوعة (فقه الخلاف) وطُبعت بكتاب مستقل ايضاً، وقلتُ فيه: ان هذا الحديث لا يدلُ على اشتراط وقوع عمرة واحدة في الشهر، وعرضتُ أكثر من فهم له، ومنها:

1-  ان الجملة لا تدل على الحصر والاشتراط، ولو دلّت فهو حصر إضافي أي بملاحظة ما قاله بعض فقهاء العامة من اشترط عمرة واحدة في كل سنة فيردّ الامام (عليه السلام) بإمكان الاتيان بالعمرة حتى ولو في كل شهرٍ.

2-  ان الامام (عليه السلام) يُبّين أحد الاعمال المسنونة للشهر، فكما أن من سنن كل شهر: صلاة أول الشهر وثلاثة أيام فيه (أول خميس واربعاء في الوسط واخر خميس) وتلاوة ختمة قرآن، والصدقة، فكذلك العمرة في كل شهر سُنةٌ لمن يتمكن من اداءها.

وعلى هذا فان ما ورد في بعض الروايات ان الامام (عليه السلام) كان يُحرمُ للعمرة لليليتين او ثلاث بقين من شهر رجب ويأتي بعمرة أخرى في شعبان ليمتثل سنة الاعتمار في شهرين بدل عمرتين في شهر واحد وليس للشرط المذكور.

 

وعلى أي حال فلم يقم عندي دليل معتبر على هذا الاشتراط ولا أجد مانعاً من إتيان الشخص بأكثر من عمرة مفردةٍ عن نفسه في شهرٍ واحد، ولكن لأجل بعض الوجوه التي ذكرتها في البحث، ولأنّ أداء العمل نيابة عن المعصومين (عليهم السلام) يزيد من قيمة العمل أضعافاً مضاعفة فقد نصحتُ بأن يأتي بالعمرات المتعددة نيابة عن المعصومين (عليهم السلام) ولو في كل يوم عمرة او أكثر. واعرف أحد الفضلاء يؤدي في السفرة الواحدة اربع عشرة عمرة عن تمام المعصومين (عليهم السلام)، وفقّنا الله تعالى واياكم لطاعته وبلوغ غاية رضاه.


3- من فقه المغتربين:الصوم في شمال الكرة الأرضية

ما حكم الصيام في الدول شمال أوربا تحديداً في دولة فلندا حيث يكون النهار طويل جداً قد يصل الى 24 ساعة، وكذلك هل يجوز الصيام على أقرب مدينة من نفس الدولة حيث يكون فيها طول اليوم معتدلاً أي يكون فيها شروق وغروب الشمس جزاكم الله خير الجزاء.

 

بسمه تعالى

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لهذه المسألة عدة صور:

الأولى: ان يكون النهار مستوعباً لتمام اليوم أي يستمر 24 ساعة ولا يوجد ليل اصلاً كما ينقل عن بعض المناطق شمال الكرة الأرضية في هذا الموسم (الشهر الخامس والسادس) من السنة فيسقط وجوب الصوم لانتفاء موضوعه وتقضون أيام شهر رمضان في وقت اخر من السنة يتميز فيه الليل عن النهار وتستطيعون صومه.

الثانية: وجود ليل ولو قصير مع نهار طويل حتى لو استمر 23 ساعة مثلاً وهنا يجب الصوم نهاراً من الفجر حتى المغرب ولو كان طويلاً، فإذا تعذر عليه الإمساك عن الطعام أو الشراب هذه المدة الطويلة لارتباطه بعمل او أي شيء اخر فيشقّ عليه الجوع والعطش من دون ضرر بصحته فيجوز له أن يأكل او يشرب بمقدار ما يدفع المشقة عنه ويبقى ممسكاً عن الزائد وسائر المفطرات ويقضي هذه الأيام وتكون الفائدة حينئذٍ تحصيله الاجر بطاعته لله تبارك وتعالى وتجنب معصيته ومخالفة الحكم الشرعي.

الثالثة: نفس فرض الثانية لكن الصوم مثل هذا النهار الطويل يضرّ بصحته وكذا المرأة الحامل التي يضرّها مثل هذا الصوم فيفطرون ويقضون هذه الأيام ان شاء الله تعالى.

 

وفقكم الله تعالى وإيانا لطاعته ونيل رضاه