إنتفاضة البصرة

| |عدد القراءات : 2342
  • Post on Facebook
  • Share on WhatsApp
  • Share on Telegram
  • Twitter
  • Tumblr
  • Share on Pinterest
  • Share on Instagram
  • pdf
  • نسخة للطباعة
  • save

بسمه تعالى

إنتفاضة البصرة([1])

 

ورد في الحديث النبوي الشريف (من ورّخ مؤمناً فكأنما أحياه) ([2]) وهذا المعنى واقعي لان من دوّن سيرة مؤمن وحفظها للأجيال فقد أبقى ذكره مستمراً وكأنه موجود بين الناس وهي حياة جديدة تمتد بها حياته المحدودة بوجوده بين الناس (والذكر للإنسان عمرٌ ثانٍ).

والثمرة في حفظ تاريخ وسيرة المؤمنين الصالحين لا تختص بهذا الاحياء للشخص نفسه، بل يستفيد المجتمع من هذا التاريخ من خلال قراءة هذه التجارب الغنية بالحكمة والجهاد والاجتهاد في العمل الصالح وليتأسى بهم ويختصر الزمن فيبدأ من حيث انتهوا ليتسامى ويتكامل، ولولا هذه التجارب المسجلة بين أيدينا لاحتجنا أن نبدأ في كل قضية من المربع الأول – كما يقال – وفي هذا استنزاف للعمر والوقت الثمين.

وفي وصية أمير المؤمنين (عليه السلام) لولده الحسن (عليه السلام) قال : (أَيْ بُنَيَّ، إِنِّي وَإِنْ لَمْ أَكُنْ عُمِّرْتُ عُمُرَ مَنْ كَانَ قَبْلِي، فَقَدْ نَظَرْتُ فِي أَعْمَالِهِمْ، وَفَكَّرْتُ فِي أَخْبَارِهِمْ، وَسِرْتُ فِي آثَارِهِمْ، حَتَّى عُدْتُ كَأَحَدِهِمْ، بَلْ كَأَنِّي بِمَا انْتَهَى إِلَيَّ مِنْ أُمُورِهِمْ قَدْ عُمِّرْتُ مَعَ أَوَّلِهِمْ إِلَى آخِرِهِمْ، فَعَرَفْتُ صَفْوَ ذلِكَ مِنْ كَدَرِهِ، وَنَفْعَهُ مِنْ ضَرَرِهِ،) ([3]).

وتزداد أهمية كتابة التاريخ حينما يتجاوز سيرة الأشخاص ليدّون مواقف الامة وقضاياها المصيرية وما مرّت بها من أحداث جسام مثلت منعطفات فاصلة في حياتها، ولذلك سُررت عندما أعلمني جناب الأخ (عبد الكريم خليفة) بتصديه لتسجيل أحداث (انتفاضة البصرة) التي أنطلقت شرارتها يوم 17/3/1999 عقب استشهاد سيدنا الأستاذ السيد محمد محمد صادق الصدر (رضوان الله تعالى عليه) يوم 19/2/1999، فقد كانت ثانية الانتفاضة الشعبانية المباركة في آذار /1991 في كسر شوكة النظام الصدامي المقبور وإدخال الرعب عليه وإجباره على أن يصغي لصوت الشعب بمقدارٍ ما، وإضعافه حتى اصبح خاوياً على عروشه وتهاوى بمجرد انقضاض قوات الاحتلال عليه عام 2003، فكان لهذه الانتفاضات المباركة الدور الكبير في إبقاء ضمير الأمة حياً وإيقاظها من غفلتها وإدامة زخم مواجهة الحق للباطل ببركة الدماء الزكية ومعاناة وألم الصابرين.

لقد كان للمؤلف واسرته – رجالاً ونساءاً – دور مشرف في هذه الانتفاضة ودفعوا ثمنه اعتقالاً وتشريداً كسائر الاسر البصرية المجاهدة وفقدنا فيها أحبة لنا أتخذهم الله تعالى شهداء واختارهم لجواره، ومضوا نحو الشهادة بكل عزيمة وإباء وإخلاص وآثروا جوار ربٍ رؤوف كريم على البقاء في ظل حكم أشرار طغامٌ وعبيد لئام.

والكتاب يمثل وثيقة مهمة لهذه الانتفاضة المباركة لأنها بقلم وشهادات المشاركين فيها، وقد أشرت اجمالاً الى ظروف انطلاقها والعوامل التي أضعفت شوكة المجاهدين في مذكراتي( [4]  ) عن هذه المرحلة من تاريخ الأمة والحركة الإسلامية عقب استشهاد السيد الصدر الثاني (قدس سره الشريف).

أُقدِّر جهود المؤلف وأشكر المجاهدين الذين تعاونوا معه وأدوا شهاداتهم الثمينة التي غطت فصولاً متنوعة من أحداث الانتفاضة، نسأل الله تعالى أن يتقبل تلك القرابين الزكية والالم والمعاناة بأحسن قبوله ويجعلها خالصة لوجهه الكريم

 

 

                                                                محمد اليعقوبي

                                                               3/رجب/1437

                                                                11/4/2016

 

 

 



[1] - تقريظ لكتاب عن انتفاضة البصرة في 17 اذار 1999 عقب استشهاد السيد محمد محمد صادق الصدر (قدس سره) بقلم الكاتب عبد الكريم خليفة.

[2] - سفينة البحار للشيخ عباس القمي :8/435 مادة (ورّخ).

[3] - نهج البلاغة. الصفحة 634 من وصيّته (عليه السلام) للحسن بن علي (عليه السلام)، كتبها إليه بـ حاضرين عند انصرافه من صفّين.

[4] - مقدمة موسوعة (خطاب المرحلة):1/23.